نحن الأفضل
صبحي سليمان
ضاقت
الأغنام ذات يوم من مُعاملة الراعي لها وقسوته عليها، فاجتمعت لتبحث الأمر ...
وكانت جميعها في حالة غضب شديد؛
وذلك
لأن الراعي قد أتى إليهم بكلب ضخم يصحبهم أينما ذهبوا ... ولم يكن له عمل أو فائدة
إلا السير وراءهم في كُل مكان؛
والنباح المتواصل الذي أزعجهم وأقلق راحتهم ... هذا خلاف أنه عديم الفائدة؛
وبالرغم من ذلك إلا أن الراعي كان دائماً يُدللـه ويخصه برعايته.
وفى
يوم من الأيام قررت الأغنام أن تتجرأ وتشكوا حالها للراعي ... فقالوا له : ـ
ـ إننا
جميعاً في حُزن شديد لأنك تُعامل كلب الحراسة أفضل مما تُعاملنا جميعاً ... إننا نُعطيك
الصوف واللبن واللحم، ومع ذلك فأنت لا تُعطينا أي شيء مُقابل كُل هذا، حتى طعامنا
لا نُكلفك به فنحن نبحث عن الحشائش في كُل مكان؛ أما الكلب فأنت تُعطيه أطيب
الطعام ... ومع ذلك فهو لا يُعطيك شيئاً إلا النباح المتواصل طوال اليوم.
عندما
سمع الكلب هذا الحديث تضايق كثيراً وقرر أن يُواجههم بالحقيقة ليعرف كُلٍ منهم
دوره، فرد عليهم بدلاً من الراعي وقال : ـ
ـ يا
أصدقائي ... إن كُل ما قلتموه صحيح ولكنكم نسيتم شيئاً هاماً ... فعملي ليس النباح فقط؛ ولولا حراستي لكم وسهري عليكم
لجاءت الذئاب وأكلتكم جميعاً؛
فنباحي هو الذي يُبعدهم عنكم؛ فإذا أكلوكم فكيف يُمكنكم أن تعطوا الراعي لبناً
ولحماً ... ولهذا فإنه يُطعمني أفضل طعام لكي أقوى على حراستكم.
اعترضت
بعض الأغنام على كلام الكلب؛ فشعر الكلب بعدم أهميته؛ فقرر الرحيل؛ ومشي مُبتعداً عن الراعي والخراف
المشغولان في الحوار حول أهمية الكلب ...
وما
أن ابتعد الكلب حتى تنبه الراعي لغيابه فقام يجري خلفه ليُرجعه إلي عمله ... وما أن
ابتعد الكلب والراعي حتى ضحكت الخراف كثيراً وجلست ترتاح من نباح الكلب المتواصل
ليلاً ونهاراً ...
وفي هذه
الأثناء، كان ذئبٌ مُخادع يرصدُ الأغنامَ خلسة؛ وكان يلتفت إلى الكلب فلا
يجرؤ على الاقتراب ... وفجأة .. أبصرَ الكلب يمشي حزيناً، وقد انشغل الراعي به ...
فضحك الذئبُ مسروراً، وقال في نفسه :
ـ الآن
واتتني
الفرصة ...
واقترب
الذئبُ من القطيع، فشاهد نعجة قاصية، فوثبَ عليها سريعاً، وأنشبَ أنيابه فيها ...
فأخذتِ النعجةُ، تثغو وتستغيث ... فسمع الكلبُ استغاثة النعجة فترك حزنه وهب
لنجدتها ... وحينما رأي الذئب الكلب مُقبلاً؛ طار فؤاده ذُعراً؛ فأفلَت النعجة؛ وانسلَّ هارباً مذعوراً ...
وما
أن اقترب الكلب من الخراف حتى ذهبت إليه لتعتذر له عن سوء ظنها به ... ومُنذ ذلك
اليوم عرفت الخراف قيمة الكلب القوي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق