زيارة في المنام
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن
نامت الدجاجات ، ثم نام الديك نفسه ، بعد أن
اطمأن على دجاجاته ، ففتحتُ باب القن بهدوء ، وتسللتُ إلى الخارج .
وانطلقتُ مسرعاً في
الظلام إلى التل ، فقد جاءني أبي في المنام ثلاث مرات ، وقال لي : تعال ، يا بنيّ
، إنني أنتظرك ليلاً فوق التل ، لنذهب معاً إلى غابة ، لا وجود فيها للشيخوخة
والثعالب .
ستقول الدجاجات ، أني
شخت ، وخرفت ، ولعل ابني الديك نفسه ، سيظن هذا أيضاً ، صحيح أن أبي ، انتهى فوق
التل ، بين فكي ثعلب ، لكني أثق بحكمته ، وأنه لم يزرني عبثاً في المنام .
وجمدتُ في مكاني ، إذ
سمعتُ حركة بين الأشجار ، لابد أنه الثعلب ، حقاً إنني شخت ، وخرفت ، حتى تركت
القن الآمن ، لأقف كالأبله هنا في العراء .
ومن خلف إحدى الأشجار
، أطلّ الثعلب ، ووقف يتشمم متلفتاً ، ثم تمتم قائلاً : يا للعجب ، أشم رائحة
دجاجة .
وتملكني الغضب ، أنا
دجاجة ! لقد كنتُ دوماً ديكاً ، لا يُشق لي غبار ، وكدتُ أهبّ من مكاني ، وأنقض
عله نقراً حتى .. ، ومضى الثعلب ، وهو يقول : لعلي واهم ، فلأسرع إلى القن ، من
يدري ، فقد أحظى بالديك العجوز الخرف .
اللعين ، إنه يقصدني
، وتنهدتُ إرتياحاً ، رغم غيظي ، إن أبي على حق ، فلو بقيتُ في القن ل .. ،
وانتفضتُ مصعوقاً ، إنني حقاً خرف ، لقد تركتُ باب القن مفتوحاً ، وسينتهي ابني
الديك ، ودجاجاته أيضاً ، مثلما انتهى قبلهم أبي .
وانطلقتُ كالريح ، أو
هكذا خيل لي ، لكن الثعلب أسرع مني ، وسيصل قبلي إلى القن ، و .. وتوقفتُ لاهثاً ،
وبأعلى صوتي صحتُ : كوكو .. ريكو .
وتوقف الثعلب مذهولاً
، ثم التفت نحوي ، وقد انتصب شعره ، وقال : يا إلهي ، لابد أنه شبح .
وتحيرتُ ، ماذا أفعل
؟ ووجدتني أصيح ثانية ، وبأعلى صوتي : كوكو .. ريكو .
واتسعت عينا الثعلب ،
وصاح وهو ينطلق كالسهم : لا .. إنه ديك .. ديك حقيقي .
وشلتني المفاجأة ،
فلم أقوَ على الهرب ، ورأيته ينقض نحوي ، وأنيابه تتلامع كالخناجر ، وفجأة جمد في
مكانه مرتعباً ، إذ ارتفع من بعيد نباح كلاب مقبلة ، وسرعان ما أطلق سيقانه للريح
، ولاذ بالفرار .
ولبثتُ في مكاني ،
أنتظر الكلاب ، لم أكن مرتاحاً ، رغم نجاتي من موت محقق ، ترى ماذا ستقول الدجاجات
؟ مهما يكن ، فلن أكرر فعلتي ، حتى لو
زارني أبي في المنام ألف مرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق