كيف نكتب قصة
ورقة عمل يكتبها : أ .
يعقوب الشارونى
تاريخ
القصص هو تاريخ البشرية . لقد عاشت القصص من جيل إلى جيل واستفدنا منها جميعًا ،
ليس فقط لما فيها من تسلية وتشويق ، بل لأنها تنطوى أيضـًـا على عصارة الخبرة
والتجربة الإنسانية . إن الطفل الذى تم إثراء حياته بالقصص هو طفل غنى حقًّا ،
فالقصص تساهم فى تنمية المحصول اللغوى والحفاظ على التراث الثقافى ، وفى تنمية
التذوق الأدبى ، وحفز العقل على التفكير ، وتنمية القدرة على فهم النفس وفهم
الآخرين .
إن
لدى الأطفال رغبة طبيعية للاستماع إلى القصص . إنهم يحبون
الاستماع إليها وحكايتها ، وإذا أحبوا أن يكتبوها أيضـًـا فإنهم سيكتسبون خبرات
وقدرات عملية ونظرية ومتعة تستمر معهم طوال الحياة . وهذه
الدراسة تحاول أن تفتح آفاق معرفة فن كتابة القصة وكيف نستمتع بهذه العملية .
الصفحات
القادمة ستساعدكم أن تتعرفوا على ما
هى القصة ، ثم تقودكم لمعرفة الخبرات الأساسية لبناء القصة ، على
أن نتنبه دائمًا إلى أهمية التفكير الإبداعى الابتكارى ،
سواء عند كتابة قصة أو فى أى مجال آخر من مجالات الفن أو الحياة ، وأن
نتذكر دائمًا أننا نكتب عملاً إبداعيًّا ولا نكتب مقالاً . إن
القصة هى حكاية لها معنى ، ممتعة تجذب انتباه القارئ ، وعميقة تعبر عن الطبيعة
البشرية .
ويجب
أن نلاحظ أنه مهما بَـيَّنا من خطوات أو عناصر للكتابة ، فمن حق المؤلف أن يتحرك
بحرية أينما يريد ووقتما يشاء ، وأن يعتبر ما ذكرناه مجرد مؤشرات تساعده على
الوصول بكتابته إلى مستوى أفضل .
وعن
طريق الأفكار التى نقدمها فى هذه الدراسة ، وما يمكن أن
يبتدعه المُوَجِّه أو
المعلم من أفكار وأساليب ، فإن الطلاب سرعان ما
يحصلون على خبرة تساعدهم على كتابة قصصهم الخاصة ، وبالتالى يمتلكون القدرة على
تذوق وتقدير كل أنواع الأدب .
ما هى القصة
القصة : هى
حكاية تـُـحكى أو تـُـكتب . ويمكن أن تكون طويلة أو قصيرة ، القصة الطويلة جدًّا
هى " رواية " . والقصة التى تتراوح ما بين ثلاث وعشر صفحات هى
" قصة قصيرة " ، لكن بعض القصص
قد لا تتجاوز صفحة واحدة .
ونحن
نستمتع بقراءة القصص لأننا نستخدم خيالنا فى
" رؤية " شخصيات القصة وأين يعيشون ،
وماذا يفعلون . كما أنه يمكن بسهولة إعادة
قراءة القصة أو فقرات منها إذا لم نفهمها من القراءة الأولى ، أو
إذا أعجبتنا وأردنا الاستمتاع بقراءتها مرة أخرى . وعندما نقرأ قصة أكثر من مرة ،
سنكتشف ونلاحظ أشياء لم نتنبه لها فى أول قراءة ، ونفهمها ، وبالتالى سيزيد
إعجابنا بها . ومن أهم أسباب حُب الناس
للقصة القصيرة ، أنه يمكن فى جلسة واحدة أن نقرأها من غير أن يعطلنا شىء . كما
أنها تبعث فى القارئ شعورًا بأنه خاض تجربة أكثر عمقًا من تجاربه الخاصة .
الواقع والخيال :
القصة
الواقعية ، هى التى تدور حول شخص
أو شىء يبدو للقارئ كأنه حقيقى على الرغم من أنها من تأليف وإبداع المؤلف .
إن الناس والأماكن فى هذه القصص تبدو كأشخاص وأماكن نعرفها أو سبق وأن عرفناها ،
وهى بهذا تـُـشبه الحياة الواقعية . إنها " قَصَص واقعى " . والموهبة هى
القادرة على أن تصوغ عملاً فنيًّا من اللحظات التى لاحظها أو شعر بها الكاتب وهو
يتأمل ويتعايش مع ما حوله . والكاتب الموهوب هو الذى يبدأ مبكرًا فى ملاحظة مثل
هذه الأمور ، ويختزنها فى بنك ذاكرته ( حتى بلا وعى ) ليستخدمها فى المستقبل .
أما
القصة الخيالية ، فتدور
حول شخصيات وأماكن لا تشبه أى شخص أو أى مكان عرفناه أو يمكن أن نعرفه .
هذه القصص لا تشبه الحياة الحقيقية اليومية .. إنها "قصص خيالية " .
- لكن
علينا أن نتذكر أن كل القصص والأعمال الروائية مبنية على الخيال
، بمعنى أن خيال الكاتب قد أبدعها حتى إذا كانت تبدو واقعية .
لكن هذا لا يمنع إن الكاتب يمكنه أن يستعين بما يعرفه عن أشخاص وأشياء فى الحياة
الواقعية ، ليبنى حولهم قصته .
إن
القصة عمل فنى يخطط له المؤلف بعناية شديدة .
والقصة الجيدة هى التى تثير عواطف القارئ وانفعالاته ،
مثل السعادة أو الحزن أو الغضب أو الخوف . كما
أن القصة الجيدة يمكن أن تجعل القارئ يفكر ويتعلم أشياء جديدة عن الحياة وعن نفسه
وعن الآخرين .
تتضمن
القصة عادة العناصر الآتية :
- بداية
ووسط ونهاية - مع التركيز على أهمية البداية لربط القارئ بالقصة
حتى نهايتها .
- القصة
القصيرة تتطور عادة تطورًا طبيعيًّا من لحظة مكثفة أو حاسمة أو مؤثرة فى حياة
البطل .
- معظم القصص
القصيرة يكون التركيز فيها على شخصية واحدة رئيسية ،
وعلى دورها فى الحياة .
- وصف
الشخصيات ودوافعها وملامحها المتميزة ، وإيضاح
مكان وزمان وقوع الأحداث .
- استخدام
مختلف الحواس فى إبراز خبرات أبطال القصة .
- التعبير
عن المشاعر والانفعالات .
- استخدام
الحوار الذى يعبر عن اختلاف كل شخصية عن غيرها ، كما أنه من أهم
وسائل إبراز دوافع الشخصيات وحقيقتها الداخلية ، وبالتالى يساهم فى تجسيم الصراع .
- وجود
صراع أو مشكلة أو قضية تدور حولها الحبكـة أو العقـدة ، ثم
حـل العقـدة والوصول إلى نتيجة الصراع .
- وجهة
النظر التى تحملها القصة وماذا تريد أن تقول .
- الجاذبية
والتشويق لحمل القارئ على مواصلة القراءة حتى يصل إلى الخاتمة .
تعريفات
نقدم هنا
تعريفًا لبعض المصطلحات الأساسية التى نستخدمها عند الحديث حول كتابة القصة ، وهو تعريف يعطى أيضًا
ملخصًا أو تركيزًا لأهم العناصر فى كتابة القصة :
-
فكرة القصة : أى
الفكرة الرئيسية التى تدور حولهــا القصــة ، مثــل "
أهميــة دور الفتاة والمرأة فى تنمية المجتمع " ، أو " التمسك بالحق فى
التعبير " ، أو " أداء الواجب هو الشجاعة الحقيقية " .
-
موضوع القصة : الحكاية
أو الحدث الذى ينطوى ، بشكل غير مباشر ، على فكرة القصة ، وهو
التجسيم الفنى للفكرة الرئيسية . ولابد أن
يكون عند الكاتب قصص عن أصدقائه وأقاربه وكل مَن قابله من الصغار والكبار . ومن
خلال التنوع الساحر للعواطف والأفعال والعقول ، تتحول هذه المادة بين يدى الكاتب
إلى عمل فنى – فلا يوجد شىء يحدث فى حياة الكاتب إلا ويمكن استخدامه فى قصصه .
- نوعية
أسلوب القصة : هل
تمت كتابة القصة بأسلوب ساخر ، أو غامض
مثير للتساؤل ، أو بأسلوب ناعم
يعبر عن مشاعر رقيقة ، أو بأسلوب يعبر
عن التوتر والغضب أو الرعب ، أو فى جو
من الأسرار أو غير ذلك ؟
-
الخيال : فالمؤلف يستخدم خياله ليؤلف قصة يمكن أن نجد لها
مشابهًا فى الواقع ( قصة واقعية ) ، وقد يكتب قصة يتعذر أن توجد فى الواقع ( قصة
خيالية ) .
-
العصف الذهنى أو الفكرى : وهو
الاهتمام بكل فكرة تخطر على بالك أو على ذهن المجموعة التى تحيط
بك وأنت تفكر فى موضوع قصة ما ، مهما كان رأيك - فى البداية - فى أهمية ما تسمع .
-
الاستهلال ( أو بداية القصة ): الجملة أو
الفقرة التى نبدأ بها القصة ، والتى يجب أن تكون
حافزًا للقارئ على التساؤل ، وإثارة التشويق ، والتشجيع على الاستمرار فى قراءة
القصة حتى نهايتها ، لذلك نقول إنه من
الأفضل أن تتضح عقدة القصة من أول فقرة فيها .
-
مخطط للقصة : كتابة
النقاط الأساسية التى يتكوَّن منها بناء القصة ، وعرض وإبراز
الأحداث والتحولات الأساسية فيها ، وكيف
يؤدى كل جزء فى القصة إلى ما يليه على نحو منطقى مفهوم يتقبله القارئ حتى إذا كانت القصة خيالية .
-
البطل : أو
الشخصية الرئيسية فى القصة التى تُحرك الأحداث ، وتتحرك حولها بقية الشخصيات .
-
الخصـم ( أو البطـل المعاكـس ) : قد
يكون الشخصية الشريرة ، أو الخصم أو الشىء الذى يعترض طريق البطل . وهذا
الخصم قد يكون شخصًا ، أو عقبة ، أو مانعًا يقف فى طريق البطل ، وقد
يكون أحد عناصر الطبيعة مثل انسداد بئر يعيش عليها أهل واحة فى
الصحراء ، أو فكرة أو رغبة مثل
شخص يحب العمل فى التجارة لكنه ينشأ فى بيئة زراعية تفرض عليه الاستمرار فى العمل
الزراعى ، وتحكى القصة كيف يقاوم البطل هذا المصير .
-
رسم الشخصية : وهو
وصف الشخصيات التى يدير حولها المؤلف عمله القصصى ، وإبراز خصائصها وما يميزها عن
غيرها ، وذلك من خلال أحداث القصة ، وتصرفات الشخصية وأقوالها
، وتفاعلها مع غيرها من الشخصيات أو الأحداث .
- لكن
لا ينبغى للكاتب أن يكون قاضيًا يحكم على شخصياته ، بل يجب أن يكون شاهدًا غير
متحيز .
- وعليك
أن تسير بصحبة شخصياتك كأنك تراها بعين خيالك ، تعيش وتتطور كما فى الواقع
، ثم احكِ قصتها بكل الصدق والتعاطف والجدية على قدر ما تستطيع .
- وقبل
أن تبدأ الكتابة عن شخصية ما ، يجب الاهتمام ببيان الدوافع والأسباب لتصرفاتها
.
-
الحواس : الرؤية والسمع
واللمس والشم والتذوق ، وهى الحواس التى نتعرف من خلالها على العالم من حولنا
ونكتسب من خلالها مختلف الخبـرات ، وأن
يهتـم الكاتب بالطريقة التى يستخدم بها أبطال القصة حواسهم لاكتساب الخبرة
والتعبير عنها .
-
الحبكة أو " العقدة " وهى ضرورية للقصة : إنها
وسيلة للمحافظة على حركة الشخصيات ، وشد مشاركة القارئ إلى نهاية القصة .
وبدون الحبكة لن يهتم القارئ كثيرًا بمتابعة القصة إلى النهاية . وعادة
ما تدور الحبكة حول الصراع بين البطل وخصمه .
