شجار داخل الجسد
رزيق سهيلة
سعد ولد رياضي,قوي البنية, حسن الخُلق
و الخَلق. و في يوم من الأيام وبينما كان يستعد للنوم و هو في فراشه أخذ يتأمل نفسه و يقول : يا الله ما
أقوى ذراعاي ! فقد استطعت أن أتغلب على فريق صديقي علي في حصة كرة السلة هذا الصباح , و ما أسرع قدماي لأنني دائما الأول
في العدو .. آه الحمد لله.. و دون أن يشعر غط في نوم هادئ هنيء.
كان السكون يخيم على الغرفة,وفي تلك الليلة الهادئة و فجأة.......
فتحت ذراع سعد أعينها و قالت: ها.. يا أصدقاء لقد نام سعد لا تخافوا
نستطيع المرح الآن, فاستفاقت كل حواسه و أعضائه, و بدأ الكل ينظر لبعضه البعض. فاستغلت
الذراعان الفرصة و أخذت في مدح نفسها قائلة: هل سمعتم ما قاله سعد فأنا ذراعاه
القويتان اللتان تسعدانه دائما في حصة الرياضة و تجلبان له العديد من الجوائز.
فنطقت ساقاه: أرجوكما لا تكونا بكل
هذه الثقة و الغرور ,فأنا أيضا كنت سببا في فرحته في العديد من المناسبات و آخرها
سباق العدو الريفي الذي شارك فيه سعد آخر مرة .
نطق القلب من الداخل بصوت دفين: هل يسمعني أحد ؟؟
أجابت الأعضاء: من المتكلم ؟؟
فرد: أنا القلب , أنا في الداخل فقط أردت أن أقول لكم كفاكما جدالاً فإن
كنتما قويتان فذلك بفضلي , فأنا من يضخ لكما الدم حاملا معه غذائكما والأكسجين
اللازم لنشاطكما – فالجسم السليم بالقلب السليم -
و لم يكمل القلب حديثه فقاطعه أحدهم : هاهاها مثل جديد ما أعرفه هو العقل
السليم في الجسم السليم , سكتت كل الأعضاء و توقفت عن الحديث و أخذت تتساءل : من أنت
هل نعرفك ؟؟
فرد الصوت : أنا سلطان الجسد و تاج الحكماء أنا العقل , فإذا كنتم تعملون
في تناسق و تناغم فذلك بفضلي , فأنا من أرسل الإشارات ليؤدي كل عضو عمله بكل إتقان , فكم من محروم مني ضاعت
هيبته بين الناس و كم من مالك لمثلي زاد مهابة و احتراما بفضلي . فأنا من أرشد
صاحبي للصواب و أبعده عن الخطأ و أجعله يحسن التمييز بين الجيد و الرديء....و أنا...
فتكلم القلب مقاطعا العقل: إذا كنت كذلك فلما يلجأ إليّ الإنسان عندما تعجز أنت على الحكم بين الناس و
الفصل في كثير من القضايا ،فإني لا أسمعهم إلا يقولون : اسأل قلبك فهو لا يخطئ .
ضحك العقل و
قال : هذه مجرد أحاسيس و الفرق بيني و بينك أنّ الواحد زائد الواحد يساوي إثنين و
عندك قد يساوي ثلاثة أو أربعة.
انزعج القلب .... و في هذه الأثناء نطق صوت آخر بكل هدوء و روية:
يا أصحاب الجسد الواحد لا تتشاجروا فوالله لا غنى لأحد منكم على الآخر وقد
فضل الله بينكم تفضيلا .... و إن كنتم تتسألون من أكون فأنا صوت الضمير : أنا و إن كنت دون عضو في جسد سعد إلا
اني لا أقل أهمية عنكم , فغيابي يجعل اليد تسرق
و غيابي يجعل اللسان يكذب و يجعلك أيها العقل تجهل وأنت أيها القلب تقسو فكلنا
كبنيان واحد يساند بعضنا الآخر و فوق كل هذا روح سعد و ارادته , هي التي تسيرنا و تسيطر
علينا فإن كانت روحه طيبة عملت الذراعان ما يرضي الله من إماطة الأذى ،و سخر السان
للذكر و قول طيب الحديث , و الساقان للمشي فيما يرضي الله أيضا ،كالذهاب للمسجد وزيارة
الأقارب ....إلخ
أما إذا كانت نفس خبيثة فلا العقل و لا القلب يستطيعان عمل الخير , فأدعوا
الله جميعا أن تلينّ روحه لطاعته فلا مروض لها غير دين الله سبحان و تعالى للنعم
كلنا بعد هذا في الجنة .
و بعدها نطق اللسان وقال: و الله لا يختم هذا الحديث إلا باحتفال , هيا بنا
للمطبخ لنشرب بعض المشروبات احتفالا لتفاقنا
.
أمر العقل اليدين و الساقين برفع سعد و ساعدهم في ذلك القلب و مشوا به الى
المطبخ , فتحت الذراعان الثلاجة و همت لتخرج زجاجة العصير
و قبل حدوث ذلك .......أُشعل الضوء فسكنت كل الأعضاء. إنه أخو سعد الصغير أمسك
يده و أخذ يناديه: سعد سعد
أفاق سعد و قال : ماذا ؟.... المطبخ ‼ ملتفتا يمينا و شمال , ماذا أفعل هنا ؟
أجاب الاخ : كنت تمشي و أنت نائم .
سعد : لا هذا غير معقول .... هيا نعود للنوم , أغلق سعد الثلاجة و أستدار ليغادر
ثم توقف و قال : إني أحس بعطش شديد , انتظر سأشرب .
فتح الثلاجة و حمل زجاجة الماء ثم قال : آه عصير سيكون هذا أفضل من الماء .
و شرب سعد العصير ففرحت كل الأعضاء و عند خلوده للنوم أكملت احتفالها.
هناك 12 تعليقًا:
أشكرك أيّتها الكاتبة المبدعة على كلّ ما صنعته؛ من أجل أبنائناايتها الكاتبة المبدعة بكل معنى الكلمة جزاك الله خيراأخوك في الله عقبة
بالتوقيق و النجاح و المزيد من الابداع اختي العزيزة سهيلة*سلمى*
ماشاء الله مبدعة بكل معنى جزاك الله خير اتمنى للك تامزيد من الناجاحات والتالقى .لميــــــــــــاء.♥♥♥
ما شاء الله على ابدعاتك عزيزتي سهيلة تمنياتي لك المزيد من العطاء المستمر في تنمية الناشئة وتوعيتها جزاك الله كل خير .. صديقتك ط.كريمة
مشكورين و بارك الله فيكم*سهيلة*
مشاء الله ربنا يوفقك وان شاء الله مزيد من التفوق والابداع
وفقكى الله
اختك المصريه ..السماء الصافيه
مشكورة حبيبتي السماء الصافية *سهيلة*
السلام عليكم
ههههه أعجبني الخيال الواسع الذي صرنا محتاجين له في قصص اطفالنا و رسومهم المتحركة حتى ينمو خيالهم
بارك الله فيك , فليستمر الابداع
شكرا طاطا على هذه القصة الجميلة و الرائعة *عبدوا-
جميييل و يسرح بخيال الطفل و يجعله يستخدم التامل و التفكر ..بعد ان اعمت الوسائل الحديثة و طمست روح الابداع لديه اتمنى ان يقرا اطفالي في لمستقبل قصصك يا صديقتي واحتي الغالية ..لا تركني ابدا ..
لا شك ان مثل هده القصص مفيدة للاطفال في تنمية خيالهم و زرع القيم و الاخلاق الحسنة فيهم .........شكرا و بالتوفيق
ماشاء الله على ابدعاتك ان شاء الله مزيد من التفوق والابداع
إرسال تعليق