هل يمكن أن تشرق الشمس بالليل ويظهر القمر فى الصباح؟ بالطبع
لا، هل يمكن أن نشعر بالبرد فى الصيف، ويصبح الجو شديد الحرارة فى الشتاء؟
بالطبع لا.
هل يمكن أن يكون الأسد رمز القوة والشجاعة جباناً يخاف من كل
الأشياء؟ للأسف نعم، فهذه كانت صفات أسامة الشبل الصغير، كانت كل حيوانات
الغابة تبحث عن الطعام والأمان وكان أسامة يبحث عن شىء آخر فى كل مكان، كان
يبحث عن الشجاعة التى يسمع عنها، ولكنه أبداً لم يشعر بها، كان يريد أن
يصبح شجاعاً مثل والده الأسد ملك الغابة الذى دافع عن غابته بكل شجاعة فى
الحرب بينها وبين الغابة المجاورة ودفع حياته ثمناً لشجاعته.
يقول له النمر صديقه: تعالَ معنا يا أسامة عند شاطئ النهر نصطاد، يرفض أسامة ويقول: لا أنا أخاف من التمساح.
يقول له الدب: تعال معنا إلى الحديقة لنشاهد مباراة كرة القدم، يرفض أسامة ويقول: أخاف أن يلسعنى النحل.
تطلب منه والدته أن يذهب معها لزيارة جدته المريضة، يرد أسامة: آسف
يا أمى لن أستطيع، أنا أخاف من الظلام ومن البومة والخفاش، تقول والدته فى
حزن: أنت تخاف من كل شىء متى ستكون شجاعاً يا أسامة؟
قرر أسامة أن يبحث عن الشجاعة فى كل مكان بالغابة.
كان القرد الشقى يجلس فوق شجرة كبيرة يأكل ثمار جوز الهند ويلقى بها
على الأرض، وقعت الثمرة على رأس أسامة فتألم ووقع، ضحك القرد، بكى أسامة
من شدة الألم وقال للقرد: لماذا لا تلقى ثمرة جوز الهند فى سلة المهملات
بدلاً من أن تلقيها على الأرض وتؤذى الآخرين؟
رد القرد فى ثقة: لأننى شجاع لا أخاف من أحد، لست مثلك جباناً.
سار أسامة فى الغابة وهو يفكر فى كلام القرد وقال: هذه ليست شجاعة
إنها حماقة، ثم سمع ضوضاء مزعجة، كانت الضفدعة والغراب يتنافسان فى الغناء،
سألهما أسامة: ألا تخافان أن يزعج صوتكما بقية الحيوانات؟ رد الغراب: نحن
لا نخاف، هيا اسمع واحكم من منا أعلى صوتاً فى الغناء، قالت الضفدعة:
الشجاعة هى أن تفعل ما تريد.
قال أسامة: ليست الشجاعة هى أن أفعل ما أريد دون أن أفكر فى
الآخرين، هذه أنانية، يبدو أن الشجاعة شىء مستحيل، بحثت كثيراً عنها ولم
أجدها ثم نظر للسماء وقال: لا بد أن أعود الآن قبل أن تغرب الشمس ويأتى
الظلام، غداً عيد الأم ولابد أن أفكر فى هدية جميلة أقدمها لوالدتى
الحبيبة.
وصل أسامة للمنزل ووجد والدته مريضة وحرارتها مرتفعة قال لها: هيا
يا أمى لنذهب للطبيب قالت والدته وهى تتألم: لا أستطيع لننتظر للصباح ربما
أتحسن وأذهب للطبيب. قال أسامة: لن أستطيع الانتظار سأذهب أنا للطبيب ليصف
لك الدواء.
كان الطريق لبيت الجمل الطبيب بعيداً ولابد أن يمر بجانب النهر، فى
البداية تردد.. لكن حبه لأمه وخوفه عليها كانا أقوى من خوفه من النهر
والظلام.
سمع صوت البومة وشاهد الخفاش ولكن صوت أمه المريضة وهى تتألم كان
يدفعه للسير بسرعة دون توقف.. وأخيراً وصل لبيت الجمل الطبيب الذى اندهش
وسأله: هل أنت مريض يا أسامة وأين والدتك؟
رد أسامة: والدتى مريضة من فضلك تعال معى لتصف لها الدواء.
وفى الطريق قال أسامة للجمل: أنا آسف إذا كنت قد أزعجتك، رد الجمل الطبيب: أنا سعيد بشجاعتك يا أسامة.
قفز أسامة قائلاً بفرحة: شجاعتى التى بحثت عنها كثيراً ولم أجدها؟
رد الجمل: أنت اليوم وجدتها يا أسامة، تغلبت على شعورك بالخوف ومشيت فى
الظلام، قال أسامة: لا أحب كلمة الخوف.
قال الجمل: الخوف كان سبباً فى شجاعتك، خوفك على والدتك جعلك تفعل
كل ما كنت تخاف منه، قال أسامة باندهاش: الخوف دائماً عكس الشجاعة، قال
الجمل: الخوف شعور طبيعى عند كل الكائنات، الخوف ليس دائماً شعوراً سلبياً،
خوفك على كل من تحب من أهلك وأصدقائك هو شعور جميل، خوفك من الفشل يزيد من
إصرارك على النجاح، هذا هو الخوف الطبيعى الذى شعرت به اليوم يا أسامة.
وصل أسامة عند والدته ومعه الطبيب الجمل الذى وصف لها الدواء ولكنها
قالت له: أشكرك لقد شفيت الآن، قال الجمل ضاحكاً: شجاعة أسامة جعلتك تنسى
كل الآلام، قَبّل أسامة رأس والدته قائلاً لها فى حنان: اليوم عيد الأم كل
سنة وأنتِ طيبة يا أمى، كنت أفكر فى الهدية التى أقدمها لك، ردت والدته فى
سعادة: شجاعتك هى أجمل هدية تمنيتها يا أسامة، الآن تستحق أن تصبح ملك
الغابة مثل والدك.
قال أسامة: لا أريد أن أصبح الملك الذى تخافه كل الحيوانات، قالت
والدته: ستكون ملكاً عادلاً تحبه جميع الحيوانات وتخاف عليه من أى خطر
يؤذيه.. لا تخاف منه وتؤذيه.
هناك تعليقان (2):
جبدة أستاذة سماح، موفقة بإذن الله.
مع تحياتي، الكاتب :عيد صلاح
جبدة أستاذة سماح، موفقة بإذن الله.
مع تحياتي، الكاتب :عيد صلاح
إرسال تعليق