لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الخميس، 28 يوليو 2016

"شنطة رامة" قصة للأطفال بقلم: د.عمر صوفي



شنطة رامة
د.عمر صوفي
     رامة وريما أختان جميلتان ، رامة فى الصف الثانى من الروضة وأختها ريما فى الصف الأول فى نفس الروضة، وهما تستيقظان سويا، وتذهبان للروضة وتعودان سويا.
    رامة تلميذة ذكية وكذلك أختها ريما، لكنهما تختلفان فى بعض السمات: فرامة لا تهتم بتنظيم وترتيب حقيبتها المدرسية، عكس ريما ، التى تضع كل شىء مرتبا منظما فى مكانه.
    فى كل صباح ، عندما تستعدان للذهاب للروضة، تجد ريما حقيبتها منظمة  مكتملة،أما رامة، فأدواتها دائما مبعثرة، متناثرة، حاولت أمها مرارا تعليمها النظام، لكن دون جدوى.
    كانت رامة تتسبب يوميا فى التأخير عن سيارة المدرسة، حتى مل السائق وقال غاضبا:
-  لماذا تتأخرين دائما يا رامة؟! أختك الأصغر تنزل من البيت قبلك..لماذا تتأخرين؟!
   لم تستطع رامة الإجابة، فأجابت ريما  :
-  لأنها تبحث عن أدواتها ، فهى مرة لا تجد الألوان، ومرة لا تجد القلم الرصاص، ومرة لا تجد الكراسات.
   رد السائق:
- عليك أن تتعلمى النظام يا رامة، وإلا ستفوتك سيارة المدرسة.
     وفى الروضة طلبت المعلمة من الأطفال استخدام ألوانهم فى تلوين صورة العصفور. فبدأوا فى التلوين ، ما عدا رامة، سألتها المعلمة
-   لماذا لا تلونين عصفورك يا رامة؟!
        ردت رامة بحزن
-   لقد نسيت علبة الألوان فى البيت.
        تعجبت المعلمة وقالت بغضب:
-  لماذا تنسين بعض أدواتك كل يوم يا رامة؟ لماذا لا تتعلمين النظام؟ يجب أن ترتبى شنطتك من المساء.
       ردت رامة بخجل
-  أنا آسفة ، لن أنسى أدواتى مرة أخرى.
    عادت رامة إلى البيت، ورغم نصائح أمها ومعلمتها وسائقها، فلم تهتم بترتيب أدواتها فى حقيبتها، فهى مبعثرة بكل أركان البيت، أنبتها أمها بشدة
-  ما هذا يا رامة ؟، لا نستطيع أن نسير أو نجلس على مقعد فى البيت من أدواتك المبعثرة فى كل مكان، كاد سن قلمك ينغرس فى قدمى، رتبى أدواتك.
   ومع ذلك لم ترتب رامة أدواتها، ولما يئس المحيطون بها من إقناعها بالنظام ، قررت الحقيبة والأدوات اتخاذ قرار حاسم ليعلما صاحبتهم أهمية النظام . اجتمعت الحقيبة وعلبة الألوان والقلم الرصاص والممحاة والبراية والكتب والكراسات وعرض كل منهم شكواه.
  قال القلم الرصاص متألما
-  أنا تعبت من سوء معاملة رامة لى ..ولا أدرى ماذا جنيت.فأنا طوع أمرها فى كل ما تريد أن تكتبه أو ترسمه، لكنها لا تهتم بى وتلقينى بمجرد ان تنهى واجباتها، وتدوسنى الأقدام فى كل مكان، حتى قصف سنى عدة مرات، تعبت من البرى المستمر ، فالبراية شفرتها حادة لا ترحم..أرجوكم ساعدونى.
   وما إن انتهى القلم الرصاص من شكواه حتى انبرت علبة الألوان لتدلو بشكواها
- أحزننى كلامك يا عزيزى القلم الرصاص، لكن مشكلتى أنا أكبر لأن عندى ستة أقلام ألوان، ولم أتاخر عن تلوين الطيور والحيوانات والأرقام والحروف والزهور، ألوان حمراء وخضراء وصفراء وزرقاء وغيرها، ومع ذلك فأقلامى دائما مبعثرة تتقصف ولا ترحمها البراية ، ونادرا ما يجتمع أحبائى بداخلى، بل أحيانا لا أجد منها لونا واحدا..أرجوكم ساعدونى.
  وهنا صاحت البراية حانقة
-  ما لكم تتحدثون عنى كأننى مخلوق شرير يقطعكم بشفرة حادة، ما ذنبى أنا؟ يجب أن تشكرونى لأنى أعيد إليكم أسنانكم المحطمة، لكنى أيضا تعبت ووهنت شفرتى من كثرة البرى، أرجوكم ساعدونى.
  بدت كل الأدوات الأخرى متحفزة لعرض شكواها وأن الاجتماع سيطول، فتدخلت الحقيبة وقالت بصوت هادئ حكيم
- أعلم أننا نعانى جميعا من سوء المعاملة، أنا أحتويكم جميعا وأحس بآلامكم ، لكن علينا أن نتخذ خطوة بناءة لنعلم رامة النظام ونزيل المعاناة، علينا أن نشعل شمعة بدلا من وصف الظلام، فماذا نفعل؟.
     قال القلم الرصاص بحماس
- نقوم بعمل إضراب عن العمل، فالألوان لا تلون، والممحاة لا تمسح، وأنا لن أكتب أو أرسم ، وهكذا تفعل باقى الأدوات.
  رفضت علبة الألوان الفكرة بشدة قائلة:
- هل تظن أن رامة ستهتم بذلك، ربما تلقينا من الشباك، وتشترى غيرنا.
  قالت الحقيبة
- علينا أن نتخذ عملا جماعيا يعلم رامة النظام، ما رأيكم لو اختبأنا كلنا لمدة يوم واحد، حتى تعرف أهميتنا وتحافظ علينا.
     قالت كراسة الرسم بإشفاق
-  لكن صديقتنا رامة ستحزن وتتألم كثيرا.
     بدت الأدوات الأخرى على وشك الاشتباك بالكراسة ، فأوقفتهم الحقيبة وقالت
-  ما سنفعله هو لمصلحة الجميع، فكروا فى مكان نختبئ فيه.
قال القلم الرصاص
- ما رأيكم لو اختبأنا أسفل مكتب الأب.
   اقتنعت الأدوات بالمكان وقفزوا جميعا داخل الحقيبة، وساروا بهدوء حذرين، واستقروا أسفل المكتب فى صمت.
    استيقظت رامة وريما فى الصباح، ذهبتا للحمام وتناولتا الإفطار، وارتدتا الملابس، وطلبت أمهما منهما إحضار شنطتيهما لتضع فيهما السندوتشات، عادت ريما من الحجرة بعد قليل تحمل حقيبتها ، ولم تخرج رامة من الغرفة، صاحت الأم
- هيا يا رامة ، ستفوتك سيارة المدرسة.
      جاء صوت رامة من داخل الغرفة
- أنا لا أجد الشنطة يا ماما.
      بحثوا عنها دون جدوى ، أنبتها الأم بشدة
- طالما طلبت منك ترتيب شنطتك منذ المساء قبل النوم.
     جاءت سيارة المدرسة ، نزلت ريما لتذهب لروضتها، أما رامة فجلست حزينة لا تدرى ماذا تفعل، نظرت من الشرفة فوجدت السيارة تغادر مبتعدة إلى الروضة ، فسقطت الدموع من عينيها.
  كانت الأدوات والحقيبة تتابع ما يحدث بحزن، فهى لا تود لرامة أن تتألم، وفى المساء عادت الحقيبة بهدوء إلى غرفة رامة، وعندما دخلت رامة الغرفة ووجدت حقيبتها صاحت فى فرح
- ماما .. لقد وجدت الحقيبة.
فرحت الأم كثيرا، وقالت
- لكنك تغيبتى اليوم بسبب الإهمال.
- للأسف فقد فاتتنى أنشطة اليوم بالروضة.
- لا عليك ، ستذهبين غدا ، المهم أن تتعلمى النظام.
    ومنذ ذلك اليوم حافظت رامة على أدواتها وشنطتها نظيفة مرتبة، وكانت تلحق بسيارة المدرسة فى موعدها.

ليست هناك تعليقات: