الساحر
طلال حسن
تباهى الثعلب ، لفترة طويلة ،
بأنه يملك تأثيراً سحرياً على الأسد ، جعله رفيقه الدائم ، وظله الذي لا يفارقه
أبداً ، وفجأة انقلب السحر على الساحر ، وغدا الثعلب يفرّ مرعوباً ، كلما سمع
الأسد يزأر .
ومن يدري ، لعل الخطأ خطأ الثعلب ، فقد عطس الأسد مرة على مسمع منه ، فأسرّ
للوقواق : مسكين رفيقي الأسد ، يبدو أنه مريض .
ولأن الوقواق يحب الوقوقة بأخبار الشؤم ، فقد اختلى بالبومة ، في أول الليل
، وهمس لها : الأسد مريض ، ويقال أنه موشك على الموت .
وفتحت البومة عينيها المستديرتين على سعتهما ، وقبل أن تتفوه بشيء ، تابع
الوقواق قائلاً : هذا ما قاله الثعلب.
وعند منتصف الليل ، التقت البومة بالخفاش ، وهمست له : مات .. الأسد .
وفغر الخفاش فاه ، وقبل أن يتفوه بشيء ، تابعت البومة قائلة : هذا ما قاله
.. الثعلب .
ومثلما تنتشر النار في الهشيم ، انتشر الخبر في الغابة ، حتى بلغ الأسد
نفسه ، فخرج من العرين ، وزأر بأعلى صوته ، وصاح بمن حوله : قولوا للثعلب اللعين ،
لن يفلت من يدي .
وهكذا انقلب السحر على الساحر ، وغدا الثعلب يفرّ مرعوباً ، كلما سمع الأسد
يزأر .. حتى ولو في المنام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق