نصيب كلبون
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
ثعلوب
ــــــــــــــــــــ
قرقرت بطني ، إنني جائع ، لم يعد
حليب أمي يسكت جوعي ، ثم أين حليبها ؟ وارتفع غطيط أمي ، فاقتربت منها ، كفى نوماً
، وصرختُ في أذنها : ماما .
وانتفضت أمي تصيح : آآآآ .
وحين تبينتني قالت مؤنبة : قلتُ لك ألف مرة ، لا تصرخ في أذني هكذا .
وتباكيتُ محتجاً : لكني جائع .
وتمددت ثانية ، وأغمضت عينيها ، وقالت : تعال ارضع.
فأجبتها بحدة : لقد رضعت حتى نضب الحليب ، ولم أشبع .
وقالت أمي ، دون أن تفتح عينيها : أنت مثل جدك ، لا تشبع أبداً .
وحدقتُ فيها غاضباً ، ثم اقتربت من أذنها ، وصرخت : أريد .. أرنباً .
وانتفضت أمي قائلة : كفى .
ونهضت متثائبة ، ثم مضت ، وهي تقول : من الأفضل أن أذهب ، وآتيك بالأرنب ،
وإلا لن أنام .
الأرنبة
ــــــــــــــــــــ
جاءني كلبون ، منذ الصباح ،
واستغرقت كالعادة في حديث طويل ممتع ، حتى نسينا ما حولنا ، وأفقت على أحد صغاري
يصيح : ماما ، اختفت أرنوبة .
وتلفتُ حولي فزعة ، ثم رحتُ أصغي بسرعة .. واحد .. اثنان .. ثلاثة .. أربعة
.. خمسة .. ستة .. يا إلهي ، أين أرنوبة ؟ وانتفضت أصيح كالمجنونة : أرنوبة .
نهض كلبون ، وقال : اطمئني ، لابد أنها في مكان قريب.
وقلتُ بصوت باكٍ : لقد رأيت الثعلب في الجوار يوم أمس ، وأخشى ..
وقاطعني كلبون قائلاً : لا تخشَ شيئاً ، لن يجرؤ على الاقتراب مادمت هنا .
ومسحتُ عينيّ ، وقلت : سأمضي للبحث عنها ، قبل فوات الأوان .
فقال كلبون : لندخل الصغار إلى البيت أولاً ، ثم نمضي .
وأدخلنا الصغار إلى البيت ، وأغلقنا عليهم الباب ، بعد أن أوصيناهم ، أن
يظلوا هادئين حتى نعود ، واتفقنا ، أنا وكلبون ، أن يمضي كلّ منا ، في الطريق ،
وقبل أن يمضي كلبون في طريقه ، قال لي : اطمئني ، يا عزيزتي ، سنجد أرنوبة ، والويل
للثعلب لو فكر في الاقتراب منها .
أرنوبة
ــــــــــــــــــــ
هذا ما حذرتني منه ماما ، قالت
لي مراراً ، أرنوبة لا تبتعدي عن البيت ، وإلا تهت ، وها أنا قد تهت ، وعبثاً
حاولتُ أن أهتدي إلى طريق العودة ، وتوقفت متعبة وسط الأشجار ، وصحتُ بصوت باكٍ :
ماما .
وعلى الفور ، جاءني الجواب : ها إني قادم ، يا أرنوبة .
وبدل ماما ، أقبل كائن يشبه كلبون ، وتملكني الخوف ، دون أن أعرف السبب ،
فتراجعتُ قائلة : أريد ماما .
واقترب مني ، وقال : تعالي ، يا صغيرتي ، سآخذك إلى ماما .
وتوقفتُ ، وقلت : ستؤنبني ماما ، لأني ابتعدت عن أخوتي .
والتمعت عيناه ، وقال : إخوتك !
فقلتُ : نعم ، اخوتي الستة .
وأطبق على يدي قائلاً : تعالي ، إن أمك تنتظرك .
وهنا أقبلت ماما مسرعة ، وما إن رأتني مع شبيه كلبون ، حتى توقفت جاحظة
العينين ، وقالت : الثعلب !
وتطلعتُ إليه مرتعبة ، إنه الثعلب إذن ، وصاحت ماما : أرنوبة ، تعالي .
وابتسم الثعلب قائلاً : تعالي أنتِ .
وصاحت به ماما ، دون أن تتحرك من مكانها : دع صغيرتي ، دعها .
وضحك الثعلب ، وقال : إنهم سبعة ، وأنت الثامنة ، سأعطي صغيري ثعلوب ثلاثة
، هذا نصيبه ، وسيكون نصيبي ..
وخرس الثعلب حين ارتفع صوت أعرفه جيداً : لقد نسيتَ نصيبي .
وتأتأ الثعلب جاحظ العينين : كلبون !
وكشر كلبون عن أنيابه ، وقال : أنت نصيبي .
وعلى الفور ، ترك الثعلب يدي ، وأطلق سيقانه للريح ، واختفى في لمح البصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق