ثعلب حقيقي
طلال حسن
اعتدل ثعلوب ، حين دُفع الباب ،
وكادت الخيبة تغلبه ، إذ لم تأتِ أمه ، كما تمنى ، بل أتى جده ، ولكن ما إن رأى
جده ، يضع قطعة من العسل فوق المائدة ، حتى انتعشت آماله ، وقال في سره : ثعلب
حقيقي .
وهذه الكلمة ، في الحقيقة ، لجده ، فهو طالما قال : إن الثعلب الحقيقي هو
من يحصل على العسل بأية طريقة ممكنة .
ونهض ثعلوب ، واقترب من المائدة ، وقال : جدي .
ورمقه الجد مرتاباً ، وقال : ثعلوب ، انتظر ، ستأتي أمك ، وترضعك حتى تشبع
.
وردّ ثعلوب قائلاً : لقد فطمت .
ثم تطلع إلى قطعة العسل ، وقال : أريد قطعة .
فقاطعه الجد قائلاً : لا يا بنيّ ، أنت صغير ، والعسل يضرك .
ولاذ ثعلوب بالصمت ، لقد خبر جده جيداً ، إنه لن يعطيه شيئاً بإرادته ،
وفجأة .. وثب صائحاً : أسرع ، يا جدي ، الأرنب .
وكالبرق انطلق الجد إلى الخارج ، وعاد كالبرق ، ولكن بعد فوات الأوان ، فقد
اختفت قطعة العسل ، من فوق المائدة ، وحدق الجد في ثعلوب ، ثم راح يتقدم منه ،
ويقول من بين أسنانه : آه .. الأرنب .
وأطلق ثعلوب سيقانه للريح ، قبل أن يطبق جده على عنقه ، فرّ قائلاً : لا
تغضب ، يا جدي ، فأنا مثلك .. ثعلب حقيقي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق