ندى الصباح وغابة الأحلام
بقلم: فاطمة هانم يعقوبعندما إختفى القمر ذات ليلة من سماء غابة الأحلام... صاحت البومة من فوق الشجرة: إنتبهوا ... إنتبهوا
إستيقظ جميع الحيوانات يتسائلون: ماذا حدث ؟
قالت البومة : هناك دائرة ضوء تأتي من منتصف الغابة.
نظرت الزرافة وقالت : نعم أنا أراها من هنا .
كان القرد ينام أعلى الشجرة فصاح : نعم وأنا أراها ايضا من هنا0
قال الفيل : إذن يجب أن نعرف سبب وجودها.
قالت الزرافة : ربما جاء الصياد ليصطاد الحيوانات.
قال الهدهد : دعوني أطير الى هناك وأعود لكم بالخبر اليقين .
طار الهدهد الى حيث دائرة الضوء في منتصف الغابة ، وحين وصل الى هناك ، رأى الساحرة العجوز ، تحمل فتاة صغيرة جميلة، وتدخل الى الكوخ الصغير ، وبعد قليل إنصرفت الساحرة وأغلقت الباب خلفها وإنصرفت .
طار الهدهد ووقف ينظر من خلال نافذة الكوخ ، رأى الفتاة الصغيرة ، تجلس علي كرسي تبكي ، وأمامها طاولة عليها مصباح يشع ضوء.
عاد الهدهد الى أصدقاءه مسرعا وأخبرهم بما رأى .
قالت الزرافة : يجب أن نعرف الحقيقة أولا ثم نحكم على الأمور .
قال الغراب : وكيف نعرف الحقيقة؟
قالت الزرافة : نسأل تلك الفتاة ، لماذا جاءت بها الساحرة الى هنا ، ووضعتها في الكوخ ؟ .
قال القرد : إذن ننتظر إلى الصباح ونذهب اليها .
وحين أشرقت الشمس الذهبية في الصباح ونشرت نورها ....غنت الطيور بأصواتها العذبة تصدح في الغابة ، وتراقصت أوراق الأشجار حين داعبها الهواء.... كان الأصدقاء يقفون أمام الكوخ الصغير... ودق القرد على باب الكوخ .
بعد قليل ، فتحت الفتاة الباب ، فرأت الحيوانات تقف أمامها ، فإبتسمت في ود وهي تقول : صباح الخير أيها الاصدقاء .
قال القرد : صباح الخير أيتها الجميلة ، نحن من سكان الغابة ، جئنا اليك لنتعرف عليك ونعرف سبب وجودك هنا؟
وضعت الفتاة يدها على راس القرد بحنان وهي تقول : أهلا بكم ، ولكن كوخي صغير، ولن يسعكم ،ولهذا سأخرج أنا لكم.
قال الفيل : لماذا انت هنا؟
قالت الفتاة : أنا اسمي ندى الصباح، ولم أحضر الى هنا وحدي اوبرضائي بل أسرتني الساحرة العجوز وجاءت بي الى هنا وتركتني وعادت .
قالت الزرافة: وما سر هذا الضوء المنبعث من النافذة؟
قالت ندى الصباح : إنه ضوء المصباح الذي أحضرته الساحرة العجوز لينير لي في الليل .
قال الفيل : ولماذا فعلت ذلك معك ؟
قالت ندى الصباح : لأنني أساعد أهل مدينتي وأعلمهم قراءة الكتب
قالت البومة : ولماذا تعلمينهم القراءة ؟
قالت ندى الصباح: حتى يستطيعوا أن يعرفوا الكثير من المعلومات المفيدة التي تُكتب في الكُتب .
قالت الزرافة : كُتب وما هى الكُتب ؟
قالت ندى الصباح وهي تعود الي الكوخ : إنتظروني قليلا سأعود اليكم.
دخلت ندى الصباح الى الكوخ ثم خرجت تحمل كتاباً في يدها وقالت : هذا هو الكتاب الذي خبأته في ثيابي دون ان تعرف الساحرة.
قال الفيل : ولماذا تكره الساحرة القراءة في الكتاب؟
قالت ندى الصباح : لان القراءة هي مفتاح المعرفة وأنا أساعد الناس بما أقرأه في الكتب.
قال القرد : ولماذا تكره الساحرة العجوز مساعدتك للناس؟
قالت ندى الصباح: لإنها تريدهم أن يعيشون في ظلام الجهل ، تحت سيطرتها ويجهلون ما في الكتب من معلومات نافعة، تساعدهم بالعلم في التقدم في معيشتهم، ومقاومة سيطرت الساحرة الشريرة عليهم .
قال القرد: ولماذا جاءت بك في ظلام الليل ولم تنتظر حتى الصباح ؟
قالت ندى الصباح : لأ نها لا تستطيع تحمل ضوء النهار وحرارة الشمس ، فهي تنام في النهار وتصحو في الليل .
قال الفيل :إذن يجب علينا مساعدتك لتعودي الى المدينة وتنفعي أهلها بالعلم
قالت ندى الصباح : نعم لابد أن أعود اليهم ليعرفوا أكثر ويتمكنوا من
الخروج من تحت سيطرة الساحرة الشريرة .
قال الفيل : سنحاول ان نجد لك طريقة لتعودي بها الى المدينة في أقرب
وقت.
قالت ندى الصباح : أشكركم ولكن كيف ؟
قال القرد : دعينا نفكر ونعرف كيف يمكن تحقيق ذلك .
إجتمعت الحيوانات وراحوا يتناقشون بينهم كيف يساعدون ندى الصباح لإنقاذها من الساحرة الشريرة.
قال الفيل : بما إننا علمنا أن الساحرة الشريرة لا تستطيع العيش في ضوء النهار ،فعلينا أن نبقيها هنا حين تعود ، وعندما يغمر ضوءالشمس الغابة ، سيخلصنا ضوء النهار منها ومن شرها.
قالت الزرافة : لكن وكيف نبقيها هنا حتى ظهور ضوء الشمس ؟
قال القرد : لا تنسوا إنها ساحرة ويمكنها إذاؤنا جميعا .
قال الفيل : لهذا يجب أن نفكر جيدا كيف نتخلص منها دون أن تدري بوجودنا
قالت الزرافة : اولا علينا ان نخفي عن الساحرة الشريرة صداقتنا لندى
الصباح .
قالت البومة : وكيف نقضي علي الساحرة؟ وهي قوية ويمكن أن تؤذينا
جميعا.
قال الفيل : نعم هي يمكنها سحرنا جميعا لو علمت بهدفنا .
قالت الزرافة : نحن لا يمكننا القضاء عليها وهي مستيقظة لابد أن تنام حتى يمكننا القضاء عليها.
قال البومة: وكيف يتم ذلك ؟
قال الفيل : وماذا يمكن ان يجعلها تنام تلك الشريرة ؟
قالت الزرافة في يأس : لا لن نستطع ... لن نغامر ونقف في وجه الساحرة.
قال القرد : لا تيأسي يا صديقتي يجب أن نحاول ونساعد ندى الصباح.
قال الفيل : نعم فهي تقرأ الكتب وتعرف المعلومات المفيدة التي تفيد الناس
في المدينة.
في تلك اللحظة سمعوا جميعا صوت يقول: أنا ...أنا يمكنني أن أجعلها
تنام .
نظر الجميع الى مصدر الصوت فرأوا عنكبوتاً كبيرا يقف على فرع الشجرة
قال القرد : كيف ؟ ألا تخاف من الساحرة؟
قال العنكبوت : أخاف منها طبعا ، ولكني سأقفز عليها من الخلف دون أن
تراني وبهذا أتمكن منها وأحقنها بالمخدر ، فتنام ولا تستيقظ الا بعد ساعات طويلة .
صاح الجميع : هذا رائع شكرا أيها العنكبوت الشجاع.
قالت الزرافة : إذن يجب أن نضع خطة للقضاء عليها ... كيف سيتم ذلك؟.
قال القرد : علينا أن ننتظر حتى أول الشهر الهجرى القادم ، حين يختفي
القمر ونبدأ في تنفيذ خطتنا.
ظلت ندى الصباح تعيش وسط حيوانات الغابة شهرا، تقرأ لهم وتعلمهم كيف يزرعون الأرض وكيف يحصدون المحصول ويتعاونون معا ليعيشوا في سلام وسعادة بما تعلموه من الكتب.
وعندما إختفى القمر في بداية الشهر الهجرى إختبأت الحيوانات حول الكوخ ، خلف الأشجار... وبعد أن أصبحت الغابة في ظلام دامس جاءت الساحرة ودخلت الى الكوخ وأغلقت الباب خلفها ....فبدأ كل حيوان تنفيذ دوره في الخطة التي إتفقوا عليها جميعا.... فقام الفيل بوضع الأشجار الجافة امام باب الكوخ في طريق الساحرة ، وصعد القرد الى أعلى الشجرة يراقب ما يحدث داخل الكوخ ، وإستعد العنكبوت فوق فرع الشجرة الواقع في طريق الساحرة ، التنفيذ دوره، لتخدير ها.
رأى القرد الساحرة الشريرة ، تضرب ندى الصباح وتعنفها قائلة : لن تخرجي من هنا حتى تكفي عن القراءة ومساعدة الناس .
قالت ندى الصباح: لا لن أكف عن القراءة ومساعدة الناس ولن أوافق على ما تطلبيه منى.
قالت الساحرة في غضب : إذن سأتركك هنا إلى الأبد حتى تكفي عن عنادك.
بكت ندى الصباح ، و الساحرة الشريرة لم ترحمها ،وراحت تعنفها وتضربها ، ثم خرجت وأغلقت عليها باب الكوخ.
عندما خرجت الساحرة الشريرة وبدأت السير في طريقها ، وجدت الأشجار تملاء المكان فصاحت : من وضع هذه الاشجار هنا؟
وراحت تتلفت حولها وتصيح في غضب : من هنا ؟.. من وضع تلك الأخشاب هنا ؟ لورأيته سوف أسحره كلبنا.. هيا إظهر ؟
فخافت الحيوانات أن تراها الساحرة الشريرة ، فتفشل الخطة ...فاختباء الجميع داخل الأشجار الكثيفة حتى لا تشعر بهم الساحرة .
راحت الساحرة تدورهنا وهناك باحثة حتى إقتربت من الشجرة ألتي وقف عليها العنكبوت .. وهنا قفذ العنكبوت من فوق الشجرة على كتفها وبسرعة غرس ذنبه في عنقها وأفرغ فيهما المخد ر، فترنحت الساحرة الشريرة في كل الإتجاهات وهي تصيح : من فعل ذلك .. أين أنت أين أنت ... ؟
ولكن المخدر كان قد سرى في جسدها بسرعة فخارت قواها وإنهارت على الأرض ، ونائمت تحت الشجرة، قبل أن تتمكن من إكتشاف من فعل ذلك بها.
وبعد لحظات خرجت الحيوانات من مخابئها ، وخرجت ندى الصباح من الكوخ والتف الجميع حول الساحرة الشريرة ليتأكدوا من نومها.
قال القرد : لقد نجحنا في تخديرها ، والان ماذا سنفعل ؟
قالت ندى الصباح: نتركها هنا حتى الصباح وسوف يتولى ضوءالشمس القضاء عليها.
قالت الزرافة : ولكن ظل الشجرة سيمنع عنها ضوءالشمس .
قال الفيل : اذن سأنقلها بعيدا عن ظل الشجرة حتى يغمرها ضوءالشمس ويقضي عليها ونستريح من شرها.
وجلسوا جميعا حولها يراقبون مايحدث.. حتي ظهر نور النهار وبدأت الشمس تشرق على الغابة لتغمرها بحرارتها الدافئة .
كانت الساحرة الشريرة مازالت نائمة لا تدري ماذا يدور حولها...وفي لحظات رأى الجميع ، الساحرة الشريرة تتحول فجأة الى كومة من الغبار تحمله الرياح بعيدا عن الغابة ، صاحت ندى الصباح وأصدقاؤها الحيوانات في فرحة وهم ويتبادلون التهنئة : الحمد لله
قال القرد : انا سعيد بما فعلناه نحن و ضوءالشمس، ولكني حزين أن تفارقنا ندى الصباح وتعود الى المدينة بعد أن علمتنا وأصبحنا نقرأ الكتب ونعرف المعلومات التي كانت مجهولة لنا.
قالت الزرافة : نعم وأنا أيضا.
صاح الجميع : إمكثي معنا يا ندى الصباح ولا تتركينا.
قالت ندى الصباح : كيف أترك أهل مدينتي في ظلمات الجهل بدون علم
وأمكث هنا معكم ؟
قال الفيل : إذن إعطينا وعدا بالعودة الى الغابة كل فترة ، لنراكي وتُعَلمِينا
مما عُلِمْتِي من معلومات.
قالت ندى الصباح : أنا لن أنساكم أبدا أيها الأصدقاء المخلصين وسوف أعود
اليكم مرات كثيرة .
حمل الفيل ندى الصباح بزلومته وأجلسها على ظهره وساروا جميعا حتى أطراف الغابة ، وودعتهم ندى الصباح وسارت في طريقها حتى دخلت الى المدينة وهم يلوحون لها مودعين ...لتبدأ ندى الصباح رحلتها بين أهل مدينتها لتأخذ بأيديهم الى نور العلم المعرفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق