بيض التمساح
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن
الثعلب
ـــــــــــــــــــ
تسللتُ إلى الشاطىء ، مرة أخرى ،
وتواريت خلف إحى الأشجار ، ويا لحظي التعس ، إنني أتسلل إلى هنا مرات كلّ يوم ،
دون أن أحظى بشيء ، ويبدو أنني لن أحظى بأي شيء ، مادامت الأفعى اللعينة ، ترابط
هكذا في مكانها .
وأطليتُ من وراء الشجرة ، ورأيت أنثى التمساح بعيدة عن مكان بيضها ، تبحث
وسط النهر عما تأكله ، آه الأيام تمضي ، وستفقس هذا البيض ، إن لم أصل إليه ،
بأسرع وقت ممكن .
وهممتُ أن أغادر الشجرة ، وأتسلل إلى مكان بيض أنثى التمساح ، وإذا الأفعى
اللعينة ترفع رأسها الضخم كالعادة ، وعيناها المتقادحتان تدوران في جميع الاتجاهات
، وعلى الفور ، تواريتُ ثانية خلف الشجرة ، آه ، لا خيار ، لابد من قتل هذه الأفعى
وإلا فات الأوان .
قاتل الأفاعي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خرجتُ مبكراً على عادتي ، وتجولت
في الأحراش ، باحثاً عن طعامي المفضل ، الأفاعي ، حتى اصطدتُ أفعى صغيرة ، وعدتُ
بها إلى عشي ، وقطعتها بمنقاري القوي إلى قطع صغيرة ، ورحت أطعم منها صغاري ، وإذا
الثعلب العجوز يحييني مرحباً ، يا صديقي .
صديقي ! يا للعجب ، لابد أن له حاجة عندي ، فأجبته دون أن ألتفت إليه :
خيراً أيها الثعلب العجوز .
وصدق طني ، فقد قال لي بلهجة معسولة : جئت أدلك على أفعى ، تكفيك أنت
وصغارك ، أياماً عديدة .
ونظرتُ إليه ، وقلت : أعرفها ، وأعرف مكانها ، إنها ضخمة ، شرسة ، وطائر
مثلي لا يستطيع أن يقتلها .
وأضفت بلهجة ذات مغزى : اذهب ، يا صديقي ، إلى النمس .
ورمقني الثعلب العجوز مغتاظاً ، ثم مضى مبتعداً ، أنا أعرف أنه لن يذهب إلى
النمس ، فالنمس سيأكل الأفعى ، لكنه سيأكل معها ، ما يريه الثعلب العجوز نفسه .
النمس
ـــــــــــــــــــ
جلستُ وحيداً تحت الشجرة ، أستحم بأشعة الشمس ، وكاد النوم يغلبني ، لو لم
أرَ الثعلب العجوز مقبلاً نحوي ،فهتفتُ به مرحباً بلهجة ساخرة : أهلاً بصديقي
العزيز ، أهلاً ، أهلاً .
وتوقف على مقربة مني ، ينظر إليّ متردداً ، ثم سمعته يقول بصوت خافت : عليّ
وعلى عدوتي .
فقلتُ مبتسماً : أراك تحدث نفسك ، يا صديقي ، ما الأمر ؟
وردّ بحرج : لا .. لا شيء .
ثم مال عليّ ، وقال : جئتُ أدلك على وجبة ، تستحق أسنانك الحادة .
قلتُ مبتسماً : الأفعى .
ونظر إليّ مذهولاً ، فتابعت : لقد دلني عليها قاتل الأفاعي ، وهي ترقد الآن
في بطني .
وعلى الفور ، انتفض الثعلب العجوز فرحاً ، وانطلق نحو الشاطىء ، فصحتُ به :
لا تتعجل ، يا صديقي ، لقد فقس بيض أنثى التمساح .
وتوقف الثعلب العجوز ، وقد تهدلت كتفاه ، ثم مضى ، دون أن ينطق بكلمة واحدة
، وتوغل على غير هدى ، في أعماق الغابة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق