الغراب
و الريش الملون
دليل زينب
يحكى انه كان يعيش في غابة
خضراء باسقة الأشجار متنوعة النباتات و الثمار عدد كبير من الطيور مختلفة الأحجام
و الألوان، و كانت هذه الطيور تتجمع كل يوم عند غدير ماء تشرب وتصطاد و تأكل ما
قدر لها الله من ثمار و بذور و حشرات.
كان الغراب ذا الريش الأسود
الداكن يغار من الطيور ويتذمر من لون ريشه و يعتزل مجموعته من الغربان السوداء
تبرؤا منها، ليقضي معظم يومه على أغصان الأشجار المحيطة بالغدير يراقب أسراب
الطيور الزاهية الألوان، يتأملها ويحلم بتلون ريشه و تبدل مظهره يوما ما، يتخيل نفسه
يمشي مختالا متباهيا أمام الجميع...يتخيل دهشتهم و..انبهاره بشكله ولونه.
في يوم من الأيام حلق الغراب كعادته نحو الغدير
وجلس إلى غصن شجرة قريب يسترق النظر إلى الطيور، بين الشجيرات كان يختبئ ثعلب ماكر
يترصد فريسة يسد بها جوعه.
لاحظ الثعلب شرود
الغراب الحالم فأخذ يراقبه و هو يتتبع الطيور بنظرات إعجاب ..و يتنقل من غصن لآخر
حتى استقر على غصن قريب من الثعلب..لكن لم يكن في متناوله..فبادر الثعلب مستفسرا:
ما بالك تراقب الطيور ولا تختلط بها .
فرد الغراب الحالم على
الصوت دون أن يتحقق مصدره بعد أن أطلق زفرة حزينة : و كيف أقابلهم بريشي هذا
..سيسخرون من شكلي ،ثم أردف قائلا: ليت لي ريشا جميلا مثلهم.
فقال الثعلب :
بسيطة..استبدل ريشك الأسود بريش ملون.
فرد الغراب: أتسخر مني
أنت أيضا ؟ كيف السبيل لذلك؟.
قال الثعلب: سأساعدك
..واحضر لك ريشا ملونا من مكان قريب تستبدل به ريشك هذا.
ثم أردف قائلا وهو
يهرول إلى المكان الذي اعتاد أكل فرائسه من الطيور فيه..
عليك النزول إلى الأرض
ليتسنى لي مساعدتك فانا لا أجيد الطيران.
هز الغراب رأسه سعيدا
فرحا، وراح ينتف ريش جناحيه ريشة تلو الأخر متحملا الألم ، ممنيا نفسه بمظهر أجمل و
أبهى.
اقبل الثعلب و في فمه الريش
الملون ثم وضعه على الأرض، و كان الغراب قد أتم نتف ريشه، نظر للثعلب و هو يلقي
الريش فشعر بخوف و رعشة تسري في جسده العاري و تسمر في مكانها، رسم الثعلب على
وجهه ابتسامة ماكرة و قال: ها قد أحظرت لك ما تحتاج لتتخلص من مظهرك البشع إلى
الأبد و هذا بعض الصمغ لتلصق الريش، اطمئن الغراب و راح يثبت الريشات والفرحة
تغمره و الثعلب يراقبه و هو يبتسم في خبث، حتى أتم لصق الريش فشكر الثعلب على
لطفه وحسن صنيعه، واخبره انه كان
مخطئا بسوء ظنه في الثعالب، لكن ما إن فرد جناحيه وحركهما ليمتع عينيه
بألوانهما حتى تناثر الريش على الأرض فما كان الصمغ سوى عسلا لزجا، ضحك الثعلب حتى
برزت أنيابه وقال: لقد صبرت على غفلتك و غبائك كثيرا و الآن حان وقت تحقيق أمنية
معدتي الخاوية، أدرك الغراب انه اخطأ حقا بالوثوق في عدوه وان حلمه ألهاه عن حرصه وحماية
نفسه فحاول الهرب ركضا لكن الثعلب لم يمهله وثب عليه و مزق لحمه بأنيابه و مخالبه
الحادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق