" يارا " الصغيرة
عماد عبد الحكيم هلال
فى المخيم على حدود الوطن ، وأمام الخيام التى أُقيمت ليعيشوا فيها ، بعد أن هاجروا من قريتهم ، بسبب شدة هول الحرب والقتال الدائر فى كل مكان هناك ، لدرجة أن شوارع القرية قد سُدت بالجثث ، و منازلهم تهدمت ، بسبب هؤلاء الارهابيين ، الذين دخلوا الى وطنهم وقراهم التى لعبوا فى شوارعها أمنين ، وتعلموا فى مدارسها فى أمان ، فكانوا هؤلاء الارهابيين مثل الكابوس الذى حط عليهم فى غفلة من الزمن .
كانت ،"يارا" ذات الخمس سنوات ، تجلس فى داخل الخيمة ، صامتة تتذكر أنها من عدة أشهر مضت ، كانت تنام على سريرها الصغير الجميل ، وتصحوا فى الصباح ، تفتح الشباك لترى طائرها الأخضر الجميل ، يغنى لها من على فرع شجرة البرتقال ،وهى تبادله الحب والغناء . انتبهت ،، يارا ،، على صوت صديقاتها الجدد بالمخيم " عاليا " "وهنا " تنادى عليها من خارج الخيمة ، يطلبانها للعب معهن .
يارا .. يارا .. تعالى لنلعب معاً .
لعبوا معا الثلاثة أمام الخيمة لعبة الاستغماية ، أغمضت يارا عينيها ووجهها الى جانب الخيمة ، واختفت الصديقتان " هنا ، وعاليا" .
استدارت يارا وفتحت عيناها ، لتبحث عن صديقاتها ، حسب قواعد اللعبة ، الا أنها فوجئت برجل يلبس سترة زرقاء ، ويحمل شئ على كتفه ، هنا رفعت "يارا " يداها الصغيرة الى أعلا مستسلمة ، صارخة فى وجوههم "انا سلمت نفسى ، لا تطلقوا على النار " ظنت "يارا " أن الرجل يحمل على كتفه بندقية ، لكثرة مشاهدتهم هناك فى قريتها ،حيث تعودت رفع يدها الى أعلا رأسها مستسلمة ، أمام كل من كانت تراهم هناك فى قريتها التى دمرتها الحرب .
اقترب الرجل من "يارا " الصغيرة بسترته الزرقاء يبتسم لها ، وينزل كاميرته من على كتفه ، ليحتضن ،، يارا " ويأخذ يدها الصغيرة ليضعها على الكاميرا ، لتطمئن انها ليست بندقية .
لكن الكاميرا كانت قد صورت وجه " يارا " الخائف ، ويداها الاثنتين على رأسها ، وعندما عُرضت الصورة على شاشات التلفزيون ، ووسائل الاتصال ، والمواقع الإخبارية ، كانت الأعلى مشاهدة ، وفازت بأجمل صورة فى العام ، معبرة عن مأساة " يارا " من الحرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق