لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



السبت، 1 سبتمبر 2012

"أرض الزيتون " قصة للأطفال بقلم : الطيب أديب



أرض الزيتون
الطيب أديب 

على أطراف مدينة القدس الحبيبة ، كنت أعيش في بيتنا الجميل ، ورغم صغره فإنه يتسع لنا جميعا، أبي وأمي وإخوتي الخمسة ، وجدتي وجدي اللذين حباهما الله بحكمة وشجاعة مازلت أستمد منهما إيماني وقوتي ، وكلما نهض جدي مبكرا يصلي الصبح، أنهض من فوق سريري المجاور لسرير...ه أتوضأ وأصلي الصبح ، وأشاركه إفطاره فنتناول قطع الخبز والجبن وحبات الزيتون وأكواب الشاي الأخضر ، وأنطلق معه لمزرعته الجميلة كنت سعيدا وأنا ألعب بين أشجار التفاح والرمان . كان جدي شديد الحرص على غرس أشجار الزيتون والعناية بها ، فبدت مزرعته تسر نفوس المتأملين لها ، وتفيض علينا بخير وفير ، وذات مرة سألت جدي عن سر اهتمامه الزائد بأشجار الزيتون فقال لي : الزيتون يا بني شجرة مباركة ترمز للسلام ، وفوائدها لا تحصى ، فثمارها غذاء لنا ، وزيتها يمنحنا حيوية وطاقة تساعدنا على الصبر ومقاومة كثير من الأمراض ، ومنذ ذلك الحين أدركت سر اهتمام الفلاحين بأشجار الزيتون في المزارع القريبة من مزرعة جدي ، وفي يوم لن أنساه كان جدي غاضبا يزأر بصوت عال والفلاحون من خلفه ، يحملون فؤوسهم ،يتوعدون بمقاومة المغتصبين ، وما هي إلا ساعات حتى جاءت جحافل الجنود الصهاينة مسرعة كالذئاب المفترسة يقطعون أشجار الزيتون الجميلة ويجرفون الأرض الطيبة ، بينما جدي يحمل فأسه في شجاعة ، والفلاحون من خلفه يمنعون الذئاب من جريمتهم البشعة ، الذئاب يطلقون النار هنا وهناك ، اشتدت المقاومة .. أسرع جدي وثلاثة من رفاقه خلفهم فصدوا إحدى الجرافات حتى خر قائدها صريعا ، بينما الذئاب خلف جرافاتهم وجهوا فوهات بنادقهم صوب جدي ورفاقه ، وأطلقوا عليهم وابلا من من الرصاص ، سقط جدي ورفاقه كأشجار الزيتون ، التي تهاوت على الأرض ، أسرعت إلى جدي وأنا أصرخ : أيها الجبناء لماذا تقتلون جدي، وتقطعون زيتوننا ، وتجرفون أرضنا ؟ إنها أرضنا وأرض أجدادنا ، والله لن تهنأوا في بلادنا، اقتربت من جدي ، وبينما يلفظ أنفاسه الأخيرة قال لي : الزيتون ، الوطن يا خالد ، ثم نطق بالشهادتين وصعدت روحه الطاهرة إلى خالقها .. حملت فأسه العزيزة ، وأسرع الفلاحون يحملون جثمان جدي ورفاقه الشهداء إلى بلدتنا، وهناك اجتمع أبي وإخوتي وأقراني الصغار ، وأقسمنا جميعا بألا نترك عدونا يهنأ يوما بأرضنا ، وأننا سنثأر لجدي ورفاقه ، وأرضنا الغالية وأشجار الزيتون .

ليست هناك تعليقات: