من يأتي بالأزهار؟
بقلم: طلال حسن
" أزهار البيبون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرضت الأرنبة ، وطال مرضها ،
فأرسل الأرنب الصغير إلى السلحفاة ، طبيبة الغابة ، لتعود الأرنبة ، وتعاينها ،
وتصف لها الدواء الملائم .
وأقبلت السلحفاة ، وفحصت الأرنبة طويلاً ، ثم قالت : إنها مصابة بزكام حاد
، ولن تشفى بغير منقوع أزهار البيبون .
وتطلع الأرنب إلى السلحفاة ، وقال : هذا أمر يسير ، سآتي بأزهار البيبون من
حيث ما تكون .
فقالت السلحفاة : أخشى أن الأمر ليس بهذه السهولة ، فأزهار البيبون لا تنمو
في منطقتنا ، إلا بالقرب من عرين الأسد .
وجحظت عينا الأرنب ، وتمتم : الأسد !
واعتدلت الأرنبة متوجعة ، وقالت : لا عليك ، يا عزيزي ، إنه مجرد زكام ،
وسأشفى منه بعد أيام .
وهزت السلحفاة رأسها ، وقالت : أنت مخطئة ، لن تشفي إلا بأزهار البيبون .
أرنوب
ـــــــــــــــــ
قد لا يذهب بابا ليأتي بأزهار
البيبون ، بل إنه لن يذهب ، فهو يخاف الأسد ، ومن لا يخاف الأسد ؟ حتى أنا أخافه ،
إنه .. إنه أسد .
ما العمل ؟ ستبقى ماما مريضة من غير هذه الأزهار ، وقد يتطور المرض ، ف ..
لا .. لا .. لابد من إنقاذها ، مهما كلف الأمر .
وحلّ الليل ، واستغرق بابا وماما بالنوم ، فنهضت بهدوء ، وتسللت من البيت ،
ومضيت مسرعاً ، نحو أزهار البيبون ، التي تنمو قرب العرين .
وتوقفت مرتعباً ، حين تناهت إليّ حركة غريبة ، وخفق قلبي بشدة ، إنني لم
أخرج من قبل في الليل ، وها أنا وحيد مع .. أهو قاقم أم ثعلب أم .. ؟
ليكن ما يكون ، لا وقت للخوف ، إن ماما بأمس الحاجة إلى أزهار البيبون ،
وسأحصل عليها ، مهما كلفني .. آه .. يا إلهي .. الأسد .
الأسد
ـــــــــــــــــ
أفقتُ على دبيب أقدام سريعة بين
الحشائش ، ففتحت عينيّ ، وتلفت حولي ، أي مجنون يجرؤ على الاقتراب من عريني ، في
مثل هذا الوقت من الليل ؟
وعلى ضوء القمر ، لمحت أرنباً صغيراً ، يتسلل مسرعاً نحو أزهار البيبون ،
يا للص الصغير الجريء ، سيدفع غالياً ثمن جرأته هذه ، يبدو أن هذا الأحمق لم يرني
، المجنون إنه يهذي ، فلأصغ ِ ، وسمعته يتمتم : يا للفرح ، الأسد نائم ، سآخذ بعض
أزهار البيبون ، لعل ماما تتناول منقوعها ، فتشفى .
آه يا للمسكين ، أمه مريضة إذن ، يا له من أرنب صغير جريء ، لا أدري من قال
، إن الأرنب الجريء لا يعمر طويلاً ، إنه جدي ، نعم ، جدي حكيم ، آه يبدو أن جدي
على حق .
الأرنبة
ــــــــــــــــــ
لا أدري ما الذي أيقظني ، في
هذا الوقت من الليل ، أخو ألم المرض ؟ أم حلم مزعج ؟ أم .. وشهقت مرتعبة ، أين
أرنوب ؟
يا إلهي ، قبل أن أغمض عينيّ ، في أول الليل ، رأيته راقداً قرب أبيه ،
والآن اختفى ، فأين مضى ؟ أيعقل أنه ذهب إلى عرين .. ؟ لا .. هذا مستحيل .. صحيح
إنه .. لكن .. لا .. لا .
لابد أن الليل قد انتصف ، يا إلهي ، ما العمل ؟ واعتدلت في فراشي ، وهممت
أن أنهض ، وإذا أرنوب يقف بالباب ، وبين يديه باقة من أزها البيبون ، فهتفت :
أرنوب .
وأسرع أرنوب إليّ ، وقد أشرق وجهه بالفرح ، وقدم لي باقة الأزهار ، وقال :
ماما ، ستشفين الآن من الزكام ، لقد جئتك .. بأزهار البيبون .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق