لنشر عملك بالمدونة Ahmedtoson200@yahoo.com



الجمعة، 23 يناير 2015

"إشـارات المـرور" قصة للأطفال بقلم: محمد عبد الله الهادي

 إشـارات المـرور
محمد عبد الله الهادي

دخـلتْ المعلمةُ الجـديدة الفصل، فانقطع لمرآها ـ فجأة ـ حس الضجـيج الصبـياني الذي لا يهدأ، ارتسمتْ ملامحُ الجـدِ علي الوجـوه الصغـيرة، وبأعين الأطفـال الريفـية المندهشة، التي تطفـح بالفضـول والوجـل، كان أطفـال أولى أول (1/1) يختلسـون النـظر للمعلمة القادمة من المـدينة البعـيدة لمدرستهم لكي تعلمـهم.
وقـَف الأطفـال تحيـةً لهـا ، فقـالت لهـم:
ـ "صباح الخـير يا أطفـال ".
ردُّوا عليـها بصـوتٍ واحـدٍ:
ـ "صـباح النـور ".
عندما جلـسوا، أمسكتْ المعلمةُ بقطعة الطباشير، وكتـبتْ بخـط كبـير علي السبورة:
"إشـارات المـرور"

ثم رسمتْ بالطباشـير الملوَّن ثلاث دوائـر: واحدة حمـراء وواحدة خضـراء وواحدة صفـراء. قالـتْ المعلمةُ للولـد الأول:
ـ " قِـفْ أنت "
وعندما وقـف، سألته:
ـ "في إشارات المرور.. ماذا يعني اللـون الأحمـر ؟ ".
وفكـَّر الولـد قليلاً، في قريتهم الصغيرة لا توجد إشـارات مـرور، وأن الشوارع التي يمشي بها أهـل قريته لا تظهر بها إلاَّ سيَّـارات قليلة، وعلي فترات متباعـدة. وأنه عندما كان يجلس تحت نخلتـهم الواقـفة أمام دارهم، والتي تحمل في آباطها السباطات المكتنزة بالبلـح الأحمـر، لم يكن يشـاهد علي الطريق سوى الفلاَّحـين، ومعهم دوابهم وهم في طريقهم للحقـول، فأجـاب:
ـ "الأحمـر لون البلـح الناضـج في أعالي النخـيل ".

أشارت المعلمة للولـد الثـاني، وقالـت له:
ـ "قِـف أنت ".
وعندما وقـف، سألته:
ـ "في إشارات المـرور.. ماذا يعني اللـون الأصـفر؟ ".
وفكَّر الولد الثاني قليـلاً، كان قد رأى أباه وأخوته في الصـباح البـاكر، عندما حملُوا "الشراشر" و"المناجل" في طريقهم للحـقل، كي يحصـدوا سيقان القمـح الصـفراء، ولم تكن هناك إشـارات للمـرور، فأجـاب:
ـ "الأصـفر لون القمـح الذهـبي في الغيـطان ".
أشـارت المعلـمة للولـد الثـالث، وقـالت له:

وعندما وقـف ، سألته :
ـ "في إشـارات المـرور.. ماذا يعني اللون الأخضـر؟ ".
وفكَّـر الولـد الثـالث قليلاً، أنه يأتي من الدار للمدرسة، ويعـود من المدرسة للـدار، وأحيانا يصحبه أبوه معـه للحقـل، ويمشي في طرق ليست بها إشـارات مـرور، لكنه يكون سعيداً عندما يرى خضرة الحقـول الممـتدة أمامه علي مـدد النـظر، فأجاب:
ـ "الأخضـر لـون الـزرع في الغيـطان ".
صاحـتْ المعلمةُ القـادمة من المـدينة البعـيدة في الأولاد الثـلاثة:
ـ "خطـأ.. خطـأ.. إجـاباتكم خطـأ ".
ونظـرتْ في عيني الولـد الأول، وقـالت:

ـ "في إشـارات المـرور.. الأحمـر يعني: قـفْ ".
ونظـرتْ في عيني الولـد الثـاني، وقـالت:
ـ "في إشـارات المـرور.. الأصـفر يعني: استعـدْ ".
ونظـرتْ في عيني الولـد الثـالث، وقـالت:
ـ "في إشـارات المـرور.. الأخضـر يعني: سـرْ ".
قـالتْ المعلمةُ القادمة من المـدينة البعـيدة للأولاد:
ـ "اجلسوا.. سـوف أسـألكم مـرَّة أخـرى ".
وعنـدما سـألتْ ولـداً رابـعاً عن اللون الأحـمر، أجـاب:
ـ "لـون البلـح ".
وعنـدما سـألتْ ولـداً خامـساً عن اللون الأصـفر، أجـاب:
ـ "لـون القمـح ".
وعنـدما سألت ولـداً سادسـاً عن اللون الأخضـر، أجـاب بتصـميم:
ـ "لـون الـزرع في الغيـطان ".
احتارتْ المعلمةُ القادمة من المدينة البعيدة، وضحكتْ لأول مرَّة، وهي تنـظر في عيـون أطفال أولى أول(1/1)، عندئـذ أضاءتْ البسمةُ كل وجـوه الأطفـال، وهم يرجونها، أن تأخـذهم معها في رحـلة للمـدينة، كي يروا بأعينـهم إشـارات المـرور.

ليست هناك تعليقات: