لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

قوة تأثير ما نكتبه على القراء الصغار بقلم: يعقوب الشارونى


قوة تأثير ما نكتبه على القراء الصغار
بقلم: يعقوب الشارونى
*"سر الاختفاء العجيب" فى مدرسة النور [ 1 ]

وحول هذه الرواية، أذكر أننى تلقيت دعوة من مدرسة "النور" بالإسكندرية، للحديث مع الطالبات فى لقاء ثقافى.
ومدرسة النور يلتحق بها من فقدن البصر، أو صاحبات البصر الضعيف جدًّا الذى لا يمكنهن من القراءة، وبها فصول من الروضة إلى نهاية المرحلة الثانوية.
وجدت أمامـى جمهورًا تتراوح أعمارهن بين السابعة والخامسة عشرة، اختـرت أن
أحكى لهن بعض قصصى، وأعطيت معظم الوقت لرواية "سر الاختفاء العجيب"، التى اخترت لأحداثها قريتى "شارونة"، وبطلها فتى عمره (11) سنة مصاب بشلل أطفال فى إحدى ساقيه، فأصبح يعرج فى سيره، لكنه كان أكثر أطفال القرية اطلاعًا، وأقدرهم مهارة لإصلاح الأجهزة الكهربائية. ومع ذلك كان يعانى من نظرة أهل القرية إليه التى لا تعطى الاحترام الكافى لمن يعانى عجزًا فى قدراته الجسدية.
حكيت القصة، واستمعت إلى كثير من الأسئلة، ودار بينى وبينهن حوار حول ما تحتاجه هؤلاء الفتيات من تفهم أكثر لاحتياجاتهن من المجتمعات التى يعيشون فيها.
وعندما انتهى اللقاء، طلبت منى بعض الطالبات أن أترك للمدرسة نسخة الرواية.
بعد بضعة أشهر، فوجئت بالمدرسة تدعونى إلى لقاء آخر.
عندما بدأت اللقاء، فوجئت بالأسئلة تنهال من طالبات مختلف المراحل، حول أحداث وشخصيات "سر الاختفاء العجيب"!!
سألت فى دهشة: "من أين أحاطت الطالبات بهذا الكم من المعلومات حول الرواية وشخصياتها؟!"
هنا تقدمت مديرة المدرسة تعرض أمامى نسخة من الرواية، مكتوبة بطريق "برايل"،
التى تعتمد على الحروف البارزة.
فبعد اللقاء الأول، طلبت الفتيات من إدارة المدرسة كتابة نسخة (أو عدة نسخ) من الرواية بهذه الطريقة، التى تمكنهن من القراءة. فاستجابت المدرسة ووفرت لهن عدة نسخ، قدمن لى واحدة منها هدية.
قالت لى مديرة المدرسة تشرح ما حدث: "فوجئت برد فعل كبير بعد أن حكيت لهن فى اللقاء الأول موضوع روايتك. وأستطيع تأكيد أنه لا توجد الآن طالبة فى المدرسة لم تقرأ سر الاختفاء أكثر من مرة".
سألتها فى دهشة: "لكن بطل الرواية مصاب فى ساقه، وطالباتك مشكلتهن البصر!"
أجابت وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة كبيرة: "المسألة ليست نوع الإعاقة، لكن فى تصميم بطل قصتك على التحدى، فعلى الرغم من اختلافه عن الآخرين، استطاع أن ينجز وحده ما لم يستطع الكبار إنجازه، فخرج وحده يبحث عن صديقه الذى تاه بين التلال القريبة من القرية، بعد أن بحث عنه الكبار لكنهم عادوا وقد يئسوا من العثور عليه- إلى أن وجده بطل القصة وأنقذه من الموت بعد سقوطه فى بئـر مقبرة فرعونية قديمة، وأثبت بذلك أن المختلف يمكن أن يتفوق على غيره ممن
يتمتعون بسلامة كل الأعضاء".
ثم أضافت فى تأكيد: "إننا فى حاجة إلى أعمال أدبية كثيرة، جذابة ومشوقة مثل هذه القصة، فقد لمست بنفسى قوة تأثيرها فى تأكيد ثقة بناتى بأنفسهن ومستقبلهن".

* مرمر وبابا البجعة [ 2 ]

فى إشفاقٍ وشىءٍ من الألمِ، جاءَتْ مرمر تهمسُ فى أذنى: "كيف تستطيعُ هذه البجعةُ أن تأكلَ أو تصطادَ السمكَ؟"
        وجَّهْتُ بصرى إلى الناحيةِ التى تُشيرُ إليها بيدِها..
        كانَ النصفُ الأمامِىُّ من الجزءِ العلوِىِّ من المنقارِ الطويلِ العريضِ، مكسورًا عند منتصِفهِ وغير موجودٍ.. وامتلأتُ أنا نفسى بالدهشةِ وقلتُ:
        "مستحيلٌ أن تتمكَّنَ بجعةٌ من الإمساكِ بأيةِ سمكةٍ مستخدمةً الجزءَ الأسفلَ وحدَهُ من منقارِها.."
        وأمسكْتُ بيدِ مرمر، وذهَبْنا إلى عمِّ فتحى، حارسِ حديقةِ حيواناتِ الأطفالِ، المُلحَقةِ بأحدِ الفنادقِ المقامةِ على جزءٍ من جزيرةٍ رائعةِ الجمالِ وسطَ النيل،ِ قُرْبَ الأقصرِ.
        قالَ عمِّ فتحى بصوتِهِ الهادئِ، وكلُّ ملامحِ وجهِهِ تنطقُ بالأبوةِ والحنانِ: "عِنْدَنا بجعتانِ، نستخدم المقص لنقصُّ منهما الريشَ كلَّ أسبوعٍ، لنمنعَهما من الطيرانِ إلى حيث لن تعودا.
        لكنْ حدثَ ذاتَ يومٍ، منذُ خمسِ سنواتٍ، أن استطاعَتْ تلك البجعةُ الطيرانَ، فتخطَّتِ الحاجزَ حولَ بحيرتِها، ولم يساعدْها الجناحانِ إلا لتسقطَ فى البحيرةِ المُخصَّصةِ للتمساحِ.
وانقضَّ التمساحُ عليها، فلم يمسكْ منها إلا بالنصفِ الأمامىِّ من الجزءِ العلوِىِّ من المنقارِ.
ولم تستطعِ التخلُّصَ منه إلا بأن تركَتْ له ذلك الجزءَ، الذى تَحطَّمَ تمامًا بينَ أسنانِ الوحشِ، أكبر الزواحف، وطارَتِ عائدةً إلى بحيرتِها وهى تُطلِقُ صيحاتِ الرعبِ.
وحاولَ عدد من الأطباءُ البيطريين تثبيتَ منقارٍ صناعىٍّ لتعويضِ الجزءِ المفقودِ، لكنَّ محاولاتِهم لم تنجحْ".
سألَتْ مرمر عمِّ فتحى فى دهشةٍ: "تقول إن هذا حدثَ هذا منذُ خمسِ سنواتٍ، فكيف عاشَتْ البجعة إلى الآنَ؟ كيف تأكلُ؟!"
        هنا تَدخَّلَ فى الحديثِ المُشرِفُ على حديقةِ حيواناتِ الأطفالِ، ليقولَ: "عمِّ فتحى يعتبُر هذه البجعةَ ابنتَهُ.. إنه يُطعِمُها فى كلِّ يومٍ كيلو ونصف كيلو جرام من الأسماكِ، يضعُها فى الجرابِ الواسعِ الذى نراه تحتَ الجزءِ الأسفلِ من المنقارِ".
"وإذا تغَيَّبَ فتحى فى إجازةٍ ، يتصلُ بنا تليفونيًّا مرةً أو مرتَيْنِ كلَّ يومٍ،               ولا يهدأ إلا بعدَ أن يتأكَّدَ أن أحدَ زُملائِهِ قد قدَّمَ للبجعةِ المصابةِ طعامَها اليومِىَّ".
هنا التفتَتْ مرمرُ إلى عمِّ فتحى فى إعجابٍ، ثم قالت وهى تبتسم: "أتمنَّى أن أحتفظَ بصورةٍ لى مع البجعةِ وأنا أساعد عمِّ فتحى، بابا البجعةِ، فى إطعام بجعته".
والتقَطْنا الصورةَ، ومرمرُ تعرضُها الآنَ على الأصدقاءِ وتقولُ: "الآن أصبحْتُ أعرفُ مع أنه يُمكِنُ أن تكونَ لبعضِ الطيورِ آباءٌ من البشرِ، مثلُ بابا وماما!!"

* مختلف فى شىء ويشبهك فى بقية الأشياءِ [ 3 ]

          فى كلِّ يومٍ أقابلُ أطفالاً يُشبِهونَنى فى كلِّ شىءٍ.
        أحدُهم قد لا يمشى بنفسِ الطريقةِ التى أمشى بها، أو قد لا يسمعُ الأصواتَ التى أسمعُها، وقد لا يرى الأشياءَ التى أراها.
        لكنه مثلى تمامًا، يستطيعُ أن يتذوَّقَ الشيكولاته، وأن يشمَّ رائحةَ الوردِ، وأن يستمتعَ باللعبِ على الأرجوحةِ أو بالمكعباتِ أو بالعومِ فى الماءِ..
          إنه يُحِبُّ الذهابَ إلى المدرسةِ، والتلوينَ بالأقلامِ أو التشكيلَ بالصلصالِ.
        إنه يتعلَّمُ كيف يتحدَّثُ بأصابعِ يدَيْهِ إذا لم يكنْ يسمعُ، وأن يقرأَ بهما إذا لم  يكنْ يرى، أو يجلسَ على مقعدٍ بعجلاتٍ إذا لم يكُنْ يمشى. لكنه مثلى يتناولُ                الطعامَ، ويغسلُ وجهَهُ، وينامُ، ويذهبُ إلى الطبيبِ، ويغسلُ أسنانَهُ بالفرشاةِ، ويلعبُ مع قطةِ البيتِ.
          إنه يبتسمُ لك، ويكونُ سعيدًا عندما تُقبِّلُهُ أمُّهُ أو يحتضنُهُ أبوه.
        هذه عباراتٌ فى كتابٍ مُصوَّرٍ اسمُهُ "إنهم يشبهونَكَ تمامًا".
          ويقولُ المؤلفُ: "هذا كتابٌ عنَّا جميعًا، صغارًا وكبارًا، فكلُّ واحدٍ منا معاقٌ بشكلٍ أو بآخرَ"، مثلاً فى عزفِ الموسيقى، أو أداءِ لعبةٍ رياضيةٍ، أو رسمِ لوحةٍ.
        لكنَّ كلَّ واحدٍ منَّا له ناحيةٌ يتفوقُ فيها، وجوانبُ أخرى لا حصرَ لها يتشابَهُ فيها مع الآخرينَ.

* كرسى متحرك يركب الأتوبيس [ 4 ]

          كنتُ فى الأتوبيسِ المتجهِ إلى بدايةِ خطِّ مترو الأنفاقِ فى أحدِ أحياءِ نيويورك، وكانَتْ كلُّ المقاعدِ مشغولةً.
        وفجأةً، عندما اقتَربْنا من إحدى محطاتِ الأتوبيس، وجدْتُ الثلاثةَ الذين يجلسون على المقاعدِ الجانبيةِ خلفَ السائقِ قد وقفوا، ثم بدأَتِ المقاعدُ تنطوى على نفسِها حتى التصقَتْ تمامًا بجانبِ الأتوبيسِ. وكانَ كلُّ هذا يتمُّ بأزرارٍ يضغطُ عليها السائقُ.
        وتنبَّهْتُ إلى أنه على المحطةِ ينتظرُ شابٌّ يجلسُ فوقَ مقعدٍ له عجلاتٌ.
        وبالضغطِ على زرٍّ آخرَ اختفَى سلمُ الصعودِ بدرجاتِهِ ودخلَ تحتَ قاعدةِ الأتوبيسِ، وظهرَتْ بدلاً منه قطعةٌ مُسطَّحةٌ من المعدنِ ارتكزَتْ حافتُها على رصيفِ المحطةِ، بينما ظلَّتْ
 حافتُها العلويةُ عند مستوى أرضيةِ مقاعدِ السيارةِ.
وعندئذٍ صعدَ صاحبُ المقعدِ بعجلاتِ مقعدِهِ على ذلك السطحِ المُنحدِر، واستقرَّ فى المكانِ الذى أصبحَ خاليًا بعدَ اختفاءِ مقاعدِ الركابِ الثلاثةِ.
        وتمَّ كلُّ هذا فى سرعةٍ وهدوءٍ، فكلُّ واحدٍ يعرفُ دورَهُ وواجبَهُ، وعلى استعدادٍ للقيامِ به راضيًا، بل متحمسًا، من أجلِ شخصٍ قد يختلفُ عنهم فى شىءٍ، لكنه قد يتفوقُ عليهم فى عددٍ من الأشياءِ الأخرى، فليسَ هناك إنسانٌ معوقٌ، بل صاحبُ "احتياجٍ خاصٍّ".

* فى المتحف على كرسى متحرك [ 5 ]

          قالَتِ الإخصائيةُ بقسمِ التربيةِ المتحفيةِ بالمتحفِ اليونانىِّ الرومانىِّ بالإسكندريةِ:
        "عندما كنتُ أقفُ فى إحدى قاعاتِ المتحفِ ، جذبَ انتباهى ثلاثةُ أصدقاءٍ من الشبابِ الصغيرِ يتأملون المعروضاتِ، وبينهم صديقٌ رابعٌ يجلسُ على كرسىٍّ متحرِّكٍ، وقد انهمكوا فى قراءةِ البطاقاتِ التى تُجاوِرُ معروضاتِ المتحفِ".
        وعندما بدأتُ الحديثَ معَهم قالَ لى أحدُهم: "نحن أربعةُ أصدقاءٍ بالصفِّ الثانى الإعدادِىِّ: إبراهيم وعصام وإيهاب وعماد، وهذه زيارتُنا الأولى للمتحفِ".
        قلْتُ لهم: "بعد أن تُكمِلوا جولتَكم، ما رأيُكم فى أن تشتركوا معى فى الرسمِ، أو فى تشكيلِ قِطَعٍ مُجسَّمةٍ من الصلصالِ تُعبِّرونَ بها عما أثارَ إعجابَكم من معروضاتٍ؟"
فتَحمَّسوا لاقتراحى ، خاصةً إيهابَ الجالسَ على الكرسىِّ المتحركِ، والذى كانَ بريقُ الذكاءِ يُطِلُّ من عينَيْهِ إلى جانبِ خفةِ ظلِّهِ. وتَسابَقوا فى عملِ عدةِ أشكالٍ من الصلصالِ.
        وكانَتِ النتيجةُ رائعةً خاصةً ما أبدعَهُ إيهاب. لكنَّ صداقتَهم كانَتْ أكثرَ روعةً،            فقد رأيْتُ فيها المبادرةَ بالمساعدةِ، والمشاركةِ فى المشاعرِ، والتفاهمِ والإخلاصِ، معَ
 نجاحِهم فى توفيرِ الصحبةِ التى اندمجَ فيها زميلُهم إيهاب بمشاعرهِ مع أنشطتِهم.

* أولاد القمر [ 6 ]

ذهبْنا إلى أحدِ مراكزِ ذوى الاحتياجاتِ الخاصةِ التى يتحدَّى أطفالُها الإعاقةَ العقليةَ، ليشتركَ معنا بعضُ الأطفالِ فى تقديمِ مسرحيةٍ للعرائسٍ.
وعندما تََقدَّمَ إلينا "كريم"، أشارَتِ المشرفةُ بأنه لن يكونَ مُفيدًا فى تحريكِ العرائسِ، لأنه لا يستطيعُ أن يتحكم فى حركة يدَيْهِ، لَكنَّ كريم كان متحمسًا جدًّا ليشتركَ معنا فى "لعبةِ التمثيلِ بالعرائسِ"، فأخذْناه مَعنا.
وكم كانـَتْ دهشتـُنا عندما وَجدْنا أنه بدأ شيئًا فشيئًا يستخدمُ يدَيْهِ، لأن حماسَهُ جعلَهُ يتغلَّبُ على إعاقتِهِ.
وها أنت تراه اليومَ يُمسِكُ بيَدْيهِ الاثنتينِ العصا التى يرفعُ بها الوردةَ التى هى إحدى شخصياتِ مسرحيةِ "الوردةُ الزرقاءُ"، ويحرِّكُها بمهارةٍ مع نغماتِ موسيقى وكلماتِ الأغانى".
شاهـدْتُ هذا الطفلَ وسمعْتُ هذه الواقعةَ من رئيسةِ المركزِ القومىِّ لثقافةِ الطفلِ، بعد
أن قدَّمَ الأطفالُ ذو الاحتياجاتِ الخاصةِ المسرحيةَ التى كانَتْ أحد عَناصرِ فيلمِ "أولاد القمر"، الذى فازَ بشهادةِ لجنةِ تحكيمِ مهرجانِ سينما الأطفال، "تقديرًا لهذه التجربةِ الرائدةِ فى فيلمٍ يقومُ ببطولتِهِ الأطفالُ ممن يتحدَّوْنَ الإعاقةَ".
بل اشتركَ فى الفيلمِ طفلٌ جاءَ إلى الدنيا بغير أصابعِهِ العشرةِ، وكانَ يحرِّكُ العروسةَ فى مهارةٍ بما بَقِىَ من ذراَعْيهِ.

* إنه معاق لكن الله اختارنا لرعايته [ 7 ]

كان الدكتور محمد رضا بسيونى، الأستاذ بكلية الطب جامعة المنصورة، يتحدث فى مؤتمر تربية الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، وذكر أن مهندسًا معروفًا وزوجته الأستاذة الجامعية لم يكن لهما أطفال، فطلبا منه أن يدلهما على رضيع يمكن أن يقوما بتربيته.
وحدث أن أهالى إحدى القرى عثروا على طفل حديث الولادة ملقى فى الطين على حافة ترعة، فأخبر الطبيب الزوجين بذلك، لكنه قال لهما:
"الأمل ضعيف فى قدرة هذا الطفل على مواصلة الحياة، فهو ضعيف جدًّا بسبب طول الوقت الذى قضاه بغير رعاية".
لكن الزوجين طلبا منه وضع الطفل فى العناية المركزة، وقالا إنه إذا عاش تكون هذه إشارة إلى أن هذا الطفل هو الذى اختاره لهما الله.
واستجاب لهما الطبيب، واستمر الطفل فى الحياة كأنها معجزة، فأخذه الزوجان فى حضانتهما.
وبعد أربعة أشهر، اتضح أن الطفل معاق إعاقة كاملة بسبب معاناته من نقص الأكسجين عند الولادة.
قال الطبيب للزوجين: "يمكن أن تتخليا عنه، فالعناية بمثل هذه الحالة تحتاج إلـى
وقت ومجهود يستمر طوال الحياة".

لكن الزوجين تمسكا بالطفل بإصرار وهما يقولان:
"لأنه معاق، فقد اختارنا الله لرعايته وتربيته!"

المراجع

 [ 1 ] الشارونى، يعقوب، "سر الاختفاء العجيب"، دار المعارف- سلسلة "المكتبة الخضراء للأطفال- رقم (79).
 [ 2 ] الشارونى، يعقوب، "مرمر وبابا البجعة"، القاهرة: دار البستانى للنشر والتوزيع، 2005.
[ 3 ] صحيفة الأهرام، 28- 1- 2001، باب "ألف حكاية وحكاية"، يعقوب الشارونى، القاهرة.
 [ 4 ] صحيفة الأهرام، 21- 2- 2000، باب "ألف حكاية وحكاية"، يعقوب الشارونى، القاهرة.
 [ 5 ] صحيفة الأهرام، 18- 4- 1999، باب "ألف حكاية وحكاية"، يعقوب الشارونى، القاهرة.
 [ 6 ] صحيفة الأهرام، 14- 3- 1999، باب "ألف حكاية وحكاية"، يعقوب الشارونى، القاهرة.
 [ 7 ] صحيفة الأهرام، 4- 4- 2004، باب "ألف حكاية وحكاية"، يعقوب الشارونى، القاهرة.













نادى القصة
17/12/2018

ثقافة السلام وقبول الآخر
     بقلم : يعقوب الشارونى

* معنى ثقافة السلام
ثقافة السلام معناها أن تسود ثقافة الحوار والمناقشة والإقناع فى تعاملنا مع الآخرين بدلاً من فرض الرأى الواحد بالقوة أو التهديد . بمعنى آخر فإن ثقافة السلام هى أن نحل ما ينشأ من مشاكل وخلافات عن طريق التفاوض وليس عن طريق العُنف .
* ثقافة السلام وقبول الآخر
وأول مبدأ فى ثقافة السلام ، أن نقبل المُختلفين عنّا ، ولا نجعل أى نوع من الاختلافات بيننا وبين الآخرين سببًا لوضع حواجز بيننا وبين أى شخص . فمهما اختلف عنّا الآخرون فى السن ( أكبر منّا أو أصغر سنًّا ) ، أو فى الجنس ( ولد أو بنت – رجل         أو امرأة ) أو فى الدين ، أو فى اللون ( أسمر – أسود – أصفر – أبيض – أحمر ) أو فى العجز ( من ذوى الاحتياجات الخاصة ) فلابد أن نتعامل معهم جميعًا على قدم المساواة ، بغير أن نضع أى حساب لهذه الاختلافات فى تعاملاتنا معهم ، أو فيما يستحقون من حقوق أو يلتزمون به من واجبات .
* لا يرحّب بالشللية ، ويحب التعرّف على كل جديد
كما أن المحب للسلام لا يرحّب بالشللية ، فلا يتعصّب لمعارفه أو أصدقائه أو لمن يتبادلون معه المصالح ، ولا يتحيّز لمجموعة ضد أخرى بسبب أى نوع من الاختلافات      أو العلاقات .
كما أن محب السلام يميل إلى التعرّف على كل ما هو جديد بقلب مفتوح وعقل منفتح ، لأن المعرفة هى الأساس لتَقَبُّل الآخرين والعيش معهم فى سلام بغير صدام       ولا خلافات .
* احترام الآخرين
ولكى نعيش فى سلام مع الآخرين ، لابد أن نحترمهم فيما نوجهه إليهم من ألفاظ أو حركات أو تصرفات ، فنتجنّب ما يجرح مشاعرهم أو يتسبّب فى شعورهم بالألم            أو المهانة . وأن نحترم رأى الآخرين حتى لو اختلف عن رأينا ، وأن نحترم ممتلكات الآخرين ، ونقدّر مشاعرهم فلا نفرح وهم يشعرون بالحزن ، ولا نستهين بما يؤلمهم ،        ولا نقلّل من شأن ما يفرحهم ، ولا نسخر من الآخرين ، فالسخرية تجرح الآخرين وتضع حواجز بيننا وبينهم .          
* التعدّدية والديمقراطية
ولكى يسود السلام الاجتماعى بين أفراد الوطن وفى مُختلف دوائر التعامل مع الآخرين ، لابد أن نتعلّم كيف نخضع لرأى الأغلبية حتى لو اختلف عن رأينا ، وأن نحترم رأى الأقلية ، وأن نقبل وجهات النظر الأخرى ونجعلها محل تقديرنا حتى إذا اختلفت عن وجهات نظرنا .
* التفاوض وحل الصراعات
أما عن التفاوض وحل الصراعات بالحوار ، فتتطلّب أن نعتذر عمّا نرتكب من أخطاء ، وأن نقبل اعتذار الآخرين ، ولا نتعسّف فى التمسّك بإدانة أخطاء الآخرين ، وأن نبحث عن الأرضية  المشتركة بيننا وبين الآخرين خاصة فى مجال المُعتقدات الدينية والسياسية والاجتماعية ولا نركّز على مواضع الاختلاف ، وأن نتعلّم المرونة فى مجال التمسّك ببعض الحقوق ، أو التسامح فى مواجهة بعض الأخطاء لأننا نحن أنفسنا كثيرًا ما نرتكب الخطأ ثم نندم عليه ، وأن نحاول حل المشاكل بطرق سلمية لا تترك خلفها مشاعر عدوانية ، وأن نبتعد عن أى سلوك فيه شغب أو عنف أو عدوان لأن هذه الأنواع من السلوك هى أبرز أسباب الصراع والصدام .
* المُساعدة والتطوّع
وللمحافظة على السلام الاجتماعى ، لابد من تدريب أنفسنا على التعاطف الواعى مع الآخرين ، فنتجاوب مع المظلوم والمُتألّم والمريض ، وأن نُساهم بقدر استطاعتنا فى العمل التطوّعى خاصة عن طريق المُشاركة فى الخدمات التى تقدّمها جمعيات وهيئات المُجتمع المدنى ، وأن نكون على استعداد دائم لمد يد العون والمساعدة للآخرين .
إن المجتمع الذى تسوده هذه القيم والسلوكيات ، هو المجتمع الذى يستفيد بكل طاقات أفراده وإمكانا تهم ، ولا يبدّدها فيما لا يفيد .

                                 يعقوب الشارونى
                                                          - تم اختياره ضمن  أفضل المؤلفين للأطفال فى العالم عام 2016،
                                                         من المجلس العالمى لكتب الأطفال " الإبى " بسويسرا .
                                                             - مؤلف الكتاب الحائز على جائزة أفضل كتاب أطفال فى العالم
                                                           من معرض بولونيا الدولى بإيطاليا لكُتب الأطفال 2002
                                                   - الرئيس السابق للمركز القومى لثقافة الطفل - مصر
                                            ت .المنزل : 23645569 - فاكس : 23680057 - محمول : 5181107 / 0100 -  واتساب: 01032802961
                                                     Email:yacoubelsharouny@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: