عبد الله عبد
مرت الريح فوق البحر فقالت له:
-أيها البحر هل ترافقني؟
فقال البحر:
- إلى أين؟
فقالت الريح:
- للقيام برحلة في البلاد.
فقال البحر:
- لا أستطيع.
سألته الريح:
- لماذا؟
فأجاب البحر:
- لأني أنا البحر:
ولم يعجب هذا الجواب الريح فقالت:
- يا له من متكبر!
وتابعت الريح طريقها فوق البحر فشاهدت مركباً فقالت له:
- هل ترافقني؟
فقال المركب:
- إذا سمحت لي، فالتجار ينتظرون على الشاطئ الآخر وعنابري حافلة بالجوز واللوز والفراء والفلفل واللؤلؤ والمرجان.
ونفخت الريح في الأشرعة فانتفخت وتهادى المركب فوق البحر حتى وصل إلى الشاطئ حيث كان تجار الجوز والفراء والتوابل والصنوبر واللؤلؤ والمرجان ينتظرون، ثم توقف عند الشاطئ ولم يتقدم بعد ذلك.
وتابعت الريح طريقها فشاهدت شجرة فقالت لها:
- أيتها الشجرة هل ترافقينني في رحلتي؟
أجابت الشجرة:
- كلا.
فسألتها الريح:
- لماذا؟
فردت الشجرة:
- لأني أنتظر الربيع كي أورق وأزهر وأصنع ثمراً للناس.
وجرت الريح بين البيوت فقالت لأحدها:
- هل ترافقني في رحلتي؟
فقالت البيت:
- بودي لو أرحل معك، فقد ضجرت من البقاء في مكان واحد. ولكن البيوت وا أسفاه لا ترحل لأنها ثابتة.
وواصلت الريح سيرها فالتقت بجبل فقالت له:
- هل تسافر معي؟
فقال لها الجبل:
- كيف أسافر معك وأنا أحمل على ظهري الثلج والغابة.
وانحدرت الريح إلى الطريق العامة وقد عللت النفس بأنه من الممكن أن تجد هناك أحداً ما، فصادفت عمود كهرباء، فقالت له:
- أيها العمود هل تمضي معي فتتفرج على الدنيا بدلاً من أن تقف هنا ثابتاً فيدخل الملل إلى قلبك؟
فقال عمود الكهرباء
- ليتني أستطيع أن أفعل، ولكن عما قليل تغيب الشمس ويعم الظلام وهنا تأتي مهمتي فأحمل النور إلى البيوت؛ وعندئذ ينحني التلاميذ على كتبهم لحفظ دروسهم، وتحمل آلام صنارتها وخيطانها لتتابع نسج الصوف، ويفتح الأب صحيفته ليستطلع الأخبار قرب الموقد.
وشعرت الريح بالوحدة فأنت وأعولت. تلفتت هنا وهناك فرأت غيمة فقالت لها:
- أيتها الصديقة هل تسافرين معي؟
فقالت الغيمة بفرح:
- نعم.. نعم فأنا على موعد مع فلاح بذر حبوبه وغرس شتوله في الأرض ثم راح ينتظرني في حقله. لعلي قد تأخرت في السفر إليه. وأخشى أن أصل بعد فوات الأوان.
فقالت الريح:
- أمتطي ظهري وسأحملك إليه قبل أن تذوي شتوله وتموت بذوره في باطن الأرض.
وامتطت الغيمة ظهر الريح التي سرعان ما انطلقت في طريقها فرحة جذلى لأنها تحمل الأمل والخير لفلاح ينتظر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق