الشيءُ الأسود
سريعة سليم حديد
غَمَرَ ضياءُ الصباح ِأجواءَ الغرفة ِ، حيثُ ما تزالُ غرامُ مستلقِية ًعلى فراشِها، تتأمـَّلُ شفافيـَّة َ السماءِ الفضيـَّة ِ، عَبرَ النافذة ِ المكلـَّلة ِ بالياسَمين.
أغمضَتْ عينـَيْها وهي ما تزالُ تستمتعُ برسم ِ حُلمِها الذي أضفـَتْ عليهِ جَماليـَّات ٍ شـَتـَّى.
حيث ُ استرسَلـَتْ بمتابعة ِ اللعبِِ مَعَ حِصَانِها الأبيضَ الصغير ِ.
تجْلسُ فوقَ ظهرِه ِ, تـُداعبُ أذنيه ِ، تـَمسَحُ شعرَهُ بحنان ٍ، تقومُ بحركات ٍ بهلوانية ٍ، وهي تصيحُ عندَ كلِّ وقفة ٍ: أنا بطلة ٌ.
ثم تقفِزُ في الهواءِ، فتسْتوي في جَلـْسَتِها فوقَ ظهرِه ِ، ملوِّحَة ً بـِقـَدَميْها، وهي تضمُّ عُنـُقـَهُ إلى صدرِها بحبٍّ، مَعَ كثير ٍمن القـُبـَل ِ.
فتحَتْ غرامُ عَينيْها، لقدْ تركَ الحلمُ ابتسامة ً ناعمة ً على وجهِها.
اتـَّكأتْ على السريرِ، فوقعَ نظرُها على شيءٍ أسودَ يتحرَّكُ على الأرض ِ بِبـُطءٍ.
خَفـَقَ قلبُها, شَحُبَ لونـُها.
صَاحَتْ:
- ما هذه ِالحَشَرَة ُ المخيفة ُ ..؟! سأنادي والدي ليـُخْرِجَها حَالا.ً. لو كانَ الهاتِفُ بِمُتنَاول ِ يَديَّ لاتـَّصَلـْتُ بهِ فورا ً.. لكـَّنني لا أجْرؤُ على السير ِ.
إنـِّي خائِفـَة ٌمِنـْها كثيرا ً.
شَعَرَتْ غرامُ بالضعف ِ، والخَجَل ِ، أمامَ اللحظة ِ الحرجة ِ، وهي صَاحِبَة ُ الحلم ِ البطوليِّ الرائِع ِ.
فَجْأة ً قفزَتْ عن السرير ِ مُسرعة ً. تَركضُ نحوَ الخارج ِ، ثمَّ عادَتْ وهي تـُحْضِرُ مِكـْنَسَة َ القشَّ.
اتجهَتْ بخطوات ٍ بطيئَة ٍ صوبَ الشيءِ الأسودَ. رَفـَعَتِ المكنسة َ نحوَ الأعلى. عندما دَقـَقـَتِ النظرَ فيهِ. سَقطتِ المكنسة ُ من يدِها. أشْرَقَ وجهُها بابتسامة ٍ مذهِلة ٍ. تحوَّلـَتِ الابتسامة ُ إلى ضحكة ٍ عالية ٍ. انحنَتْ. أمسكـَتِ الشيءَ الأسودَ بأصابـِعها, أطبقـَتْ عليهِ يدُها بـِقُوَّة ٍ, وهي ما تَزالُ تَضْحَكُ بصوت ٍعال ٍ.
ركضَتْ صَوبَ السرير ِ.
ارتمَتْ عليه ِ، مُرَدِّدَة ً بصوت ٍمرتفع ٍ: كم أنا ضَعيفـَة ٌ ؟ ! إنَّها ليسَتْ بِحَشَرَة ٍ.
إنـَّها قِطعَة ُصُوفٍ سَوداء ُ.
ارتفعَ صُوتـُها بالضحك ِ حتى انـْقـَلـَبَتْ على ظهرِها، بينما كانَتْ يداها وقدماها تتماوجان ِ في الهواءِ بفرح ٍ وارتياح ٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق