سن من 9 الي 12 سنة
فاطمة هانم طه محمد
وقف الفأر الصغير علي قدميه الخلفيتين ، رافعا راسه ينصت في اهتمام فهو دائم الانشغال بما يحدث حوله.انصت قليلا ثم صاح: اتسمعون ؟
نظر رفاقه اليه في دهشة ثم قالوا : لا..لا نسمع شيئا 0
عاد الفأر الصغيرينصت وقال : هذا الصوت ؟ انصتوا قليلا هاهو0
تجاهلت الفئران قوله وانصرف كل منهم الي شأنه
راح الفأر الصغير يبحث هنا وهناك حوله ،يمسح بشاربه العشب ...يتفحص ما يقابله.. يبحث عن الصوت الذي يسمعه .. يتلفت حوله وهز شاربه.. تشمم الهواء ، كان حائر يسأ ل : ما هذا الصوت؟ ومن اين يأتي ؟ وبقية الفئران منشغلة لا تسمع ما يسمعه الفأر الصغير الذي يبحث ليعرف .
سأل الفأر الصغير جده: لماذا اسمع هذا الصوت ولا يسمعه غيري من الفئران؟
قال الجد: لانك مشغول بمعرفة حقيقة ما يقابلك من احداث .
قال الفأر الصغير : وماذا افعل حتي اعرف حقيقة ذلك الصوت الذي يتردد في سمعي طول الوقت ؟
قال الجد : ارحل تجول ، ففي السفر سبع فوائد،سيساعدك التنقل علي معرفة حقيقة ما تسمع ،وما تبحث عنه ، وستتعرف علي كثير من المخلوقات التي تعيش في الغابة وتتعلم الكثير والكثير0
اقتنع الفأر الصغير بنصيحة جده وركض الي الغابة .
كلما توغل داخل الغابة ازداد الصوت الذي يسمعه وضوحا ، فعلم انه في طريقه الصحيح لاكتشاف الحقيقة ، فدخل الي عمق الغابة اكثر ، وبعد قليل توقف ينصت ليحدد الي اي اتجاه يسير، ثم سار نصف اليوم فسمع صوت يقول: مرحبا
التفت الفأر الصغير حوله منزعجا وقد تملكه الخوف سمع الصوت مرة اخري يقول : اهلا بك يا صغيري ماذا تفعل وحدك في الغابة ؟0
التفت الفأر الصغير نحو مصدر الصوت فوجد ارنب عجوز يقف بالقرب منه يبتسم في ود ، فذهب عنه الخوف
وقال : انا ابحث عن مصدر صوت يدق في راسي... اسمع ، هاهو يدق علي الدوام، أتسمعه انت الاخر؟0
أنصت الانب لحظات، ثم هتف: نعم أسمعه .
فرح الفأر الصغير وهتف: حسنا ... أتعرف ما هو ؟
قال الارنب : نعم انه صوت النهر0
قال الفأر الصغير : النهر ، وما هو النهر ؟
قال الارنب : النهر هو عملاق هادر لا يقدر عليه احد، انه خطر داهم اذا غضب ، وهذا صوت جريانه مندفعا في طريقه الي البحيرة المسحورة التي تنعكس صورة العالم 0
قال الفأر الصغيرمندهشا : البحيرة المسحورة ؟
قال الارنب : نعم انصحك بالتراجع وعدم البحث عنه .
قال الفأر الصغيرفي اصرار : لا سوف ابحث عنه مهما كان خطره ومهما كلفني من مشقة ، سأجده واطلب منه خفَض صوتها لمزعج .
قال الارنب : اذن إتبعني ساوصلك الي هناك هيا.
شعر الفأر الصغير بالقلق من كلام الارنب العجوز ، ولكنه يريد ايضا أن يري النهر، ويطلب منه خفض صوته .. فتبع الارنب في دروب الغابة ، التي بهرته بأشجارها وأزهارها ، وراح يتشمم الحيوانات التي تمر به ، ويسأل الارنب العجوز عنها ، فيخبره بأسمائها، فهذا اسد وهذا نمر و فيل و ذئب ، فعرف بقية سكان الغابة ، وعلم ان هناك الكثير من الحيوانات تسكن فيها.
و رغم خوفه استمر يسير خلف الارنب ، وكلما ازداد االصوت وضوحا كان اصراره علي الوصول اليه يزداد ، وشعر انه أقترب من تحقيق هدفه، فيستمر في متابعة خطي الارنب العجوز في نشاط .
بعد فترة وصلا الي النهر وكان صوت هديره عاليا ، وقف الفأر الصغير مشدوها يضع اصابعه في اذنيه، ينظر فوجد امامه مجري واسع يتدفق فيه الماء بقوة ، نظر اليه في خوف ،ثم استجمع شجاعته وصاح : ايها النهر ارجو ان تخفض صوتك قليلا 0 ولكن النهر ظل مندفعا ولم يلتفت الي الفأر الصغير فعلم الفأر ان صوته الضعيف لن يصل الي سمع النهر ، فأقترب من حافة النهر اكثر .وصاح بصوت عالي : ايها النهر ، ان صوتك يزعجني ويدق في راسي فارجو ان تخفضه قليلا 0
ولكن النهر ظل مندفعا لا يسمع صوت الفأر الصغير، الذي نظر الي صفحة الماء فرأي فأرا صغيرا مزعورا ينظر اليه فخاف وتراجع الي الخلف حتي سقط علي الارض ونظر الي الارنب العجوز وقال : رايت فار صغير في النهر كيف يعيش الفأر في النهر؟
ضحك الارنب وقال : ها ها فأر في النهر ها ها ان الفأر الذي رايته وقع علي الارض من الخوف هاها ، انها صورتك يا صغيري تنعكس علي صفحة الماء ، ومن لم ياتي الي النهر لن يعرف عنه شيئا ولن يري صورته ابدا.
،اما قلت لك إن النهر خطير 0
نهض الفأر الصغير وهو يقول : انه لا يسمعني، فماذا افعل حتي يصل صوتي اليه ؟
قال الارنب : ان النهر في طريقه البعيد لا يلتفت الي احد ولا ينتظر احد، فعليه واجب لابد من إتمامه انه يسافر الي الاماكن البعيدة جدا ولا يوقفه احد ابدا الا..... صمت الارنب
فساله الفأر الصغير : من الذي يمكنه ان يوقف النهر الهادر ؟
قال الارنب : الجبل العظيم ، هو فقط الذي يمكنه ان يجعل مياه النهر تتوقف في البحيرة المسحورة، التي تعكس صورة العالم كله ، هناك فقط يمكنك ان تتحدث اليه ؟
شعرالفأر الصغيربالياس قليلا ثم صاح : سوف ابحث عن الجبل العظيم واطلب منه ان يعترض طريق النهر وعليك مساعدتي حتي اصل الي هناك0
قال الارنب: لااستطيع انه بعيد جدا ، واذا ذهبت الي هناك لن استطيع العودة وسوف اضيع في الغابه .
قال الفأر الصغير : لا ارجوك لا تتركني هنا وحيدا0
قال الارنب : لا تخاف سوف اتركك لصديقتي الضفدعة الساحرة التي تقف هناك 00 انظر.
نظر الفأر الصغير الي حيث اشار الارنب ، فراي ضفدعة كبيرة الحجم تقف علي احدي الصخور داخل النهر ، تعجب الفأر الصغير وصاح: كيف تقفين داخل النهر الهادرألا تخافين ؟
ضحكت الضفدعة الساحرة وقالت : لا لست خائفة لانني اعرف حقيقة النهر فمن يعرف حقيقة الشئ لا يخاف منه.
قال الفار الصغير : ولكن انا اخاف من صوته الهادر ،وأريد ان أذهب الي الجبل العظيم عند البحيرة المسحورة واطلب منه اعتراض طريق النهر حتي يمكنني التحدث اليه ، لأطلب منه خفض هديره المزعج0
صمتت الضفدعة الساحرة قليلا و قالت : أذن سوف اساعدك لتصل الي الجبل العظيم ولكن قبل ذلك سوف امنحك قوة السحر حتي تصبح شجاع قادرا علي رؤية الاشياء البعيدة0
صاح الفأر الصغير في فرح : اذن امنحني هديتك بسرعة هيا 0
قالت الضفدعة الساحرة : ولكن قبل ان أمنحك قوة السحر،هناك شرط
قال الفار مندفعا : اقبل كل شروطك ..هيا
قالت الضفدعة الساحرة : عليك ان تقدم بعض التضحيات خلال رحلتك لتحقيق هدفك 0
قال الفأر الصغير : لايهم سأتحمل كل المشاق ، والتضحيات هيا0
قالت الضفدعة الساحرة : فكر قليلا0
قال الفار الصغير: لا، بدون تفكير ،هيا إمنحيني قوة السحر هيا0
قالت الضفدعة: اذن قف مستقيما وانحني الي أسفل قدر إستطاعتك ثم إقفز عاليا بكل قوتك وستري ماذا سيحدث لك.
إستجمع الفار الصغير قوته وفعل كما طلبت الضفدعة الساحرة وقفز عالي،وفجأة وجد نفسه يطير ويرتفع في الفضاء، وهناك بعيدا بعيدا ... رأي جبل عظيم الإرتفاع ولكنه هبط بسرعة ليستقر في النهر وكاد أن يغرق ، فكافح بكل قوة وشجاعة ووصل الي اليابسة وهو يصرخ قائلا : لقد خدعتني وكدت أموت لا أريد قوة السحر هذه0
قالت الضفدعة : لاتتسرع ولا تدع الغضب يعميك عن الحقيقة قل لي أولا ماذا رأيت هناك ؟
هدأ الفار الصغيروراح يتذكر ثم قال في دهشة : آه تذكرت لقد رأيت هناك جبلا عاليا.
قالت الضفدعة : أرأيت قوتك الأن ؟وبهذه القوة نفسها يمكنك تحدد مكان هبوطك لتعود الي الارض سالما 0
قال الفأر الصغير : والان ماذا افعل حتي اصل الي الجبل العظيم؟
قالت الضفدعة : انت الان اصبحت ( الفأر الصغير الوثاب )وتستطيع ان تصل الي هناك وحدك 0 شكر الفأر الصغير الوثاب الضفدعة وودعها وسار في طريقة للبحث عن الجبل العظيم كان فخورا بما يملكه من قوة السحر التي تمكنه من رؤية ما يريد .
استجمع الفأر الصغير الوثاب قوته وقفز عاليا في الفضاء فرأي الجبل العظيم ناحية الشرق ولكنه راي ايضا هناك في الفضاء نقط سوداء كثيرة تتحرك هنا وهناك فتساءل في دهشة :تري ما حقيقة تلك النقاط السوداء المتحركة ؟
هبط الفأر الصغير الوثاب الي الارض واسرع في طريقه بنشاط وهمة ناحية الشرق يسير في الغابة حتي وصل الي مكان فسيح تظلله الاشجار الباسقة وتنتشر في أرجائه الزهور وسنابل القمح الذهبيه والبذور الناضجة و جداول الماء العذب ووقف يتفحص المكان فرأي فأر عجوز فاقترب منه قائلا: مرحبا يا جدي0
تفحص الفأر العجوز الفأر الصغير الوثاب و قال : مرحبا يا صغيري ، مرحبا بك في جنة الحكمة 0
قال الفأر الصغير الوثاب في دهشة : جنة الحكمة ، اين هي ؟
قال الفار العجوز : هنا جنة الحكمة نحن نعيش هنا مع الحيوانات الاخري في امان لدينا الطعام الوفير والماء العذب وهنا لا يعتدي أحدا علي أحد، ولا يطمع أحدا في ما لدي غيره و هنا لا ترانا النسورالجائعة واشار الي اعلي 0
نظر الفأر الصغير الوثاب الي حيث اشارفرأي النقط السوداء المتحركة تلف وتدور فوقهم.
فقال : النسور هل هذه النقط السوداء نسور ؟
قال الفار العجوز : نعم انها تعرف اننا نعيش هنا وتراقبنا وتنتظر ظهور أحدنا فتنقض عليه وتأكله ولهذا نحن نسكن في الجحور ونختبأ تحت الشجيرات التي تحجبنا اعين النسور ولكن قل لي من انت؟ ولماذا جئت الي هنا ؟
فال الفأر الصغير الوثاب : جئت هنا ابحث عن الجبل العظيم والبحيرة المسحورة وأطلب من النهر خفض صوته المزعج الذي يدق في راسي 0
قال الفأر العجوز :الجبل العظيم !! انه طريق طويل يا بني، امكث معنا هنا في جنة الحكمة، تأكل وتشرب وتكون في امان .
قال الفأر الصغير الوثاب : لا أستطيع التراجع عن تحقيق هدفي لابد من مقابلة النهر الهادر، كي اعود الي بيتي في اقرب وقت 0
قال الفأر العجوز : خذ بنصيحتي وامكث معنا افضل ، تاكل وتشرب في امان.
قال الفأر الصغير الوثاب :لا لقد خرجت ابحث عن النهر وأعرف حقيقة الاشياء وسأتحمل التعب والمشقة حتي اصل الي الجبل والبحيرة المسحورة لاتأخرني عن رحلتي الي اللقاء،
قال الفأر الصغير الوثاب هذا وأسرع مبتعدا يقفز ويثب حتي شعر بالتعب فاستلقي تحت احدي الاشجار وبدأ النعاس يغشي عيناه وفجأة سمع صوت انفاس ثقيلة ترتفع وتنخفض في ضعف تملكه الخوف والقلق ، ما هذا الصوت الغريب ؟؟ تساءل وقام يبحث حوله وانصت قليلا ثم تحرك في هدؤ ناحية الصوت وهناك تحت احدي الاشجار وجد حيوان ضخم ينام علي الارض في إعياء يتنفس بصعوبة
وقف الفأر الصغير الوثاب، مكانه يرتعش من الخوف بعد ان رأي ضخامة الحيوان الراقد علي الارض شعر الحيوان به فتطلع اليه في ضعف وقال : مرحبا يا صديقي الصغير اشكرك علي زيارتي وانا مريض 0
اطمئن الفأر الصغير الوثاب قليلا وقال في تردد: مرحبا يا من انت ؟ وماذا بك ؟
قال الحيوان المريض في إعياء : انا وحيد القرن وانا مريض كما تري 0
قال الفأر الصغير الوثاب: مسكين يا صديقي انا اسف لحالك هل يمكنني مساعدتك ؟
قال وحيد القرن وهو يلتقط انفاسه بصعوبة: نعم تستطيع آه آه00 قال الطبيب لن يشفيني سوي عين فأر صغير0
انزعج الفأر الصغير الوثاب وتراجع للخلف وهو يصيح : عين فأر عين فأرصغير ! ثم ركض يجري بسرعة مبتعدا وهو يرتعش حتي إختبأ بين الأشجار يلتقط انفاسه بصعوبة ثم راح يفكر في طلب وحيد القرن كيف يتنازل عن احدي عينيه له ؟ ويبقي بعين واحدة تذكر كلام الضفدعة الساحرة حين قالت له : هناك بعض التضحيات لابد ان تقدمها حتي تصل الي هدفك اذن هذه اول تضحية لابد من تقديمها لمن يحتاج المساعدة حتي يصل الي هدفه.
جاء صوت وحيد القرن من بعيد وقد ضعف تنفسه : ايها الفأر إنني أموت تعالي وامنحني الشفاء انها تضحية بسيطه ويمكنك أن تري بعين واحدة .
أسرع الفأر الصغير الوثاب الي حيث كان وحيد القرن يوشك ان يموت وقال : أيها المخلوق الضخم أنا فأر صغير ولن أدعك تموت سوف امنحك إحدي عيني 0
وقبل ان يكمل الفأر الصغير الوثاب كلامه قفزت إحدي عينيه من رأسه الي فم وحيد القرن وبعدها بلحظات قام وحيد القرن وقد شفي من مرضه وراح يشكر الفأر الصغير الوثاب ويقول : أشكرك يا أخي كثيرا ولن أنسي معروفك ابدا ومن االان ستعيش معي هنا في الوادي الأخضر وتكون مهمتي حمايتك 0
قال الفأر الصغير الوثاب: شكرا يا صديقي ولكني لن استطيع فلابد من البحث عن الجبل العظيم والبحيرةالمسحورة لذلك أطلب منك فقط ان تساعدني في الوصل الي هناك .
قال وحيد القرن : إذن سأرشدك الي هناك وعليك السير في ظل جسمي الضخم أخفيك عن عيون النسور0
شكر الفأر الصغير الوثاب وحيد القرن وسارا حتي وصلا الي وادي فسيح وقال وحيد القرن : والان يا صديقي نحن بالقرب من الجبل العظيم وعليك إستكمال رحلتك وحدك وأنا سوف أعود الي الوادي الأخضر مرة اخري الي اللقاء.
ودع الفأر الصغير الوثاب وحيد القرن وسار يتجول في المكان يستكشف ما حوله بعين واحدة متنقلا بين الشجيرات الصغيرة هربا من النسور وفي ظل شجرة رأي ذئب ينام في تكاسل فإقترب منه مترددا وقال : مرحبا يا صديقي الذئب ماذا بك تنام في تكاسل هل أنت مريض ؟؟
نظر اليه الذئب وقال : أنا أنا ذئب نعم انا ذئب انا ذئب .
تعجب الفأر الصغير الوثاب من حالة الذئب وقال : نعم انت ذئب ؟
قال الذئب : لا أدري فأنا أفقد الذاكرة ثم تعود لي قليلا ثم أفقدها مرة اخري ولا أدري إن كنت ذئب أم شيء أخر قال هذا و عاد ينام في كسل إقترب الفأر الصغير الوثاب منه وقال : مسكين يا صديقي هل يمكنني مساعدتك حتي تشفي من مرضك ؟
انتبه الذئب مرة اخري وقال : هه آه نعم يمكنك آه انا مريض جدا ولم أعد أستطيع صيد طعامي لقد نسيت ماذا أكل ا و أشرب، إنني اوشك أن أموت آه آه 0
قال الفأر الصغير الوثاب : قل لي ماذا أفعل لك ؟
قال الذئب : شيء بسيط يا صديقي لن يشفيني إلا عين فأر صغير هكذا قال الطبيب 0
خاف الفأر الصغير الوثاب ودق قلبه بشدة وأسرع يعدو مبتعدا عن الذئب وجلس يفكر ماذا يفعل؟ لم يعد له سوي عين واحدة فقط كيف يعطيها للذئب ويصبح أعمي ولكنه يريد ان يساعد الذئب المسكين حتي تعود له ذاكرته وشعر الفأر الصغير الوثاب بالحيرة وتأنيب الضميرفأسرع بالعودة الي الذئب
وقال : أيها الذئب سوف سأمنحك عيني الباقية حتي تشفي ولكن بشرط ان ترافقني حتي أقابل الجبل العظيم والبحيرة المسحورة ثم تذهب بي الي وبيتي في الجهة الغربيه من الغابه 0
وقبل ان يكمل الفأر الصغير الوثاب جملته كانت عينه تقفزمن راسه لتستقر في فم الذئب المريض الذي أكلها بسرعة وبعد لحظات وقف متعافي من المرض وعادت اليه ذاكرته
صاح الذئب قائلا : أنت صديق وفي أيها الفأر الصغير لذلك لن آكلك أبدا بعد معروفك الجميل هذا وآنا تحت أمرك ماذا تطلب مني ؟
قال الفأر الصغير الوثاب : خذني الي الجبل العظيم وكن دليلي في الطريق، تطعمني وتسقيني وتحميني0
قال الذئب في إمتنان : أنا تحت أمرك يا صديقي الوفي .
قال الفأر الصغير الوثاب : حسنا هيا بنا .
أمسك الفأر الصغير الوثاب ذيل الذئب وسارا سويا في الغابة بعد فترة من الزمن وصلا الي الجبل العظيم ولبحيرة المسحورة 0
وهناك امام الجبل العظيم وجدوا النهر قال الذئب : ها نحن قد وصلنا الي الجبل العظيم وهاهي البحيرة المسحورة وهاهي مياه النهر تتدفق الي البحيرة والان إسمح لي ان اعود الي منطقة نفوذي مرة اخري0
قال الفأر الصغير الوثاب في حزن : وتتركني وحيدا هنا ؟ لن استطيع ان أطعم نفسي بعد ان أصبحت ضريرا لا أري 0
قال الذئب في أسف : أنااسف جدا ياصديقي ، فهنا منطقة نفوذ ذئب أخر ولا أستطيع التعدي علي منطقته فيقاتلني .
ترك الذئب الفأر الصغير الوثاب وعاد الي داخل الغابة و أمام البحيرة وقف الفأرحيدا يندب حظه وراح يبكي وهو لا يعرف ماذا سيفعل فهو لا يري ولا يستطيع البحث عن طعامه ولن يستطيع العودة الي وطنه وأهله و لن يستطيع رؤية الجبل العظيم والبحيرة المسحورة راح يبكي ويسأل نفسه : كيف سيتم مهمته ؟ ، ويطلب من النهر أن يخفض صوته؟ شعر المسكين أنه ضائع ولا يعرف ماذا يفعل؟ 0
أنكمش الفأر الصغير الوثاب علي نفسه يرتعش وإزداد خوفه حين شعر بظل خلفه وسمع صوت جناحان يضربان الهواء فوق راسه فكتم أنفاسه من الرعب و أيقن أنه أصبح فريسة لأحد النسور فغاب عن الوعي وبعد قليل سمع صوت يناديه ويقول : نق نق أفق أيها الفأر الصغير الوثاب نق نق أفق.
عرف الفأر الصغير الوثاب صوت الضفدعة الساحرة فصاح في فرح : الحمد لله أين انت ايتها الضفدعة ؟ ماذا حدث لي ؟ هل اكلني النسر ؟
قالت الضفدعة الساحرة : لا تخاف انقذتك منه ، لا تخاف.
قال الفأر الصغير الوثاب : أين أنت يا صديقتي؟ أنا لا أستطيع رؤيتك بعد ان اصبحت اعمي كما تري0
قالت الضفدعة الساحرة : أعرف أعرف يا صغيري اعرف انك منحت عيناك لمن احتاج اليها ولكن لا تحزن سوف أعيد اليك بصرك مكافأة لك علي فعلك الخير0
صاح الفأر الصغير الوثاب في لهفة: حقا ؟
قالت الضفدعة الساحرة : اولا سامنحك بعض قوة سحر أكبر من السابقة.
صاح الفأر الصغير الوثاب في فزع : لا اريد سحرا اكبر امنحني بصري فقط
ضحكت الضفدعة الساحرة وقالت : لاتخف لن يكون هناك تضحيات اخري فما عليك إلا أن تنحني وتقفز بكل قوتك كما فعلت أول مرة وستري ماذا سيكون 0
إستجمع الفأر الصغير الوثاب قوته وقفز قفزة كبيرة ،فحملته الرياح عاليا ولكنه كان خائفا من النسور وهو أعمي لا يراي شيئا فصاح في خوف : أيتها الضفدعة الساحرة أين أنت ؟ أنا خائف 0
صاحت الضفدعة الساحرة : لا تخاف تمسك بالرياح وثق في نفسك 0
إستجمع الفأر الصغير الوثاب شجاعته ووثق في قدرة السحر التي منحتها له الضفدعة فذهب عنه الخوف وأخذت الرؤية تتضح أمامه رويدا رويدا وكلما إزداد إرتفاعا في الفضاء كلما إزدادت الصورة وضوحا
فرأي الجبل العظيم يقف شامخا وأمامه البحيرة المسحورة وقد إنعكست عليها صورة العالم وماء النهر يندفع اليها في هدير عالي.
كانت الضفدعة الساحرة تقف وسط البحيرة تشجع الفأر الصفير الوثاب وتقول: تمسك بالريح يا صديقي ولا تخاف وثق في نفسك لقد أصبحت من الأن تمتلك قوة السحر الكبري التي تستطيع بها تحقيق أحلامك العظيمة لمنفعة سكان الغابة أنت الأن تمتلك إسما جديدا ، فانت من الان الفأر الصغير الوثاب الطائر0
فرح الفأر الصغير الوثاب الطائر بما سمع ، وكان مازال يطير عاليا فصاح بكل ما عنده من قوة سحر قائلا : ايها النهر العظيم قلل من إندفاع ماؤك الي البحيرة ، حتي يهدأ صوتك ، فحمل الهواءكلام الفأر الصغير الوثاب الطائر الي النهر ، الذي أخذ يدفق ماؤه في البحيرة بهدؤ، فقلل من إندفعها وإنخفض هدير الماء ، وأصبح صوته هادئا ،كانغام الموسيقي العذبة0
شكر الفأر الصغير الوثاب الطائر، الضفدعة الساحرة وودعها ، و طار عائدا الي طنه ، حيث كان جده الفأر العجوز في إنتظاره وهناك جلس الجميع حوله يقص عليهم ما تعلمه وراه في رحلته و كيف جعل صوت هدير النهر يهدأ، ويصبح أنغام ساحرة بٍعد أن كان ضجيجا مزعجا ، وكيف تعلم مساعدة الغير وتفضيل مصلحة المحتاج عن مصلحته وكيف ان ما فعله من خير لم يضيع هبأ بل عاداليه بالخير الكثير .