أرنوب
وثعلوب
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
ثعلوب
ــــــــــــــــــــ
رقدتُ قرب ماما ، وحضنتها
بذراعيّ ، وقلتُ : ماما ، أيقظيني غداً مع الفجر .
وردت ماما قائلة ، وهي تئن : لا يا صغيري ، إن الجو شديد البرودة .
وقلتُ محتجاً : لكنك مريضة ، يا ماما ، ولم تأكلي شيئاً منذ يومين .
وضمتني ماما إلى صدرها ، وقالت : لا عليك ، يا صغيري ، سأحصل على ما نقتات
به ، إذا تحسنت صحتي غداً .
أرنوب
ـــــــــــــــــــــ
أفقت على أنين ، في منتصف الليل
، لا ، هذه ليست الريح بل ماما ، إنها مريضة ، ومن يدري ، لعلها تئن أيضاً من
الجوع ، فهي لم تأكل شيئاً منذ يومين .
وزحفت إليها في العتمة ، وقلت : ماما ، سأخرج غداً مبكراً ، وآتيك ببعض
الطعام .
ومدت ماما يديها ، وضمتني إلى صدرها ، وقالت : لن أدعك تخرج ، يا صغيري ،
إن الحقل تغطيه الثلوج .
ثعلوب
ـــــــــــــــــــ
فتحتُ عينيً ، كأن أحداً أيقظني
، وتطلعتُ إلى ماما ، إنها مازالت تغط في النوم ، من الأفضل أن أمضي الآن ،
وانسللت بهدوء من بين ذراعيها ، وتسللت إلى الخارج ، مسرعاً إلى الحقل .
يقول جدي ، إن الثعلب المبكر يحظى بالأرنب ، لفحتني الريح ، ونفذ البرد
القارص إلى أعماقي ، آه يا جدي ، أي أرنب أحمق ، يخرج في مثل هذا البرد والظلام
لأحظى أنا به ؟
أرنوب
ـــــــــــــــــــ
استيقظتُ قبل الفجر ، من أيقظني
؟ عجباً ، كأن يداً هزتني ، ماما مازالت نائمة ، إنها تئن محمومة ، جائعة ، فهي لم
تأكل منذ يومين .
انسللتُ بهدوء ، من بين ذراعيها ، وتسللتُ إلى الخارج ، لابد أن أحصل اليوم
على جزرة ، أو ورقة ملفوف ، أو أي شيء يؤكل ، فإن ماما قد .. ، يا إلهي ، الظلام
لم يرحل بعد ، والثلج يكاد يغطي كلّ شيء ، لا خيار فلأسرع إلى الحقل ، لابد من
الطعام وإلا ..
ثعلوب
ــــــــــــــ
أسرعتُ كالبرق متوارياً وراء أقرب شجرة ، وقلبي يتراقص في صدري ، أبشري يا
ماما ، سيقتل هذا الأرنب جوعي وجوعكِ ، صحيح إنه صغير وهزيل .. لكنه .. أ أ أرنب ،
آه حقاً يا جدي ، إن الثعلب المبكر يحظى بالأرنب ، وها هو الأرنب قادم ، فلأستعد
..
أرنوب
ــــــــــــــــــــ
تسمرتُ في مكاني ، وقلبي ينتفض ، لقد سمعتُ صوتاً ، نعم سمعته آتٍ من مكان
قريب ، أهو الثعلب ؟ يا لجبني ، أي ثعلب أحمق يخرج في مثل هذا الجو والظلام ؟
هيا ، الوقت يمرّ ، إن الجزر والملفوف واللفت ، تحت هذا الثلج ، ولابد من
العمل للحصول عليه .
وبكل ما أملك من قوة ، رحت أنبش الثلج ، حتى كادت يداي تتجمدان .
ثعلوب
ـــــــــــــــــــــــ
توقف أرنوب عن نبش الثلج ، يبدو
أنه لم يصل إلى ما يريد ، لا عليك ، يا أرنوبي ، تعال واعطني ما أريد ، سأخلصك من
البرد والجوع ، و .. وكتمتُ أنفاسي ، ها هو أرنوب يتجه بأقدامه نحوي ، إنه يحدث
نفسه ، فلأصغ ِ إليه ، يا إلهي ، إن أمه مريضة مثل أمي ، وهي مثل أمي تنتظر جائعة
في البيت ، ما العمل ؟
ومرّ أرنوب بي ، دون أن يشعر بوجودي ، وراح يبتعد ، حتى كاد يختفي ، وأنا
لم أصل إلى قرار بعد .
أرنوب
ـــــــــــــــــــــ
ستبقى ماما جائعة ، وقد لا تشفى
من مرضها ، ولاح بيتنا من بعيد ، يلفه ضباب الفجر ، مسكينة ماما ، إنها .. ،
وتوقفت وقلبي يخفق بعنف ، لا يمكن ، هذا وهم لا أكثر ، إن ما خطف كالبرق أمام
بيتنا ليس ثعلباً صغيراً ، نعم ، هذا وهم .
وحثثتُ الخطى ، لا يمكن أن يخرج ثعلب ، ثعلب صغير ، في مثب هذا البرد ، و
.. وتوقفت ثانية ، وتسمرت عيناي فوق حزمة من الجزر .
هذا ليس وهماً ، إنه جزر ، جزر حقيقي ، وتلفتُ حولي ، ترى من أتى بهذا
الجزر ؟ من يدري ، مهما يكن ، فإن ماما ستشبع اليوم .
ومددتُ يديّ ، واحتضنتُ حزمة الجزر ، وانطلقت فرحاً إلى ماما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق