رامي وقطيطته توتو
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
رغم انشغالي في المطبخ ، لم أغفل
عن رامي ، فقد أضرب اليوم عن الذهاب إلى الروضة ، بحجة أن " بطنه تؤلمه
" ، وهاهو يلعب بدراجته ، ذات العجلات الثلاث ، في ممرات الحديقة ، ورأيتُه ،
عبر النافذة ، ينزل عن دراجته ، ويسرع إلى شجرة الكمثرى ، وينحني على الأرض ،
ويلتقط ريشة صغيرة .
آه من رامي ، سيملأ البيت بالريش ، فهو كلما رأى ريشة ، التقطها ووضعها في
مجموعته ، التي يحتفظ بها في سلة تحت سريره .
وحدق رامي في الريشة ، ثم تطلع إلى الأعلى ، وسرعان ما أقبل نحو المطبخ ،
ودفع الباب ، وقال : ماما ، أين توتو ؟
لم أجبه ، فقد خفت على توتو من غضبه ، إنني أعرفه ، ولطالما عاقبها ، بذنب
أو بدون ذنب ، ثم ما الذنب الذي يمكن أن تقترفه توتو ، وهي مجرد قطيطة صغيرة ؟
وبصبر نافد ، قال رامي ثانية : أين تلك اللعينة ؟ أين هي؟ الويل لتوتو من
رامي ، ما دام قد حكم عليها ب .. " اللعينة " ، لابد من عمل شيء ، وإلا
نفذ فيها واحداً من أحكامه القاسية ، فتركت عملي ، ومسحت يديّ بمريلتي ، وخاطبته
بلين قائلة : توتو ، يا عزيزي ، قطيطتك الصغيرة ، وأنت تحبها كثيراً .
وقاطعني رامي بحدة : كلا ، لم أعد أحبها ، ولن أحبها ، ما دامت تعتدي على
العصافير .
وتناهى صوت توتو من الداخل ، تموء بصوت خافت : ميو .
ولحسن حظ توتو ، لم يسمع رامي مواءها ، وسارعت إلى القول : أنت واهم ،
فتوتو لا تتناول سوى الحليب، وهزّ رامي رأسه ، وقال : رأيتها مرات ، تحت شجرة
الكمثرى ، ولم أعرف أنها كانت تتربص بالعصافير المسكينة .
وفتح إحدى كفيه ، وأراني الريشة ، وأضاف قائلاً : انظري ، لقد أكلتها ،
وجعلت فراخها الصغار أيتاماً ، بلا أم .
وارتفع صوت توتو من الداخل تموء
ثانية : ميو .. ميو.
ومع موائها ، ارتفع رنين الهاتف ، وانتبه رامي إلى موائها ، فدمدم غاضباً ،
وأسرع إلى الداخل ، وأسرعتُ إلى الهاتف ، وأنا أقول : رامي ، لا تقسُ عليها ، إنها
بريئة .
ورفعتُ السماعة ، متمنية أن لا تطول المكالمة ، كي أسرع لنجدة توتو ، كانت
أمي على الهاتف ، ولم أستطع الإسراع بإنهاء المكالمة ، فقد كانت تحدثني عن أبي ،
وقالت أنه مريض ، وبحاجة إلى الراحة ، وسألتني عن رامي ، وعما يفعله في الروضة ..و
.. و .. ومرّ رامي حاملاً توتو بيد ، وباليد الأخرى يحمل مسطرة خشبية سميكة ، ومضى
إلى الحديقة . وهممتُ أن أنهي المكالمة ، لكن أمي أخبرتني بأن أبي يسأل عني ،
فوعدتها بأن أزورهم في أقرب فرصة ، ثم أنهيت المكالمة ، وأعدت سماعة الهاتف إلى
مكانها .
وأسرعت إلى الحديقة ، على أمل أن أصل في الوقت المناسب ، وأنقذ توتو من غضب
رامي ، ومسطرته الخشبية السميكة .
وفوجئتُ برامي ، تحت شجرة الكمثرى ، يحضن توتو ، ويداعبها ضاحكا، وما أن
رآني حتى صاح : ماما ، أنت محقة ، توتو بريئة .
وحدقتُ فيه مذهولة ، فأشار إلى عش بين أغصان شجرة الكمثرى ، وقال : انظري ،
هاهي العصفورة في العش، تزق صغارها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق