أَجْمَلُ الْبُيُوتِ
محمد
محمود قشمر
بَيْنَمَا كَانَتْ
سُنْدُسُ الَّتِي تَخْطُو فِي عَامِهَا الرَّابِعِ تَلْهُو فِي بَاحَةِ الدَّارِ؛
إِذْ رَأتْ ثُقْبَاً فِي الأَرْضِ تَخْرُجُ مِنْهُ حَشَرَاتٌ صَغِيرَةٌ, وَعَلَى
عَجَلٍ انْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا تَصِيحُ:
ـ أُمِّي.. أُمِّي
هُنَالِكَ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْدُوْدُ.
سَأَلَتْ أُمُّهَا:
ـ أَيْنَ ذَلِكَ
الْثُقْبُ يِا سُنْدُسُ؟
أَجَابَتْ سُنْدُسُ
بِلَهْفَةٍ:
ـ تَعَالَيْ
أَنْظُرِي, إِنَّهُ قُرْبَ الْجِدَارِ الَّذِي يَفُصِلُ الْحَدِيقَةَ عَنِ
الْمِصْطَبةِ.
فَهَزَّتِ الأُمُّ
رَأْسَهَا وَهِيَ تَقُولُ:
ـ عَرَفْتُهُ..
عَرَفْتُهُ.. إِنَّهُ لَيْسَ دُوْدَاً يَا سُنْدُسُ, إِنَّهُ نَمْلٌ أَسْوَدٌ.
فَسَأَلَتْ سُنْدُسُ
أُمَّهَا مُنْدَهِشَةً:
ـ وَمَاذَا يَفْعَلُ
النَّمْلُ الأَسْوَدُ فِي دَاخِلِ الثُّقْبِ الصَّغِيرِ؟
فَأَجَابَتْ أُمُّهَا
بَاسِمَةً:
ـ إِنّهُ يُخَزِّنُ
الطَّعَامَ لِفَصْلِ الشِّتَاءِ.
فَعَادَتْ سُنْدُسُ
لِتَسْأَلَ بِاسْتِغْرَابٍ:
ـ أَلَمْ يَجِدِ النَّمْلُ
مَكَانَاً يُخَزِّنُ فِيهِ طَعَامَهُ غَيْرَ هَذَا الْمَكَانِ؟
فَأَجَابَتْ الأُمُّ
مُوَضِِّحَةً:
ـ إَنَّهُ بَيْتُهُ
الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ وَيَأوِي إِلِيَهِ.
لَكِنَّ سُنْدُسَ ازْدَادَتْ تَعَجُّبَاً
بِهَذَا الْقَولِ فَأَرَدَفَتْ:
ـ إَنَّهُ غَرِيْبٌ
جِدَّاً, لَيْسَ مِثَلَ بِيُوتِنَا..!!
فَقَالَتْ أُمُّهَا
مُوَضِّحَةً:
ـ لاَ تَتَعَجْبِي
يَا سُنْدُسُ.. فَلِكُلِ كَائِنٍ حَيٍّ بَيْتٌ يَعِيشُ فِيْهِ, يَخْتَلِفُ
شَكْلُهُ بِاخْتِلافِ الْكَائِنِ وَنَمَطِ مَعِيشَتِهِ.
فَتَسَاءَلتْ
سُنْدُسُ بِحِيرَةٍ:
ـ أُمِّيييي ..
قُولِي كَيْفَ ذَلِكَ؟
فَقَالَتْ الأُمُّ
شَارِحَةً:
ـ الْعُصْفُورُ
بَيْتُهُ الْعُشُّ, وَالنَّحْلُ بَيْتُهُ الْخَلِيَّةُ, وَالأَرْنَبُ بَيْتُهُ
الْوَكَرُ, وَالْحِصَانُ بَيْتُهُ الإِسْطَبْلُ, وَالْخَرُوفُ بَيْتُهُ
الْحَظِيرةُ.. وَهَكَذَا.
صَمَتَتْ سُنْدُسُ
قَلِيَلاً ثُمَّ سَأَلَتْ أُمَّهَا:
ـ لَكِنْ.. هَلْ
تَعْلَمِينَ يَا أُمِّي أَيُّهَا أَجْمَل؟
فَرَدَّتِ الأُمُّ
بِوُدٍ:
ـ لا أَعْلَمُ..
هَاتِي أَخْبِريِنِي يَا حُلْوَتِي..
فَقَالَتْ سُنْدُسُ
بِيَقِينٍ:
ـ إِنَّهُ
بِيْتُنَا.. أَجْمَلُ الْبُيُوتِ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق