فكر معي
طلال حسن
قوقأت الدجاجات خائفات ، وتمتمت
الدجاجة البيضاء ، وقد تسمرت عيناها على شعلتين تلتمعان ، قرب شجرة الرمان :
الثعلب .
وصاح الديك بصوت خائف : أيها الكلب ، استيقظ ، جاء الثعلب .
وهبّ الكلب العجوز من رقدته كالمجنون ، وصاح منفعلاً : الثعلب ! لا تخافوا
، سأمزقه هذه المرة .
وانطلق في الظلام ، فصاح به الديك : أين تمضي ؟ تعال ، إن الثعلب هناك ،
قرب شجرة الرمان .
وتوقف الكلب العجوز ، وانطلق نحو شجرة الرمان ، وكاد أن يتجاوزها ، حين سمع
الثعلب يناديه : أيها الصديق ، تمهل لحظة .
وتسمر الكلب العجوز في مكانه ، والتفت إلى الثعلب ، وقال : أهذا أنت مرة
أخرى ؟ سأمزقك قبل أن تمس واحدة من صديقاتي الدجاجات .
وردّ الثعلب قائلاً : اطمئن ، يا صديقي ، لن أمس دجاجاتك ، لقد جئتك بقضية
هامة ، فأنا أعرف أنك كلب مفكر .
بدت الحيرة على الكلب العجوز ، وإن داخله شعور بالافتخار ، فسارع الثعلب
إلى القول : لقد أرقتني قضية معقدة ، لن يساعدني في حلها غيرك ، فكر معي ، يا
صديقي ، هل البيضة من الدجاجة ، أم الدجاجة من البيضة ؟
فرد الكلب العجوز قائلاً : الأمر يسير ، البيضة من الدجاجة .
وتساءل الثعلب : والدجاجة ؟
وردّ الكلب العجوز : من البيضة .
وتساءل الثعلب ثانية : والبيضة ؟
وردّ الكلب العجوز : من ..
وسكت لحظة ، ثم أقعى على الأرض ، وقال : مهلاً ، دعني أفكر .
وأغمض عينيه ، وراح يفكر ، هل البيضة من الدجاجة ؟ أم الدجاجة من البيضة ؟
وهنا ارتفع صوت الديك من القن : النجدة .. النجدة .
وفتح الكلب العجوز عينيه ، وانطلق كالسهم إلى القن ، وإذا الديك يصيح به ،
وهو يولول : ماذا كنت تفعل ؟ كاد الثعلب اللعين يختطف الدجاجة البيضاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق