لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 14 يوليو 2015

"أنا وأبى رمضان" قصة للأطفال بقلم: سماح أبوبكر عزت

 أنا وأبى رمضان
سماح أبوبكر عزت
هو أبى أحمل اسمه وأشعر بالسعادة والفخر عندما أرى نظرات اللهفة فى عيون الكبار والصغار وفرحتهم به وبى.. يتسابقون لشرائى، يتفننون فى صنعى، أقف مزهواً فى الشوارع الفسيحة، فى الحارات القديمة، تتنوع أشكالى.. من النحاس الأصفر والزجاج الملون وشمعة كبيرة، لأشكال عصرية تضاء بمصباح صغير، ومهما اختلفت وتغيرت لا يتغير حب الناس من جيل لجيل لى.. لفانوس رمضان.. واليوم أتذكر معكم أصدقائى..
جدى أول فانوس أضاء نوره القلوب الفرحة فى ليلة من ليالى رمضان وبالتحديد فى يوم الخامس من شهر رمضان عام ٣٨٥ هجرية، ففى ذلك اليوم البعيد وفى عهد الدولة الفاطمية.. وصل الخليفة المعز لدين الله الفاطمى ليلاً من المغرب إلى مصر وخرج الناس لاستقباله، حاملين المشاعل والفوانيس ليتمكنوا من رؤية موكبه المبهر.. ومنذ ذلك اليوم ارتبطت بشهر رمضان.
أروع الليالى، التى أنتظرها من العام للعام.. ليلة رؤية هلال رمضان أصافح وجه الهلال فى السماء ووجوه كل البشر وابتسامة تشرق على ملامحهم فرحين برؤيته..
أتذكر موكب الخليفة وهو خارج بملابسه الفخمة من قصره لاستطلاع رؤية هلال رمضان، يحيط به حاملو الفوانيس وحوله الوزراء والخيول المزركشة بالأعلام الملونة. يسير الموكب فى أحياء قاهرة المعز القديمة.. فى حى بين القصرين حتى يدخل باب الفتوح ثم باب النصر عائداً إلى باب الذهب، وفى أثناء الطريق توزع الصدقات على الفقراء والمساكين.. حكى لى جدى عن سعادته والناس يحملونه بفرحة غامرة، وعند التأكد من رؤية هلال رمضان يضاء طوال الليل فوق البيوت ويدور مناد فى البلاد معلناً (صيام.. صيام، كما حكم حاكم الإسلام) - إذ وقتها أصدقائى كان هو وسيلة الإعلام قبل اختراع التلفاز وكل الوسائل الحديثة التى بين أيديكم. قال لى جدى الفانوس النحاسى وتوهجت شمعته: كم تمنيت أن ترى الجامع الأزهر فى عهد الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله.. إذ أمر بإضاءته بسبعة وعشرين فانوساً طوال ليالى رمضان فكان شمساً تشرق فى ليل القاهرة الساحر.
وفى القرن الرابع عشر الميلادى، صدر قانون يحتم على كل ساكن أن يعلق فانوساً مضاء على مدخل حارته وباب منزله من ساعة غروب الشمس إلى حين بزوغ الفجر طوال شهر رمضان، كما استخدمه رجال الشرطة لتأمين الشوارع.. تمايل شمعتها تردد أغنياتهم الشهيرة وحوى يا وحوى.. وكذلك صنعوا فوانيس كبيرة من النحاس للكبار، كان يستخدمها المسحراتية لإيقاظ الناس للسحور فى ليالى رمضان، حتى إن أول فانوس كان اسمه (المسحراتى) وكان فانوساً للسحور يعلق مضاء بالمآذن فإذا غاب نوره كان إيذاناً بوجوب الإمساك والكف عن تناول الطعام.
ومرت الأعوام وتغيرت العادات ولم يعد هناك مواكب لرؤية الهلال.. وبقيت أنا رمزاً ومَعلماً هاماً من معالم شهر رمضان، تتغير أشكالى وألوانى فى كل عام.. ولكن لا يغير حب الناس لى وشوقهم لرؤيتى.. وارتباطهم بى.. بفانوس رمضان..

ليست هناك تعليقات: