الفراشة الخضراء
أسامة كمال
وقفت ريم في شرفتها تنتظر لحظة غروب الشمس، فاقتربت منها فراشة خضراء ، رفت بأجنحتها حولها ، فهشتها ، فوقفت على أنفها ، فهشتها ، فوقفت على كتفها.ضحكت ريم وأمسكتها ، ووضعتها على حافة النافذة ، وسألتها :
ــ أين بيتك.... ؟
ــ أنا حرة طليقة ، أتنقل من وردة إلى وردة ، ومن شجرة إلى شجرة , ومن بيت إلى بيت.
ــ ألا تتعرضين للخطر .....؟
ــ عندما أشعر بالخطر أختفي وأعود من جديد
وبعد لحظات جاءت لحظة الغروب , واختفت الفراشة الخضراء بين الورود والأشجار والبيوت.
في الصباح رفّت الفراشة الخضراء حول بيت ريم ، وحلقت وطارت من شرفة إلى شرفة ، ومن غرفة إلى غرفة حتى رأت ريم نائمة، فرفت ، ووقفت بين عينيها ، ورفرفت بجناحيها ، فصحت ريم من نومها , وضحكت من قلبها وقالت :
ــ أنت مرة أخرى
ــ نحن أصدقاء منذ الأمس
ــ إذن علميني أن أطير
ــ هذا مالا أستطيع
ــ لماذا... ؟
ــ أنت فتاة جميلة تستطيعي أن تمشى , وأن تجرى ، وأن تقرئي ، وأن تحلمي ... وأنا مجرد فراشة أطير من وردة إلى وردة ومن بيت إلى بيت .
خلقك الله فتاة جميلة , وخلقني فراشة تحلق وتطير.
ــ أحلم أن يكون لي جناحين وذيل من الريش... وأطير فوق البحر والأرض , وأقترب من نجمة السماء التي تلمع في الليل .
ــ إذن لنصنع معاً طائرة من الورق , ونطيّرها إلى السماء ، ونضع فيها صورتك .
وبذلك تطيري وتصلى إلى السماء .
وافقت ريم على الفكرة , وصنعت طائرة ورقية جميلة ، ووضعت فيها صورتها , ووقفت في نافذتها الصغيرة , وطيّرتها إلى السماء ، وما أن رأتها الفراشة الخضراء حتى طارت إليها ... لكن طائرة ريم أخذت تعلو وتعلو .. حتى اقتربت من السماء، ولم تستطع الفراشة الخضراء أن تصل إليها .
فضحكت ريم وقالت :
ــ الآن أستطيع أن أطير إلى السماء , وأتفوق علي الفراشة الخضراء .
..........
في الصباح ذهبت ريم سعيدة إلي المدرسة ، تحمل حقيبتها الزرقاء علي ظهرها ، ووردة حمراء علي شعرها، و فراشتها الخضراء تحلق و تطير و تختفي بين أشجار الصنبور و الكافور .
ثم تخرج إليها ، و تقف علي شعرها و كتفيها .
و ما هي إلا دقائق حتى ألقت طائرات العدو بالنيران في كل مكان ، فاختفت الفراشة الخضراء بين الأغصان ، و انتظرت حتى زال الخطر . و عادت لتجد ريم ملقاة علي الأرض و بجانبها حقيبتها و كراستها ووردتها الحمراء .
...........
و لم يمر النهار حتى طارت كل الفراشات حاملة صورة ريم و طاروا بها إلي السماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق