لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الجمعة، 29 يوليو 2016

"البحْرُ يضحَكُ مِنَ الأعْمَاقِ " قصة للأطفال بقلم: مالك الشويّخ

 البحْرُ يضحَكُ مِنَ الأعْمَاقِ


تأليف: مالك الشويّخ
 صفاقس / الجمهورية التونسية.
رسوم: إشراق عنودة
ـ 1 ـ
    هَرْوَلَ طارقٌ نحْوَ أصحابِهِ وهو يصيحُ بأعْلَى صوتِهِ:
" لقد سرقُوا البحْرَ... لقد سرقُوا البحرَ... "
    هَرَعَ الأطفالُ مُسْرعينَ نحْو طارق، وتساءلوا في حيْرَةٍ: " متـى ؟ "
" أين أخْفَوْا البحرَ ؟ "
" لماذا سَرَقُوا البحرَ ؟ "
" متـى وقَعَ ذلك ؟ "
"مَنْ فعلََََ ذلك ؟ ".
    قال طارقٌ بإصرارٍ:
 " لنْ نَسْمَحَ لهم بذلك."
    وصلَ الأطفالُ إلى الشاطئ لاهثين، وقفُوا مشْدُوهِين. رأوا المكانَ خرابًا يبابًا... أكْداسٌ من الحجارةِ وإسْفَلْتِ الشَّوارِعِ وأكْوَامٌ مِنْ بَقَايَا البِنَاءِ وأنابيبُ صدئةٌ وبقايا حديدٍ وآلاتٌ غيرُ صالحَةٍ للاستعمالِ. أزْكَمَتْهُمْ رائحةٌ خانِقَةٌ منْ سُحُبٍ سوداءَ مسمومةٍ تنْفُثُها مداخِنُ كريهةٌ مِنْ بعيدٍ.
    " منْ سَرَقَ البحْرَ ؟ "
    خرجَ من خِرْبَةٍ هناك رَجُلٌ أشْعَثُ أغْبَرُ يلْبَسُ أسْمالاً باليةً.
   قال أحمدُُ :  " لِنسْألْهُ.. "
ـ دعْكَ منهُ.
    نظرَ إليهم ببلاهَةٍ وضَحِكَ ضحكةً مَعْتُوهةً.
ـ أين البحرُ ؟
ـ ها .. ها .. ها .. ذهب إلى إيطاليا  ها .. ها .. ها..
    بعضُ الطيورِ السَّوْدَاءِ تُحَلِّقُ عَالِيًا، ثُمَّ تَحُطُّ على أَكْدَاسٍٍ ِمنَ الْفَضَلاتِ بَاحِثَةً بمَناقِيرِهَا الْخَشِنَةِ عن ديدانٍ وَسَطَ الْعَفَنِ والروائحِ العَطِنَةِ.
ـ إنّها رائِحَةُ جيفَةٍ.
ـ لِنذْهَبْ من هنا.
    قال طارق:
ـ لنْ نذْهَبَ ... البحْرُ يُنادينا، البحْرُ يستغيثُ... لن نتخلَّى عنهُ.
    سَمِعوا صوتًا هادِرًا .
ـ إنّهُ هديرُ ألأمواجِ
ـ البحرُ قريبٌ.
ـ 2 ـ
    عادَ الأطفالُ في الغَدِ، كانَ الحُزْنُ يُخيِّمُ علَى وُجُوههم الصَّغيرَِةِ.
    ـ لِنَحْفِرْ حُفْرَةً عَميقَةً.
    حَفَرُوا بأيديهم النّاعمةِ، اتّّّخذوا أخشابًا فؤوسًا. هذه قواريرُ مُهَشَّمةٌ وعُلَبٌ فارٍغَةٌ وأخْشابٌ. أصابَ ُزُجاجٌ يَدَ سالم فبكى مِنَ الألَمِ بِحُرْقَةٍ.
    جاءتْ رانيةُُُ ومعها أخوها الصّغيرُ، وقالتْ:
ـ ماذا وجَدْتُمْ ؟
ـ لا شيْءَ غيْرَ القُمامَةِ.
ـ لقد سألتُ جدّي عن الْبحْرِِ.
    نظرُوا إليها جميعًا بِفُضُولٍ وانتباهٍ.
ـ ضحِكَ جدّي وقالَ لي: قلتُ لهم مرارًا وتكرارًا إنّهم سيحوّلون البحَْرَ فلَمْ يُصَدِّقُوني...
    سألُوها بصوْتٍ وَاحِدٍ:
ـ هلْ يَعْرِفُ منْ سَرَقَ البَحْرَ ؟ أتَمَّتْ كلامَها:
ـ كانتْ الشواطِئُ نظيفَةً هادِئَةً مُزْدَحِمَةً بالعائِلاتِ تأتيها للاصْطِيافِ والسّباحَةِ... كانتْ الْمِياهُ نظيفَةً وعَميقَةً... وتدْفَعُ الأمْواجُ الضَّريعَ وتُلْقي به أكداسًا مع صناديقِ البَحْرِ الفارِغَة ...


عِيلَ صبْرُ الأطفَالِ، ونَهرُوا رانيَةَ:
ـ هلْ يَعْرِفُ منْ سَرَقَ البَحْرَ ؟
    تجَاهَلَتْ سُؤالَهُم وواصلَتْ:
ـ ... كانَتْ النَّوارِسُ تُحَلِّقُ بأجْنِحَتِها الْعَريضَةِ البيْضاءِ وهْي تَصيحُ وتقول: أحبّك أيّها البحرُ ...
وكانتْ الأسْماكُ تسْبَحُ في زرافاتٍ بيْضاءَ كالّلُجَيْنِ
وهي تُردِّدُ: أحبّكَ أيُّها البحْرُ... قوارْبُ الصيّادين تمْخُُرُ المياهَ نحْوَ الأعْماقِ لِتَعُودَ مُحَمَّلَةً بالأسْماكِ، ويقولُ الصيّادُون : اللَُّهُمَ أدِمْ عَلَيْنا هذه النِّعْمَةَ...
    قالَ طارق:
ـ كفَى رانية... كفى، هذا نعرفُهُ جيّدًا...
   قالَ قيْس:
ـ الشّّمسُ مُشرِقَةٌ والطّيورُ تُزَقْزِقُ...
    وَسَمِعُوا مُجَدَّدًا هَدِيرًا.
ـ الْبَحْرُ يَسْتَغِيثُ ويطْلُبُ النّجْدَةَ.

ـ 3 ـ
    أرْهَفُوا السَّمْعَ، قاَلَ حافظ:
" هذا الْهَديرُ لَيْسَ صَوْتَ الأمْواجِ. "
ـ نعم... إنّها شاحِناتٌ قادمةٌ وَصَلَتْ إلى الشاطئِ.
ـ شاحنات ؟
    اقْتَرَبَتْ ثلاثُ شاحِناتٍ عملاقَةٍ، ووَصلتْ إلى الشاطئِ. كانتْ مُحَمَّلَةً بِبََقَايا بِناءٍ.
    قَالتْ رانيةُ:
ـ إنَّهُم سَيَبْنُونَ جَبلاً شاهِقًا لِنرَى البَحَْرَ.
    وأطْلَقَتْ ضحْكةً سُرْعانَ ما كتمتْها عندما رأتْ
تكشيرَةَ الأطفالِ.
    قَالَ طارق :
ـ اِتْبَعُوني... عليْنا أنْ نمْنَعَها من إنزالِ حُمولَتِها.
    قامُوا جميعًا ثمّ تراجَعُوا عندما نزلَ من شاحنةٍ صغيرةٍ مُصاحبَةٍ سواعِدُ مفتولَةٌ، ثمّ سَمعُوا شتائِمَ نزلتْ على رُؤُوسِهم الصّغيرةِ كالصَّواعِقِ. عَلَتْ وراءَ الشاحِناتِ غَمامَةٌ مِنَ الغُبَارِ الأسْحَمِ، وتكوَّمتْ أكْدَاسٌ مِنَ الحِجَارَةِ والأتْرِبَةِ.
    تحوَّلَتْ ضحكةُ رانية إلى نحيبٍ، وقالتْ بِحُرْقَةٍ:
ـ لقدْ صًَدَقَ جَدِّي ... لقد طردُوا البحْرَ... إنَّهم يَكْرَهونَهُ.
    أخذ طارق يُواسِيها فكفْكَفَتْ دُمُوعَها ونظرَتْ
إليه، فقالَ:
ـ لنْ نسْكُتَ، إنّنَا نُحِبُّ البحْرَ ونَعْشَقُهُ... إنّهمْ لمْ يَسْرِقُوا البحْرَ، لا يُمْكِنُهُمْ سَرِقَةُ البَحْرِ... لِنَجْلِسْ ونُفَكِّر طويلاً...
    قال حافظ:
ـ إنّهم يُلَوِّثونَ البَحْرَََََ... نحْن نُريدُ أن نسْبَحَ وسَط مياهٍ صافِيَةٍ ونظيفةٍ.
قال الأطفالُ معًا : "سندافِعُ عن البحْرِِ، البحْرُ صديقُنا."
ـ موعِدُنا غَدًا...
ـ 4 ـ
    في الغَدِ ، جاء الأطفالُ بأعْدَادٍ غفيرةٍ، فاقتْ الخَيالَ.


 ـ ضََعْ الحجارةَ في الْنقَّالة.
ـ اِحْذَرُوا مِنَ الزُّجَاجِ المهشَّمِ.
ـ وجدتُ جسمًا أسْوَدََ.
ـ واصِلْ الحَفْرَ.
ـ ها ها ها... إنّها فردةُ حذاءٍٍ بالية.
ـ هذا الثّطْلُ ثغيرٌ جدًّا.
ـ السّطْلُ ستحتاجُهُ لِبناء قصورٍ مِنَ الرّمالِ.
قالَ وحيد:
" وعدني أبي أن يكونَ معنا في نهاية الأسبوعِ. "

ـ 5 ـ
    بَعْدَ أسابيعَ منَ العَملِ الشّاقِ ، ثبّتَ الرّجالُ شمسياتٍ على امتدادِ الشاطئِ.

    قالتْ رانية:
" قالَ لي جدّي: ستعُودُ النّوارسُ قريبا... النّوارسُ تُحِبُّ الشواطئَ النّظيفةَ."
    قال طارق:
" أنْصٍتُوا جَيِّدًا... البحْرُ يَضْحَكُ مِنَ الأعْماقِ..."

"دافنشي محرر الطيور" سيناريو للأطفال بقلم: طارق سعد


الخميس، 28 يوليو 2016

"شنطة رامة" قصة للأطفال بقلم: د.عمر صوفي



شنطة رامة
د.عمر صوفي
     رامة وريما أختان جميلتان ، رامة فى الصف الثانى من الروضة وأختها ريما فى الصف الأول فى نفس الروضة، وهما تستيقظان سويا، وتذهبان للروضة وتعودان سويا.
    رامة تلميذة ذكية وكذلك أختها ريما، لكنهما تختلفان فى بعض السمات: فرامة لا تهتم بتنظيم وترتيب حقيبتها المدرسية، عكس ريما ، التى تضع كل شىء مرتبا منظما فى مكانه.
    فى كل صباح ، عندما تستعدان للذهاب للروضة، تجد ريما حقيبتها منظمة  مكتملة،أما رامة، فأدواتها دائما مبعثرة، متناثرة، حاولت أمها مرارا تعليمها النظام، لكن دون جدوى.
    كانت رامة تتسبب يوميا فى التأخير عن سيارة المدرسة، حتى مل السائق وقال غاضبا:
-  لماذا تتأخرين دائما يا رامة؟! أختك الأصغر تنزل من البيت قبلك..لماذا تتأخرين؟!
   لم تستطع رامة الإجابة، فأجابت ريما  :
-  لأنها تبحث عن أدواتها ، فهى مرة لا تجد الألوان، ومرة لا تجد القلم الرصاص، ومرة لا تجد الكراسات.
   رد السائق:
- عليك أن تتعلمى النظام يا رامة، وإلا ستفوتك سيارة المدرسة.
     وفى الروضة طلبت المعلمة من الأطفال استخدام ألوانهم فى تلوين صورة العصفور. فبدأوا فى التلوين ، ما عدا رامة، سألتها المعلمة
-   لماذا لا تلونين عصفورك يا رامة؟!
        ردت رامة بحزن
-   لقد نسيت علبة الألوان فى البيت.
        تعجبت المعلمة وقالت بغضب:
-  لماذا تنسين بعض أدواتك كل يوم يا رامة؟ لماذا لا تتعلمين النظام؟ يجب أن ترتبى شنطتك من المساء.
       ردت رامة بخجل
-  أنا آسفة ، لن أنسى أدواتى مرة أخرى.
    عادت رامة إلى البيت، ورغم نصائح أمها ومعلمتها وسائقها، فلم تهتم بترتيب أدواتها فى حقيبتها، فهى مبعثرة بكل أركان البيت، أنبتها أمها بشدة
-  ما هذا يا رامة ؟، لا نستطيع أن نسير أو نجلس على مقعد فى البيت من أدواتك المبعثرة فى كل مكان، كاد سن قلمك ينغرس فى قدمى، رتبى أدواتك.
   ومع ذلك لم ترتب رامة أدواتها، ولما يئس المحيطون بها من إقناعها بالنظام ، قررت الحقيبة والأدوات اتخاذ قرار حاسم ليعلما صاحبتهم أهمية النظام . اجتمعت الحقيبة وعلبة الألوان والقلم الرصاص والممحاة والبراية والكتب والكراسات وعرض كل منهم شكواه.
  قال القلم الرصاص متألما
-  أنا تعبت من سوء معاملة رامة لى ..ولا أدرى ماذا جنيت.فأنا طوع أمرها فى كل ما تريد أن تكتبه أو ترسمه، لكنها لا تهتم بى وتلقينى بمجرد ان تنهى واجباتها، وتدوسنى الأقدام فى كل مكان، حتى قصف سنى عدة مرات، تعبت من البرى المستمر ، فالبراية شفرتها حادة لا ترحم..أرجوكم ساعدونى.
   وما إن انتهى القلم الرصاص من شكواه حتى انبرت علبة الألوان لتدلو بشكواها
- أحزننى كلامك يا عزيزى القلم الرصاص، لكن مشكلتى أنا أكبر لأن عندى ستة أقلام ألوان، ولم أتاخر عن تلوين الطيور والحيوانات والأرقام والحروف والزهور، ألوان حمراء وخضراء وصفراء وزرقاء وغيرها، ومع ذلك فأقلامى دائما مبعثرة تتقصف ولا ترحمها البراية ، ونادرا ما يجتمع أحبائى بداخلى، بل أحيانا لا أجد منها لونا واحدا..أرجوكم ساعدونى.
  وهنا صاحت البراية حانقة
-  ما لكم تتحدثون عنى كأننى مخلوق شرير يقطعكم بشفرة حادة، ما ذنبى أنا؟ يجب أن تشكرونى لأنى أعيد إليكم أسنانكم المحطمة، لكنى أيضا تعبت ووهنت شفرتى من كثرة البرى، أرجوكم ساعدونى.
  بدت كل الأدوات الأخرى متحفزة لعرض شكواها وأن الاجتماع سيطول، فتدخلت الحقيبة وقالت بصوت هادئ حكيم
- أعلم أننا نعانى جميعا من سوء المعاملة، أنا أحتويكم جميعا وأحس بآلامكم ، لكن علينا أن نتخذ خطوة بناءة لنعلم رامة النظام ونزيل المعاناة، علينا أن نشعل شمعة بدلا من وصف الظلام، فماذا نفعل؟.
     قال القلم الرصاص بحماس
- نقوم بعمل إضراب عن العمل، فالألوان لا تلون، والممحاة لا تمسح، وأنا لن أكتب أو أرسم ، وهكذا تفعل باقى الأدوات.
  رفضت علبة الألوان الفكرة بشدة قائلة:
- هل تظن أن رامة ستهتم بذلك، ربما تلقينا من الشباك، وتشترى غيرنا.
  قالت الحقيبة
- علينا أن نتخذ عملا جماعيا يعلم رامة النظام، ما رأيكم لو اختبأنا كلنا لمدة يوم واحد، حتى تعرف أهميتنا وتحافظ علينا.
     قالت كراسة الرسم بإشفاق
-  لكن صديقتنا رامة ستحزن وتتألم كثيرا.
     بدت الأدوات الأخرى على وشك الاشتباك بالكراسة ، فأوقفتهم الحقيبة وقالت
-  ما سنفعله هو لمصلحة الجميع، فكروا فى مكان نختبئ فيه.
قال القلم الرصاص
- ما رأيكم لو اختبأنا أسفل مكتب الأب.
   اقتنعت الأدوات بالمكان وقفزوا جميعا داخل الحقيبة، وساروا بهدوء حذرين، واستقروا أسفل المكتب فى صمت.
    استيقظت رامة وريما فى الصباح، ذهبتا للحمام وتناولتا الإفطار، وارتدتا الملابس، وطلبت أمهما منهما إحضار شنطتيهما لتضع فيهما السندوتشات، عادت ريما من الحجرة بعد قليل تحمل حقيبتها ، ولم تخرج رامة من الغرفة، صاحت الأم
- هيا يا رامة ، ستفوتك سيارة المدرسة.
      جاء صوت رامة من داخل الغرفة
- أنا لا أجد الشنطة يا ماما.
      بحثوا عنها دون جدوى ، أنبتها الأم بشدة
- طالما طلبت منك ترتيب شنطتك منذ المساء قبل النوم.
     جاءت سيارة المدرسة ، نزلت ريما لتذهب لروضتها، أما رامة فجلست حزينة لا تدرى ماذا تفعل، نظرت من الشرفة فوجدت السيارة تغادر مبتعدة إلى الروضة ، فسقطت الدموع من عينيها.
  كانت الأدوات والحقيبة تتابع ما يحدث بحزن، فهى لا تود لرامة أن تتألم، وفى المساء عادت الحقيبة بهدوء إلى غرفة رامة، وعندما دخلت رامة الغرفة ووجدت حقيبتها صاحت فى فرح
- ماما .. لقد وجدت الحقيبة.
فرحت الأم كثيرا، وقالت
- لكنك تغيبتى اليوم بسبب الإهمال.
- للأسف فقد فاتتنى أنشطة اليوم بالروضة.
- لا عليك ، ستذهبين غدا ، المهم أن تتعلمى النظام.
    ومنذ ذلك اليوم حافظت رامة على أدواتها وشنطتها نظيفة مرتبة، وكانت تلحق بسيارة المدرسة فى موعدها.

الاثنين، 25 يوليو 2016

"الدنيا ليست قطة" قصة للأطفال بقلم: د.عمر صوفي



الدنيا ليست قطة
د.عمر صوفي
        مازن طفل جميل ،عيناه تلمعان بالذكاء،  شعره غزير ، تخطى العام الثالث بقليل، وهو طفل وحيد، يعيش مع أمه، حيث يسافر والده إلى الخارج للعمل ولا يعود كل عام إلا لبضعة أيام.
     تولت أمه تربيته بمفردها، اعتبرته كل دنياها، إذا ابتسم تشرق الدنيا ، وإذا حزن تكدرت حياتها،  أحاطته بكل وسائل العناية والراحة، توفر له أفضل اللبس والطعام واللعب، إلا أنها كانت تخشى عليه بشكل مبالغ فيه، حتى كادت تحجبه  عن الآخرين، بل عن كل شىء فى العالم خارج البيت، فلم تكن تسمح له باللعب مع أقرانه من الجيران أو فى النادى خوفا من أن يصيبه مكروه، ولم تكن تسمح له بمشاهدة التلفزيون أو ألعاب الكمبيوتر خشية على عينيه، ولم تصحبه يوما إلى منتزه أو حديقة حيوان ، بل كانت تغلق كل النوافذ وأبواب الشرفات فى البيت بشكل دائم ، فعاش مازن كأنه فى كوكب غير كوكب البشر.
    لم يعرف مازن من الكائنات الحية إلا قطته الجميلة ، كان يلعب معها كثيرا ، ويسعد بمشاهدتها وهى تتقافز حوله ، خاصة عندما رآها يوما تهاجم فأرا تسلل إلى المطبخ ، فكان يعتبرها أعظم الكائنات.
   كان مازن يكبر إلا أنه كان يبدو دائما أصفر الوجه، شاحب البشرة، فاقد الشهية، رغم أن أمه توفر له أفضل أنواع الغذاء، وعندما اصطحبته أمه يوما للطبيب قال لها :
- أستاذة منى ليس بالطعام الجيد وحده ينمو الأطفال أصحاء، مازن لا بد أن يخرج إلى الطبيعة حيث الشمس والهواء الطلق النقى ، كل ذلك مهم لبناء جسمه وتجديد حيويته.
      ومع ذلك ظلت الأم تعزله عن العالم.
   وصل مازن إلى سن الرابعة وكان يجب أن يلتحق بالروضة، لكن أمه ترددت طويلا فى تقديم أوراقه ، خوفا عليه من الخروج والبقاء فى الروضة بعيدا عنها ، ولم توافق إلا بعد إلحاح أبيه وصديقتها التى قالت لها:
- صديقتى منى ،  مازن أصبح كبيرا ،لا بد أن يلتحق بالروضة كبقية الأطفال.
    وافقت الأم واشترت له ملابس وأدوات الروضة واصطحبته فى اليوم الأول لبدء السنة الدراسية.
   بدا مازن وجلا مترددا يخشى الاندماج بالأطفال، لكن ابتسامة المعلمة ومعاملتها الطيبة شجعته تدريجيا على الاختلاط برفقائه .
     وفى أحد الأيام قدمت لهم المعلمة عدة أنشطة وسألت مازن:
- عزيزى مازن ، أيهما أكبر الأسد أم القطة؟
   رد مازن بلا تردد:
- القطة أكبر من الأسد.
  ضحك الأطفال ، واندهشت المعلمة ، إلا أنها زجرتهم وعادت تسأله :
- وأيهما أكبر يا مازن القطة أم الفيل؟
   أجاب مازن بكل ثقة:
- القطة طبعا،  القطة أعظم المخلوقات، القطة أكبر من الأسد والفيل.
   ضحك الأطفال مرة أخرى، وشعر مازن بالخجل وأحمر وجهه.
    احتارت المعلمة فى تفسير إجابة مازن وإصراره عليها رغم أنها أطلعته على عدة صور ومجسمات للحيوانات. اتصلت بوالدته وطلبت منها الحضور إلى الروضة .
   جاءت الأم إلى الروضة فى اليوم التالى فسألتها المعلمة:
-  ألم يذهب مازن يوما إلى حديقة الحيوان؟
أجابت الأم:
-  كلا .
سألتها المعلمة مرة أخرى :
- ألم يشاهد فيلما أو برنامجا عن عالم الحيوان؟
أجابت الأم :
- كلا ، أنا أخشى عليه من الذهاب إلى حديقة الحيوان، أو مشاهدة التلفزيون أو الكمبيوتر نهائيا.
  ردت المعلمة :
-  إذن أنا فهمت سبب إصرار مازن على أن القطة أكبر الحيوانات.
    نصحتها المعلمة بتغيير طريقة تربية ابنها، لأنها تحرمه من الاستمتاع بطفولته ، وتجعل تفكيره قاصرا محدودا لعزله عن عالمه المحيط الثرى بالأشياء والكائنات.
     اقتنعت الأم برأى المعلمة وبدأت تصحب مازن إلى النادى للعب مع الأطفال  ، والى المنتزهات حيث الهواء النقى والأزهار،  وسعد مازن كثيرا عندما ذهب إلى حديقة الحيوان، هناك شاهد الأسد والنمر والفيل والزراف والقرد والغزال وغيرهم، وأدرك أن الحياة غنية بالمخلوقات مختلفة الأشكال والأحجام، وأن الدنيا ليست قطة فقط، وإن كان هذا لم يقلل من حبه لقطته العزيزة.

"نبينا محمد" قصيدة للأطفال بقلم: د.عاطف العيايدة


قراءة في قصة الانترنت خطف ابني لميسون أسدي.. بقلم: سهيل عيساوي



قراءة في قصة  الانترنت  خطف  ابني لميسون  أسدي
بقلم: سهيل عيساوي
تقع  القصة  في 26  صفحة  من  الحجم الكبير ، اصدار  أ . دار الهدى  ، رسومات فيتا  تنئيل .  سنة الإصدار  2015 .
القصة :  تتحدث  القصة عن شاب ذكي  وموهوب  في  مجال  الحوسبة والانترنت ، اتفق ان زار قرية نكارة ، الواقعة عند  جبل ناء  تغرق بالفقر  والجوع والتخلف ، والبطالة ، والهجرة الى مدن  أخرى بحثا  عن  مصادر  رزق ، توجه  ماهر  الى رئيس  البلدة  واقترح عليهم الرقي  بالبلدة وتطويرها  مقابل ، حصوله  على عشرة بالمائة من  الأرباح ، وافق رئيس البلدة ،اقام  الشاب  ماهر مركزا  لتعليم الحاسوب  وادخل  الى  كل  بيت حاسوبا ، استفاد  سكان  نكارة  من  العلم  السابح  في  الشبكة  العنكبوتية  اطلعوا  على لأبحاث  وحلوا  المشاكل  التي  تواجههم ، تعلم  بعضهم الرسم والجرافيك   قدم  الطلاب وظائفهم  بشكل  انيق ،ازدهرت  البلدة ، عندما  توجه  ماهر  للحصول  على  حقه  تنكر  رئيس  البلدة  والزعماء  لحقه  ، لجأ ماهر لحيلة  خبيثة ، عرض  ماهر على رئيس البلدية المزيد  من  المساعدة بحجة انه  لم يعلمهم بعض  الأمور ، بدأ بتعليم  الناس  الأمور  السيئة والمضرة ، كالتجسس  وفبركة الصور  العارية ،  والتخريب والإرهاب ، الكسل والادمان  على  الأجهزة الإلكترونية ، ونشر  الفساد  مما  تسبب بالطوشات  العمومية وحوادث  الطرق ، وانقطع الاتصال  بين الناس ، قامت  عصابة الانترنتيون باختطاف  ابن رئيس البلدية ، حاول  الرئيس  الاستعانة بماهر لكن  الأخير رفض  المساعدة لانهم  تنكروا لحقه وهضموا  اجره .

رسالة  الكاتبة :
-         الانترنت  سلاح  ذات  حدين ، يمكن  استغلاله  من اجل التطور التقدم تبادل  المعلومات والخبرات ،  بناء  صداقة عابرة للقارات ، حل  مشاكل مستعصية ، خلق  فرص عمل من  خلال  تعلم فنون  تتعلق بالحاسوب مثل  جرافيكا  ، تجارة ، كتابة أبحاث  ودراسات ، تحسين التحصيل  الدراسي لدى  الطلاب ،  من جهة  أخرى الانترنت ممكن   ان  يسبب الضرر الكبير  للإنسانية اذا  تم  استغلاله  بشكل  سلبي مثل : الإدمان على  استخدام  شبكة  التواصل  الاجتماعي ، فتور العلاقة الاجتماعية والإنسانية ، هدر  المال  والوقت ، التسبب بحوادث طرق بسبب الانشغال باستعمال  أجهزة  الهاتف  الذكي  والأجهزة  الحديثة المرتبطة بالانترنت ، القرصة والتجسس ، فساد الاخلاق ، السرقة  والاجرام ، التزوير ونشر  الفتن ، الابتزاز والخطف ..
-         ضرورة الإيفاء  بالوعد ، وإعطاء الأجير حقة  وفق ما  اتفق عليه  سلفا ، عدم الجحود لصاحب الفضل .
-         ممكن  محاربة الجهل والتخلف والفقر بالعلم والابداع
-         السحر ينقلب على  الساحر والظلم  لا  يدوم
-         لكل  فكرة جديدة لها  مثالب ومناقب .
-         عدم  الاستخفاف باي  انسان لأنه  ممكن  ان  يكون صاحب  أفكار وابداع
-         أي  اقتصاد  يبنى على  فرع  واحد  كالنفط والانترنت سرعان ما يتقوض بسرعة
ملاحظات  حول  القصة
-         قيام  ماهر بنشر العلم  والمعرفة والابداع  خطوة  مباركة ، لكنه  عاد  وانتقم  من  أهل  البلدة بنشر الوجه  القبيح  للإنترنت ، بدافع  الانتقام لأسباب  مالية ، كان  أفضل  لو تسامح  معهم  او تركهم  لوحدهم يكتشفون   ويرتشفون الأمور  السيئة .
-         هل  يستطع  الانترنت  وحده  تغيير  مستوى  المعيشة  في  القرية ؟
-         أصبحت  قرية نكارة قدوة للقرى  والمدن  المجاورة ، لم  نعرف  ماذا  حل بهذه  القرى والمدن  هل  استغلت الوجه  الحسن  من  الانترنت ؟
-         لماذا  لم  يكتشف  اهل  القرية وحدهم  الأمور  السيئة  ؟
-         رفض ماهر مساندة ومساعدة   رئيس البلدية في  البحث  عن  ابنه  المخطوف ، ركلة للإنسانية الأمر  يتعلق  بحياة  انسان وليس بمبلغ  من  المال ومن  الأفضل  أن  تحسن  الى  من  اساء  اليك  على  ان  تقلده بالسوء .

خلاصة :قصة موفقة  من  حيث  اختيار الاسم  والشخصيات ،  وطرح  موضوع  هام يقلق حياتنا  وأطفالنا  على مستوى الافراد والمؤسسات  والبلدات والدول والمعمورة قاطبة : استغلال  الشبكة العنكبوتية ، ميسون  اسدي كاتبة  مبدعة  دائما تحاول طرح  الجديد  بقوة ، لكنها  في  هذه  القصة تركت  غرائز الشر تنتصر  على غراز  الخير المغروسة في  الانسان.