الفارس المغوار
سعاد محمود الأمين
كان فى قديم الزمان، قبيلة اشتهرت بالفروسية، والشجاعة، وإكرام الضيف وإغاثة الملهوف. ترعرع فتيان القبيلة على تلك الخصال الحميدة.كانت القبائل الأخرى تتمنى التعامل معهم فى التجارة، وفى التواصل بالمصاهرة. لذلك كان فتيان القبيلة محط أنظار الفتيات من البادية. وخاصة الفارس المغوار أخو البنات. لقب بذلك لحمايته للحرمات، وعطفه على النسوة ومساعدتهن. كان الفارس يتمتع بقامة مهيبة وهو على صهوة جواده. ياتى الأول فى سباقات الفروسية بين القبائل. وكان لوسامته، وجاذبيته، وقوته، وشجاعته، أن اشتهر فى تلك البقاع . ذات يوم وهو يتجول على صهوة فرسه قرب مملكة الجبل رأته الأميرة الحسناء وحيدة ابويها، وكانت ترفض جميع من يتقدم لها طالبا القرب منها بالزواج من أبناء الملوك والأمراء. ومنذ ذلك اليوم الذى رأته فيه لم تستطيع نسيانه أبدا، وصارت تطلب من وصيفتها أن تتربص به، وتهئ لها لقاء حتى يراها .كان يأتى دائما ليسقى فرسه من بركة مياه عذبة، تنبع مياهها من عيون جبل يحيط بالمملكة. فتتسلل الأميرة والوصيفة ويختبئن خلف الصخور. وعندما تنحدر الشمس للمغيب. يأتى الفارس ليسقى فرسه. وينظفه، ويستحم الفارس، وبعدها ينطلق بفرسه قاطعا الفيافى، حتى يصل مضارب قبيلته.
عزم الفارس على الزواج، ولكنه لايختلط بالفتيات، لذلك إستعان بأخته لتختار له. أراد منها ان تجد له فتاة ذات شعر مثل ذيل فرسه.أعطاها سبيبة شعر، كانت قد علقت به عندما كان يستحم فى البركة . أخذت اخته السبيبة السوداء الطويلة، وصارت تقيسها على شعر فتيات القبيلة، حتى طابقت شعرفاطمة، الفتاة المؤدبة، ابنة شيخ القبيلة كانت على قدر من الجمال، وحسن الأخلاق، فقبل بها وصارت القبيلة تعد لزواج الفارس المغوار من بنت الشيخ.
تناقل الخبر فى البادية.علمت جميع القبائل بزواج الفارس .وانتشر الخبرحتى وصل المملكة. حيث الأميرة تنتظر كل مغيب شمس قدوم الفارس الى البركة، وعندما لم يأت حزنت الأميرة ومرضت أخبرت الأميرة أبيها وطلب الملك من جنوده أن يبحثوا عنه فى كل مكان.
أشرقت شمس ذلك اليوم، مرسلة اشعتها الذهبية على رمال البادية. والقبائل فى حركة دؤوبة، تجاه مضارب قبيلة الفارس، الموعود بزواج بنت الشيخ، نحرت الذبائح وعبقت روائح الطعام الشهية، وإجتمعت النسوة يزيّن العروس. وضُربت الدفوف وأطلق البخور. كان يوما سعيدا.
قدم الى محفل العرس ضيوف أغراب، لم يتعرف عليهم أهل القبيلة، ولكنهم أكرموا وفادتهم .قدموا الهدايا للفارس، وعندما غادروا، تبعهم الفارس شاكرا لهم قدومهم، إبتعدوا قليلا،ثم هجموا على الفارس واقتادوه الى قصر الملك، حيث قيدت قدماه، ووضع فى حجرة مغلقة، يقف على حراستها حراس غلاظ شداد.
إفتقد محفل العرس الفارس، وصاروا يبحثوا عنه فى كل مكان. لم يجدوه وكان فرسه قد زيّن لموكب العرس ولكن اختفاؤه المريب، جعل الفرس حزين ينتظر فارسه. بحث فرسان القبائل فى كل البوادى ولم يجدوا له أثر.
مرت الأيام تعقبها الشهور، بعدها تيقن أهل الفارس من جدوى البحث ، ربما قتل ودفن فى الصحراء. ولكن اخته لم تقتنع، وصارت تجوب الفيافى، وتذهب الى الجبال وتجلس على صخرة مقابلة للمملكة.حدسها ينبئها بأن الفارس قد يمر من هنا تنتظر وتنتظر...
فى أحد الأيام، خرج من كهف فى الجبل، رجل عجوز كان يراقب أخت الفارس، وولما طال إنتظارها ،خرج اليها روت له ماحدث لاخيها، أخبرها الرجل العجوز: بأن الأميرة فى مملكة الجبل كانت تراقب الفارس وتنتظره هنا.وكانت تحبه وتريد الزواج منه ،ومرضت عندما لم يأت، علم ابيها الملك بسرها ، فارسل جنوده، خطفوه يوم زواجه ولكنه رفض الزواج من الأميرة فسجن هكذا أخبرتنى وصيفة الأميرة. فرحت لمعرفة أخبار أخيها الفارس. ولكنها لاتعرف سبيلا اليه، فسألت العجوزفقال لها: عليك بالبحث عن عجوز ونزع جلده . إرتديه متنكرة وإذهبى الى المملكة فقالت له: كيف أنزع جلد العجور .
قال لها:تغرزى له شوكة سحر ألاشجار الجبلية، فى منتصف رأسه فينزلق الجلد.انتظرته حتى نام وأتت بشوكة الجبل وغرزتها فى رأسه، وسحبت جلده وإرتدته، وصارت تشبه العجوز وتقدمت نحو مملكة الجبل إعترضها
الحراس وإقتادوها الى الملك. ظنوها عجوزا تخطى حدوده ودخل المملكة، إمتعض الملك وزجرهم لسوء ،
تعاملهم مع العجوز قائلا لهم: أطعموه وأكرموه ففى العجائز البركة والحكمة ربما يقنع لنا الفارس بزواج ابنتى .
فرحت كثيرا عندما تاكدت من وجوده، صارت تتجول فى القصر، تبحث. وتقضى وقتها فى البساتين والحدائق الغنّاء، وعندما يأتى، المساء تخلع جلد العجوز وتستحم فى البركة .راها الحارس وكادت الدهشة أن تقتله، من هول المفاجاءة ومن جمالها الآسر. هرول مسرعا. ليخبر القصر ولكنهم لم يصدقوه وظنوه فقد عقله. ولم يهتم أحد لما يقول ويصف.
أكتشفت أخت الفارس محل سجنه. .طلبت من الملك زيارته لإقناعه بالزواج، أمر الحراس أن يتركوا العجوز يزور الفارس .
عندما أرخى اليل سدوله. وحل الظلام، تسلل الفارس مرتديا جلد العجوز، وتسللت أخته معه بعد أن تنكرت كخادمة. وهربوا تحت ستر الليل، صوب الجبل، ومنها الى حيث مضارب قبيلتهم.
أُقيمت الأفراح وتم الزواج .وعندما علمت الأميرة بهروبه مرضت، وأمرت بطرد جميع الحراس. حيث رفض الفارس لحبها زادها ألما، وهى التى تحصل على كل شئ، الأ على قلب هذا الفارس، الذى إلتزم بوعده لبنت القبيلة. معرضا حياته للسجن فى أحلك الظروف،. وندم الفارس على ثقته فى الغرباء، الذين خطفوة ليلة عرسه وروعوا بقبيلته. صار ينصح رفاقه بأن لا يثقوا فى الغرباء. حتى لايدفعوا الثمن الغالى، ربما تكون حياتهم.تم الزواج وعاشت الغارس المغوار فى هدوء وسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق