الجمعة، 18 مايو 2018

"من يأتي بالأزهار ؟ " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



من يأتي بالأزهار؟

بقلم: طلال حسن

    " أزهار البيبون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مرضت الأرنبة ، وطال مرضها ، فأرسل الأرنب الصغير إلى السلحفاة ، طبيبة الغابة ، لتعود الأرنبة ، وتعاينها ، وتصف لها الدواء الملائم .
وأقبلت السلحفاة ، وفحصت الأرنبة طويلاً ، ثم قالت : إنها مصابة بزكام حاد ، ولن تشفى بغير منقوع أزهار البيبون .
وتطلع الأرنب إلى السلحفاة ، وقال : هذا أمر يسير ، سآتي بأزهار البيبون من حيث ما تكون .
فقالت السلحفاة : أخشى أن الأمر ليس بهذه السهولة ، فأزهار البيبون لا تنمو في منطقتنا ، إلا بالقرب من عرين الأسد .
وجحظت عينا الأرنب ، وتمتم : الأسد !
واعتدلت الأرنبة متوجعة ، وقالت : لا عليك ، يا عزيزي ، إنه مجرد زكام ، وسأشفى منه بعد أيام .
وهزت السلحفاة رأسها ، وقالت : أنت مخطئة ، لن تشفي إلا بأزهار البيبون .

   أرنوب
ـــــــــــــــــ
    قد لا يذهب بابا ليأتي بأزهار البيبون ، بل إنه لن يذهب ، فهو يخاف الأسد ، ومن لا يخاف الأسد ؟ حتى أنا أخافه ، إنه .. إنه أسد .
ما العمل ؟ ستبقى ماما مريضة من غير هذه الأزهار ، وقد يتطور المرض ، ف .. لا .. لا .. لابد من إنقاذها ، مهما كلف الأمر .
وحلّ الليل ، واستغرق بابا وماما بالنوم ، فنهضت بهدوء ، وتسللت من البيت ، ومضيت مسرعاً ، نحو أزهار البيبون ، التي تنمو قرب العرين .
وتوقفت مرتعباً ، حين تناهت إليّ حركة غريبة ، وخفق قلبي بشدة ، إنني لم أخرج من قبل في الليل ، وها أنا وحيد مع .. أهو قاقم أم ثعلب أم .. ؟
ليكن ما يكون ، لا وقت للخوف ، إن ماما بأمس الحاجة إلى أزهار البيبون ، وسأحصل عليها ، مهما كلفني .. آه .. يا إلهي .. الأسد .

    الأسد
ـــــــــــــــــ
    أفقتُ على دبيب أقدام سريعة بين الحشائش ، ففتحت عينيّ ، وتلفت حولي ، أي مجنون يجرؤ على الاقتراب من عريني ، في مثل هذا الوقت من الليل ؟
وعلى ضوء القمر ، لمحت أرنباً صغيراً ، يتسلل مسرعاً نحو أزهار البيبون ، يا للص الصغير الجريء ، سيدفع غالياً ثمن جرأته هذه ، يبدو أن هذا الأحمق لم يرني ، المجنون إنه يهذي ، فلأصغ ِ ، وسمعته يتمتم : يا للفرح ، الأسد نائم ، سآخذ بعض أزهار البيبون ، لعل ماما تتناول منقوعها ، فتشفى .
آه يا للمسكين ، أمه مريضة إذن ، يا له من أرنب صغير جريء ، لا أدري من قال ، إن الأرنب الجريء لا يعمر طويلاً ، إنه جدي ، نعم ، جدي حكيم ، آه يبدو أن جدي على حق .

    الأرنبة
ــــــــــــــــــ
    لا أدري ما الذي أيقظني ، في هذا الوقت من الليل ، أخو ألم المرض ؟ أم حلم مزعج ؟ أم .. وشهقت مرتعبة ، أين أرنوب ؟
يا إلهي ، قبل أن أغمض عينيّ ، في أول الليل ، رأيته راقداً قرب أبيه ، والآن اختفى ، فأين مضى ؟ أيعقل أنه ذهب إلى عرين .. ؟ لا .. هذا مستحيل .. صحيح إنه .. لكن .. لا .. لا .  
لابد أن الليل قد انتصف ، يا إلهي ، ما العمل ؟ واعتدلت في فراشي ، وهممت أن أنهض ، وإذا أرنوب يقف بالباب ، وبين يديه باقة من أزها البيبون ، فهتفت : أرنوب .
وأسرع أرنوب إليّ ، وقد أشرق وجهه بالفرح ، وقدم لي باقة الأزهار ، وقال : ماما ، ستشفين الآن من الزكام ، لقد جئتك .. بأزهار البيبون .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق