لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



السبت، 26 نوفمبر 2011

"ترمومتر الزمن" قصة للأطفال بقلم: أحمد محمد عبده

ترمومتر الزمن
أحمد محمد عبده

كان حسام يضع اللمسات الأخيرة " للتجربة " – يعاير المقادير ويضبط الأنابيب والمحابس ، جائزة كبري في انتظاره . إذا نجحت التجربة .
كانت الوزارة قد منحته – جائزة قيمة – علي تركيبة كيميائية جديدة تنفع في عالم الحشرات .
خرج من المعمل موعده معها بعد ثلاثة أيام .
أو المقرر لها اثنتان وسبعون ساعة .
أو بالضبط " السادسة والربع مساء يوم 20 ديسمبر ".
هكذا كتب علي " الكارت " الذي ثبته علي باب المعمل .
ركن صغير في غرفته – أعده للتجارب .
ذكرته أمه بأن عيد ميلاده قد اقترب ، بعد ثلاثة أيام . يوم 20 .. ..
اضطرب حسام ، مسح القلق تقاطيع وجهه .
- نسيت .. ليتني أجلت التجربة يوما أو قدمتها يوما .
ولان أمه هي التي ذكرته بالمناسبة السعيدة ، ابتسم لها . قبلها ، تنهد وقال :
- يا ااا ه – اثنا عشر عاما يا أمي ..
نوع من الفرح سري في عينيه – مع شئ من الثقة بالنفس .
لكن إحساسا غريبا شعر به فجأة
- بعد ثلاثة أيام – سأكمل اثنتي عشرة سنة ، في كل سنة اثنا عشر شهرا ، في كل شهر ثلاثون يوما ، في كل يوم أربع وعشرون ساعة ، في كل .. .. ..
- ماذا حققت في هذا العمر الطويـ ـ ـ ـ ـ ل .. ؟؟ !
- حفظت عواصم العالم ؟
- تعلمت كيف أتعامل مع الكمبيوتر ؟
- عرفت متي يكون المثلث قائم الزاوية ومتي يكون متساوي الأضلاع ؟
- لا يكفي .. لا يكفي ؟
- وكم في العمر من اثنتي عشرة سنة ؟؟
قال أبوه :
- أتكلم نفسك يا حسام ؟؟ !!
- وكأنه أراد أن يدخل عليه شئ من البهجة قال :
- سنقيم لك حفلا جميلا . أدع زملاءك في الفصل .
فقال حسام لأبيه :
- يوم ميلادي .. من اثني عشر عاما .. كم كانت الساعة حينما جئت إلى هذه الحياة . أتذكر ياأبي ؟
قال الأب :
- كل ما أتذكره أنك ولدت ساعة أذان العشاء .
قال حسام :
- كنتم تقدرون الوقت بالظهر والعصر والعشاء يا أبي ؟
لم يرد الأب ..
فقال حسام :
- 20 ديسمبر أي كنا في الشتاء " أقصد كنتم " أليس كذلك يا أبي ؟
- فعلا يا حسام .. وكانت ليلة ممطرة .
- إذا كانت الساعة السادسة تقريبا .. ..
** ** **
وفي الفصل دعا حسام زملاءه . قال لهم في لهجة آمره ، مغلفة بخفة الدم :
- وإليكم برنامج حفل عيد ميلاد الأمير حسام . تناقلت علي وجوههم ضحكات بيضاء.
- الساعة السادسة إلا خمس دقائق .. الحضور.
- الساعة السادسة بالضبط .. إطفاء الشموع .
- في السادسة وعشر دقائق ، نكون قد أكلنا " التورتة " .
بعدها الانصراف " فورا " فعندي ارتباط مهم في السادسة والربع .
تركهم حسام وانصرف .
راحوا يعلقون علي طريقة " زميلهم " معهم ، وأن ما بينهم من زمالة " وعشم " ينبغي أن يلغي المواعيد والتكلف .. !!
قال توفيق :
- أنا راكب المترو عشرون محطة لزيارة قدرها ربع ساعة .
وقال هانى :
وأنا استقل التاكسي . لحفل لا يزيد عن عدة دقائق ..
أما أحمد فقد كان له راية الخاص :
- حسام صديق غير عادي . وجدير بالاهتمام ، ثم إنه حر في تنظيم وقته .
قالت له أمه :
كل شئ جاهز ويمكننا .. ومعنا خالتك وأولادها .. أن نبدأ الحفل ..
فقال لأمه :
- يا أمي . حين نزلت " من بطن أمي " كانت الساعة السادسة عشاء ،ألا تذكرين .؟ إنني اذكره جيدا ..!! لم تكن الثانية ظهرا . أنسيت يا أمي ؟ هذه الساعة .. ؟
ضحكت أمه معه .
** ** **
وفي السادسة إلا خمس دقائق رن جرس التليفون .
- أنا أحمد يا حسام .. أعتذر لك عن الحضور فقد جاء لي – علي غير موعده مدرس العلوم .
وفي السادسة وخمس دقائق دخل توفيق ..
اجتمع الحاضرون علي إطفاء الشموع .
" هابي بارز داي تيو .. .. "
ظهر علي وجه حسام قلق مفاجئ
"سنة حلوه يا حسام "
ثم انهمكوا يأكلون التورتة "
عقارب الساعة تقزح ولا تهتم بأحد .
السادسة و أحد عشر دقيقة ..
رن جرس الباب .. دخل هاني – اعتذر متعللا بأنه كان يشتري " هذه الهدية "
وفجأة – انفجار مدو – رج أركان المنزل .
هرعوا جميعا .. كل في اتجاه بحثوا عن مصدر الانفجار .
منهم من ظنه انفجار أنبوبة الغاز .
ومنهم من راح يخمن علي أنه انفجار إطار سيارة ..
أما حسام فقد هرول مسرعا الي المعمل .
دفع الباب .. كانت الغرفة معبقة بالدخان الأصفر والأخضر والأحمر ..

ليست هناك تعليقات: