الحذاء الرياضي
بقلم: دليل زينب
ذات يوم، شرعت
الأم في تنظيف البيت وترتيب أثاثه، بينما جلس أحمد يراقبها من غرفته و بين يديه سيّارته
الحمراء الصغيرة يحركها يمينا وشمالا في ملل.
فكر احمد في مد يد العون لوالدته فاستأذنها في ترتيب رفوف الأحذية، فأذنت له، و
أبدت سعادتها بمبادرته.
أخذ أحمد يرتب
الأحذية و يصنفها، كل زوج في رفٍ، وهو يتمتم: هذه أحذية أبي..إنها كبيرة الحجم!! سأضعها في الرف الأول، وهذه
لأمي.. ياااه !! كم هي كثيرة و متنوعة الألوان، ولا أظنّ أن رفا واحدا
يكفيها !!، أما هذه فأحذيتي، إنها الأصغر حجما !!، ثم صاح متعجبا ياااه !! هذا حذائي الرياضي الجميل لم
ارتده طوال منذ مدة، انه أول حذاء اختاره بنفسي.
حاول أحمد ارتداء حذاءه الرياضي، لكن الحذاء لم
يتسع لقدمه، حاول مرة، و أخرى، ولم يستطع انتعاله، فاستاء وضاق صدره و دمعت عيناه،
وراح يبكي و يشكوه إلى والدته.
حاولت الأم تهدئته لتستطيع معرفة سبب بكائه، فقالت: ما
بالك يا بني؟، اهدأ لأفهم سبب استيائك، و نتعاون معا على إيجاد الحل.
رفع احمد الحذاء بيده وقال: لم استطع انتعال حذائي
الرياضي هذا، حاولت مرارا، ولم أتمكن من إدخال قدمي.
الأم: لا عليك يا عزيزي، هات الحذاء ولنحاول معا، لا
يمكن أن نحل المشكلة بالغضب والانفعال.
فكّت الأمّ أربطة الحذاء ثم أدخلت قدم احمد فيه فلم
يستوفها، فقالت وهي تمسح على رأسه بيدها الحانية: ما شاء الله يا حبيبي قدمك كبرت
و ازداد طولها، فكلما كبرت و ازددت طولا، و ازداد طول قدمك أيضا، ألا تحب أن تصبح بطول
البابا؟؟
قال أحمد: بلى أحب ذلك، ولكني أحب ارتداء هذا الحذاء
أيضا، فهو أول حذاء اشتريته بنفسي عندما اصطحبني أبي معه إلى السوق، وأنا أحبه.
الأم: اعلم يا بني، اعلم ذلك، و لك أن تحتفظ به للذكرى، أو أن تسعد به قلب طفل صغير لا
يملك المال لشراء حذاء جميل، يحمي به أقدامه الحافية، حينها تكون قد أسعدت الحذاء
ايضا ولم تتركه مهملا ، وتقرّبت إلى الله ببذل ما تحب.
أحمد: وهل يسعد الحذاء إذا تخليت عنه لغيري؟
الأم: بل يسعد لأنه يقوم بالعمل المطلوب منه، فالحذاء
ووجد لينتعل، ويتنقل من مكان إلى آخر وهو يضمّ قدم صاحبه. وإذا خبّأته سيظل حبيس
المكان الذي خبأته فيه فيحزن ويشحب لونه.
راقت له
الفكرة وخطر بباله فتى الخبز الذي يجوب
الحي بأقدام شبه حافية و ملابس رثة يعرض على المارة كسرات خبز تقليدية، رصّت في
سلة سعف بالية، فقال والبسمة ترتسم على وجهه البريء: سأضع الحذاء إذا مع مجموعة اللّعب
التي لا العب بها والألبسة التي صارت ضيقة وصغيرة، لأعطيها لفتى الخبز، ما رأيك يا
أمي؟ سيسره ذلك، هزت الأم رأسها مؤيّدة الفكرة، فعانقها أحمد وقبّلها بحرارة، و
راح يجمع الأشياء التي يريد التبرع بها بحماس وعيناه تشعان فرحا ومسرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق