العسل المر
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
طارد الثعلب سنجاباً ، كاد أن
يمسك به ، لو لم يتسلق إحدى الأشجار ، ويعتصم بغصن قريب من أغصانها ، وتوقف الثعلب
لاهثاً تحت الشجرة ، وقال أرجو أن لا تظن إني جاد في مطاردتك .
وردّ السنجاب ساخراً : كلا ، أنت تمزح فقط .
وقال الثعلب : نحن متشابهان في كل شيء ، ولا عجب ، فجدنا واحد .
وخطفت نحلة من أمام السنجاب ، واختفت في خلية بين الأغصان ، والتمعت فكرة
في ذهنه ، فالتفت إلى الثعلب ، وقال : تعال ، لدي ما يسرك .
فردّ الثعلب قائلاً : لا أستطيع الصعود ، انزل أنت .
وقال السنجاب : لا تنسَ إن جدنا واحد ، هيا يا ابن العم ، تعال .
وتطلع الثعلب إلى الشجرة ، وقال مستجمعاً قواه : حسن ، سأحاول .
وبكل ما يملك من قوة قفز عالياً ، وتشبث بطرف الغصن ، وقبل أن يثبت فوقه ،
قفز السنجاب من أمام الخلية ، ووقف على غصن قريب ، وأشار للثعلب قائلاً : تعال ،
تعال يا ابن العم .
واتجه الثعلب نحوه ، وهو يتأرجح فوق الغصن ، وقال : انتظرني ، يا عزيزي ،
انتظرني .
وهنا خرجت الحارسات من الخلية ، وأحطن بالثعلب ، وصاحت به إحداهن : ماذا
تفعل هنا ؟
وأشار الثعلب إلى السنجاب ، وردّ مرتعباً : اسألوا ابن العم ؟
والتفتت الحارسات إلى السنجاب ، فانتهز الثعلب الفرصة ، وقفز عن الغصن ، وأطلق
سيقانه للريح ، لكن الحارسات لم يتركنه ، وانطلقن في إثره كالسهام ، وأشبعنه لسعاً
، حتى كاد يغمى عليه .
وحين تركنه ، وعدن إلى الخلية ، لمس عينه المتورمة ، وصاح من بين أسنانه :
أيتها اللعينات ، ستدفعن الثمن غالياً .
ورجّت سمعه قهقهة الدبة ، فتوقف قائلاً : هي ، هي من سينتقم لي ، و ..
لكنه ما لبث أن تابع السير ، وقال : كلا ، إنها شرهة ، ستأخذ العسل كله .
ومن بين الأشجار ، أقبل دبدوب يتهادى ، فالتمعت عينا الثعلب ، وقال : هو ،
نعم هو .
واقترب من دبدوب ، وهمّ أن يكلمه ، وانفجر دبدوب ضاحكاً ، حين وقع نظره على
عينه المتورمة ، وكظم الثعلب غيظه ، وهمس له : أتريد عسلاً ؟
وكفّ دبدوب عن الضحك متسائلاً :ماذا ! عسل ؟
وأشار له الثعلب قائلاً : اتبعني .
ورأت الدبة صغيرها يتبع الثعلب ، فهتفت به : دبدوب ، حذار من الثعلب .
فردّ دبدوب ، دون أن يتوقف : اطمئني ، يا ماما ، إنني ابنك دبدوب .
وسار الثعلب بدبدوب ، حتى انتهى به إلى الشجرة ، فالتفت إليه ، وقال :
العسل مناصفة .
فرد دبدوب قائلاً : هذا حق .
وتوقف الثعلب ، وأشار إلى أحد الأغصان ، وقال : تلك هي الخلية .
وهمً دبدوب أن يتسلق الشجرة ، فاستوقفه الثعلب قائلاً : حطم الخلية ، واقتل
كلّ من فيها .
وابتسم دبدوب متخابثاً ، وقال : لكنك لا تريد غير العسل .
فصاح الثعلب مغتاظاً : لابد أن يدفعن الثمن ، دمرهن .
وكتم دبدوب ضحكته قائلاً : حسن .
وتسلق دبدوب الشجرة ، وما كاد يقترب من الخلية ، حتى واجهه سدّ من الحارسات
، فألقى بنفسه نحو الأرض ، وأطلق سيقانه للريح ، وتناهى إليه صراخ الثعلب ، يتردد
في جميع أرجاء الغابة ، وارتفع وقع أقدام متخبطة ، وتوقف لاهثاً ، واتكأ مطرقاً
بجذع إحدى الأشجار ، فرفع رأسه ، وانفجر ضاحكاً ها ها ها ها .. وكيف لا يضحك ، وهو
يرى الثعلب يتخبط في مشيته ، وقد تورمت عينه الثانية أيضاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق