الوردة
خالد جمعة
في المخيم، وفي بيتٍ صغيرٍ به غرفتان يسكن سعيد وأسرته، سعيد يحب الأشجار والورود، لكن هذا الأمر بدل أن يفرحه كان يسبب له الحزن الدائم، لأنه كان يتمنى أن تكون عنده قطعة أرض ولو صغيرة لكي يزرع فيها الورود والأشجار.
وعندما كان أحد أصدقائه يدعوه ليدرس معه في الخلاء، كان سعيد يشعر بالسعادة الغامرة وهو يمشي بين أشجار البرتقال والزيتون وكذلك الأزهار البرية الحمراء والصفراء، وأيضاً يطارد الفراشات بألوانها الجميلة، ولكن المشكلة أنه عندما يعود إلى منزله يشعر بالحزن مرة أخرى لأنه فارق الأشجار الخضراء والزهور التي يحبها.
وفي يومٍِ من الأيام طلبت منه أمه أن يرمي القمامة في الحاوية التي في الشارع، وفجأة شاهد سعيد من بين القمامة علبة سمن فارغة ذات حواف مسننة، فخطرت له فكرة جميلة.
أخذ سعيد علبة السمن وأحضر شاكوش والده وأخذ يدق على حافة العلبة المسننة حتى صارت ناعمة ولم تعد تجرح من يمسكها، وضع سعيد العلبة في الغرفة وخرج إلى بيت صديقه الذي كان يدرس معه، وعندما وصل كان صديقه يساعد والده في سقاية الأشجار، شعر سعيد بالسرور عندما شاهد الماء والزرع، رحب به والد صديقه ودعاه للجلوس تحت ظل شجرة، وسأله سعيد:
هل يمكن يا عمي أن أزرع شجرةً في علبة سمنٍ فارغة؟
فضحك الرجل وقال:
ممكن طبعاً يا سعيد ولكن يلزمك شجرة من النوع الصغير لأن الشجرة كلما كبرت تحتاج إلى مساحة أوسع.
وقام الوالد وأخذ شجرةً صغيرة من ورد الجوري ومثلها من الياسمين، وأحضر كيساً من البلاستيك وملأه بالطين وطلب من ابنه أن يوصل سعيد إلى منزله على دراجته بعد أن شرح لسعيد طريقة زراعة الشجرتين.
كاد سعيد يطير من الفرح، وأول ما وصل المنزل أخذ يبحث عن علبته وعن علبةٍ أخرى ووضع فيهما الطين والشجرتين تماماً كما قال له والد صديقه.
وحكى سعيد لأصدقائه في المدرسة عن عمله فضحكوا منه، وقالوا له أن علب السمن لا تنبت أزهاراً، لكن كلامهم لم يمنع سعيد من الاستمرار في سقاية أشجاره حسب وصفة والد صديقه.
وعندما كان سعيد يجلس إلى جوار علبته وهو مبتهج وقد ظهرت أول وردة في مزرعته الصغيرة، كان أصدقاؤه الذين ضحكوا عليه يبحثون في القمامة عن علبٍ فارغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق