التوأمان
يمام خرتش
سمير ومنير توءمان محبوبان ونشيطان ويحبان المغامرات، كما أن لديهما
العديد من الأصدقاء، وهما متشابهان جدًّا؛ بحيث لا يستطيع أحد من رفاقهما التفريق بينهما؛
لذا يرتدي منير دائمًا قبعة حمراء اللون، بينما يرتدي سمير واحدة زرقاء.
يحب سمير لعبة كرة القدم، وهو يشارك دائمًا في الدوري الذي تجريه
المدرسة، بينما يحب منير كرة السلة، وهو بارع جدًّا في إمساك الكرة وقذفها داخل السلة.
ذات يوم، خرج سمير ومنير مع أصدقائهما من المدرسة بعد انتهاء الدوام،
وأخذوا يتحدثون طيلة الطريق عن يومهما في المدرسة وعن دوري كرة القدم الذي ستجريه المدرسة
في اليوم التالي، وكان سمير يُعقِّب على الحديث بين الفينة والأخرى، فيقول:
"سأسجلُ غدًا الكثير من الأهداف، وسترون مهاراتي في اللعب وفي ركل الكرة".
وبينما الرفاق يتحدثون ويتحدثون، انتبهوا إلى أن الوقت قد داهمهم،
وأنهم تأخروا في العودة إلى منازلهم.
هنا ودَّع التوءمان رفاقهما، وانعطفا في أحد الشوارع المؤدية إلى
بيتهما، وبعد أن مشيا بضع خطوات، قال سمير لأخيه: "هيا ندخل في هذا الدرب الضيق
بين الأشجار؛ فهو أقرب إلى بيتنا"، فقال منير: "ولكن هذا الطريق أصبح
طينيًّا؛ بفعل المطر الذي هطل البارحة"، فأردف سمير: "هيا ولا تخف؛
سنمشي على مهل".
وبالرغم من أنهما مشَيا بتؤدة وتمهل، إلا أن قَدَم سمير انزلقت من على
الأرض الموحلة، فوقع عليها والْتَوى كاحله، فأخذ يتأوَّه من الألم ويقول: "آه.. قدمي تؤلمني، ساعدني
يا منير".
فقال منير وهو يساعد أخاه على النهوض: "ألم أخبرك بأن علينا ألا
ندخل في هذا الطريق!".
سمير: "دعك الآن من العتاب واللوم؛ قد حصل ما حصل".
وعندها أخذ سمير يبكي بشدة.
منير: "أتؤلمك قدمك كثيرًا يا أخي؟".
سمير: "إنها تؤلمني، ولكن الألم لا يعنيني بقدر ما يعنيني الدوري الذي لن
أستطيع أن أشارك فيه؛ أسابيع عدة وأنا أحضر لهذا اليوم، لا أستطيع أن أتخيل أنني لن
أشارك! بل كيف سيلعب الفريق من دوني وعددهم غير مكتمل؟!".
منير: "عندي فكرة! سأذهب بدلًا عنك ولن يشعر أحد بأننا تبادلنا
الأدوار، وستبقى أنت في البيت غدًا ريثما تتعافى قدمك".
سمير: "لكنكَ لا تجيد لعب كرة القدم!".
منير: "سأتدرب قليلًا اليوم، وسأبذل جهدي غدًا؛ لا تقلق، ثم إن
هذا الحل أفضل من عدم الحضور نهائيًّا".
وافق سمير - على مضض - على اقتراح منير، وراح منير يتدرب بعد العصر في
الفناء الخلفي للمنزل.
ثم جاء يوم المباراة الموعود، وتوجه منير إلى الملعب بدلًا عن أخيه
كما اتفقَا، وكُلُّه ثقة بأنه سيستطيع أن يبلي بلاءً حسنًا في اللعب مثل أخيه.
أطلق الحكم صفارة البدء، وبدأ اللاعبون بتمرير الكرة لبعضهم البعض، ولكن يا للهول! عندما مرَّر
أحد اللاعبين الكرة إلى منير الْتقطها بيده! فقد نسي أنه في مباراة لكرة القدم؛ فهو
معتاد على التقاط الكرة بيديه عندما يلعب كرة السلة، وقد احمرَّ وجهه خجلًا بعد أن
رفع الحكم تجاهه بطاقة صفراء.
عاود اللاعبون اللعب، وبدأ الحماس يعلو الجمهور، وخاصةً بعد أن أحرز
الفريق المنافس هدفين مقابل لا شيء لفريق مدرسة التوءم.
اقتربت المباراة من نهايتها، وبدأت اللحظات الحاسمة، وأصبح التوتر
يسود الجو، وهنا كان منير يقف قريبًا جدًّا من المرمى، فمرر أحد اللاعبين الكرة
لمنير مرة أخرى، فأخذ الجميع يقول في سره: "إنها فرصة ذهبية؛ لا تضيعها يا
سمير"، لكن منير ارتبك كثيرًا بعد أن صار محط أنظار
الجميع، فالتقط الكرة مرة أخرى بيده، وعندها صاح الجمهور غضبًا وكذلك اللاعبون،
فرفع الحكم بطاقة حمراء ألقت منيرًا خارج الملعب.
وبعد دقائق، انتهت المباراة بفوز الفريق الآخر.. والكل مستاءٌ من تصرف
سمير.
في اليوم التالي للمباراة، ذهب سمير مع منير للمدرسة، فتجمع حوله
الرفاق فورًا؛ بعضهم أخذ باللوم والعتاب، والبعض الآخر أخذ يوجه عبارات الاستياء من
اللعب الرديء، بينما سمير لا يحرك ساكنًا ولا يتفوه بأي كلمة.
ماذا يقول؟ أيقول: إنه غش هو وأخوه وتبادلا الأدوار؟ أم يكذب ويقول مثلًا بأنه لم ينم جيدًا وكان متوعكًا قليلًا أثناء
اللعب؟! وهما أمران بعضهما أسوأ من بعض!
لذا التزم الصمت، وتعاهد مع أخيه أن يبقى هو سميرًا ويبقى منير
منيرًا؛ حتى لا تحدث عواقب وخيمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق