مهرجان
الشارقة القرائى للطفل
إبريل - مايو 2015
التوجهات الجديدة
للكتابة للطفل
بصريًّا ولغويًّا
ومضمونًّا
دراسة بقلم: يعقوب الشارونى
** مدخل : هل يتزايد عدد القراء الصغار
أم ينكمش ؟ وهل يزداد ما يخصصه الطفل القارئ من وقت للقراءة أم يقل ؟
* يموج
عالم أدب الأطفال ، وعالم قراءات الأطفال ، على اتساع العالم ، فى السنوات الحالية
من القرن الحادى والعشرين ، (2015 وما قبلها) ، بأسئلة كثيرة تدور كلها حول بقاء
الكتاب بشكله الورقى ، ومنافسة الكتاب الإلكترونى والقراءة على الشاشات
الإلكترونية المختلفة الأشكال والأحجام له .
- ولعل السؤال الأهم الذى
يجب أن نلقيه ، سواء تمت القراءة من على الورق أم الشاشات ، هو :
" هل يتزايد عدد القراء الصغار أم ينكمش ؟ "
" وهل يزداد ما يخصصه الطفل القارئ من وقت للقراءة
أم يقل ؟ "
ولابد أن يرتبط بهذا سؤال ثالث أساسى هو : " ما
نوعية ومضمون ما يقرؤه القراء الصغار ؟ وما دوره فى تنمية مختلف جوانب عقل
الإنسان ومستقبله وتفكيره وتقدمه ، وتذوقه للآداب والفنون ؟ "
*
للإجابه عن هذه الأسئلة ، نحاول فى هذه الدراسـة إلقــاء الأضــواء على بعض المتغيرات
الأساسية فى مجال القراءة وأدب الأطفال ، سواء تعلق الأمر بالكتب الورقية أو
بالقراءة على الشاشات :
* مثل التنبه إلى أهمية الدور
الرئيسى لإشراك مختلف الحواس فى تنمية عادة القراءة عند الأطفال ، وفى تقريب الكتب إليهم ،
وإنشاء علاقة حب بينهم وبينها .
* ولفت
الأنظار إلى تأثير
اللغة التى يتخاطب بها الصغار معًا من خلال الوسائل الرقمية ، على تذوقهم وتقبلهم
لِلُّغة وأساليب أدب الأطفال الموجه إليهم ، حتى لا نجد أنفسنا وقد افترقت لغة الكتابة
للأطفال عن لغة الكتابة التى ينغمسون فيها على الشاشات فيما بينهم .
* ولأهمية مواجهة آثار
" العصر الرقمى " و " عصر الصورة " على أدب الأطفال ، نلاحظ أن الوسائل المرئية قد
عَوَّدت عيون الأطفال على مشاهدة الأشياء وليس الاستماع إلى وصف لها – كما عودت آذانهم على
الاستماع إلى الحوار المباشر ،
وهو ما قد يؤدى إلى عدم استساغتهم أن نحكى لهم مضمون الحوار بدلاً من الاستماع
إليه مباشرة .
* كذلك لابد من متابعة آثار
كثرة مشاهدة الأطفال لأفلام السينما ، للتعرف على أثر ذلك فى تَشَكُّل تذوقهم بالبناء
الفنى الذى تحرص عليه تلك الأفلام .
* ويقود كل هذا إلى أهمية
التعرف على أساليب تقديم الكتاب المرئى المسموع ، والاستفادة فى هذا من الوسائط
المتعددة ، وهو ما
سبق أن واجهته السينما عند تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام سينمائية ، وتم عندئذٍ
اكتشاف أسس كتابة السيناريو السينمائى ومدى اختلافه عن كتابة النص الأدبى المقروء
فى كتاب .
*
كذلك فإن نجاح العالم الرقمى مع الأطفال يقوم على التفاعل والمشاركة وإعطاء الطفل
أدوارًا أكثر إيجابية : وهذا التفاعل والتواصل والمشاركة الذى يتم فيما بين
الشباب مباشرة
، وبعيدًا عن رقابة الكبار فى كثير من الأحيان ، قد أصبح يؤثر فى حديث
الشباب وكتاباتهم ، وفى نظرتهم لعلاقاتهم بالكبار ، وهو ما ترك آثاره الكبيرة على
" موضوعات " أدب الأطفال ، وعلى " أساليب معالجتها " .
القسم الأول
** القراءة بالحواس الخمس ، وإعطاء
الطفل دورًا أكثر إيجابية فى التعامل مع الكتاب :
تنبه مَن يقدمون الكتاب الورقى ، وكذلك الكتاب الإلكترونى
والمواد المقروءة على الشاشات ، إلى أن الأساليب التقليدية تهمل دور معظم الحواس
فى تلقى ما هو مكتوب ، وبالتالى تحرم الطفل من استخدام أهم ما أعطته له الطبيعة
لاكتساب الخبرات المتنوعة .
لقد أدرك علماء التربية ، أن الإدراك الحسى هو نشاط ذهنى ، يُضفى على
الخبرات الحاسية البصرية والسمعية والشمية واللمسية والتذوقية ، معانٍ تنبع من
اتصال هذه الإحساسات بالجهاز العصبى للطفل ، ومن اتصال معانيها اتصالاً يؤدى إلى
رسم خطوط رئيسية للحياة العقلية المعرفية ( د. عواطف إبراهيم محمد : "
التربية الحاسية لأطفال الرياض " )
إن نمو الإدراك الحاسى عند الطفل يتأثر بثلاثة عوامل :
1 - البحث عن المثيرات الحسية والاحتفاظ بها .
2 - تمييز هذه المثيرات وتحديد معالمها ورسومها .
3 - تفسير هذه المثيرات وفهم معانيها .
والإدراك الحاسى بهذا التحليل يوضح كيفية تكوين المدركات
العقلية المختلفة
. وكلما تنوعت الصور الحاسية : بصرية ، شمية ، لمسية ، تذوقية ، سمعية التى
تلتقطها حواس الطفل لشىء ما ، وسجلها
جهازه العصبى ، تكونت صور أكثر وضوحًا وتكاملاً لهذا الشىء فى ذهن الطفل .
*
لهذا تهتم
التربية فى مرحلة ما قبل المدرسة ، برعاية النمو الحاسى للطفل رعاية مزدوجة ، تتضمن :
أ - تدريب حواس الطفل على ملاحظة الأشياء ، ولمسها ، والقبض
عليها ، وتداولها بين يديه ، وشمها ، والاستماع إلى ما يصدر عنها من أصوات ، وتذوقها
، حتى يتعرف على خصائص هذه الأشياء من خلال لعبه ونشاطه الذاتى .
ب - تنوع خبرات الصغير ونشاطاته الحركية ، والسمعية ، والتذوقية ،
والشمية ، والبصرية ، التى يمر بها ، حتى يكتسب معرفة متكاملة بالأشياء
الموجودة فى بيئته ،
ويساعد
هذا على تكامل نمو شخصيته ومعارفه وقدراته العقلية .
* الكتب الورقية التقليدية ، بل والكتب
الإلكترونية ، تهمل كثيرًا من القدرات الحاسية :
- وفى ضوء هذا التأكيد من
علماء النفس والتربية على دور حواس الرضيع والحضين وطفل الروضة فى اكتساب المعرفة
والنمو العقلى والسلوكى ، اتضح أنه ، سواء الكتب الورقية التقليدية أو الكتب
الإلكترونية ، لا تقدم لمختلف الحواس ما يساعد الطفل فى اكتساب الخبرة المتكاملة
مما يقرأ أو يطالع .
- فالكتاب
الورقى الذى يعتمد على الصورة المسطحة ، وكذلك الشاشات المختلفة التى لا تقدم أى تنويع
للملامس : ناعم وخشن ، بارز وغائر ، لين وصلب ، وبغير تجسيم يساعد على التعرف على الوزن
والحجم والفروق بين الحجوم ، تفتقد
عنصرًا من أهم عناصر الطبيعة التى منحتها للطفل لاكتساب مختلف أنواع الخبرة ، والتفرقة
بين هذه الأنواع ، وإدراك مدى ثراء هذا التنوع .
- كذلك لم يكن الكتاب الورقى
التقليدى يقدم شيئـًـا لحاســة السمع ، كما أن الشاشات لم تكتشف بعد كثيرًا من
الإمكانات المتسعة للوسائط المتعددة .
* تحدى تكنولوجيا الشاشات الرقمية :
لكن المشاركين فى تقديم كتب الأطفال ، من مؤلفين ومصممين ورسامين وناشرين
، لم يلبثوا أن أدركوا أن أفضل ما يتميز به الكتاب الورقى على الشاشات ، هو إمكانات
تطويره ، لكى يقدم لمختلف حواس الطفل أنواع الملامس ، والتجسيم ، (بالإضافة إلى الأضواء
والأصوات) والتفاعل
، وهو
ما تم اكتشافه نتيجة التساؤل حول سبب الإقبال الشديد ، لكل الأطفال وفى كل الأعمار ، على اللعبة ، وعدم حماس معظمهم
للإقبال بنفس الحماس على الكتاب فى شكله الورقى التقليدى .
- وهكذا بدأت
ثورة حقيقية فى تكنولوجيا كتب صغار الأطفال ، تهدف إلى إشراك أكبر من عدد من حواس
الطفل فى التعامل مع الكتاب ، وذلك كما تتعامل كل حواس الطفل مع اللعبة منذ الأيام الأولى لمجيئه
إلى هذا العالم ، وعلى وجه خاص حاسة اللمس التى يستخدمها صغار الأطفال على نطاق
واسع ، وهو
ما لا تتيحه لمعظم الحواس شاشات الكمبيوتر والوسائل الرقمية الأخرى .
إنها كتب تم إبداعها لتناسب أطفالاً لم يتعلموا القراءة
بعد . كتب يقرؤها الأطفال ، ليس بالكلمات ، بل برؤية صفحاتها أو أجزاء منها تتجسم وتتحرك ،
تختفى وتظهر ، تضىء وتنطفئ ، وباللمس بالأصابع ، والاستماع إلى الموسيقى والأصوات والكلمات ، بل والشم أيضًا ، فبهذه الوسائل يدرك الأطفال العالم ،
ويستطلعون ، ويكتسبون الخبرة ، ويتعلمون ، ثم يبدعون.
- بل حتى بالنسبة للكبار
أيضًا ، أصبح الكاتب يحمل القارئ على معايشة عالم الرواية من خلال الحواس كلها :
حواس أبطال القصة ، وحواس القارئ المتلقى أيضًا .
فإذا كان تركيز الكاتب على ما هو إنسانى من مشاعر وأحاسيس
وأفكار وانفعالات وعواطف ، فكل هذا يتم نسجه استجابة لما تتلقاه مختلف حواسنا من
تأثيرات وخبرات ، نتيجة التفاعل مع الأحداث
والشخصيات .
* نموذجا " هيلين كيلر ود. طه
حسين " :
ولعل النموذج الكلاسيكى للكتابة بالحواس الخمس ، نطالعه
فى السيرة الذاتية التى كتبتها "
هيلين كيلر " تحت عنوان " قصة حياتى " .
إنها واحدة من أبرز الشخصيات فى التاريخ ، فقد تمكنت من قهر الإعاقة
المزدوجة بفقد بصرها وسمعها ، لكنها نجحت فى أن تنقـل إلينا العالــم من
خلال كتبهـا ، فعشنا معها بما كانت تلمسه وتشمه وتتذوقه ، ولا تراه ولا تسمعه !
كانت تتواصل مع الآخرين بلمسات الأصابع وأبجدية الأيدى ، لأنها كانت
تفتقد القدرة على السمع والرؤية والنطق .. ولا ننسى كيف بدأ تواصلها مع العالم من
خلال إحساسها بذلك السائل البارد الذى يتدفق على يدها من طلمبة الحديقة .
لقد حُرمت من السمع والبصر والكلام قبل أن تتم الثانية من عمرها ، لكنها
استطاعت أن تعبر عن خواطرها وأفكارها التى تكونت من خلال خبراتها المتنوعة التى
تلقتها عن طريق بقية حواسها ، فأصبحت كاتبة مرموقة ومحاضرة شهيرة ، تحث الناس على
الاستمتاع بما حولهم من مختلف متع الطبيعة : ملمس أوراق الشجر .. استقبال هواء الصباح المنعش
على بشرة يديها وذراعيها .. استمتاعها باستنشاق روائح الحديقة المتنوعة الثرية .
- ولعلنا نتذكر أيضًا كيف كان
أديبنا
الكبير الدكتور طه حسين ،
يتعرف على طريقه من
بيته ، إلى حيث يدرس بجامع الأزهر ، من خلال مختلف الروائح التى كانت تصل إليه عن طريق حاسة الشم
أثناء سيره ( كتاب " الأيام " ) .
* * *
* ونتيجة لهذه الثورة فى
تكنولوجيا كتب الأطفال ، أصبحنا نشاهد كل عام ، فى معرض بولونيا الدولى لكُتب
الأطفال بإيطاليا ، وفى معرض فرانكفورت الدولى للكتاب بألمانيا ، الآلاف من الكُتب
التى تقترب من الألعاب
، فهى تتجسّم ، وبها أجزاء تتحرّك ، أو تـصدر عنها أصوات أو موسيقى ، أو يتحسّس الطفل صفحاتها ، أو يشمها
.
كما وجدنا كُتبًا صفحاتها ليست من الأوراق ، بل من القــُـماش أحيانــًـا
ومن البلاستيك أو غيره من الخامات مثل " الفوم " فى أحيان أُخرى ، أو
البلاستيك الشفاف فى أحيان ثالثة ليستطيع الطفل تكوين صور جديدة أو ألوان جديدة عندما
تنطبق صفحة على أخرى .
** إعطاء الطفل دورًا أكثر إيجابية فى التعامل مع
الكتاب :
- وبالإضافة
إلى هذا التطوّر الأساسى فى كُتب صغار الأطفال ، والتى أصبحت تتعامل مع مُختلف
حواسه ، فإن هذه
الكُتب أصبحت تعتمد أيضًا على إعطاء الطفل دورًا إيجابيًّا فى التعامل معها . فلم تعد تكتفى بما
يتلقاه الطفل بحواسه من الكتاب ، بل
أصبحت تطلب منه القيام بنشاط أو عمل ما ، أو تُلقى عليه أنواعًا من الأسئلة ، ولكى يجد الإجابة عنها
، لابد أن يتفاعل مع الكتاب ، ويُضيف إليه بتدخـُّـل إضافى منه حتى يكتمل استقباله
لما فيه.
- ومن أبرز وأحدث الأمثلة على مثل هذه
الكُتب ، التى
بدأت مُعظم دور نشر كُتب صغار الأطفال فى
تقديمها ، الكُتب
القصصية التى تُقدِّم خلال النص ، وبجوار الكلمات والأسماء ، رسومًا تدل على كل شخصية . ويتكرّر الرسم كُـلّما جاء فى النص ذكر
تلك الشخصية . وعندما يستمع الطفل إلى نص
يقرؤه له أحد الكبار ويرى تلك الرسوم ، يبحث فوق صندوق الموسيقى والأصوات المُثبّت إلى غــُـلاف الكتاب ، إلى أن يتعرّف على الرسم
الذى يدل على الشخصية
التى جاء ذكرها فى النص ، فيضغط على ذلك الرسم ، عندئذٍ يستمع إلى العلامة الصوتية
أو الموسيقيّة التى تدل على تلك الشخصية .
بهذا يستخدم الطفل ،
بطريقة إيجابيــة ، البصــر واللمــس والسمــع ، للبحث والتعرّف ، فيرتبط مع الكتاب وشخصيات القصة بكل
هذه الحواس والأنشطة
.
بالإضافة إلى قيامه بعمل
إيجابى يشارك من خلاله فى استقبال النص ، عندما يبحث عن الرسم ، وعندما
يضغط على هذا الرسم الذى يدل على إحدى الشخصيات فوق صندوق الموسيقى والأصوات .
* كُتب المعلومات لأصغر الأطفال :
وقبل رُبع قرن ، كانت كُتب صغار
الأطفال لا تــُـقدّم إلا قصصًا بسيطة ، أو صورًا مُتفرّقة لأشياء
يجدها الطفل عادة فى بيئته . لكن تلك الكُتب لم تكن تقترب مما نــُسميه " كُتب المعلومات " .
أما الآن ، فإن أكثر من
نصف الكُتب المُقدّمة لسن ما قبل المدرسة ، أصبحت تتناول ما يُمكن أن نــُـسميه
" كُتب المعلومات " ، أو تساهم فى تنمية عدد من
القدرات العقلية المهمة ، وتحرص على أن تقدم كل هذا فى ضوء ما سبق أن ذكرناه
من القراءة بالحواس الخمس ، ومن إعطاء دور أكثر إيجابية للطفل فى التعامل مع
الكتاب .
ونشير فيما يلى إلى بعض الأمثلة
البارزة لهذا النوع من الكُتب :
أ - تنمية القُدرة على
الملاحظة ، والتعرّف على الكل من خلال الجُزء :
فهذا كتاب يُقدّم فى صفحة رسومًا لأربع
حيوانات أو طيور ، ويُقدّم فى الصفحة المُقابلة آثار أقدام واحد من هذه المخلوقات الأربع
، وعلى الطفل أن يُحدّد صاحب آثار هذه الأقدام من بين الحيوانات أو الطيور الأربعة
. وبعد
أن يُجيب الطفل مُستخدمًا خبراته السابقة ، يفتح نافذة فى الكتاب ، أو يسحب
صفحة كانت محجوبة ، ليعرف - عن طريق لوحة مرسومة - ما إذا كان على صواب ، أو
ليُصحّح معلوماته .
وهذا
الكتاب دعوة لكى يتعلّم الطفل التعرّف على الكل من خلال الجُزء ، بالاعتماد على
قوّة مُلاحظة الفرق بين شىء وآخر . إنه يُقدّم المعلومة من خلال طرح السؤال
، وبعد أن يُشارك الطفل فى البحث عن الإجابة ، يقوم الطفل بنفسه بعمل إيجابى ، هو
فتح نافذة فى الكتاب أو سحب الصفحة المحجوبة ، للتأكّد من صحّة إجابته .
ب - القراءة باللمس والشم
:
-
وهذا كتاب آخر ، يتعرّف الطفل من خلال لمس الصور فى صفحاته ، على الفرق بين الفراء الناعم للقط ،
والنعل الخشن للحذاء .
- كما يتعرّف من خلال شم صفحة أخرى ، على أن رائحة المُثلّجات (
الآيس كريم ) تــُـشبه رائحة
الشيكولاتة .
- كما أن فى بعض صفحات الكتاب ، دعوة للطفل لكى يبحـث
ويستطلع ويُنقــّـب ،
ويعرف ما وراءالشكل الظاهرى ، ليكتشف المخبوء والمُختفى .. فهو يرفع صورة ورقة نبات ملقاة على
أرض حديقة ، ليكتشف ما الذى يمكن أن يوجد مختفيًا تحتها من حشرات .
* كُتب عن موضوعات مُختلفة :
كذلك أصبحنا نجد كُتبًا
مجسمة متحركة لها أصوات ، تقدم معلومات عن الحواس الخمس ، أو أجزاء
الجسم ، أو شكل الوجه والجسم عند التعبير عن مُختلف الانفعالات ، أو
تــُـقدّم مُختلف المفاهيم أو الأرقام أو حروف الهجاء .
* إن التكنولوجيا الجديدة
لكتب صغار الأطفال من الميلاد إلى السادسة أو السابعة من العمر ، أصبحت تُشكّل
ثورة حقيقية فى مجال كُتب الأطفال ، فقد أصبحت تتعامل مع حواس الطفل
الخمس ، كما أصبحت تُعطى للطفل دورًا إيجابيًّا مُتناميًا من خلال المشاركة
وتعامله التفاعلى مع الكتاب .
- كما أصبحت تُقدّم ، بجانب
القصص والصور ، كثيرًا من المفاهيم وكُتب المعلومات التى تبدع ، فى تنوع مُدهش ،
مختلف الأساليب الجديدة ، لكى تُناسب أطفالاً لا يقرءون الكلمات ، لكن لديهم الاستعداد
العقلى للتعرّف والبحث والمُقارنة والاستنتاج ، عن طريق الحواس ، والتفاعل
الإيجابى مع الكتاب .
القسم الثانى
** تأثير اللغة التى يتخاطب بها الصغار
معًا من خلال الوسائط الرقمية على لغة الكتابة للأطفال :
بدأ عدد كبير من
علماء اللغـة فى أوربـا وأمريكـا يلقـون أسئلة مثـل : هل تـؤدى
المعاييـر المتسـاهلـة للبريـد الإلكترونى ، ولـغـة الدردشـة ( الشـات ) ، إلى تغييـر
الكتابـة والهجـاء أو القضـاء عليهما ؟ وما مدى تأثير اللغة التى يتخاطب بها
الصغار من خلال الوسائل الرقمية ، على تذوقهم وتقبلهم لِلُغة وأساليب الكتب
الموجهة إليهم ؟
- هذه
قضية لا توجد حولها فى اللغة العربية دراسات حتى الآن ، لا ميدانية ولا نظرية ، إلا بعض مقالات متفرقة نادرة . وهى قضية
يجب متابعتها بالدراسة والتحليل ، حتى لا
نجد أنفسنا وقد افترقت لغة الكتابة للأطفال عن لغة الكتابة التى ينغمسون فيها على
الشاشات فيما بينهم وهم يكتبون الرسائل الإلكترونية ( الإيميل ) ويدردشون عن طريق
الإنترنت .
فمثلاً ، هناك كثير من النصائح التى تدور حول كتابة
البريد الإلكترونى ( باللغات الأجنبية ) ، لتوجيه المُستخدمين حول كيفية كتابة نص
الرسالة ، مثل النصح
بالتخلص من الإطناب والصيغ الجاهزة ، وتفادى استخدام صيغة المبنى
للمجهول ، واختيار الصيغ المختصرة ( مثلاً فى الإنجليزية : isn't – aren't ) ، والنصح باستخدام جُمل
بسيطة قصيرة
، وافتراض أن
المعلومات الواردة فى نهاية الرسالة ربما لا يراها المُتلقى على الشاشة وهو ما يوجب إعطاء أهمية
خاصة للمعلومات التى تظهر على الشاشة فى افتتاحية الرسالة ، وذلك عن طريق تقديم
فقرة أولى قوية أو ملخص .
- كما أن هناك
تأكيدًا دائمًا على أهمية وضوح الرسالة ، وعلى " الصيغة الحواريــة "
الكامنة فى استخدام البريد الإلكترونى .
- بالإضافة إلى أن مجمـوعـات أو غُـرف
الـدردشـة تركز على حـريـة التعبير ، وإن كانت تنبـه فى نفس الوقت
إلى الحاجة إلى الاحترام المتبادل ، والتحذير من الاستخدام غير الحذر للحرية .
* الكتابة ، والتفاعل أثناء الحديث
وجهًا لوجه ، وكلام الشبكة :
لكن من أهم ما يتردد فى هذا الصدد ، ما قاله مخترع الشبكة العنكبوتية
العالمية " تم برنرز – لى " ،
: "
إن الشبكة العنكبوتية إبداع اجتماعى أكثر من كونه إبداعًا تكنولوجيًا " .
ويضيف " إن التواصل بين الناس ، يتم بين مجموعات
من مختلف الأحجام والأعداد ، تتفاعل إلكترونيًا بسهولة تتساوى مع تلك التى
يتفاعلون بها وجهًا لوجه " .
- لهذا فإن الباحثين يشيرون
إلى أن " كلام الشبكة " لم يعد هو نفسه " الكلام المكتوب " ،
كما أنه ليس نفس " الكلام الذى نقوله أثناء الحوار وجهًا لوجه " ، بل
أصبحت هناك فروق تبين أننا فى الطريق إلى " كتابة من نوع جديد " ، لأنه بما أن
الإنترنت وسيط يكاد يعتمد اعتمادًا كليًّا على ردود الأفعال لرسائل مكتوبة ، فإن الاحساس
" بالمتلقين " لابد أن يجد له مكانًا أساسيًا فى أية مناقشة حول " كلام الإنترنت " ، إذ إن السِّمَة
الأساسية للإنترنت هى تفاعليته .
- أما مدى التطورات التى سوف
تصبح سِمَه " دائمة " للغة الإنترنت ، فهذا من الصعب جدًّا تحديده ، لأن اللغة كائن حى يتخلق من خلال الاستخدام ، لذلك لا يمكننا التنبؤ بما سوف
يتغير من اللغة ، بل يمكننا
فقط التعرف على ما يتم تغُّيره بعد أن يحدث ذلك بالفعل .
*
لذلك فإن " معجم أكسفورد للكلمات الجديدة " ، الذى أقر استخدام مئات
التعبيرات المسبوقة بحرف ( e - )
مثل e –
text ( نص
إلكترونى ) و e
– book (
كتاب إلكترونى ) ، يستعين
بحوالى عشرين من الخبراء ، مهمتهم أن يتفقوا على أن كلمة جديدة ما قد أصبح لها نوع
من الانتشار ، مما يسمح بأن يُقال إنها " كلمة جديدة دخلت نسيج اللغة " ، وبالتالى يمكن وضعها فى
" معجم الكلمات الجديدة " .
* إن
عددًا كبيرًا من الدارسين يطلق على لغة الإنترنت " الكلام المكتوب " ،
أو " الحديث أو الحوار المكتوب " . وينصح بعض الخبراء مَن يكتب على
الشاشة قائلاً :
"
اكتب كما يتحدث الناس " .
ويقول آخرون إن " الخطاب الإلكترونى " هو "
كتابة .. كثيرًا جدًّا ما نقرؤها كما لو كانت منطوقة " ، بمعنى : " كما لو كان
المُرسِل يكتب وهو يتحدث " .
- لكن السؤال هو : إلى أى
مدى من الممكن " أن نكتب كلام المحادثة المنطوق " ، وكل ما لدينا لوحة
مفاتيح ليس بها إلا حروف الألف باء ، والأرقام ، ومجموعة متناثرة من الرموز ، ووسيط
( هو الكمبيوتر ) لا يتيح " كتابة " بعض السمات الأساسية لكلام المحادثة
( مثل نغمة الصوت أو ملامح الوجه ) ؟
وأى نوع من الكلام مطلوب منا أن نكتبه على الشاشة ، مع أن العالم يتكون من أنواع
مختلفة جدًّا من البشر يتحدثون بطرق مختلفة ؟
*
إن " الحديث " الذى يتبادله الناس وجهًا لوجه ، مرتبط بالزمن ،
وتلقائى ، وعابر ، وتفاعلى اجتماعى ، وله بـِنْيَة غير مُحْكَمَة ، وقابل للتعديل
الفورى الـمُعلن ، وثرى فيما يصاحبه من ملامح لا توجد طريقة متفق عليها للتعبير
عنها كتابة مثل " ملامح الوجه " و " تعبيرات الصوت " التى
تصاحب الحديث الشفوى .
- أما " الكتابة " ، فتقوم على
تفكير مسبق ، ولها بنية مُحْكمة ، وقابلة للتعديل المتأنى غير الـمُعلن ، ومتفق على
طريقة كتابتها على نحو متواتر متفق عليه .
**
فهل كلام الشبكة أقرب إلى كلام الحديث ، أو أقرب إلى الكتابة بمعناها التقليدى ؟
*
إن معظم تنويعات " اللغة المكتوبة " كما اعتدنا عليها فى الكتب
الورقية ، يمكن الآن أن نجدها كما هى على الشبكة العنكبوتية .
*
أما إذا فحصنا " البريد الإلكترونى " و " مجموعات الدردشة "
، فمع أنها تظهر على الشاشة من خلال " وسيط الكتابة " ، فإنها تعكس
العديد من الخصائص الأساسية " للكلام " أو " للحديث وجهًا لوجه " ، فهى مثلاً محكومة بفعل
الزمن من خلال توقع استجابة فورية أو طلبها ، وهى عابرة بمعنى أن الرسائل يمكن
حذفها مباشرة كما
فى البريد الإلكترونى ، أو
لا يلاحظها أحد
لأنها تتحرك على الشاشة كما فى جماعات الدردشة .
* ومع ذلك فهناك فروق رئيسية
متعددة بين " كلام الشبكة " وبين " المحادثة وجهًا لوجه " ، حتى
فى المواقف الإلكترونية التى تتسم بأنها أكثر شبهًا بالكلام .
- وأول هذه الفروق ، أنه ليست هناك وسيلة فنية
للسماح للمتلقى بأن يصل إليه معادل إلكترونى لردود الأفعال فى " ملامح الوجه "
و " نغمات الصوت " التى تقوم بدور حاسم فى التفاعل أثناء الحديث وجهًا
لوجه . فكثيرًا ما نؤكد أنه " ليس المهم ما تقول ، ولكن
الكيفية التى تقوله بها " ، فالإنسان يعبر عن كثير مما يقصده من خلال
التنويعات الصوتية ، مثل حدة الصوت ، وارتفاعه أو انخفاضه ، والسرعة ،
والإيقاع ، والوقفات ، ونغمة الصوت .
- إننا ، فى الكتابة
التقليدية ، قد نستخدم " أحيانًا " أنواعًا من " التهجى " و
" علامات الترقيم " ، للتعبير عن " بعض " إيقاعات الصوت ، مثل
الحروف المكررة
( آآآآآه ه ه ه – أهلااااااا – أخ خ خ خ – جداااااا) ، وعلامات الترقيم المتكررة ( بالتأكيد !!!!! – هل أنت متأكد ؟؟؟؟
- هيه !!!!!! ) ، أو
وضع كلمة بخط أسود وبين علامات تنصيص مثل : ( هل هذه هى " الحقيقة " ؟ ) للتأكيد على أننا نستمع إلى حقائق
وليس إلى أكاذيب . ويشبه
هذا على الشبكة ما يسمى LOL ، للتعبير عن الضحك أو الصوت المرتفع ،
مثل : [ ها ها ها – يااااااا – إيـ
ـيـ ـيـ ـيـ ـه ] – لكن
كل هذا ليس كافيًا للتعبير عن مختلف إيقاعات الصوت .
- كما أن افتقاد كلام الشبكة
لتعبيرات الوجه ، قد أدى إلى إدخال " الأشكال الباسمة " أو " الأيقونات العاطفية
" emoticons ، وهى تجميعات من الحروف أو العلامات
التى نجدها على لوحة المفاتيح ، ومقصود منها ( من هذه الإيقونات ) إظهار تعبير معين ، مثلاً
:
(-: للإشارة إلى البهجة والدعابة ، و )-: للإشارة إلى الحزن أو عدم الرضا
وقد يظهر ( بدلاً من هذه التجميعات )
رسم بسيط يعبر عن ملامح وجه فى حالة بهجة أو ضحك أو حزن أو بكاء أو غيرها . وتوجد حاليًّا عشرات
من هذه الرسوم يمكن للمستخدم ( مُرسل الرسالة ) أن يختار من بينها ما يناسب رسالته
.
وهذه الأشكال قد تُسْتَخْدَم للتعبير عن المودة .
ومهما تكن وظيفة " الأشكال
الباسمة " ، فإنها تُعتبر واحدة من أهم الملامح المميزة للغة البريد
الإلكترونى
، بوصفها وسيلة لتجنب اللبس وسوء الفهم اللذين ينشآن عندما نـُحَمِّل اللغة
المكتوبة عبء التعبير عن الكلام المنطوق .
- وقد ظهر
فى الفترة الأخيرة الكثير من الصور والرسوم المتحركة البسيطة المعبرة عن أحاسيس وردود
أفعال مختلفة ، خاصة
فى رسائل الفيس بوك ، بما يعد تطورًا هامًا فى هذا المجال .
* والسؤال الآن هو : إذا انتشرت مثل هذه الملامح للغة
البريد الإلكترونى على نحو يسمح باعتبارها " كلمات جديدة " دخلت اللغة
العربية ، فهل ستنتقل للاستخدام فيما نكتبه للأطفال فى الكتب الورقية وفى مجلاتهم
، وفى مختلف النصوص التى نقدمها لهم على الشاشات ؟
* إن الدراسات التى أجريت ( فى الغرب ) على التفاعلات عن طريق البريد
الإلكترونى وجماعات الدردشة ، قد أوضحت أنها – حتى الآن - ينقصها ، بصفة عامة ،
عدد كبير من الملامح المميزة للغة المنطوقة .
" فكلام الشبكة " أكثر من
ناتج جمع الملامح المكتوبة والمنطوقة . إنه " نوع جديد من التواصل " ، يتميز مثلاً بأنه " يعطى معلومات
بالقدر المطلوب للأغراض الأساسية لتبادل الحوار ، ولا يعطى مساهمة أكثر مما هو
مطلوب " – كما
أنه "
واضح الارتباط بالغرض من التفاعل " فيتجنب اللبس والغموض – وهو مختصر ، ومُنظم .
- لكنه حتى الآن لا يمكن
اعتباره قد استقر " كلغة جديدة " يمكن استخدامها فيما هو " مكتوب"
على الورق ( أو ما يعاد استخدامه على الشاشات الإلكترونية مما هو مكتوب على الورق ) .
* أما فى اللغة العربية ، فى مجـال
استخـدام الأطفـال والشبـاب للإنترنـت ، لوحـظ طغيان شديد لاستخدام اللهجات
العامية ، وإهمال قواعد النحو والإملاء ، وإهمال علامات الترقيم - وعلينا التدارس
لكيفية مواجهة الآثار السلبية ، وتعظيم ما يمكن الاستفادة منه مِن إيجابيات .
القسم الثالث
** آثار " العصر الرقمى وعصر الصورة
" على أدب الأطفال :
أصبحنا اليوم أمام جيل أو أجيال تَرَبَّت على قصص
الرسوم المسلسلة فى مجلات الصغار (
الاستربس / الكومكس ) .
كما أننا نعيش " عصر الصورة " ، بسبب الانتشار
الواسع للوسائل المرئية من تليفزيون وسينما وفيديو ، وبرامج وألعاب الكمبيوتر ، وتزايُد اعتماد الصحافة
على الصورة ، فمع كل خبر أو مقال توجد صورة أو صور
.
- يقول الدكتور شاكر عبد الحميد فى كتابه " عصر
الصورة " : " الصورة لم تعد تساوى ألف كلمة - كما جاء فى القول الصينى المأثور -
بل صارت بمليون كلمة وربما أكثر " .
" لقد أصبحت الصور مرتبطة الآن على نحو لم يسبق له
مثيل بكل جوانب حياة الإنسان ، فأصبح
هناك حضور جارف للصور فى حياة الإنسان الحديث ..
-
" وقـد سـاهمـت علـوم الصـورة
وتقنيـاتهـا وتجليـاتهـا فـى عمليـات التربية والتعليم من خلال الصور التوضيحية والرسوم المصاحبة
للكلمات ، أو من خلال تقنيات الفيديو والسينما ، وأجهزة عرض البيانات Data Show ، والإنترنت
، وفى عمليات التسويق ، وفى الحوار بين الجماعات والشعوب ، وفى الاستمتاع
وقضاء وقت الفراغ ".
-
ويضيف الدكتور شاكر : " لكن ما
زالت مباحث الصورة فى العالم العربى تعانى الضعف والوهن ، نظرًا إلى هيمنة اللغوى
على البصرى فى حقل الثقافة العربية المعاصرة " .
*
* *
* وقد
عَوَّدَت الوسائل المرئية عيون الأطفال على مُشاهدة الأشياء وليس الاستماع إلى
وصف لها ، لهذا أصبحوا ، فى كتبهم
، فى حاجة إلى صور ورسوم لكل ما يمكن أن تراه
عيونهم ، ولم
يعودوا مستعدين " لقراءة وصف " لما يمكن أن يتعرفوا عليه بواسطة حاسة
البصر .
لذلك حدثت زيادة هائلة مفاجئة فيما يصدر من كتب الرسوم المُسَلْسَلة
( والتى يمكن أن نطلق عليها " النصوص التصويرية " ) ، التى يتلازم فيها
النص مع رسم لكل فقرة ، ليس لصغار الأطفال ، بل للعمر المتوسط ( 8 - 12 سنة ) ، وللشباب الصغير ( من 13 - 18 سنة ) ، الذين أصبحت الصورة تلعب بالنسبة لهم
دورًا مُهمًّا فى التشجيع على القراءة والتحمس لها ، وهو ما يقرره عدد كبير من الخبراء فى
أنحاء العالم (برو
جودوين : " كتب الأطفال.. دراستها وفهمها "- 2008 ) .
وبدأنا نجد أهم كلاسيكيات الأدب العالمى ، مثل قصص مسرحيات شكسبير
وروايات كبار الكتاب العالميين ، يُعاد تقديمها فى كتب من هذا النوع الذى انتشر انتشارًا
هائلاً ، وهو ما
جعل معظم دور النشر العالمية ( النشر
الورقى ) تخصص اهتمامًا يتزايد عامًا بعد عام لإصدار مثل هذه الكتب ، التى يُـقْبــِـل عليها
المزيد من شباب القراء الصغار كل يوم ، بعد أن أصبحت الصورة تجذب انتباههم بنفس قوة
جاذبية النص ، مثلما تحتل الصورة مكان الصدارة على الشاشات .
وفى هذا يقول أحد كبار المتخصصين فى أدب الأطفال الإنجليزى : "
تقدم القصص التصويرية للقراء من جميع الأعمار الكثير مما يمكنهم اكتشافه .
بالإضافة إلى أن هذه القصص تلعب دورًا فى تشجيع القراءة والتحمس لها بين صفوف
المراهقين ( أو صغار البالغين ) من القراء " .
ويضيف : على
الرغم من أن النصوص التصويرية كانت تستهدف فى أول أمرها الأطفال الصغار ، فإن معظم ما يُنشر منها اليوم يستهدف
القراء الأكبر سنًا
، على الرغم من أن
بعضها قد يروق أيضـًـا لصغار القراء - وهى نصوص يمكن أن تتناول أى موضوع
أدبى .
* لقد
أصبح نقاد أدب الأطفال فى الغرب يعتبرون النصوص التصويرية عالمًا موازيًا
لعالم القصة ، بعد أن أصبحت تحظى باهتمام كبير فى أمريكا وفى
كثير من دول أوربا .
- بل هناك الآن من يرون أن النصوص التصويرية
وسيلة ناجحة لجــذب من لا يقــرءون كثيــرًا . وهنـاك عدد كبير من المدرسين يدركون
أنها تعد من أفضل الأنماط الأدبية وأكثرها تحفيزًا فى مجال تعليم القراءة ( المرجع السابق الإشارة إليه )
.
* تزايد الاهتمام بارتفاع مستوى النص
المكتوب " بجوار " الرسوم :
لكن أحد الفروق الرئيسية بين النصوص التصويرية التى تُكْتَب " لصغار
الأطفال " ، والنصوص التصويرية التى تُقدَّم حاليًّا بكثرة " للشباب
الصغير " ، هو تزايد الاهتمام بارتفاع مستوى النص المكتوب " بجوار
" الرسوم واقترابه من مستوى النص الأدبى الجيد المتكامل ، لمعالجة ما كان
يُوَجَّه دائمًا إلى رسوم الكومكس والاستربس لصغار الأطفال من أنها تجنى على
المستوى القرائى ، لاهتمامها بالرسوم على
حساب تهميش النص المكتوب . ومن أفضل ما تلجأ إليه هذه الكتب حاليًّا ، كتابة النص
خارج كادر الرسوم وليس داخلها فى بالونات .
* أما
فى العالم العربى ، فقد بدأ التنبه أخيرًا إلى هذه النوعية من الكتب ، لكن الاهتمام بها لا يزال محدودًا جدًّا حتى
الآن .
** أثر السينما وألعاب الفيديو على
القراء الصغار :
كذلك أصبحت أفلام السينما من أهم الفنون التى يتعايش معها
أطفالنا حاليًّا منذ الطفولة المبكرة ، قبل أن يجيدوا القراءة بوقت طويل ،
وذلك نتيجة اعتياد الأسرة على فتح التليفزيون طوال النهار طالما الكبار داخل
المنزل ، دون التنبه إلى أثر ذلك على صغار الأطفال ، أو لعدم إدراك البالغين لوجود
مثل هذا الأثر أصلاً .
ونتيجة لذلك تَشَكَّل تذوق الأطفال للعمل الروائى المقروء
بالبناء الفنى الذى تحرص عليه أفلام السينما ، وعلى وجه خاص الأفلام الموجهة إلى
الأطفال .
- ولا شك أنه كلما اقترب بناء العمل القصصى أو الروائى
وإيقاعه من هذا الذى تَعَوَّد الأطفال على مشاهدته والتفاعل معه ، كان ذلك عاملاً
مهمًّا فى جذبهم إلى القراءة ، وتذوقهم لما يقرءون من أعمال روائية أو قصصية
.
لهذا فإن الأديب الذى يكتب للأطفال ، لابد أن يتنبه إلى
تأثير مُشاهدة أطفال الأجيال الجديدة -
على نحو مستمر ومتواصل - لأفلام السينما ، سواء شاهدوها عن طريق الفيديو بالمنازل ، أو
شاهدوها مع الكبار فى عدد كبير من القنوات الفضائية التى تخصّصت فى تقديم الأفلام
.
*
ومن
أهم آثار مشاهدة الأطفال لأفلام السينما ، أن عيون الأطفال تعودت أن " ترى
" الأشياء:
أشكال الملابس ، طُرز العمارة ، مفردات الأثاث ، عناصر البيئة ( صحراء - بحر - قرية - مدينة ) ، وتأثيرات المناخ (
سماء صافية / سُحب / أمطار .... ) ، وبالتالى قَلَّ اهتمامهم "
بقراءة وصف " لهذا الذى تعوَّدت عيونهم أن تستوعبه جيدًا بغير حاجة إلى كلمات
.
- لذا فإن أدباء الأطفال لم يعودوا فى
حاجة إلى إطالة الوصف لما يمكن أن تراه العين .. فهل أصبح عليهم أن يتركوا مُهمة
الوصف البصرى لعمل الرسام ، الذى أصبح دوره ضروريًّا ومطلوبًا حتى بالنسبة لكُتب
المراهقين والشباب ؟!
*
كما
تـَـعَوَّد الأطفال على الاستماع إلى " الحوار المباشر " ( direct speech ) ، سواء فى
الأفلام أو التليفزيون - فلم يعودوا يتقبلون كثيرًا أن نكتفى بأن نسرد لهم مضمون
الحوار
( indirect speech ) .
* كذلك قد نتساءل عن تأثير
الطول الزمنى للأفلام على عدد كلمات وعدد صفحات كتاب الطفل - ذلك أن زمن عرض فيلم الأطفال يتراوح ما بين ( 50
) دقيقة وساعة وربع أو
ساعة ونصف - فهل
تأثرت قدرة الطفل على الاستمرار فى المطالعة ، وأصبحت محدودة بعدم القدرة على
الاستمرار فى القراءة زمنـًـا أطول من فترة عرض الفيلم ، مع مُراعاة اختلاف القدرة باختلاف
العمر ؟
*
مع ملاحظة أنه لابد من دراسـات ميدانيــة تــدور حــول أطفــال العالم العربــى ، ولا نكتفــى
بالاعتماد
على دراسات تتم فى أوربا أو أمريكا ، لاختلاف المناخ الثقافى المحيط بالأطفال .
** فنون تقديم الكتاب المرئى المسموع :
وقد ثار تساؤل : هل يكفى للطفل أن يرى ويسمع الكتاب ، وقد
تم نقله كما هو برسومه وكلماته على شريط فيديو أو على شاشة كمبيوتر ؟
شركات الإلكترونيات والكمبيوتر ، مع إمكانياتها
التكنولوجية الهائلة ، تشكو من أنه لا خبرة لها فى مجال النشر عمومًا ، والنشر
للأطفال على نحو خاصٍّ .
لذلك فإنها ، من خلال ندوة مُوسَّعةٍ أقيمت أثناء إحدى دورات
معرض بولونيا الدولى لكُتب الأطفال بإيطاليا ، طلبت التعاون مع دور نشر كُتب الطفل
فى مُختلف بلاد العالم ، لوضع وسائل الاتصال الرقمية الجديدة فى خدمة ثقافة
الأطفال وكُتب الطفل
.
-
فالمسألة ليست مُجرَّد تسجيل الكتاب على شريط أو أسطوانة مدمجة ( C.D ) ، بل وجدوا ضرورة استخدام
" اللغة الخاصة " لهذه الوسائل وإمكانياتها ، من حركة وموسيقى ومؤثرات
صوتية وأساليب إخراج وتمثيل وعرائس ورسوم متحركة ، وتصوير خارجى ومقابلات مع
شخصيات مشهورة أو مُحببة للأطفال
وغير هذا من وسائل ، لتقريب
المواد التى تحتوى عليها الكُتب الرقمية إلى الأطفال ، وجعلها أكثر تشويقًا وجاذبية ، فتصبح أكثر تأثيرًا على
مشاعرهم وعقولهم واتجاهاتهم وقيمهم ومعارفهم ، وذلك مثلما يفعل كاتب السيناريو
السينمائى ومخرج الفيلم عند تحويل عمل أدبى إلى فيلم .
*
ويتطلب هذا ظهور جيل جديد من الكُتـَّاب والخبراء والفنانين ، يُتقنون فنون تقديم
الكتاب المرئى والمسموع ، ويستخدمون مهارات وخبرات مُختلفة فى كثير جدًّا من
النواحى عن خبرات مؤلفى ورسامى ومخرجى كُتب الأطفال الورقية الحاليين مهما بلغت
مواهبهم وقدراتهم .
القسم
الرابع
** تأثير التفاعل الذى يقود إليه العالم
الرقمى على قصص وأدب الأطفال :
التفاعل والتواصل اللذان يقـود إليهما العالم الرقمى -
وهو تواصل بين الشباب يتم بعيدًا عن رقابة الكبار فى معظم الأحيان - قد أصبحا
يؤثران فى أسلوب حديث الشباب وكتاباتهم ، وفى أساليب تـَـعَلُّمِهم ، وفى نظرتهـم
إلـى الطريقـة التى يفهمهم بها الراشدون والأسلوب الذى يفهم به الراشدون الشباب ،
وهو ما ترك آثاره الكبيرة على " موضوعات " أدب الأطفال ، و "
أساليب معالجتها
" .
إن عددًا كبيرًا من الدارسين يؤكدون أن تواصل الأطفال والشباب
الصغير عن طريق الإنترنت والوسائل الرقمية ، قد أصبح مؤشرًا يدل على أن الأطفال
أهل لتحمل المسئولية ، يبحثون عن التواصل ، أكثر من أنهم أبرياء يحتاجون إلى
الحماية .
لقد أثر النت فى شبابنا ومستقبلنا ، وأصبح مصدرًا
أساسيًّا " لإعطاء السلطة " للشباب ، نتيجة حرية التعبير ، والتواصـل
بين مجموعـات كبيرة استمدت القوة من
تجمعها بغير قمع أو تسلط من الكبار .
وهكذا وجدنـا الراشدين الذين اعتادوا أن يقولوا عن الشباب
إنهم " أصغر كثيرًا من أن يفكروا ، وأصغر كثيرًا من أن يعرفوا " ، قد تم
إجبارهم على أن يروا وأن يعرفوا - ويحترموا - القدرات المتسعة المتزايدة للأطفال
والبالغين الصغار
( الشباب الصغير ) .
وبعد أن كان الكبار يتصورون أن الشباب فى حاجة دائمة إلى
حماية الراشدين ، أصبح الراشدون لأول
مرة على مدى التاريخ يجدون أنفسهم فى حاجة إلى الشباب .
كما أن "
المشاركة " وليس " التسلط " قد ظهرت بطرق مختلفة ، وبدأت القدرات
الإنسانية للشباب فى الانطلاق بعد أن كانت مقيدة ، كما أصبح واضحًا أن المجتمعات
التسلطية فى طريقها إلى التحول لتصبح مجتمعات ديمقراطية .
ولا شك أن هذا التغير العميق سيؤثر على نحو حاسم فى
الموضوعات الأدبية الموجهة للأطفال والشباب الصغير ، وفى رسم الشخصيات ، فى علاقات
الأجيال ببعضها ، وفيما يقوم بين أفرادها من صراع وأزمات تتركز حولهما العقدة فى
كثير من الأعمال الأدبية والفنية .
وبالتالى سيؤثر فى إقبال الأطفال والشباب على قراءة ما
يعبر عنهم ، وما يثير اهتمامهم هم ، وليس ما يثير اهتمام " الكبار " .
** اتجاهات معاصرة فى " موضوعات
" قصص الأطفال :
كما أدى هذا التفاعل والتواصل الخلاق ، إلى إثارة اهتمام الأطفال
والشباب الصغير بموضوعات جديدة معاصرة فى الأدب الموجه إليهم ، مثل الموت ، وأبناء الطلاق
، ووجود أخ فى الأسرة معاق أو متخلف عقلِيًّا ، ومرض أحد الوالدين مرضــًا طويلاً يجعل الشخص عاجزًا عن خدمة نفسه ، وفَقْد
الأب لوظيفته أو تعرضه لحملة تشهير ظالمة .. كل هذه كانت موضوعات محرمة فى أدب
الأطفال ، لكن كُـتـَّـاب الأطفال وجدوا الطرق التى يستطيعون أن يكتبوا بها للأطفال
مهما كان الموضوع حسَّاسًا أو شائكًا .
كان هذا هو أحد الموضوعات الرئيسية فى اللقاء الذى تم مع أعضاء رابطة
كُـتـَّـاب الأطفال بنيويورك خلال عام 2009 ، حول الاتجاهات الحديثة فى موضوعات
أدب الأطفال .
كما تناول اللقاء أساليب تقديم المستقبل للأطفال ، وتنمية قدراتهم على
الإبداع والتخيل والابتكار ، وتنمية أساليب التفكير العلمى والمنطقى لديهم
، ووسائل زيادة التفاعل بين الطفل والكتاب لمواجهة تحديات عصر الكمبيوتر
والإنترنت .
مع أهمية تناول موضوعات تدور حول المحافظة على البيئة ، والتسامح
وتَـقَـبُّل الآخرين ، وأهمية العمل كفريق ، واللغة غير المنطوقة
التى يعتمد عليها الأطفال فى الاتصال بالآخرين مثل ملامح الوجه وحركات الجسم ونغمات
الصوت .
*
لقد أصبح أدب الأطفال قادرًا على تناول كل ما يخطر على
البال من موضوعات ، وتكمن موهبة الكاتب فى طريقة وأسلوب هذا التناول ، بما يتناسب
مع قدرة الطفل على الفهم والاستيعاب .
القسم الخامس
** الإقبال على القصص والروايات التى
تدور فى أجواء واقعية معاصرة ، أوتتناول موضوعات اجتماعية :
لوحظ بالنسبة لإنتاج دور النشر العالمية ، إقبال متزايد من الشباب
الصغير على الروايات التى تدور فى أجواء معاصرة ، أو تتناول موضوعات اجتماعية ،
بعد موجة من الاهتمام بروايات الفانتازيا أو الخيال المنطلق التى تمثلها سلسلة
روايات " هارى بوتر ".
-
ولعل السبب فى ذلك ، هو طغيان أخبار الأحداث اليومية شديدة الإثارة والمرتبطة
بواقع الناس وحياتهم فى مختلف بقاع العالم ، على موضوعات الصحف ونشرات
الأخبار فى الإذاعة والتليفزيون ، وفى
وسائل الاتصال الحديثة التى أصبحت فى " جيب " كل شاب صغير ( من عمر 9 إلى 18 سنة ) .
-
كذلك فإن برامج تليفزيون الواقع - ومن أهم برامجه ، مثلاً ، برامج " عالم الحيوان " - قد طغت كثيرًا على برامج
الخيال أو الفانتازيا
، واجتذبت أعدادًا
غفيرة من الأطفال الشباب . بل أصبحت هناك قنوات متخصصة فى مثل
هذه البرامج ،
مثل " ناشيونال
جيوجرافيك " و " أنيمل بلانت " ( كوكب الحيوانات ) ، و "
ديسكفرى " (
الاكتشافات ) .
-
بالإضافة إلى تزايد اهتمام جماهير الناس فى مختلف المجتمعات ، وبالتالى الإعلام ،
بقضايا التنمية البشرية ، وحقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، والصحة ،
والتعليم ، والبطالة ، وأمثالها من قضايا معاصرة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياة
الناس اليومية ومطالبهم الاجتماعية .
-
يقول " برو جودوين " فى كتابه " كتب الأطفال " :
" على الرغم من أن عنصر الخيال يعد أحد جوانب أدب
الأطفال الذى ظل سائدًا خلال السبعينيات والثمانينيات ( من القرن 20 ) ، فإن
" الواقعية الاجتماعية " أصبحت هى الموضوع المهيمن على الكتابة ، فقد أصبح الكُتـَّـاب يتناولون فى
قصصهم قضايا
شخصية وأخرى عامة ، تتضمن الشئون العِرْقية والحرب والموت والإعاقة الجسدية
والثورات الداخلية والقلق النفسى المصاحب لمرحلة المراهقة وكذلك الاضطرابات
النفسية ... وذلك بشكل أكثر انفتاحًا من كُتَّاب الخيال ".
*
" لقد أصبح الكُتـَّاب يكشفون عن قضايا هامة معاصرة ، قد يعتبرها البعض أكثر
مناسبة لتكون موضوعات لقصص الكبار . إلا أن قصص الأطفال دائمًا ما كانت تعكس
سمة من سمات العصر الذى تُكتب فيه ، والأطفال - شأنهم شأن الكبار - لا يقرءون لمجرد المتعة
فقط ، بل أيضًا بغرض التعرف على سِمات مجتمعهم ، ولكى يفهموا أيضـًـا
أسلوب حياة الآخرين بشكل أفضل" .
- كما يتركز اهتمام هذه الكتب على "
رحلة الفرد الداخلية " التى يخوضها نحو فهم ذاته بشكل أفضل ، وعلاقته بما
يسود العالم من تعقيدات " .
-
" وإذا نظرنا إلى قائمة المؤلفين الذين فازوا حديثـًـا بجائزة " كارنيجى
" لأدب الأطفال ( وهى
أهم جائزة لأدب الأطفال فى إنجلترا ) ، يتبين لنا أن الاهتمام بتلك الموضوعات
الاجتماعية والمعاصرة يعد سمة من سمات الأدب المعاصر بالنسبة لصغار البالغين
والأطفال الأكبر سنًّا ، وهو نفس الحال بالنسبة للروايات الفائزة فى أمريكا "
بجائزة نيوبرى " لأدب الأطفال " .
-
تقول " فالنتينا إيفاشيفا " فى كتابها " الثورة التكنولوجية والأدب
" :
" الروايات الخيالية المعاصرة آخذة فى التناقص فى
شعبيتها وتأليفها والاستمتاع بها . إن جمهور قراء الروايات ذات
الصبغة الخيالية قد أصبحوا ينظرون إلى هذه الروايات نظرة يشوبها عدم الثقة ، وقد انتزعت مكانتها وحلَّت
محلها المؤلفات البعيدة عن الخيال Non-fictional مثل التراجم
والمذكرات والكتب التاريخية " .
" ولكى يستمتع المؤلف حاليًّا بالنجاح الأدبى على
أعلى مستوى جاد ، ينبغى أن تكون الرواية " غير
خيالية " ولو بقدر معين ، فقد أصبح على الكاتب أن يؤلف كتابًا عن موضوع معين درسه دراسة
مستوفاة ، ويضمنه تفصيلات واقعية بما
فيه الكفاية ، ومع ذلك يُنْسِى القارئ أن الكتاب ليس من نسج خيال الكاتب "
.
* وفى العالم العربى ، تغير أيضًا
موضوع الأعمال الروائية والقصصية الموجهة إلى الأطفال والشباب الصغير :
ذلك أن كامل كيلانى ، (
1897- 1959 ) الذى يمثل الجيل الأول من رواد أدب الأطفال فى مصر والعالم
العربى ، قد أصدر حوالى (150) كتابًا ، تستمد موضوعات قصصها كلها مما كان
الكيلانى يُطلق عليه " الأساطير " ، فقد قال : " ليس أروع من
الأسطورة يتمثل بها الإنسان ".
- أما
الجيل التالـى للكيلانى ، فقـد اهتـم بـأن يُعبّـر عن البيئـة المصريـة والطفـل
المصـرى المعاصـر وقضاياه ، وهى قضايا لها جانبها الإنسانى العام ، مثل تنمية الإبداع ،
والتفكير العلمى ، والاهتمام بالمستقبل ، وبحقوق الإنسان والطفل ، وقبول الآخر ،
وعدم التمييز بين الفتى والفتاة ، وتنمية الشعور بالانتماء إلى الوطن ، ودور العلم
فى حياتنا ، والمُحافظة على البيئة ، وقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة ، والطفل
العامل ، وأطفال الشوارع ، ومحو الأمية ، ودور المرأة فى التنمية ، وهى الموضوعات التى جعلها كاتب هذه
الدراسة خلفية عدد كبير مما كَتـَبَه من قصص وروايات للأطفال والشباب الصغير . ( يُراجع
ما صدر له من قصص وروايات عن دار المعارف – مصر ).
تقول د. ماريا ألبانو أستاذ الأدب العربى بالجامعات الإيطالية : "
والفضل الكبير للشارونى فى إدخال الرواية الاجتماعية فى أدب الأطفال فى العالم
العربى. والهدف هو تنمية الإحساس فى ضمائر الأفراد تجاه المشكلات الاجتماعية "
. (يُراجع كتابها " القصة
المصرية الحديثة للأطفال" ) .
- لكن هذا التحول إلى
الاهتمام بالواقع الاجتماعى ، يسير حاليًّا - فى العالم العربى - جنبًا إلى جنب مع
تقديم الحكايات الخيالية بحس معاصر .
أهم المراجع
- ديفيد كريستال : " اللغة وشبكة المعلومات العالمية " - نشر جامعة كامبردج - الطبعة الثانية
( 2006 ) - ترجمة : أحمد شفيق الخطيب - نشر المركز القومى للترجمة - مصر ( 2010 )
.
- دون تابسِكوت : " جيل الإنترنت .. كيف يغير جيل الإنترنت
عالمنا " -
طبعة أولى ( 2009 ) -
ترجمة : كلمات عربية للترجمة والنشر ( 2012 ) .
- برو
جودوين : "
كتب الأطفال - دراستها وفهمها " SAGE للنشر
لندن ( 2008 ) - ترجمة : عائشة حمدى - نشر : مجموعة
النيل العربية ( 2011 ) .
- فالنتنا إيفشيفا
: " الثورة التكنولوجية
والأدب " -
ترجمة عبد الحميد سليم - الهيئة المصرية العامة للكتاب ( 2006 ) .
- د . شاكر
عبد الحميد : "
عصر الثورة " -
سلسلة " عالم المعرفة " - المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب -
الكويت ( 2005 ) .
- د . ماريا
ألبانو : "
القصة المصرية الحديثة للأطفال " - ترجمة من الإيطالية - الهيئة المصرية العامة
للكتاب ( 2009 ) .
- كامل
كيلانى : "
مجموعة مؤلفاته للأطفال " .
- يعقوب
الشارونى : "
تنمية عادة القراءة عند الأطفال " - سلسلة " اقرأ " - دار المعارف - القاهرة مصر - طبعة 4 ( 2005
) .
- : " القراءة مع طفلك " - سلسلة " اقرأ " - دار
المعارف - القاهرة مصر - ( 2012 ) .
- : " قصص وروايات الأطفال فن وثقافة
" - سلسلة
" اقرأ " - دار المعارف - القاهرة مصر - ( 2012 ) .
- هذا
بالإضافة إلى ما أشرنا إليه من مراجع فى نص الكتاب .