بيت له بابان
صبحي سليمان
في يوم من الأيام أراد الأرنب الأبيض أن
يبنى لنفسه
بيتاً؛ فتفحص
الغابة جيداً حتى وجد مكاناً في الطرف الآخر من الغابة بجوار شجرة الجوز ... فقال
لشجرة الجوز الشامخة في جانب الحقل : ـ أيتها الشجرة الطيبة سأكون مُنذ الآن جاراً
لك، وسأجعل باب بيتي قريباً منك فأنعم بظلالك وأتمتع بجمالك؛ وسيبدو حقل الكرنب
كُله أمام ناظري؛ فهل تقبلين ؟
وافقت
شجرة الجوز وفرحت بالجار الجديد واهتزت أغصانها طرباً؛ فالأرنب الأبيض لطيف للغاية
ومنظرة جميل وهو يقفز في حقل الكرنب كأنه كُرة من القطن ناصعة البياض.
بدأ الأرنب يبنى بيته؛ وكان يعمل بهمة
ونشاط، وفرح به الأصدقاء الطيبون من عصافير وسناجب ونمل، وكانوا يمرون به ويعرضون
عليه مساعداتهم، فيبتسم لهم ويشعر بالسعادة ثم يقول : ـ أشكركم جميعاً يا أصدقائي
المُخلصين ... فأنتم تعرفونني دائماً ... فأنا أُحب أن أعتمد على نفسي في بناء
بيتي ...
وعندما
انتهى الأرنب من البناء مر به صديقه القُنفذ الحكيم فقال له الأرنب فخوراً : ـ
ـ
انظر يا صديقي القُنفذ إلى بيتي الجديد، أليس جميلاً ... ؟!
توقف
القُنفذ يتأمل البيت قليلاً ثُم قال : إنه متين وقوى؛ ولكن كان عليك أن تجعل له بابان
...
فابتسم
الأرنب وظن أن القُنفذ يمزح كعادته وقال : ـ
ـ
بيت له بابان ... هل تمزح يا ذا الدرع الشوكي ... ؟!
فقال
القُنفذ : ـ لست أمزح يا صديقي ... فيجب أن يكون له بابان ...
ثم ودع القُنفذ صديقه الأرنب وذهب في
طريقه ... ووقف الأرنب حائراً يُفكر في كلام القُنفذ، ولكنه قال أخيراً في نفسه :
ـ لا بأس سأجعل لبيتي بابان وسأعمل بنصيحة الأصدقاء المُخلصين؛ فالقنفذ حكيم وأكيد
يقصد ما يقوله ...
وفى اليوم التالي بينما كان الأرنب
الأبيض يتناول غذاءه في حقل الكرنب لمح من بعيد الثعلب قادماً، فصاح الأرنب قائلاً
: ـ النجدة ... النجدة ...
وقفز الأرنب باتجاه بيته؛ ولم يستطع
الثعلب أن يُمسك به، فقد وصل الأرنب إلى بيته سريعاً، وأغلق خلفه الباب بقوة، لكن
الثعلب لم ييأس واستند إلى شجرة الجوز وقال غاضباً : ـ لن أغادر هذا المكان حتى
يخرج الأرنب الأبيض، وأكيد أنه سيخرج وإلا مات جوعاً بالداخل؛ فلقد مر وقت طويل لم أذق فيه
طعم الأرانب اللذيذ؛
ثُم إنني
جائع جداً الآن ...
وبقى الثعلب في مكانه ينتظر ... وينتظر ... وكان
الأرنب في ذلك الوقت يتسلل وقتما يشاء من باب بيته الثاني ويتناول طعامه بهدوء ثم
يعود وهو مُطمئن ... والثعلب هُناك تحت شجرة الجوز ينتظر وينتظر ... ولكن بلا
فائدة ... وأخيراً شعر الثعلب بالملل ... فلقد طال انتظاره وانصرف يائساً
خائباً ... ومُنذ ذلك اليوم عرف الأرنب لماذا عليه أن يبنى بيته بنفسه وأن يجعل له
بابان ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق