"خَاتَمُ اَلأَنْبـِـيَاءِ وَاَلْمُرْسَلِينَ"
محمد رَسُولُ اللهِ
"صَلَّى
اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ"
للأطفال من 12:8
سالم محمود سالم
كَانتَ
الْحِصَّةُ الأَخِيرَةُ. مِنْ يَوْمِ الاِثـْنـَينِ. عِنْدَمَّا دَخَلَ الأُسْتَاذُ
الْفَصْلَ.
اَلتَلاَمِـيذُ
يَنْـتَظِرُونَهُ عَلَى اِشـْتِـياقٍ. لأَنـَّهُ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمُ أَنْ يَحْكِيَّ
قِصَّةَ خَاتـَمِ الأَنْبـِـيَـاءِ وَاَلْمُرْسَلِـينَ. "سَيدِنَّا مَحَمَدٍ
بْنِ عَبْدِ اِللهِ "صَلَّى اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ".
قَاَلَ
اَلأُسْـتَاذُ:
- اَلسَّلاَمُ عَلَيْـكُمُ يَا أَوْلاَدُ.
رَدُّوا
عَلَيْهِ فِي صَوْتٍ طُفُولِيٍّ حَادٍ:
- وَعَلَيكُمُ اَلسَّلاَمُ يَا
أُسْـتَاذَ.
جَلَسَ
عَلَى مِقْعَدِهِ فِي مُوَاجَهَتِهِمْ، وَهُمْ أَمَامَهُ مُـتَرَاصِـينَ عَلَى مَقَاعِدِهمِ
صَامِتــِِينَ.
أَخَذَ
يَجُوبُ بـِبَصَرِهِ بَيْنَهُمُ ثـُمَّ قَالَ:
- اَلْيَوْمُ سَأَحْـكِي لَكُمُ قِصَّةَ "خَاتـَمِ
اِلأَنْبـِـيَّاءِ". رَسُولِنَّا
اَلْكَرِيمِ. سَـيِّدِنَا "مُحَمَدٍ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
تـََتَرَامَىَ
إِلَى مَسَامِعِهِمْ شـَقْشـَقَةُ اِلْعَصَافِـيرُ، وَهِيَّ عَلَى غُصُوُنِ الأَشـْجَارِ.
اَلْتـِي تـَحْـتَضِنُ اِلْمَدْرَسَةَ.
اَلْجَوُّ
صَحْوٌ وَجَمِيلٌ. تـَهِلُّ عَلَيْهِمُ نـَسَمَاتُ اِلرَبـِـيعُ اِلْمُـنْعِشـَةِ.
برَائِحَةِ اِلْوُرُودِ اِلذَّكِـيةِ. اِلْمَزْرُوعَةِ فِي اِلأَحْوَاضِ. اِلْتِـي
تـَتَوَسَطُ حَوْشِ اِلْمَدْرَسَةِ، وَعَلَى الأَجْـنَابِ.
قَالَ
اَلأُسْـتَاذُ:
- وُلِدَ "اَلرَّسُولُ اِلْكَـرِيمُ"
فِي عَامِ اِلْفِـيلِ، وَعِنْدَمَا وُلِدَ أُضِـيئـَتْ لَهُ قُصُورَ اَلشـَامِ، وَاهْـتَزَّ
عَرْشُُ كِسْـرَىَ، وَكِسْرَىَ هَذَا مَلِكُ اَلْفُرْسِ.
سَمِعَ بخَـبَرِ وِلاَدَتِهِ جَدُّهُ "عَبْدُ اِلْمُطَلِبِ".
فَـأَسْرَعَ مَلْهُوفَاً. أَخَذَهُ وَقَـبَّـلَهُ. وذَهَبَ بهِ إِلَى الْبَيْتِ اِلْحَرَامِ
وَطَافَ بهِ. مُسْـتَـبْـشِرًا بِالإِشْرَاقَاتِ الْوَلِيدَةِ. الْتِى هَلَّتْ
عَلَى الْبَشَرِيَةِ. مِنْ عُمْقِ اِلظَّلاَمِ وَاَلشِرْكِ، فَاِمْـتَلأَ قَلْبُهُ
بقَطَرَاتِ الْحُـلْمِ الْجَمِـيلِ.
ثـُمَّ عَادَ بهِ لأُمِّـهِ وَهُوَ يَقُولُ:
- أَسْمِـيهِ
"مُحَمَّدًا".
وَقَدّ قَالَ الشَاعِرُ:
اَلأَرْضُ فَاضَتْ
بالضِـيَّاءِ لَمَّا أَتَىَ خَـبَرُ
اِلسَّمَـاءِ
وُلِدَ
الْحَبيبُ "مُحَمَّـــدٌ"
فَإِذَا الدُّنـَا صُبْحٌ أَضَـاءَ
بَحَثــُوا عَمَّنْ تـُرْضِعُهُ، وَهَوَ اَلْيَتِـيمُ اَلْذِّي
ذَهَبَتْ إِلّيهِ "حَلِـيمَهُ اِلسَعْدِيةُ"، وَهِىَ تَرْكَبُ حِمَاراً
هَزِيلاً.
قَالَ لَهَا زَوْجُهَا "اَلْحَارِثُ":
- أَلَمْ تَجِدِي غَيْرَ هَذَا اَلْيـََتِـيمُ لِتُرْضِعِـيهِ؟
قَالَتْ "حَلِـيمَةُ ":
- اِسْـتَبْشـَرْتُ بهِ خَيْراً. سَآخُذُهُ.
أَخَذَتْهُ وَذَهَبَتْ إِلَى دِيَّارِ قَبـِـيلَتِهَا فِي
دِيارِ "سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ".
عَمَّ اَلْخَيْرُ عِنْدَهُمُ، وَاَمْـتَـلأَتْ دِيَارُهُمُ
باِلْـبَرَكَةِ.
مَرَّتُ الْأَيَّامُ، وبَِدَأَ يَشـُبُّ عَلَى قَدَمَيْهِ،
وَيَظـْْهَرُ عَلَيْهِ بَهَاءُ الصِّبـََا.
وَكَانَ لاَيُحِبُّ اَللَعِبَ مَعَ اَلأَطْفَالِ، وَلَكِنـَّهُ
كَانَ يَخْرُجُ مَعَهُمْ إِلَى اَلْخَلاَءِ.
لِيُعَلِّمُ الأَوْلاَدَ. كَيْفَ يَتَعَامَلُونَ برِفْقٍ
مَعَ اَلْمَخْلُوقَاتِ.
وَفِي أَحَّدِ اِلأيَّامِ وَهَوَ يَلْعَبُ مَعَ أَخِـيهِ
"ابْنِ حَلِـيِمَةُ". جَاءَ رَجُلاَنِ. يَرْتـَديَانِ مَلاَبسَ بَيْضَاءَ
فِضْفَاضَةَ. أَمْسَـكَاهُ وَأَضْجَعَاهُ عَلَى شِقِّهِ اِلأَيْمَنِ. شَـقَّا صَدْرَهُ
وَأَخْرَجَا قَلْبَهُ وَغَسَلاَهُ. ثـُمَّ أَرْجَعَاهُ مَكَانِهِ. وَكَانَ قَدْ بَلَغَ
أَرْبَعَ سَـنـَوَاتٍ.
فَرَّ اَلأَطْفَالُ مَذْعُورِينَ. يَصْرُخُونَ. بَيْـنـَمَا
يَنْظُـرُ إِلَيْهِمُ "مُحَمَّدٌ" دُونَ أَنْ يُصِبْهُ شَيْئٌ. هُرِعَ أَخُوهُ
"ابْنُ حَلِيمَةُ" إِلَى أَمِهِ.
يَصْرُخُ:
- يَا أُمِ .يَا أُمِ. شـَقُّوا صَدْرَ "مُحَمْدٍ"!
نَهَضَ أَحَدُ اِلتَلاَمِـيذُ. يَسْأَلُ:
- كَـيْفَ يَشـُـقَّانِ صَدْرَهُ وَيَعَيشُ
بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَّ اَلأُسْـتَاذُ:
- لأَنَّ اَلرَجُـلَيْنِ اَلْلَذَيْنِ
شـَقَّا صَدْرُهُ. هُمَا مِنَ اَلْمَلاَئِـكَةُ أَرْسَلَهُمَا اَللهُ سُبْحَانَهُ.
لِـيَغْسِلاَنَهُ مِنَ اَلأَدْرَانِ وَاَلأَحْقَادِ، وَكُلِّ اِلصِفَاتِ السَيْـئَةِ،
وَلِكَي لاَيَكُونُ فِـيهِ إِلاَ اَلرَّحْمَةُ وَالْحُبُّ لِكُلِ اِلنـَّاسِ، وَهَذَا
لأَنَّ اَللهَ سُـبْحَانَهُ يَعُدُّهُ لِكَي يَـكُونَ نـَبِيُّ هَذِهِ اِلأُمَّةِ.
سَأَلَ تِلْمِـيذٌ آخَرُ مُتَلَهِفًا:
- وَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَاَلَ اَلأُسْـتَاذُ:
- خَافَتْ عَلَيْهِ
"حَلِـِيمَةُ" وَأَرْجَعَتْهُ إِلَى أُمْهِ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ أَرْبَعَ
سَنَوَاتٍ.
فَسَألَـتْـهَا أُمُّهُ "آمِنـَةُ":
- مَاَ اَلْذِي حَدَثَ يَاحَلِيمَةُ؟
سَكَتَتْ "حَلِـيمَةُ" قَلِـيلاً. ثـُمَّ أَخْـبَرَتْهَا
بحَادِثــَةِ شـَقِّ اِلصَّدْرِ.
وَعَاشَ مَعَ أُمِّهِ حَـتَّى بَلَغَ سِتَ سَنَوَاتٍ. ثــُمَّ
ذَهَبَتْ بهِ إِلَى اَلْمَدِينـَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا "بَنِي النَّجَارِ".
وَعِنْدَ عَوْدَتِهَا إِلَى مَكَّةَ. مَرِضَتْ وَمَاتَتْ
فِي اِلطَرِيقِ.
أَمُّهُ مَاتَتْ أَمَامَ عَيْـنـَيْهِ، وَأَبُوهُ فَارَقَ
اَلدُنْيََا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ.
تَسَاقَطَ اَلأَلَمُ قَطَرَاتٌ فِي قَلْبِ اِلصَغِـيرِ.
دُفِنَتْ أُمُّهُ، وَخَيَّمَ اَلْحُزْنُ عَلَى أَيَّامِهِ.
وَعَادَ مَعَ "أُمِّ أَيْمَنَ" إِلَى "مَكَّةَ".
ذَهَبَتْ بهِ إِلَى
جَدِّهِ، فَفَرِحَ بعَوْدَتِهِ فَرَحَاً شـَدِيدًا، وَأَحَبَّهُ حُـبَاً شَدِيدَاً.
وَكَانَ
يَأْخُذُهُ مَعَهُ فِي كُلِّ مَجَالِسِهِ. مُـتَوَسِمَاً فِـيهِ خَيْرَاً كَثِـيرَاً.
مَرَّتْ
اِلأَيَّامُ، وَمَاتَ جَدُّهُ فَحَزِنَ عَلَيْهِ. ثـُمَّ كَفِلَهُ عَمُّهُ "أَبُو
طَالِبٍ"، وَأَحَبَّهُ حُـبـًّا كَبـِيرًا.
وَمَرْتُ
اِلأَيَّامُ وَاَلسُنُونُ، وَصَارَ شـَابَاً
يَرْعَىَ اَلْغـَنـَمَ، وَمَكَثَ هَكَذَا فَتْرَةً، وَعِنْدَمَا اِشـْـتَدَتْ
عُوُدُهُ. طَلَبَ مِنْ عَمِّهِ أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُمُ لِلتِجَارَةِ. فَاسْـتَجَابَ
لَهُ عَمُّهُ.
وَكَانَتْ
هُـنَاكَ رَِحْلَةٌ لِلتِجَارَةِ فِي اِلصَّـيْفِ ، وَرِحْلَةٌ فِي اِلشِـتَاءِ.
وَفِي
رِحْلَةِ اِلصَّـيْفِ، وَهُوَ يَسِـيرُ مَعَ اَلْقَافِلَةِ فِي طَرِيقِـهِمِ إِلَى
اَلشـَّامِ، وَكَاَنَ اَلْوَقْتُ ظُهْرًا، اَلْحَرَارَةُ مُرْتـَفِعَةٌ، وَرِمَالُ
اَلصَّحْرَاءِ تَزَيدُ مِنْ سِخُونَةِ اِلْجَوِ. لاَحَظَ أَصْحَابُ الْقَوَافِلَ. وُجُودَ
غَمَامَةٍ سَوْدَاءَ تـُظِلُ "مُحَمَداً"، وَتـَمْشِي فَوْقَ رَأْسِهِ خُطْوَةً
بخُطْوَةٍ. فَتَعَجَبُوا مِنْ ذَلِكَ. حَتَّى وَصَلُوا إِلَى بئْرِ مَاَءٍ، وكَانَتْ
هَذِهِ الْبئْرَ لِرَجُلٍ اِسْمُهُ "بُحَيْرَا"، وَكَانَ رَجُلٌ ذَا فِطْنَةٍ.
وَعِنْدَمَا
رَأَىَ "مُحَمَداً" مَعَ عَمِهِ "أَبـِي طَالِبٍ".
تَمَلَّكَهُ
اَلذُّهُولُ وَسَأَلَهُمْ:
- مَنْ هَذَا؟
قَاَلَ
لَهُ عَمُّهُ "أَبُو طَالِبٍ":
- هَذَّا اِبْنُ أَخِي "مُحُمَّدٌ".
قَاَلَ
لَهُ "بُحَيْرَا":
- إِنَ هَذَا اَلْفَـتَى لَهُ شـَأْنٌ عَظِـيمٌ.
ثـُمَّ
سَكَتَ قَلِـيلاًً، وَقَالَ مُوَجِهاً كَلاَمَهُ "لِمُحُمَدٍ":
- اكْشِفْ لِي يَا بُنـَيَّ عَنْ كَتِفِكَ!
وَعِنْدَمَا
رَأَىَ بَيْنَ كَتِفَـيْهِ عَلاَمَةَ "خَاتـَمَ اَلنُبُوَّةِ".
قَاَلَ
لِعَمِهِ:
-
خُذْ وَلَدَكَ وَارْجِعْ يَا "أَبَا طَالِبٍ"! اِبْنَكَ سَيـَكُوُنُ اَلرَسُوُلَ
اَلْمُـنْـتَظَرَ، وَلَوْ عَلِمَ اَلْيَهُوُدُ بمَوُلِدِهِ سَيَقْتُلُوُنَهُ!
سَأَلَ
أَحَدُ التَلاَمِـيذِ:
- وَلِمَاذَا يَقْـتُلُونَهُ يَا أُسْـتَاذُ؟
سَـكَتَ
الأُسْـتَاذُ قَلِـيلاً ثـُمَّ قَالَ:
- لأَنـَّهُمْ كَانُوُا يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونَ
نَبـِيُّ آخِرِ الزَمَانَ مِنْهُمْ. فَهُمْ
كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ. لأَنَّ كُـتُبهِمْ قَدْ بَشَرَتْ بهِ وَعَرَفُوُا أَوْصَافَهُ.
وَأَرَدَفَ الأُسْـتَاذُ قَائِلاً:
-
وَعَلَى
اَلْفَوْرِ أَمَرَ "أَبُو طَالِبُ" بَعْضَ رِجَالِهِ. لِيَكُونُوا فِي حِرَاسَتِهِ.
حَتَّى عَادَ إِلَى مَكَّةَ.
وَمَرْتَ
الأَيَّامُ. حَتَّى بَلَغَ عُمْرُهُ خَمْسَةً وَعُشْرِينَ عَامَاً، وَكَانَ "مُحَمَدٌ"
قَدْ اشـْتَهَرَ بالصِدْقِ وَالأَمَانَةِ بَيْنَ اَلنَّاسِ.لأَنَّهُ سَمِحٌ يُعَامِلَ
النَّاسَ باِلْمَعْرُوفِ وَلاَ يَـكْذِبُ، وَأَطْلَقَتْ عَلَيهِ جَمِـيعُ اِلْقَبَائِلَ
"الصَّادِقَ الأَمِـينِ"، وَعِنْدَمَا سَمِعَتْ بهِ اِلسَّيِدَةُ
"خَدِيجَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ"، وَكَانَتْ مِنْ شـَرِيفَاتِ مَكَّةَ، وَلهَا
تِجَارَةٌ وَاسِعَةٌ، وَعِنْدَهَا أَمْوَالٌ كَثِـيرَةٌ. طَلَـبَتْ مِنْهُ أَنْ يُدِيرَ
لَهَا أَعْمَالَهَا. فَخَرَجَ لَهَا فِي تِجَارَتِهَا، وَرَبـِحَتْ رِبْحَاً وَفِـيرَاً.فَأَحَبَتْهُ
وَطَلَبَتْ مِنْهُ الزَّوَاجَ. فَوَافَقَ وَتــَزَوْجَهَا.
مَازَالَ
اَلأَسْتَاذُ يَحْكِي، وَالتَلامِـيذُ يُنْصِتُونَ باهْتِمَامٍ. حَـتَّى مَالَتْ
الشـَمْسُ قَـلِـيلاً، وَتـَحَرَكَ الظِلُّ فِي "حَوْشِ"
اِلْمَدْرَسَةِ، وَعِنْدَئِذٍ دَقَّ اَلْجَرَسُ. لِـيُعْلِنَ اِنْتِهَاءَ اَلْحِصَّةِ.
فَقَالَ
لَهُمُ "الأُسْـتَاذُ":
- غَدَاً إِنْ شـَاءَ اَللهُ. سَنـُـكْمِلُ قِصَّةَ "خَاتـَمَ اَلأَنْبـِـياءِ
وَالْمُرْسَلِـينَ".
خَرَجَ
اَلتَلاَمِـيذُ مِنْ فُصُولِـهِمِ بَعْدَ انْتِهَاءِ اِلْيَومِ اِلدِرَاسِيِّ. مُـتَوَجهِينَ
إِلَى مَنَازِلِهِمِ.
وَتَوَجَّهَ اَلأُسْـتَاذُ أَيْضَاً إِلَى مَنْزِلِهِ،
وَفِي صَبَاحِ الْيَومِ التَّالِي، وَعِنْدَ دِخُولِ الأُسْـتَاذِ الْفَصْلَ. طَلَـبُوا
مِنْهُ بإِلْحَاحٍ. أَنْ يُـكْمِلَ لَهُمْ قِصَّةَ سَيدِنَّا مُحَمَدٍ "صَلَّى
اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ"، فَوَافَقَ "الأُسْـتَاذ"ُ عَلَّى اَلْفَوْرِ.
وَبَدَأَ
يَحْكِي قَائِلاً:
- بَعْدَ
أَنْ تَزَوَجَ "مُحَمَدٌ بْنُ عَبْدِ اِللهِ" مِنَ اَلسَّيــِدَةِ "خَدِيجَةُ
بنْتُ خُوَّيلِدِ". كَانَ يَذْهَبُ إِلَى الْجَبَلِ. حَيثُ يُوجَدُ "غَارُ
حِرَاءٍ".
وَمَا
لَبـِثَ أَنْ سَأَلَ أَحَدُ التَلاَمِـيذِ قَائِلاً:
- مَا
مَعْـنـَىَ غَارٌ يَا أُسْـتَاذُ ؟
قَالَ اَلأُسْـتَاذُ :
- هُوَّ مَكَانٌ فِي اِلْجَبلِ مِثــْلُ الْغُرْفَةِ.
يَجْلِسُ فِـيهِ يَتَعَبَدُ، وَيَتَضَرَعُ للهِ "اِلْعَلِيُّ اِلْقَدِِيرِ".
يَمْكُثُ فِـيهِ اِلأَيَّامَ وَالْلَيَالِيَّ. خَاشِـعَاً لِلْوَاحِدِ اِلأَحَدِ. اِلْفَرْدِ
اِلصَّمَدِ. ثـُمَّ يَعُودُ إِلَى اَلْمَنْزِلِ، وَفِي أَحَدِ اَلأَيَّامِ. عِنْدَمَا
كَانـْوا يُعيــِدُونَ بـِنـَاءَ الْكَعْبَةِ. حَدَثـَتْ خِلاَفَاتٌ شـَدِيدَةٌ. بَيْنَ
قَبـَائِلَ مَكَّةَ. عَلَى وَضْعِ "اِلْحَجَرِ اِلأَسْعَدِ" فِي مَـكَانِهِ.
فَهَذِهِ
الْقَبـِـيلَةُ تـَقُولُ:
- نـَحْنُ سَنَضَعَ اَلْحَجَرُ اِلأَسْـعَدُ.
وَتِلْكَ
اَلْقَبـِـيلَةُ تـَقُولُ:
- لاَ.. سَنَضَعُهُ نَحْنُ.
وَأُخْرَىَ
تـََقُولُ:
- نَحْنُ أَوْلَى بــِوَضْــعِهِ مِنْــكُمُ.
وَاَحْـتَدَمَ اَلصِـرَاعُ بَيْـنـَهُمُ فِي سَاحَةِ
الْكَعْـبَةِ، ثـُمَّ اِتـَّفَـقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمُ اِلآنَ.
سَـيَحْكُمُ بَينَهُمُ، وَبَيْـنَمَا هُمْ عَلَى هَذَا اَلْحَالُ. دَخَلَ عَلَيْهِمُ
"مُحَمَدٌ".
فَلَمَا
رَأَوْهُ قَالُوا جَمِـيعَاً:
- سَنـُحَكِّمُ بَيْنَنَا
"مُحَمَّدًا" فَهُوَ رَاجِحُ اِلْعَقْلِ، وَهُوَ اَلصَّادِقُ الأَمِـينُ.
وَوَافَقَتْ
كُلُّ الْقَبَائِلِ عَلَى تَحْكِـيمِهِ.
ثـُمَّ
سَـكَتَ "اَلأُسْـتَاذُ" قَلـِـيلاً وَقَالَ:
- هَذِهِ
يَا أَوْلاَدُ شِـهَادَةٌ أَرَادَهَا "اَلْعَلِيُّ اِلْقَدِيرُ". تـَمْهِـيدًا
لِدَعْوَتِهِ "صَلَّى اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ ". خَلَعَ "صَلَّى اَللهُ
عَلَيهِ وَسَلَمَ" عَبَاءَتَهُ، وَوَضَعَ عَلَيْها اَلْحَجَرَ.
وَقَالَ
لَهُمُ:
- كُلُّ قَبـِـيلَةٍ مِنْـكُمْ تـُشـَارِكُ بـِرَجُـلٍ. تَرْفَعُونَ جَمْيعَاً
اِلْحَجَرَ اَلأَسْوَدَ وَتـَأْخُذُوُنَهُ إِلَى مَكَانِهِ.
فَوَافَقَتْ
جَمِـيعُ اِلْقَـبَائِلِ. وَقَاَلُوا:
- نِعْمَ الرَأْيُّ رَأْىُّ "مُحَمَدٍ".
ثـُمَّ
وَضَعَهُ بـِـيَدَيْهِ اِلشـَرِيفَـتَينِ فِي مَكَانِهِ.
وَبَعْدَ
أَنْ انْـتَهَىَ. تَرَكَهُمُ وَذَهَبَ إِلَى اَلسَّيدَةِ "خَدِيجَةَ".
وَكَانَ
دَائِمُ اِلذِهَابِ إِلَى غَارِ "حِرَاءَ". يَـتَـعَبَدُ وَيَـتَضَرَعُ
إِلَى "اَلْعَّـلِيِّ اِلْقَدِيرِ"، وَمَعَهُ الطَعَامُ وَالْمَاءُ، لأَنَّهُ
كَانَ يَمْكُثُ فِي أَيَّامًا وَلَيَالِيَّ.
وَبـَيْـنَمَا
هُوَ كَذَلِكَ. أَتَاهُ الأَمِـينُ "جبْرِيلُ" فَجَذَبَهُ! فَارْتَجَفَ مُحَمَدٌ.
قَالَ
لَهُ جِبْرِيلُ "عَلَيْهِ السَّلاَمُ":
- اِقْرَأْ.
فَقَالَ
مُحَمَدٌ :
- مَا أَنَا بـِقَارِئٍ
فَكَرَرَ
"جِبْرِيلُ " اِلأَمْرَ.
وَمُحَمَدٌ
يَقُولُ لَهُ:
- مَا أَنَا بقَارِئٍ.
حَتَّى
قَالَ جِبْرِيلُ "عَلَيهِ اِلسَّلاَمُ":
(( اِقْرَأْ باِسْمِ رَبِّكَ اَلْذِيِ خَلَق (1) *خَلَقَ اَلإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) *اِقْرَأْ
وَرَبُّكَ اَلأَكْرَمُ(3)* اِلْذِيِ عَلَّمَ باِلْقَلَّمِ (4)*عَلَّمَ اَلإِنْسَانَ
مَالَمْ يَعْلَّمْ(5)*)) (سورة العلق)
اِرْْتَجَفَ
جَسَدُهُ اِلطَاهِرِ، وَرَجَعَ إِلَى اَلسَّيـدَّةِ "خَدِيجَةَ" يَقُولُ:
- دَثــِّرُونِي.
دَثــِّرُونِي.
سَأَلَ تِلْمِيذٌ اِلأُسْـتَاذَ:
- مَنْ هَوَ الأَمِـينُ
"جِبْرِيلُ" يَا أُسْـتَاذُ؟
قَالَ:
- هُوَ
مَلَكٌ مِنَ اَلْمَلائِـكَةِ اَلْمُـقَرَّبِينَ، وَهُوَ أَمِـينُ الْوَحَيِّ، كَانَ
يَنْزِلُ إِلَى اَلرَسُولُ يُـبَلِّغَهُ كَلاَمَ اَللهَ سُـبْحَانَهُ، وَهُوَ
"اَلْقُرْآنُ اَلْكَرِيمُ"، وَيُرَاجِعَهُ مَعَهُ حَتَّى يَحْفَظَهُ اِلرَسُولُ.
سَأَلَ
تِلْمِيذٌ آخَرُ:
- هَلْ اِلرَسُولُ لاَ يَقْرأُ
وَلاَ يَـكْتُبُ؟
قَاَلَ
اَلأُسْـتَاذُ:
- نَعَمْ كَانَ أُمْـيِـًّا،
وَلَكِنَّ اَللهَ سُـبْحَانَهُ هَوَ اَلْذِي عَلَّمَهُ. لِـيَـتَحَدَّىَ بهِ اِلْعَرَبَ
آنَذَاكَ، وَأَنْزَلَ عَلَيهِ اِلْقُرْآنَ. لِـيَـتَحَدَاهُمْ فِـيمَا بَرَعُوا فِـيهِ،
وَهِيَّ "اَلْلُغَةُ اِلْعَرَبيَّةِ". الْتِي كَانُوا يَعْمَلُونَ لَهَا
مَعَارِضٌ، وَيَكْتِبُونَ بِهَا اَلْمُعَلَقَاتِ اِلشِعْرِيَّةِ، وَيُعَلِقُونَهَا
عَلَى جُدْرَانِ اَلْكَعْبَةَ. فَجَاءَ اَلتَحَدِّي مِنْ جِنْسِ مَابَرَعُوا فِـيهِ.
كَحَالِ الأَنْبـِـيَّاءِ اِلسَّابقُينَ.
سَأَلَ
تِلْمِـيذٌ آخَرُ:
- هَلْ جَاءَ لَهُ "جبْرِيلُ" عَلَّى هَيئَةِ رَجُلٍ أَمْ
مَلاَكٍ؟
فَرَّدَ
تِلْمِـيذٌ آخَرُ قَاطَعَهُ قَائِلاً:
- جَاءَ عَلَى هَيْئـَةِ رَجُلٍ طَبْعَاً. اَلْمَلاَئِـكَةُ
لاَ يَظْهَرُونَ لِلْنَّاسِ!
رَدَّ
عَلَيْهِ آخَرُ:
- لاَ. قَدْ آتـَاهُ عَلَى هَيْـئَةِ مَلاَكٍ، وَإِلاَ مَاكَانَ اَلرَّسُولُ
قَدْ خَافَ وَارْتَجَفَ.
اِنْقَسَمَ التَّلاَمِـيذُ إِلَى فَرِيقَـيْنِ.
فَرِيقٌ يَقُولُ جَاءَهُ عَلَى هَيْـئَةِ رَجُلٍ، وَالآخَرُ يَقُولُ جَاءَهُ عَلَى
هَيْئةِ مَلاَكٍ، عَلَتْ أَصْوَاتـَهُمُ، وَتاَهَ صَوْتُ اَلأُسْـتَاذُ بَيْنَ اَلأَصْوَاتِ
اِلْمُـتَدَاخِلَةِ بَيْـنَهُمْ.
فَرَفَعَ
اَلأُسْـتَاذُ صَوْتـَهُ زَاعِقًا حَتَّى سَـكَـتُوا.
وَأَرْدَفَ
قَائِلاً:
- قَدْ أَتـَاهُ عَلَى هَيْـئـَةِ مَلاَكٍ. وَقَدْ
أَخْبَرنَا اَلرَسُولُ بــِذَلِكَ فِـيمَا بَعْدُ،
وَعِنْدَمَا رَأَتْهُ زَوجَتُهُ خَشِـيَتْ عَلَيْهِ، وَعِنْدَمَا حَكَىَ لَهَا طَمْأَنـَتْهُ،
وَدَخَلَ إِلَيْهَا الْبـِشْرُ، وَأَخَذَتـْهُ لاِبْنِ عَمِّهَا "وَرَقَةُ بْنِ
نَوْفَلِ"، وَكَانَ مِنَ اَلْحُـكَمَاءِ فِي هَذَا الْوَقْتِ.
فَطَمْأَنَهُ
وَقَالَ يُبَشِرَهُ:
- أَنْتَ نَبـِيُّ هَذِهِ اِلأُمَّــةِ.
تـَدَفَقَتُ
اَلْفِـيُوضَاتُ. وَامْـتَلأَ الْكَوْنُ باِلنـُّورِ حَتَّى آخِرِ الْمَدَى.
وَبَدَأَتْ
دَعْوَةُ سَيدِنَا مُحَمَدٍ "صَلَّى اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ".
فَكَانَ
يَدْعُو أَصْحَابَهُ وَالْمُـقَرَّبِينَ مِنْهُ.
ثُمَّ
بَدَأَ يَدْعُو فِي مُوْسِمِ الْحَجِ وَفِي الأَسْوَاقِ إِلَى تَوْحِـيدِ اِللهِ "عَزَّ
وَجَلَّ". لأَنَّ اَلأَصْـنَامَ كَانَتْ
قَدْ اِنْـتَشَرَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَفِي اِلْبِيُوتِ.
وَلاَقَى
مُعَارَضَةً شَدِيدَةً مِنْ قَوْمِهِ، وَمِنَ الْقَبَائِلِ الأُخْرَىَ.
وَكَانـُوا
يَقُوُلوُنَ:
- جَاَءَ "مُحَمَدٌ" لِـيَسُبَّ
آلِهَتـَنَا، وَيَجْعَلَ اَلْعَبـِـيدَ يَتَمَرَّدُونَ عَلَيْنَا.
وَكَانَ
أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ يَا أَوْلاَدُ مِنَ اَلرِجَالِ. سَيْدُنَا أَبُو بَـكْرٍ "رَضِيَّ
اَللهُ" عَنْهُ ، وَلِذَلِكَ سُمِىَّ باِلصِّدِيقِ.
وَأَوَّلُ
مَنْ آمَنَ بهِ مِنَ اَلنِسَاءِ هِىَّ زَوُجَتُهُ "خَدِيجَةُ".
وَأَوَّلُ
مَنْ آمَنَ بهِ مِنَ اَلصِـبْيَةِ. هُوَّ "عَلِيُّ بْنُ أَبيِ طَالِبٍ"
كَرَّمَ اَللهُ وَجْهَهُ، وَهُوَ اَبْنُ عَمِّ اِلرَسُولِ، وَكَانَ "عَلِيٌّ
" صَبـِـيًّا ذَا فِطْـنَةٍ وَذَكَاءٍ. عَرِفَ
أَنَ الرَّسُولَ عَلَى حَقٍّ، وَبرَغْمِ صِغَرِ سِنـِّهِ إِلاَ أَنـَّهُ ذُوُ رَأْيٍّ
رَشِـيدٍ، وَلِذَلِكَ اتـَّـبَعَهُ بـِرَغْمِ مُعَارَضَةِ أَبـِِـيهِ لَهُ، وَكَانَ
يَأْتِيِ باِلْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ. وَأَحَـبَّهُ الرَسُولَ حُباً شَدِيدَاً لِذَكَائـِهِ، وَتَضْحِـيتِهُ مِنْ أَجْلِ اِلإِسْلاَمِ.
هَكَذَا
قَالَ الأُسْـتَاذُ وَأَرْدَفَ:
- وَقَدْ
لاَقَىَ أَتْـبَاعَهُ عَذَابَاً شـَدِيدَاً مِنَ قَـبَائِلَ قُرَيْشٍ. مِنْ أَمْثــَالِ
"بـِلاَلَ بْنِ رَبَاحٍ" وَ "آلِ يَاَسِرَ" وَغَـيْرِهِمْ كَثِـيرُونَ.
حَتَّى اَلنـَبـِيُّ. اتَهَمُوهُ تَارَةً بالسِحِرِ، وَتَارَةً بالْجِنـُونِ، وَفِي
إِحْدَىَ الْمَرَاتِ أَرَادُوا أَنْ يَغْرُوهُ بِالْمَالِ أَوْ بالْمَنْصِبِ. لَكِنَّهُ
رَفَضَ، وَقَدْ كَلَّمَهُ عَمُّهُ ذَاتَ مَرَّةٍ.
فَقَالَ
لَهُ "صَلَّى اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ":
- (وَاَللهِ يَا عَمِّ لَوْ وَضَعُوا اِلشَمْسَ
فِي يَمِـينِيِ ، وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِيِ عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا اَلدِينِ فَلَنْ
أَتْرُكَهُ حَتَّى يُظْهِرُهُ اللهُ أَوْ أَهْلَكَ دُونَهُ).
وَمَرْتْ
الأَيَّامُ، وَحَضَرَ عَمُّهُ الْمَوْتُ. فَذَهَبَ إِلَيْهِ اِلنَبـِيُّ.
جَلَسَ
عِنْدَ رَأْسِهِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَقَولَ:
- (أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَّهَ إِلاَ اَللهُ
وَأَنَّ مُحَمَداً رَسُولُ اللهِ)
فَلَمْ
يَنْطِقْ عَمُّهُ. برَغْمِ مُسَاعَدَتِهِ لِلْنَبـِيِّ وَحُبـِّهِ لَهُ.
فَنَزَلَ
الْوَحْيُّ:
(( إِنَّكَ لاّ تَهْدِيِ مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اَللهَ يَهْدِيِ
مَنْ يَشـَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )) (القصص56)
وَمَاتَ
عَمُّهُ، ثـُمَّ مَاتـَتْ السَيِّدَةُ "خَدِيجَةُ" فِي عَامٍ وَاحِدٍ. فَسَمَّاُه
النَبـِيُّ عَامَ اَلْحُزْنِ.
مَرَّتْ
الأَيَّامُ، وَأَخَذَ النَبـِيُّ عَلَى عَاتِـقِهِ عِبءَ اَلدَعْوَةِ، وَالْمُثَابَرَةِ
مِنْ أَجْلِ نَشْرِهَا، وَتـَسَرَبَ الْحُزْنُ إِلَى نَفْسِهِ. بـِسَبَبِ فَقْدِ سَنَدِهِ
فِي الدَعْوَةِ. زَوْجَتِهِ "خَدِيجَةُ". الْتـِي ضَحَّتْ بمَالِهَا، وَعَمِّهِ
الْذِي كَانَ يَرْعَاَهُ، وَيَقِفُ بجَانِبهِ ضِدَّ صَنـَادِيدِ قُرَيْـشٍ. فَذَهَبَ
النَّبِيُّ إِلَى "الطَائِفَ" لِيدْعُوهُمْ إِلَى تَوْحِـيدِ اللهِ. فَنَهَرُوهُ
وَسَلَطُوُا عَلَيْهِ الصِبْيَةُ. لِـيَقْذِفُوهُ بِالْحِجَارَةِ. حَـتَى كُسِرَتْ
رُبَاعِـيَتُهُ الشـَرِيفَةُ وَأُدْمِـيَتْ قَدَمُهُ.
وَعِنْدَ
خُرُوجِهِ مِنَ "الطَائِفِ". اِحْـتَمَى بسِـيَاجِ حَدِيقَةٍ.
خَرَجَ
لَهُ رَجُلٌ يُسَمَىَ "عَدَّاسُ" مَعَهُ عُنْـقُودٌ مِنَ الْعِنـَبِ. قَدَمَ
الْعِنـَبَ لِلْنَبـِيِّ.
فَسَأَلَهُ
النَبـِيُّ:
- مَا اسْمُكَ؟
قَالَ:
- "عَدَّاسُ".
قَالَ
"صَلَّى اَللهُ عَلَيهِ وَسَلَمَ":
- مِنْ أَيِّ بَلَدٍ أَنْتَ؟
قَالَ:
- مِنْ "نـِـيْـنـَوَىَ".
فَقَالَ
"صَلَىَ اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ":
- بَلَدُ أَخِي" يُونُسَ".
فَتَعَجَّبَ
"عَدَاسُ".
فَقَالَ
لَهُ "صَلَّىَ اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ":
- نَـعَمْ هُوَ نَبـِيٌّ وَأَنَا نَبـِيٌّ.
وَعِنْدَئِذٍ
جَاءَ جِبْرِيلُ "عَلَيْهِ اِلسَّـلاَمُ" يَـقُولُ لِلْنَبـِيِّ :
- ( لَوْ أَمَرْتَنـِي لأَطْبَقْتُ عَلَيْهِمْ
اِلأَخْشَبَيْنِ )
وَالأَخْشـَبَانِ
يَا أَوْلاَدُ هُمَا اَلْجَـبَلاَنِ، وَلَكِنَّ اَلرَسُولَ الْكَرِيمَ رَفَضَ.
وَقَالَ:
- "لَعَلَ اَللهَ أَنْ يُخْرِجُ مِنْ
أَصْلاَبهِمْ مَنْ يُوَحِّدُهُ ).
وََعَادَ
"صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ" إِلَى مَكَّةَ، وَدَعَا بَعْضُ الْحُجَاجِ
مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ. كَانُوا سَـبْعِـينَ رَجُلاً. فَاَسْـتَجَابُوا لِلْدَعْوَةِ،
وَعَادُوا إِلَى "يَثـْرِبَ" لِـيَنـْشـُرُوُهَا.
وَكَانَ
الْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيهِ. حَتَّى أَتـَاهُ أَمْرَ التَـكْرِيمِ مِنَ اَلْخَالِقِ
"سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". بَعْدَ اَلْذِي لاَقَاَهُ مِنْ أَهْلِ "الطَائِفِ".
وَكَانَتْ
رِحْلَةُ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ. الْتِي فِـيهَا رَكِبَ "الْبُرَاقَ"،
وَهِوَ دَابـَّةٌ. تـَضْعُ رِجْلَهَا عِنْدَ آخِرِ نَظَرِهَا. حَتَّى وَصَلَتْ
بالرَسُولِ إِلَى اَلْمَسْجدِ الأَقْصَىَ.
فَصَلَىَ
إِمَامَاً بجَمِـيعِ الأَنْبيَّاءِ. ثـُمَّ عُرِجَ بهِ إِلَى السَّمَاءِ.
وَرَأَىَ
فِي رِحْلَتِهِ أَشـْيَاءَ كَثِـيرَةً. أَبْلَغَنَا بِهَا. حَتَّى وَصَلَ إِلَى "سِدْرَةِ
الْمُنْـتَهَىَ"، وَهِـىَّ مَكَانٌ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ أَنْ يَدْخُلَهُ. فَدَخَلَ
اَلرَسُولُ الْكَرِيمُ. بَعْدَ أَنْ طَلَبَ مِنَ الأَمِينِ "جِبْرِيلَ"
اَلدُخُولَ مَعَهُ.
فَقَالَ
الأَمِـيِنُ "جِبْرِيلُ":
- (
لَوْ تَقَدَمْتُ لاَ حْتَرَقْتُ وَلَكِنْ أَنْتَ لَوْ تَقَدَمْتُ لاَخْتَرَقْتَ )
وَهُـنَا
رَأَىَ النَبـِيُّ النُورَ يَغْمُرُ الْكَونَ ( نُوُرٌ
عَلَى نُوُرٍ).
قَعَدَ
عِنْدَ قَوَائِمِ اِلْعَرْشِ وَفُرِضَتْ الصَّلاَةُ.
سَأَلَ
أَحَدُ التَلاَمِيذِ:
- لِمَاذَا فُرِضَتُ الصَّلاَةُ فِي السَّمَاءِ، وَلَمْ يُبْلِغَهُ
بِهَا الأَمِـيِنُ "جِبْرِيلُ"؟
- قَالَ الأُسْـتَاذُ:
- هَذَا سُؤَالٌ مُهِمٌ جدْاً
يَا بُنَيَّ. فُرِضَتُ الصَّلاَةُ فِي السَّمَاءِ. نَظَرَاً لأَهَمِـيـَتِهَا اَلْكَبـِـيرَةِ.
فَهِيَّ اَلصِّلَةُ بَينَ اَلْعَبْدِ وَرَبِّــهِ، وَهِيَّ عِمَادُ الدِينِ، وَلاَ
يَجِبُ تَرْكُـهَّا بِأَيِ حَاَلٍ مِنَ اَلأَحْوَالِ. لأَنَ لَيسَ لِتَارِكِهَا عُذْرٌ. فَإِذَا صَحَّتْ صَلاَةُ
الإِنْسَانِ. صَحَّ بَاقِـي عَمَلِهِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحْ. لَمْ يَصِحْ عَمَلِهِ.
سَكَتَ
الأُسْـتَاذُ لَحَظَاتٍ ثـُمَّ قَالَ:
- كَمَا
أَنَّ هَذِهِ الرِحْلَةَ. جَاءَتْ تـَـكْرِيمًا لِلْنـَبيِّ، وَتـَخْفِـيـفَاً لآِلاَمِهِ
بَعْدَ مَوْتِ عَمِّهِ وَزَوْجِهِ، وَمَا حَدَثَ لَهُ فِي "اِلطَائِفِ"،
وَعَادَ اَلرَسُولُ الْكَرِيمُ إِلَى فِرَاشِهِ، وَكَانَ مَايَزَالُ دَافِئاً، وَأَوَّلُ
مَنْ صََدَّقَهُ. كَانَ سَيدِنَا "أَبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ".
وَقَالَ
"اَلصِّدِيقُ":
- (لَقَدْ صَدَّقْـنـَاهُ فِـيمَا أَبْعَدُ مِنْ
ذَلِكَ. لَقَدْ صَدَّقْنـَاهُ فِي أَمْرِ السَّمَاءِ. إِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فَقَدْ
صَدَقَ)
فَسُمِىَّ
بالصِدِيقِ.
مَرَتْ
اِلأَيَّامُ، وَ اَشـْـتَدَ الاِضْطِـهَادُ لِلرَسُولِ، وَالْذِينَ آمَنـُوا مَعَهُ.
وَتَوَالَى
نـُزُولُ الآيَاتِ عَلَى رَسُولِ اِللهِ.
وَتـَوَالَتْ
تَعَالِـيمُ اَللهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
وَكَانَ
الْمُسْلِمُونَ يَفِرُّونَ بصَلاَتِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ مِنَ الْكُـفَارِ.
وَاسْـتَمَرُّوا
فِي اِلدَّعْوَةِ سِـرْاً ثــَلاَثِ سَنـَوَاتٍ. حَتَّى جَاءَ الأَمْرُ مِنَ "الْعَلِيِّ
الْقَدِيرِ" بإِظْهَارِ الدَعْوَةِ وَالْجَهْرِ بِهَا.
وَكَانـَتْ
الْبـِدَايَةُ بِالأَهْلِ.
وَفِي
إِحْدَىَ اَلْمَرَّاتِ، وَالرَسُولُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَلتَوْحِـيدِ سَخِرُوا مِنْهُ.
وَقَالَ
عَمُّهُ "أَبُو لَهَبٍ":
- تـَباً لَكَ يَامُحَمَدَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟
فَنَزَلَ
الْوَحْيُّ:
(( تـَبَتْ يَدَا أَبـِي لَهَبٍ وَتَبْ(1)* مَاَ أَغْنَىَ عَنْهُ مَالُهُ
وَمَا كَسَبَ(2)* سَيَصْلَىَ نَارَاً ذَاَتَ لَهَبٍ(3)* وَامْرَأَتُهُ حَمَالَةَ اَلْحَطَبِ(4)*
فِي جِـيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدْ(5)*)) (المسد)
وَهَكَذَا
جَاءَ اَلرَدُّ مِنَ "اَلْعَلِيِّ اِلْقَدِيرِ".
وَاشـْتَدَتُ
الْمُوَاجَهَةُ بَيْنَ اَلرَسُولِ وَبيْنَ قُرَيْشٍ.
اجْـتَمَعَ
الْكُفَارُ. قَرَّرُواالْقَضَاءَ عَلَيْهِ. عَذَبُوا أَصْحَابَهُ. عَمِلُوا عَلَـيْهِمْ
حِصَارَاً.
جَاءَ
الأَمْرُ الإِلَهِيُّ بالْهِجْرَةِ.
الْكُـفَّارُ
فِي دَارِ النَدْوَةِ يَتَآمَرُونَ.
وَ"عَلِيُّ
بنِ أَبـِي طَالِبٍ" فِي فِرَاشِ النـَبـِيِّ.
وَالنـَبـِيُّ
وَ أَبُوبَكْرٍ فِي طَرِيقِـهِمْ إِلَى "اَلْمَدِينـَةِ اِلْمُـنَوَّرَةِ".
جَمَعَ
اَلْكُـفَّارُ مِنْ كُلِّ قَبـِـيِلَةٍ رَجُلاً. ذَهَبُوا إِلَى دَارِ النـَبـِيِّ،
لِـيَقْضُوا عَلَيْهِ بضَرْبَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ. كَمَا اتـَّفَـقُوَا فِي دَارِ
النـَدْوَةِ.
وَلَكِنَ
النـَبـِيَّ ذَرَّهُمْ باِلرَمَادِ، وَأُغْشِـيتْ أَبْصَارُهُمُ، وَمَرَّ مِنْ أَمَامِهِمْ
دُونَ أَنْ يَرَوْهُ.
(( وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ
سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَيُبْصِرُونَ )) (يس9)
نَهَضَ
تِلْمِـيذٌ آخَرُ وَسَأَلَ:
- أَلَمْ يَخَفْ "عَلِيُّ بْنُ أَبـِي
طَالِبٍ" مِنَ اَلْكُــفَّارِ، وَهُوَ مَازَالَ صَبـِـيًّا؟
قَالَ اَلأُسْـتَاذُ :
- لاَ
يَا بُـنـَيَّ لَمْ يَخَفْ. فَهُوَ قُدْوَةٌ يُحْـتَذَىَ بِهَا فِي اِلشـَجَاعَةِ
وَاَلْحِكْمَةِ. لأَنَّهُ يَعْلَمُ جَـيِّدًا قَدْرَ اَلرِسَـالَةِ، وَيَعْلَمُ أَنَ
اَلْكُفَارَ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْـتُـلُوهُ، وَلَوْ لَمْ يَـكْشِفُوا عَنْ وَجْهِهِ
الْغِطَاءَ. لَكَانُوا قَتَـلُوُهُ، وَلَكِنَ اَللهَ حَفِظَهُ مِنْهمْ، وَنَامَ فِي
فِرَاشِ النَبـِيِّ. لِكَي يُسَاعِدُ فِي إِنْقَاذِ الدَعْوَةِ مِنْ تَآمُرِ الْكُـفَارِ،
كَمَا أَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ.
سَكَتَ
اَلأُسْـتَاذُ قَلِـيلاً وَقَالَ:
- وَعِنْدَمَا
اسْتَيْقَظَ اَلْكُفَّارُ مِنْ غَفْوَتِهِمْ. اِكْتَشـَفُوُا خَيْبَتِهِمُ، فَجَعَلُوا
جَائِزَةً "مَائَةَ نَاقَةً". لِمَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَى طَرِيقِ اِلنَبـِيِّ،
وَكَانَ فِي "غَارِ ثــَوْرٍ" حِينَذَاكَ، وَ"أَسْمَاءُ بـِنْتُ أَبـِي
بَـكْرٍ" تَذْهَبُ لَهُمْ باِلطَعَامِ، وَعَشـَشَ "الْعَنْـكَـبُوتُ"
عَلَى بَابِ الْغَارِ، وَبَاضَتْ "الْيَمَامَةُ"
وَرَقَدَتْ عَلى بَيْضِـهَا، وَاَلْكُـفَّارُ يَنْظُرُونَ إِلَى دَاخِلِ الْغَارِ.
دُونَ أَنْ يَرَوْهُ هُوَ وَصَاحِبهِ.
(( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبـِهِ لاَتَحْزَنْ إِنَ الْلهَ مَعَنَا )) (التوبة40)
مَكَثَ
فِي الْغَارِ ثـَلاَثــَةَ أَيَّامٍ. ثــُمَّ سَلَكَ طَرِيِقاً غَـيْرَ مَأْلُوفٍ
إِلَى الْمَدِينَةِ، وَاسْـتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ باِلْبِشْرِ وَالتِرْحَابِ
وَالأَنَاشِـيدِ، وَغَمَرَتْ الْجَمِـيعَ فَرْحَةٌ عَارِمَةٌ. تَنَافَسَ أَهْلُ اِلْمَدِينَةِ
عَلَى أَخْذِ اِلنَّاقَةِ. وَالرَسُولُ الْكَرِيمُ يَقُولُ لَهُمْ:
-
( أُتْرُكُوهَا فَإِنـَّهَا مَأْمُورَةٌ ).
وَفِي
الْمَكَانِ الْذِي بَرَكَتْ فِـيهِ النَّاقَةُ. اشـْـتَرَىَ اَلرَسُولُ هَذِهِ اِلأَرْضُ،
وَبَنَىَ عَلَيْهَا أَوَلَ مَسْجِدٍ وَأَوَلَ مَدْرَسَةٍ لِلْمُسْلِمِـينَ.
وَبَدَأَتْ
دَوْلَةُ اِلإِسْلاَمِ تـَقْوَىَ شـَيْئاً فَشـَيْئاً.
وَكَانَتْ
"مَوْقِعَةُ بَدْرٍ الْكُـبْرَىَ". أَوَّلُ مَعْرَكَةٍ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِـينَ
وَقُرَيْشٍ، اِنْـتَصَرَ فِـيهَا اَلْمُسْلِمُونَ، وَكَانُوا مَائـَتَيْنِ وَاَلْكُفَارُ
أَلْفَيْنِ.
وَدَارَتْ
بَعْدَهَا عِدَّةٌ مِنَ اَلْغَزَوَاتِ. مِثــْلَ غَزْوَةِ "أُحُدٍ" و"اَلْخَنْدَقِ"
و"خَيْبَرٍ" و"حُـنَيْنٍ" وَغَيْرِهَا مِنَ الْغَزَوَاتِ
وَالْفُـتُوحَاتِ. اِنْـتَصَرَ فِـيهَا اَلْجَيْشُ اِلإِسْلاَمِيُّ نَصْرًا مُبـِـينًا.
وَكَانَ
اَلرَسُولُ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ أُمُورَ دِينِهِمْ.
وَكَانَ
اَلْقُرْآنُ يُنـَزَّلُ عَلَيْهِ. وَهُوَ "صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ"
يُعَلِّمُ اِلنَّاسَ الأَخْلاَقَ الْحَمِـيدَةِ.
وَعَقَدَ
"صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ" بَعْضَ اَلْمُعَاهَدَاتِ مَعَ اَلْيَهُودِ،
لَكِنَّهُمْ نَقَضُوا هَذِهِ الْعُهُودَ، وَأَتَىَ بـِجَيْشٍ كَبيرٍ لِفَـتْحِ "مَكَةَ".
حَطَّمَ اَلأَصْـنَامَ اَلْتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ اَلْمُشَرَّفَةِ.
طَهَرَ بَيتُ اِللهِ اِلْحَرَامِ، عَفَاَ عَنْ أَهْلِهِ وَعَشِـيرَتِهِ، وَأَهْلُ
مَكَّةَ جَمِيعَاً، وَدَخَلَ اَلنَّاسُ فِي دِينِ اِللهِ أَفْوَاجًا.
وَتَوَسَعَتْ
اَلدَوْلَةُ الإِسْلاَمِـيَّةُ فِي الشَرْقِ وَالْغَرْبِ.
وَكَانَتْ
وَمَا زَالَتْ هِىَ اَلْمَنْجَىَ وَاَلْمَلْجَأَ لِكُلِّ الْبَشَرِ عَلَى ظَهْرِ اِلأَرْضِ
وَحَتَّى تَقُومُ السَّاعَةَ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق