اَلْعَزِيزُ وَخَزَائِنُ الأَرْضِ
"يُوسُفُ عَلَيْهِ
السَّلاَمُ"
سالم محمود سالم
كَانَ اَلْوَقْتُ عَصْراً..
عِنْدَمَا خَرَجَ اَلأُسْتَاذُ "مِحْرِزٍ"
وَوَلَدَاهُ "إِسْمَاعِيلُ" وَ "خَلِيلُ" فِي جَوْلَةٍ
تَرْفِيهِيَةٍ إِلَى الْحُقُولِ وَالْحَدَائِقِ. الْتِي تُحِيطُ بالْقَرْيَةِ،
وَتَلُفُهَا فِي بُسَاطٍ أَخْضَرَ، مُزَيَنٍ بالْخَيرِ الْوَفِيرِ مِنَ
الْمَحَاصِيلِ.
َيسْتَنْشِقُونَ الْهَوَاءَ النَاعِمَ الْخَفِيفَ،
اَلْذِي يُدَاعِبُ سَنَابلَ القَمْحِ، وَغُصَونَ الأَشْجَارِ الْبَاسِقَةِ.
قَالَ الأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ":
- انْظُرُا يَا وَلَدَيَّ هَذِهِ هِي أَرْضُ
بَلَدِنَا الطَيبةِ.
قَالَ "إِسْمَاعِيلُ":
- مَاهِىَ أَنْوَاعُ الْمَحَاصِيلِ الْتِي
يَزْرَعُهَا اَلْفَلاَحُونَ فِي هَذِهِ الأَرْضِ
يَا أَبِي؟
قَالَ:
- كُلُّ الْمَحَاصِيلِ يَا بُنَي.
فَأَرْضُنَا اَلطَيِّبَةُ هِيَ مَخَازِنُ الْغِلاَلِ عَلَى مَرِّ التَارِيخِ. مِنْ
زَمَنِ سَيدِنَا يُوسُفَ "عَلَيْهِ السَّلاَمُ" إِلَى زَمَنِ احْتِلاَلِ
الرُومَانِ لِمِصْرَ حَتَّى وَقْتِنَا الْحَاضِرِ.
فَسَأَلَهُ "خَلِيلُ" :
- مَا مَعْنَىَ كَلِمَةُ غِلاَلٍ يَا أَبِي؟
قَاَلَ:
- كُلُّ مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ
مَحْصُولٌ . فَهَذَا الْمَحْصُولُ اسْمُهُ غَلَّةٌ، وَحُبُوبُ الْقَمْحِ لَهَاَ
أسْمَاءٌ أُخْرَىَ مِنْهَا "البُرُّ" وَ"الْحِنْطَةُ"،
وَوَرَدَ ذِكْرُ "السُنْبُلَةِ" فِي "الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ"
فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ.
مِثْلُ
"قَوْلِهِ تَعَالَىَ":
(( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اَللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاَللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاَللهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) (البقرة261)
وَعَلَى مَسَافَةٍ
قَرِيبَةٍ وَجْدُوا عَمَّ "سِعْدَاوِي"، يَقُومُ بسِقَايةِ حَقْلِ
الْقَمْحِ،
تَتَرَاقَصُ السَنَابلُ مِنْ حَوْلِهِ. فَرِحَةً
بِقُدُومِ الْمَاءِ إِليْهَا. لِيَرْوِيَ عَطَشَهَا،
وَعِنْدَمَا رَآهُمْ. اسْتَقْبَلَهُمْ وَأَجْلَسَهُمْ
تَحْتَ "شَجَرَةِ التُوتِ".
رَحَبَ بهِمُ، وَصَنَعَ لَهُمْ "شَايًا"،
وَهُوَ يُنْصِتُ إِلَى كَلاَمِ الأُسْتَاذِ "مِحْرِزَ"،
وَالْتَفَتَ إِليهِ "خَلِيلُ".
وَهُوَ يَسْأَلُ:
- وَمَا هِىَ عِلاَقَةُ سَيدِنَا
"يُوُسُفَ" بالْقَمْحِ يَا أَبي؟
قَاَلَ الأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ":
- عِلاَقَةٌ
وَثِيقَةٌ يَا بُنَي. فَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"
عَلَى "خَزائِنِ الأَرْضِ"، وَهَذَا يَعْنِي أَنَ خَزَائِنَ اَلأْرْضِ
هِيَّ "مِصْرُ الْحَبيِبَةُ"، وَهِيَ اَلأَرْضُ اَلطَيِّبَةُ
اَلْمُبَارَكَةُ. اَلْتِي يُحِبُهَا أَهْلُهَا. فَبَعْدَ أَنْ كَاَدَ لَهُ
إِخْوَتُهُ، وَأَلْقُوهُ فِي اَلْجُبِّ، وَاَلْجُبُّ هُوَ "بئْرٌ
عَمِيقَةٌ". أَنْقَذَهُ اللهُ "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى".
بوَاسِطَةِ اَلْقَافِلةِ. اَلْمُتَجِهَةِ مِنْ أَرْضِ "مَدْيَنَ" إِلَى
"مِصْرَ"، وَقَدْ فَقَدَ أَبُوهُ يَعْقُوبُ "عَلَيْهِ
السَّلاَمُ" بَصَرَهُ حُزنًا عَلَى ابْنِهِ. بَعْدَ مَا كَذَبَ عَلَيهِ
أَوْلاَدُهُ. فَقَدْ أَخَذَتْهُ
السَّيَارَةَ مِنَ "اَلْجُبِّ". لِيَبيعُوهُ فِي "مِصْر".
((
وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىَ دَلْوَهُ قَالَ
يَابُشْرَاىَ هَذا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاَللهُ عَلِيمٌ بِمَا
يَعْمَلُونَ )) (يوسف19)
وَالْعَمُّ "سِعْدَاوِيُّ" يَنْظُرُ بشَغَفٍ
إِلَى الأُسْتَاذِ "مِحْرِزَ".
وَهُوَ يَحْكِي وَيَقُولُ:
-
وَاَشْتَرَاهُ عَزِيزُ "مِصْرَ"، وَعَزَيزُ "مِصْرَ" يَعْنِي:
"مُدَبِرَ شُئُونِ الْمُلْكِ فِي مِصْرَ"، وَكَانَ اسْمُهُ
"قِطْفِيرُ"، وَزَوْجَتُهُ هِيَ "زُلَيخَةُ". أَمَا مَلِكُ
"مِصْرَ" وَقْتَذَاكَ فَكَانَ اسْمُهُ "الرَيَّانُ بنُ الْوَلِيدِ
بنْ أَرْسِلاَدِسْ"، وَكَانَ يُوسُفُ "عَلَيْهِ السَّلاَمُ" عَلَى
قَدْرٍ كَبيرٍ مِنْ جَمَالِ الْخِلْقَةِ، وَأَقَامَ فِي قَصْرِ
"الْعَزِيزِ"، وَسَاءَتْ الْعِلاَقَةُ بَيْنَ "يُوسُفَ"
وَ"الَعْزَيزِ". بسَبَبِ "زُلَيخَةَ" زَوْجَةِ
اَلْعَزِيزِ.فَتَمَنَى "يُوسُفُ" أَنْ يَدْخُلَ السِجْنَ، وَلاَيَعْصِي
أَوَامِرَ خَالِقِهِ. فَاَسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ وَوَاجَهَ يُوسُفُ ظُلْمَةَ
اَلسِجْنِ، وَأَغْلَقُواعَلَيهِ اَلأَبْوَاَبَ مَعَ اَلْمَسَاجينَ. اَلْذِينَ
أَحَبُوهُ وَأَحَبَهُمْ. بَعْدَ أَنْ رَأَوا اَلصَلاَحَ وَالتَّقْوَىَ فِي
مُعَامَلَتِهِ مَعَهُمْ، وَكَانَ مِنْ بَينِ هَؤُلاَءِ الْمَسَاجِينِ رَجُلاَنِ.
أَحَدُهُمَا صَادِقٌ، وَاَلآخَرُ كَذَّابٌ.
قَالَ اَلرَجُلُ اَلصَادِقُ "لِيُوسُفَ"
عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
- رَأَيْتُ فِي اَلْمَنَامِ. كَأَنِي
أَعْصُرُ عَنَاَقِيدَ اَلْعَنِبِ. ثُمَّ أَسْقِيهَا لِلْمَلِكِ. فَمَا رَأْيُكَ
فِي هَذِهِ اَلرُؤْيَا؟
نَظَرَ إِلَيهِمَا اَلرَجُلُ اَلْكَاذِبُ مُسْتَهْزِئاً.
وَقَالَ مُقَاطِعاً كَلاَمَهُمَا:
-
وَأَنَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي، كَأَنـِي خَبَزْتُ خُبْزَاً، وَحَمَلْتُهُ فِي
وِعَاَءٍ عَلَى رَأْسِي، وَجَاءَتْ اَلطُيُورُ لِتَأْكُلَ مِنْهُ. فَمَا رَأْيُكَ
فِي هَذِهِ الرُؤْيَا؟
فَقَالَ لَهُمَا يُوسُفُ "عَلَيْهِ
السَّلاَمُ":
- يَا صَاحِبيَّ اَلسِجْنِ. أَمَّا
أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبُّهُ خَمْرَاً.
وَصَمَتَ اَلأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ" قَلِيلاً
وَقَالَ:
- وَمَعْنَىَ رَبُّهُ أَي سَـيِّدَهُ.
ثُمَّ أَرْدَفَ قَائِلاً لِلآخَرِ:
-
وَأَمَّا اَلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ اَلطَيْرُ مِنْ رَأْسِهِ.
فَلَمَاَ سَمِعَ اَلْكَاذِبُ هَذَا الْكَلاَمَ،
أَصَابَهُ الْهَلَعَ.
وَقَالَ "لَيُوسُفَ":
- إِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئاً.
فَقَالَ "يُوسُفُ":
(( قُضِىَ الأمْرُ الْذِيِ فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
)) (يوسف41)
وَبَعْدَ مُرُورِ عِدَّةِ أَيَّامٍ. خَرَجَ اَلرَجُلاَنِ
مِنَ اَلسِجنِ "اَلصَادِقُ" وَ "اَلْكَذَّابُ،
وَأَمَرَ اَلْمَلِكُ بصَلْبِ الرَجُلِ اَلْكَاذِبِ فِي
حَدِيقَةِ الْقَصْرِ.
فَجَاءَتْ الطُيُورُ وَأَكَلَتْ مِنْ رَأْسِهِ. فَأَخَذَ
اَلنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِليهِ.
وَيَقُولُونَ:
- هَذَا جَزَاءُ اَلْكَذَّابِ. هَذَا جَزَاءُ
اَلْكَذَّابِ.
أَمَا اَلرَجُلُ اَلصَادِقُ. فَقَدْ جَعَلَهُ اَلْمَلِكُ
مِنَ اَلْمُقَرَبينَ إِلَيهِ.
بَلْ جَعَلَهُ هُوَ اَلسَاقِي اَلْخَاصَ لَهُ.
وَبَينَمَا عَمِّ "سِعْدَاوِي" يُنْصِتُ
باِهْتِمَامٍ. أَتَتْ اِبْنَتَهُ "فَاطِمَةُ" تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا
لُفَافَةً بهَا اَلطَعَامُ.
فَنَهَضَ وَأَخَذَهَا مِنْ عَلَى رَأْسِِهَا،
وَوَضَعَهَا أَمَامَ اَلأُسْتَاذِ "مِحْرِزَ" وَوَلَدَيْهِ،
وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَجْلِسَ مَعَهُمْ. تَحْتَ
شَجَرَةِ "التُوتِ". لِتَسْتَمِعَ إِلَى حِكَايَاتِ الأُسْتَاذِ
"مِحْرِزَ".
وَبَدَأَ عَمُ "سِعْدَاوِيُ" يَكْشِفُ
الْغِطَاءَ عَنِ الطَعَامِ.
وَقَالَ:
- تَفَضَلُوا. هَيَّا نَأْكُلُ مَعاً.
فَقَالَ اَلأُسَتَاذُ "مِحْرِزُ" وَهُوَ
يَبْتَسِمُ:
- أَشْكُرُكَ يَا عَمُّ
"سِعْدَاوِيَ".
وَعِنْدَمَا أَصَرَّ عَمُّ "سِعْدَاوِيُ".
قَالَ الأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ" مُوُجِهاً
الْكَلاَمَ لِوَلَدَيْهِ:
- أَتَرُوْنَ يَاَ أَوْلاَدُ مَاَ يَفْعَلُهُ
عَمِّ "سِعْدَاوِي". هَذَا هُوَ كَرَمُ الضِيَافَةِ اَلْذِي يَشْتَهِرُ
بهِ أَهْلُ بَلَدِنَا اَلطَيِّبُونَ، وَيَجِبُ أَنْ نَكُونَ جَمِيعَاً كُرَمَاءَ،
وَصَادِقِينَ فِي أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا.
ثـُمَّ قَالَ بَعْدَ إِلْحَاحٍ مِنْ عَمِّ
"سِعْدَاوِي":
-
سَنَأْكُلُ وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ نُتِمَ قِصَّةَ سَيِّدِنَا يُوسُفَ
"عَلَيْهِ السَّلاَمُ".
قَاَلَ "خَلِيلُ":
- نَعَمْ يَا أَبِي فَهَذِهِ قِصَّةٌ
مُشـَوِقَةٌ جِدًا.
قَالَ اَلأُسْتَاَذُ "مِحْرِزُ":
- نَعَمْ يَاَ بُنَيَ فَهِىَ مِنْ أَحْسَنِ
اَلْقَصَصِ فِي "الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ".
ثُمَّ أَرْدَفَ قَائِلاً:
-
وَبَعْدَ مُرُورِ عِدَةِ أَيَّامٍ. رَأْىَ مَلِكُ مِصْرَ وَقْتَذَاكَ
"الرَيَّانُ بنُ الْوَلِيدِ بنِ أَرْسِلاَدِسْ" فِي مَنَاَمِهِ. أَنَهُ
قَدْ خَرَجَ مِنَ اَلنِيلِ سَبْعُ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ. ثـُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ
سَبْعُ بَقَرَاتٍ عِجَافٍ-أَي ضَعِيفَاتٍ- أَكَلْنَ تِلْكَ الْبَقَرَاتِ
السِمَانِ. ثـُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعُ سُنْبلاَتٍ خُضْرٍ، وَسَبْعُ
سُنْبُلاَتٍ يَابِسَاتٍ. فَالْتَفَّتْ اَلسُنْبُلاَتُ اَلْيَابسَاتُ عَلَى
اَلسُنْبُلاَتِ اَلْخُضْرِ فَجَعَلَتْهَا يَابِسَةً. فَنَهَضَ اَلْمَلِكُ مِنْ
نَوْمِهِ مَذْعُوراً، وَأَمَرَ بإِحْضَاَرِ الْمُفَسِرِينَ.
فَلَمَا سَمِعَ اَلْمُفَسِرُونَ ذَلِكَ قَاَلُوا:
- يَا مَوْلاَنَا هَذِهِ الرُؤْيَا أَضْغَاثُ
أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ ِبعَاَلِمِينَ.
وَتَكَرَرَتْ هَذِهِ اَلرُؤْيَا مَعَ اَلْمَلِكِ. فَاَحْتِارَ
فِي الأَمْرِ.
وَعِنْدَمَا رَآهُ خَادِمُهُ اَلصَادِقُ. اَلْذِي كَانَ
فِي اَلسِجْنِ مَعَ يُوُسُفَ "عَلَيْهِ السَّلاَمُ".
قَالَ:
- يَامَوْلاَي أَرَاكَ حَائِراً. إِنَ فِي السِجْنِ فَتَىً
اسْمُهُ "يُوسُفُ". هُوَ اَلْذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يُفَسِرَ لَكَ هَذِهِ
الرُؤْيَا. اَلْتِي عَجَزَ عَنْ تَفْسِيرِهَا اَلآخَرُونَ، وَهُوَ عَلَى قَدْرٍ
كَبيرٍ مِنَ اَلْحِكْمَةِ، وَمَعْرِفَةٍ ببَوَاطِنِ الأُمُورِ.
فَأَمَرَ اَلْمَلِكُ "الرَيَّانُ " بإِخْرَاجِ
"يُوسُفَ" مِنَ اَلسِجْنِ فِي الْحَالِ.
وَقَالَ:
(( وَقَالَ اَلْمََلِكُ اِئْتُونِى بِهِ
فَلَمَّا جَاءَهُ اَلرَّسُولُ قَالَ اَرْجِعْ إِلَىَ رَبِّكَ فَاسْئَلْهُ مَابَالُ
اَلنِّسْوَةِ اَلاَّتِىِ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ
عَلِيمٌ )) (يوسف50)
فَقَالَ خَلِيلُ لأَبِيهِ الأُسْتَاذُ
"مِحْرِزُ":
- لَقَدْ ذََكَرْتَ اَلسُنْبُلاَتِ فِي
رُؤْيَا اَلْمَلِكِ "اَلرَيَّانِ" يَا أَبـِي.
قَالَ اَلأُسْتَاَذُ "مِحْرِزُ":
- نَعَمْ يَا وَلَدِي، وَسَيَأْتِي
"يُوسُفُ" عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلْمَلِكِ. لِيَقُومَ بتَفْسِيرِ
هَذِهِ الرُؤْيَا، وَلَكِنَ "يُوسُفَ اَلصِدِّيقَ" رَفَضَ اَلْخُرُوجَ
مِنَ اَلسِجْنِ. إِلاَ بَعْدَ أَنْ تَظْهَرَ بَرَاءَتُهُ أَمَامَ اَلنَّاسِ
جَمِيعَاً. فََلَمَا ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ ذَهَبَ إِلَى اَلْقَصْرِ.أَجْلَسَهُ
اَلْمَلِكُ بجَانِبهِ. بَعْدَ أَنْ أُعْجِبَ بكَلاَمِهِ وَحُسْنِ هَيْأَتِهِ.
وَقَالَ:
- وَمَا تَرَىَ فِي الرُؤْيَا اَلْتِي
رَأَيْتُهَا؟
فَقَالَ "يُوسُفُ الصِدِيقُ":
-
سَتَأْتِيكُمْ سَبْعُ سِنِينٍ مُخْصِبَةٌ. فِيهَا خَيْرٌ وَفِيرٌ. ثُمَ
يَأْتِيكُمْ بَعْدَهَا سَبْعُ سِنِينَ مُجْدِبَةٍ.
نَظَرَ" إِسْمَاعِيلُ" إِلَّى أَبيهِ وَقَالَ:
- هَلْ كُلُّ هَذِهِ اَلأْحْدَاثِ كَانَتْ
فِي أَرْضِ "مِصْرَ" يَا أَبِي؟
قَاَلَ:
- نَعَمْ يَا وَلَدِي فَمِصْرُ بَلَدٌ
مُبَارَكَةٌ ورَدَ ذِكْرُهَا فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ باَلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
وَأَرْدَفَ اَلأُسْتَاذُ قَائِلاً:
- وَقَالَ اَلْمَلِكُ مُسْتَفْسِراً مَاذَا
سَنَفْعَلُ فِي هَذِهِ اَلْمُشْكِلَةِ؟
قَالَ "يُوسُفُ" عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
-
اِزْرَعُوا زَرْعَاً كَثِيرَاً فِي اِلسِنِينِ الْمُخْصِبَةِ، وَبَعْدَ أَنْ
تَحْصُدُوا هَذَا اَلزَرْعَ اتْرُكُوهُ فِي سُنْبُلِهِ. حَتَّى إِذَا جَاءَتْ
السُنُونُ الْمُجْدِبَةُ. تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَتَغَلَبُوا عَلَى هَذِهِ
الْمُشْكِلَةِ.
فَقَالَ "الْمَلِكُ":
- وَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟
قَالَ "يُوسُفُ" عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
(( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَّى خَزَائِنِ
الأَرْضِ إِنِي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )) (يوسف55)
ثُمَّ سَكَتَ الأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ" قَلِيلاً
وَقَالَ:
- وَخَزَائِنُ الأَرْضِ يَا أَوْلاَدُ هِىَ
"مِصْرُ" أَرْضُنَا اَلطَيِّبَةُ.
وَفَاطِمَةُ "ابْنَةُ عَمِّ سِعْدَاوِي"
تَسْتَمِعُ مَعَهُمْ بشَغَفٍ.
وَاَلأُسْتَاذُ يُشِـيرُ بإِصْبِعِهِ. تِجَاهِ اَلأَرْضِ
الْخَضْرَاءِ الْوَاسِعَةِ مِنْ حَوْلِهِ. وَقَالَ:
- وَهَـكَذَا
أَصْبَحَ يُوُسُفُ "عَلَيْهِ السَّلاَمُ" عَزِيزَاً لِمِصْرَ، وَلَهُ
شَأْنٌ عَظِيمٌ عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ. أَي مِصْرُ اَلْحَبيبَةُ.
سَأَلَهُ عَمُ "سِعْدَاوِيُ":
-
وَمَا بَالُ إِخْوَتِهِ الْذِينَ كَادُوا لَهُ؟
انْتَبَهَ الْجَمِـيعُ لِسُؤَالِ عَمِ
"سِعْدَاوِيِ".
فَقَالَ اَلأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ":
- كَانَ اَلقَحْطُ
قَدْ وَصَلَ إِلَى أَرْضِ" كَنْعَانَ"، فَتَوَجَهَ إِخْوَةُ
"يُوسُفَ" عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَطْلُبُونَ النَجْدَةَ مِنْ عَزِيزِ
"مِصْرَ". لَمْ يَعْلَمُوا أَنَ أَخَاهُمْ. أَصْبَحَ هُوَ عَزِيزَ
"مِصْرُ". فَتَعَرَفَ "يُوسُفُ" عَلَى إِخْوَتِهِ،
وَأَعْطَاهُمْ مِنَ الْغِلاَلِ مَا يَكْفِيهِمْ. بَلْ وَأَعْطَاهُمْ قَمِـيصَهُ.
لِيُعْطُوهُ إِلَى أَبيهِمْ يَعْقُوبُ "عَلَيهِ السَّلاَمَ". فَارْتَدَّ
"يَعْقُوبُ" بَصِيراً، وَتَوَجَّهَ مَعَ أَهْلِهِ جَمِيعاً إِلَى
"مِصْرَ". لِيَعِيشُوا فِي خَيْرِهَا اَلْوَفِيرِ.
كَانَتُ اَلشَمْسُ قَدْ مَاَلتْ برَأْسِهَا إِلَى
اَلْغُرُوبِ.
عِنْدَمَا أَنْهَى
عَمُّ "سِعْدَاوِيُّ" سِقَايَة حَقْلِ اَلْقَمْحِ وَابْنَتُهُ
"فَاطِمَةُ" تُسَاعِدُهُ فِي أَعْمَالِهِ.
وقَالَ عَمُ "سِعْدَاوِيُّ" يُـكْمَلُ حَدِيثَ
اَلأُسْتَاذِ "مِحْرِزَ":
- سَيدُنَا "يُوسُفُ" يَا
أَوْلاَدُ هُوَ "ابْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ
الرَّحْمَنِ. نَعَمْ فَهُوَ نَبِيٌّ ابنِ نَبِيٍّ ابنِ نَبِيٍّ ابنِ نبِيٍّ.
قَالَ
اَلأُسْتَاذُ" مِحْرِزُ" :
- نَعَمْ يَاعَمُّ "سِعْدَاوِيُّ"
عَلَيْهِمُ اَلصَّلاَةُ وَاَلسَّلاَمُ جَمِيعاً. فَجَدُّهُ لأَبيِهِ هُوَ خَلِيلُ
اَلرَحْمَنِ أَبُو اَلأَنْبِيَاءِ، وَوَالِدُ سَيِدُنَا "إِسْمَاعِيلُ"
جَدُّ سَيدِنَا مُحَمَدَ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ" خَاتَمِ
اَلأَنْبِيَِاءِ وَاَلْمُرْسَلِينَ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق