سماح أبوبكر عزت
(السلحفاة سبقت الأرنب فى السباق)
نهاية مدهشة لحدوتة قديمة ولكن الأكثر دهشة أن هذه لم تكن نهاية الحدوتة، ولنبدأ معاً قصة السلحفاة والأرنب من البداية:
بمناسبة بداية فصل الصيف قرر الأسد الملك إقامة يوم رياضى بالغابة
تتنافس فيه الحيوانات فى مختلف الرياضات، كان السباق الأول فى الجرى، كتب
الوزير النمر أسماء الحيوانات التى اجتمعت كلها فى ساحة السباق، ووقف الأسد
يختار من بين الأوراق ورقتين وقال: السباق سيبدأ غداً بين الأرنب
والسلحفاة مع شروق أول شعاع للشمس وينتهى عند الغروب.
انصرفت جميع الحيوانات ومشى الأرنب مع صديقه السنجاب وهو يقفز قائلا
فى ثقة: تعال معى نلعب عند البحيرة، قال السنجاب: لا يا أرنوب، لا بد أن
تستعد للسباق.
توقف الأرنب وقال فى سخرية: أى سباق؟! يبدو أنك لم تعرف من سيشاركنى
فيه، قال السنجاب فى هدوء: أعرف أن السلحفاة هى التى ستتنافس معك، ولكن
هذا ليس معناه أن تستهين بالسباق، لا بد أن تأكل جيداً وتنام مبكراً اليوم
لتكون فى كامل لياقتك ونشاطك، رد الأرنب فى ثقة: بالتأكيد سأفوز فى السباق،
قال السنجاب: لا تكن مغروراً يا أرنوب، قال الأرنب: أنا لست مغروراً أنا
فقط أثق فى قدراتى.
كان هذا هو موقف الأرنب من السباق، ولكن يا ترى ماذا كان
شعور السلحفاة، هل هو الخوف أو اليأس؟
كانت السلحفاة فى الحقيقة تشعر بالاثنين معاً، وعندما وصلت عند الشجرة الكبيرة وجدت فى انتظارها الضفدعة التى قفزت
قائلة لها فى سخرية: لا تذهبى غداً إلى السباق، النتيجة لن تكون فى
صالحك يا صديقتى، هزت السلحفاة رأسها، لكنها وجدت طابوراً من النمل يلتف
حولها فى دائرة، و اقتربت نملة منها قائلة: تشجعى يا سلحفاة، قالت نملة
ثانية: تفاءلى وثقى فى نفسك، وقالت ثالثة: كلنا معك، وسنشجعك ونسير وراءك،
ضحكت الضفدعة من كلام النمل وقالت: ستسيرون وراء السلحفاة؟ إذن أراكم
الأسبوع المقبل بإذن الله، ثم قفزت بعيدا عند حافة البحيرة.
أشرقت الشمس ووقفت كل الحيوانات على الجانبين وبدأ السباق، ظهر
الأرنب واثقاً فى نفسه وسارت السلحفاة خلفه، بالطبع كانت كل الحيوانات تهتف
للأرنب وتشجعه، أما السلحفاة فقد شعرت بحركه وراءها وسمعت صوت النمل يقول
لها: لا تنظرى للخلف يا سلحفاة، هيا، نحن معك لا يرانا ولا يشعر بنا أحد،
ولكننا نشعر بأنك ستفوزين بإذن الله.
ومرت ساعة واثنان وثلاث، وقفز السنجاب على الأشجار يبحث عن الأرنب
فوجده نائماً تحت ظلال شجرة، صرخ السنجاب قائلا: أرنوب، اصحى، السباق لم
ينته بعد، قال أرنوب فى كسل: أعرف يا سنجاب، اتركنى أنام ولا تخف، السلحفاة
لن تصل إلا فى الغد.
اقترب موعد غروب الشمس ولم يظهر الأرنب، كانت السلحفاة تسير بكل
قوتها والنمل خلفها.. حدثت المفاجأة وصلت السلحفاة قبل الأرنب، وعندما صارت
السماء حمراء انطلقت صافرة النهاية وأعلن النمر فوز السلحفاة فى السباق،
استيقظ الأرنب على أصوات الحيوانات وعرف أن السباق انتهى، كان صديقه
السنجاب ينظر إليه فى عتاب.
وأقام الأسد ملك الغابة حفل تكريم للسلحفاة وسلمها الكأس، فرحت
السلحفاة، ولكن للأسف تحول شعورها من الفرحة إلى الغرور والتكبر على كل
الحيوانات، حتى على النمل الذى شجعها وسار خلفها طوال السباق.
وبعد أن كانت السلحفاة تختبئ خلف الشجرة وتأكل من أوراقها الجافة
ولا تحاول أن تعتدى على أى نبات، أصبحت تسير فى فخر وتقف عند أى حقل تأكل
من دون استئذان، وطلبت من الأسد الملك أن تصبح الوزير بدلاً من النمر، وعرف
النمر ما فعلت السلحفاة فصمم أن يعطيها درساً لا تنساه، أعلن النمر أنه فى
الغد سيجرى السباق الثانى بين الحيوانات، وفى هذه المرة كتب فى كل الأوراق
اسمى الأرنب والسلحفاة، لم تجد السلحفاة من يشجعها أو يسير خلفها، أما
الأرنب فقد استعد جيداً للسباق وقابل صديقه السنجاب الذى شجعه قائلاً:
ستعوض خسارتك بإذن الله، وستشجعك كل الحيوانات لأنها تحبك، وحتى تعطى درساً
للسلحفاة المغرورة، التى أصبحت مصدر إزعاج لكل سكان الغابة.
وبدأ السباق وسار الأرنب بنشاط وسارت السلحفاة بمنتهى الغرور، وأعلن
النمر النتيجة، وقال: فاز الأرنب لأنه تعلم أن النجاح يحتاج إلى جهد مهما
كانت قدرات الإنسان أو الحيوان، أما السلحفاة فقد تعلمت اليوم درساً لن
تنساه وعرفت أن نهاية الغرور هو أن يبتعد عنك الجميع ويخاصمك النجاح.
ومن هذا اليوم والسلحفاة تختبئ وراء الشجرة ولا تظهر إلا فى الظلام بعد أن تغرب الشمس وتفارق السماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق