سناء تحبسم
في الزمن البعيد عاش صياد وحيد اسمه فريد, يستيقظ كل
صباح ليأخذ الشبكة و المصباح, ويتجه صوب البحر قبل أن يصبح في حالة جزر. يركب
قاربه المتواضع ويبدأ بفك الشبكة ليعرف ما هو صانع, يرميها مرارا و تكرارا عله يجد
من السمك اقبالا. أحيانا يكون الصيد وفيرا فينام شبعانا هو وأصدقاؤه
بعد أن يكون حضر لهم
عشاء كبيرا, وأحيانا يشعر بأن السمك مستتر لأنه لا يجد في الشبكة الا القليل
الصغير المنتثر فينام ليلتها جوعانا يدعو ربه لعل اليوم المقبل لن يجعله خسرانا.
وهكذا مضت الأيام به والسنون, وصيادنا مداوم على مهنته ما
صار أبدا موهون, وفي يوم من الأيام حصل ما لم يكن في الأحلام, قذف بالشبكة واذا به
يلقف سمكة, لكنها كبيرة جدا و عظيمه احتاج كل طاقته ليرفعها فهي ثقيلة, لونها ذهبي
أثار في نفسه الحيرة نظر اليها مليا و قال
مؤكد أنها ذات قيمة. ما أن وصلت السمكة سطح الأخشاب رأى منها العجب العجاب, و فتحت
فمها لتقول وصيادنا غير مصدق قد أثاره الفضول!
"شكرا" قالت له السمكة
بكل أدب ورقة, لقد وجدتني من بين المئات
فلك مني كل الشكر و الحب حتى الممات. تعجب الصياد مما رأى؛ سمكة تتكلم! ما حدثه
أحد بهذا ولا شخص له حكى. سألها وهو لايزال غير مصدق: كيف تتكلمين معي؟و كيف لي
بشيء لمساعدتك أحقق؟ قالت له: كنت فتاة غنية فيما مضى فحولتني الساحرة الشريرة لما
ترى, "ستجوبين البحار ليل نهار" هكذا قالت لي " الى أن يصطادك أحد
ويفضلك على نفسه وفي هذا كبد". سألها فريد و كيف ذلك؟ قالت: " اما أن
تطلب أي طلب وله تحقيقي قد وجب, عندها
أعود للبحار مرة أخرى ولا أسترجع هيئتي التي كانت أقوم و أحلى. أو أن ترأف بحالي و
تفضل عودتي لكياني, عندها ليس لديك عندي مطلب ولا بأي حال ولا لأي سبب". صمت
الصياد ليفكر و السمكة لجوابه تنتظر, فكر في حاله و أيامه وكبف يعاني من قلة و تعب
في ماله, وكاد أن يختار مالا وفيرا يصبح به تاجرا كبيرا, بعدها يستطيع أن يتزوج و
بعدها بسنين على أولاده يتفرج. لكنه عندها نظر الى السمكة المسكينة و استشعر كيف
أنها في حياتها حزينة, مؤكد أنها تريد أن تعود كما كانت و نظر لعينيها اللامعتين
حيث علمت أن لحظة الاختيار حانت. فال لها بتؤدة: "صحيح أن حياتي صعبة وفيها
مشقة الا أن حياتك لا يتمناها أحد وحيدة ليس لديك رفقة, لن أختار الذهب ولا
الدينار ولكن عودتك لأصلك هذا ما أريد و أختار".
السمكة تبسمت والى الماء قفزت, واذا بها فتاة حسناء تسحر
الناظر اليها قالت: "اسمي هيفاء, كنت غنية كما قد قلت لك ولكن ايضا جميلة
وهذا ما ترى عيناك". فرح الصياد بعودتها فهنأها والى الشاطيء اقترح معه أن
يوصلها.
أعجبت هيفاء بكرم أخلاقه وحسن
نيته, فاقترحت عليه أن يتزوجها و تشاركه في عيشته, وافق طبعا في الحال فكانت له
هنية البال, تشاركه السكن والمأوى وتشاطره ماله الذي له أمسى, وعاشا معا عيشة هنية
و أصبح لهما الولد و الذرية.
___وهذا ما كان في ذلك الزمان ___
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق