الأربعاء، 31 يناير 2018
"النظارة " قصة للأطفال بقلم : طلال حسن
النظارة
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
" 1 "
ـــــــــــ
تفقدتُ نظارتي ، حين استيقظتُ صباحاً ، فلم
أجدها في مكانها ، وبحثتُ عنها في كلّ مكان ، دون أن أعثر لها على أثر ، يا إلهي ،
كيف سأخرج اليوم من البيت ، وأواجه النهار .
وتناهى إليّ من
الخارج ، صوت نقار الخشب ، فوق جذع شجرة قريبة .فأسرعتُ إلى الباب ، وفتحته ، وإذا
ضوء النهار يبهر بصري ، فأغلقتُ عينيّ ، وهتفتُ : أيها النقار ، أين أنت ؟
فأجاب نقار الخشب
قائلاً : إنني أمامك ، ألا تريني ؟
وحاولت عبثاً أن أفتح
عينيّ ، وأنا أقول : عفواً ، لا أستطيع أن أفتح عينيّ ، إن الضوء يعميني .
فقال نقار الخشب :
هذا طبيعي ، يا عزيزتي ، فأنت لم تضعي نظارتك الشمسية .
وتراجعتُ قليلاً ،
وقلتُ : لقد اختفت نظارتي .
فتساءل نقار الخشب :
اختفت ! ماذا تقولين ؟
وبدل أن أجيبه ، قلتُ
: أرجوك ، ابحث لي عن نظارتي ، إنني لا أستطيع الخروج من دونها .
ولاذ نقار الخشب لحظة
، ثم قال : حسن ، ابقي أنت في البيت ، وسأبحث لك أنا عنها .
ومضى نقار الخشب ،
فأغلقتُ الباب والنافذة ، وقبعتُ في الظلام ، يا للغرابة ، إنني أرى في الليل
أيضاً ، أوه .. كلا .. إنني أحب النهار ، وأحبذ أن أطير دوماً في النور مع رفاقي ،
إنني لا أحب الليل ، ولا أريد أن يكون الظلام عالمي ، ترى أين اختفت هذه النظارة
اللعينة ؟
" 2 "
ـــــــــــــ
عاد نقار الخشب
متعباً ، قبل المساء ، وقال لي : آسف ، يا عزيزي ، سألتُ عن نظارتك الطيور جميعاً
، لكن أحداً منهم لم يرها .
فأطرقتُ برأسي برهة ،
ثم قلتُ : أشكرك ، يا عزيزي ، سأبحث عنها بنفسي ليلاً .
واتسعت عينا نقار
الخشب دهشة ، وقال : ليلاً !
وقبل أن أجيبه ، مضى
على عجل ، وهو يقول : عفواً ، صغاري ينتظرونني الآن ، إلى اللقاء .
وابتسمتُ بمرارة ،
نقار الخشب المسكين ، لابد أنه يظن أنني جننتُ .
" 3 "
ـــــــــــــ
حلُ الليل ، فمضيتُ
إلى بيت صديقي الأرنب ، وطرقتُ بابه ، وخرج الأرنب ، وهو يئن ، فقلتُ له : لقد
فقدتُ نظارتي ، يا صديقي ، فهل رأيتها ؟
فأجاب الأرنب ، وهو
يئن : لم أخرج اليوم من البيت ، إنني مريض .
واعتذرتُ منه قائلة :
عفواً ، يا صديقي ، لم أعرف بمرضك .
فقال الأرنب : لا
عليك ، اذهبي إلى القنفذ ، لعله يعرف .
" 4 "
ــــــــــــــ
أسرعتُ إلى القنفذ ،
وما إن رآني حتى صاح بدهشة : صديقتي البومة ! ما الذي أتى بك في هذا الليل ؟
فأجبته قائلة : لقد
فقدتُ نظارتي ، يا عزيزي ، وقد جئتُ إليك ، عسى أن تكون قد رأيتها .
وهزّ القنفذ رأسه ،
وقال : للأسف لم أرها ، هل سألت السنجاب عنها ؟
وأجلته : لا لم أسأله
.
فقال لي : اذهبي إليه
، واسأليه ، فهو كثير التنقل ، لعله رآها .
" 5 "
ـــــــــــــــ
مضيتُ إلى السنجاب ،
وطرقتُ باب بيته ، فجاءني صوته الغاضب من الداخل : كفى ، لستُ أصماً .
لكنه حين فتح الباب ،
ورآني ، قال معتذراً : صديقتي البومة ! عفواً ، لم أتوقع زيارتك ، في مثل هذا
الوقت .
وابتسمتُ بخجل ،
وقلتُ : لقد فقدتُ نظارتي ، يا عزيزي، ولم أجد من يدلني عليها .
فقال السنجاب بأسف :
كان بودي أن أساعدك ، لكني ..
وأطرقتُ لحظة ، ثم
قلتُ ، وأنا أهمّ بالذهاب : عفواً للإزعاج ، سأعود إلى البيت ، طاب مساؤك .
وقبل أن أمضي ، قال
السنجاب : مهلاً ، يا عزيزي ، مهلاً .
وصمت لحظة ، ثم قال :
لقد رأيتُ الثعلب اليوم يضج بالضحك ، وحين سألته عما به ، أخبرني وهو يضحك ، بأنه
رأى أحد الجرذان يعدو مترنماً ، وقد وضع نظارة على عينيه ، و ..
" 6 "
ــــــــــــــ
حلقتُ كالريح إلى بيت
الثعلب ، وطرقتُ الباب ، فجاءني صوت الثعلب متسائلاً : من بالباب ؟
فأسرعتُ بالابتعاد ،
ووقفتُ فوق غصن يطل على الباب، وصحتُ : أنا بومة ..
وسرعان ما فتح الثعلب
الباب ، وتساءل بلهفة ، وهو يتلفتُ حوله : البومة ! أين أنت ؟
فأجبته قائلة : أنا
هنا .
ورفع الثعلب رأسه
إليّ ، وقال : انزلي ، إنني لم أتعشَ بعد .
وأجبته ، دون أن
أتحرك من مكاني : من الأفضل أن أبقى هنا ، فأنا لا أريد أن تتعشى بي .
واحتج الثعلب قائلاً
: يا إلهي ، ماذا تقولين ؟ أنت صديقتي .
فقلتُ له : دعك من
هذا ، أصدقني ، هل صحيح أنك رأيت الجرذ يضع نظارة على عينيه ؟
لم يتمالك الثعلب
نفسه ، فغص بالضحك ، وهو يقول : هاهاها .. أهي لك إذن ؟ هاهاها كدتُ أموت من الضحك
اليوم .. هاهاها .. لو رأيته وهو هاهاها .
وصحتُ بغضب : الويل
له ، أتعرفه ؟
فأجاب الثعلب ، وهو
مازال يقهقه : لا .. لا أعرفه .. هاهاها ولم أره من قبل .. هاهاها .
الجرذ اللعين ، ولكن
أي جرذ ؟ هناك المئات من الجرذان ، تعيش في جحور تحت الأرض ، ما العمل ؟ آه الخلد
، لن يعثر على نظارتي أحداً سواه .
وكالسهم مضيتُ إلى
الخلد ، دون أن ألتفت إلى صياح الثعلب الماكر : لا تمض ِ ، يا عزيزي ، فقد يقتنصك
ثعلب جائع ، ويتعشى بك .
" 7 "
ـــــــــــــ
رحب الخلد بي ، وما
إن أخبرته بأمر نظارتي ، حتى مضى مسرعاً للبحث عنها .
ورغم الأنفاق الكثيرة
، التي حفرها الخلد تحت الأرض، لم يعثر لنظارتي على أثر ، إنها الحرب إذن ؟
ومنذ ذلك اليوم ،
وأنا أطارد الجرذان ليلاً ، لعلي أعثر على نظارتي ، وأعود ثانية إلى النهار .
الثلاثاء، 30 يناير 2018
"يوم آخر" مسرحية للأطفال بقلم : طلال حسن
يوم آخر
مسرحية للأطفال
بقلم : طلال حسن
باحة أمام بيت أم
كنغور ،
الأم وكنغور يقفان
متواجهين
الأم :
كنغور ..
كنغور :
نعم ماما .
الأم :
لا تتضايق مني ، يا عزيزي .
كنغور :
" يلوذ بالصمت " ....
الأم :
إنني أم .
كنغور :
لم أتضايق ، فقط دعيني أذهب .
الأم :
لا تتعجل ، يا بنيّ ، ستذهب ، وقد لا
أراك فترة ..
أراك فترة ..
كنغور :
سأزورك باستمرار ، وربما كلّ يوم .
الأم :
" تحضنه " بنيّ ، احذر الذئاب ،
والضباع ، والنسور ، و ..
والضباع ، والنسور ، و ..
كنغور :
و.. وكلاب الدينغ .
الأم :
وخاصة كلاب الدينغ .
كنغور :
" يحاول التملص منها " ماما ..
الأم :
" تحضنه أشدّ " إنني أخاف عليك .
كنغور :
ماما ، أرجوك ، دعيني أذهب .
الأم :
اذهب ، يا بنيّ " تطلقه من بين يديها "
اذهب ، مادامت هذه رغبتك ، لن أمنعك
من الذهاب .
اذهب ، مادامت هذه رغبتك ، لن أمنعك
من الذهاب .
كنغور :
" يبتعد قليلاً " ....
الأم :
" تتابعه بنظرها مترددة " ....
كنغور :
" يواصل سيره " ....
الأم :
جوبي .
كنغور :
" يتوقف " ....
الأم :
" تسرع إليه وتحضنه " جوبي .. جوبي
.. جوبي .
.. جوبي .
كنغور :
" يستسلم لذراعيها مبتسماً " ماما ، لم
أعد جوبي .
أعد جوبي .
الأم :
أنت عندي جوبي .
كنغور :
إن عمري أكثر من سنة .
الأم :
ليكن عمرك ما يكون ، أنت جوبي ،
وستبقى جوبي دائماً .
وستبقى جوبي دائماً .
كنغور :
أنتِ أيضاً كنت جوبي ، وكبرتِ .
الأم :
" تضحك " وبقيتُ جوبي ، متعلقة بأمي
، لا أفارقها ، حتى التقيت أباك " تدمع
عيناها " ..
، لا أفارقها ، حتى التقيت أباك " تدمع
عيناها " ..
كنغور :
ماما .
الأم :
مضى مبكراً ، فتكت به كلاب الدينغ .
كنغور :
" يلوذ بالصمت حزيناً " ....
الأم :
" تغالب دموعها " لم يبقَ لي أحد غيرك
، يا بنيّ ..
، يا بنيّ ..
كنغور :
" يبقى صامتاً " ....
الأم :
أنت الآن عندي كلّ شيء .
كنغور :
آن لي أن أذهب ، يا ماما .
الأم :
" تلوذ بالصمت " ....
كنغور :
" يخطو مبتعداً عدة خطوات " ....
الأم :
كنغور ..
كنغور :
" يتوقف " ....
الأم :
رأيتُ صباح اليوم النسر ، يحوم في
أعالي السماء .
أعالي السماء .
كنغور :
" ينظر إل السماء " انظري ، يا ماما .
الأم :
" تنر إلى حيث ينظر " ....
كنغور :
لا يوجد ، في السماء الآن ، أي نسر .
الأم :
قد يكون في مكان قريب .
كنغور :
لا عليك ، يا ماما ، سأكون حذراً ،
حذراً جداً ، وسأختبىء حالما أرى نسراً
في السماء .
حذراً جداً ، وسأختبىء حالما أرى نسراً
في السماء .
الأم :
" تلوذ بالصمت " ....
كنغور يحث الخطى حتى
يخرج ، الأم تتابعه
بنظرها
الأم :
ها قد كبر كنغور ، وسيذهب بعيداً ، كما
كبر إخوته من قبل ، ومضى كلّ منهم في
سبيله " تصمت لحظة " إنني وحيدة الآن
، وربما سأبقى وحيدة حتى النهاية ، يا
للوحدة من حياة شاقة " تهز رأسها " هذه
هي الحياة ، تركتُ أمي حين كبرت ، وها
هم أولادي يتركونني بعد أن كبروا ،
وحتى كنغور ، حبيبي الصغير ، تركني
وذهب " تبتسم بحزن " من يدري ، لعل
كنغرة فتية ، في عمره ، نادته من أعماقه
، فمضى يبحث عنها في أرجاء الغابة "
تصمت لحظة " فلأدخل إلى البيت ،
وأتمدد في فراشي ، لعلي أرتاح قليلاً "
تتجه إلى الداخل " .
كبر إخوته من قبل ، ومضى كلّ منهم في
سبيله " تصمت لحظة " إنني وحيدة الآن
، وربما سأبقى وحيدة حتى النهاية ، يا
للوحدة من حياة شاقة " تهز رأسها " هذه
هي الحياة ، تركتُ أمي حين كبرت ، وها
هم أولادي يتركونني بعد أن كبروا ،
وحتى كنغور ، حبيبي الصغير ، تركني
وذهب " تبتسم بحزن " من يدري ، لعل
كنغرة فتية ، في عمره ، نادته من أعماقه
، فمضى يبحث عنها في أرجاء الغابة "
تصمت لحظة " فلأدخل إلى البيت ،
وأتمدد في فراشي ، لعلي أرتاح قليلاً "
تتجه إلى الداخل " .
الدينغ :
" من بعيد " عووووو .
الأم :
" تتوقف " ....
الدينغ :
" من بعيد " عووووو .
الأم :
" تستدير خائفة " كلب الدينغ .
الدينغ :
من بعيد " عووووو .
الأم :
يا ويلي ، كنغور .
الدينغ :
" من بعيد " عووووو .
الأم :
" تركض نحو الخارج " فلألحق به ،
قبل أن يوقع به الدينغ .
قبل أن يوقع به الدينغ .
الدينغ :
" من بعيد " عووووو .
الأم :
" تتوقف " ها هو قادم " تهتف فرحة "
بنيّ ، كنغور .
بنيّ ، كنغور .
يدخل كنغورمسرعاً ،
والرعب بادٍ عليه
الأمم وكنغور : " يصيحان معاً " الدينغ .. الدينغ .
كنغور :
ماما ، الدينغ .
الأم :
" تتمالك نفسها " لا تخف ، يا بنيّ .كنغور : " يحاول أن يتماسك " إنني خائف عليك
، يا ماما .
، يا ماما .
الأم :
" تغالب ابتسامتها " لا عليك ، هذا
الدينغ اللعين ، بعيد ، بعيد جداً .
الدينغ اللعين ، بعيد ، بعيد جداً .
كنغور :
نعم " يتلفت حوله قلقاً " هذا ما أردت
أن أقوله لك ، يا ماما .
أن أقوله لك ، يا ماما .
الأم :
نعم ، نعم ، هذا واضح .
كنغور :
ومن جهتي ، لا تقلقي عليّ ، فأنا لم أعد
جوبي .
جوبي .
الأم :
" مبتسمة " فعلاً ، يا صغيري ، لم تعد
جوبي ، لقد كبرت ، وهذا يفرحني .
جوبي ، لقد كبرت ، وهذا يفرحني .
الدينغ :
" من بعيد " عووووو .
كنغور :
" ينظر إلى أمه " ....
الأم :
فليعو ِ ما يشاء ، فهو بعيد عنّا ، بعيد
جداً ، ولن نخاف مادمنا معاً .
كنغور :
" ينظر إلى أمه " ....
الأم :
كنغور ..
كنغور :
ماما .
الأم :
الجو هنا رائع ..
كنغور :
لكنه داخل البيت أروع .
الأم :
" فرحة " كنغور ..
كنغور :
لنقضّ ِ اليوم أيضاً معاً ..
الأم :
" تحضنه بشدة " جوبي .. جوبي .
كنغور :
لستُ متعجلاً للذهاب .
الأم :
" تأخذ يده " هيا يا بنيّ ، إلى الداخل ، هيا ، هيا .
الأم تسير بكنغور ،
وتدخل به إلى البيت
إظلام
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)