-
الصراع : وهو المشكلة أو
العقبة أو الرغبة التى تقف فى مواجهة البطل أو الشخصية الرئيسية ، والتى يسعى
للتغلب عليها .
-
السرد : مجموعة الكلمات
والعبارات والجمل التى تخبرنا عن شىء أو مكان أو شخصية ، أو أن شيئًا قد حدث أو قد يحدث ، ولا
نقصد به " الحوار " .
-
الوصف : أو الكلمات والفقرات
التى تصف الشخصيات والمكان والأشياء : ما شكلها ،
وبماذا تشعر أو تشم أو تلمس أو ترى ، مع وصف ملامح الوجه وحركات الجسم ، والمشاعر وردود الأفعال ، والجو
المحيط بكل هذا .
-
المجاز أو الاستعارة : وذلك
عندما نقارن شيئًا بشىء آخر ، مثلاً عندما نقول لشخص : " تصرفاتك تصرفات حرباء متلونة
" ، وذلك بغير استخدام ألفاظ مباشرة تدل على
التشبيه .
-
التشبيه : تشبيه شىء بشىء آخر
مع استخدام ألفاظ أو كلمات تدل مباشرة على التشبيه ، فنقول : مثل
- كأنه - كأن - أو حـرف الكاف ( ك )
للتشبيــه ( مثــل الشجرة - كأنه شجرة - كشجرة ) مثلاً " إنه يهتز مثل شجرة
فى عاصفة " .
-
الحوار : هو ما تتبادله شخصيات
القصة فيما بينها من حديث . والحوار له أهميـة كبرى عند القارئ ،
فالحوار أو الحديث هو ما يميز الإنسان عن الثدييات الأخرى ، كما أن الحوار
هو الذى يميز بين شخص وآخر ، فيعبر عن واقعه وثقافته .
-
الحديث الداخلى : وهو
ما يدور من حديث بين الإنسان ونفسه .
-
مكان أو موضع وقوع الأحداث : المكان الذى تقع فيه أحداث القصة
.
-
زمان وقوع الأحداث : أو الفترة الزمنية التى تحدث فيها القصة
.
-
فترة الاختمار أو الحضانة : هى فترة من الزمن تبدأ بها عملية
الإبداع ، حيث نترك الأفكار فترة تختمر
خلالها . ويؤدى هذا إلى إنشاء روابط وعلاقات بين الأفكار والتصورات .
فبعد فترة الاختمار ، نجد المؤلف أو المخترع أو الفنان يقول عـادة : " الآن
وجدتها " ، أى أنه اكتشف بوضوح طريقه للسير فى إبداعه حتى يكتمل .
-
مسودة أولى : الكتابة الأولى أو المسودة المبدئية ،
بما فيها من أخطاء إملائية أو
لغوية ، لكنها الكتابة الإبداعية الخلاقة
الأساسية للعمل الأدبى المتميز ، والتى تعتبر النواة للعمل الأدبى الأصيل الناجح .
وهنا نستطيع أن نقول للموهوب : " أنت لديك الرغبة فى كتابة القصة ، وتملك
الموهبة ، وعلى استعداد للتمرن والتدرب ، إذن أضف
إلى ذلك الإصرار على مواصلة العمل ، وتمتع بعادة النقد الذاتى ، والثقة فى النفس .
أسرع بالاستجابة لقوة الإبداع فى اللحظة التى تجد نفسك فيها مدفوعًا إلى الكتابة
" .
- الذروة
: هى قمة أحداث ووقائع القصة ،
وأحيانـًـا تكون الجزء الذى يصل فيه التشويق إلى أقصاه ، أو أكثر المواقف إثارة . وقد
تكون نقطة تحول رئيسية فى المواقف أو الأفكار ، أو لحظة تغير أساسى فى التوجه أو الأهداف .
-
مراجعة (أو تنقيح):إعادة كتابة القصة ، أو
إعادة ترتيب الفقرات أو الفصول أو الجمل ،
أو إضافة أو حذف بعضها ، أو إعادة صياغة بعضها ، لتصبح القصة أكثر تماسكًا ووضوحًا
ومنطقية .
- التحرير
: ويُقصد به القـراءة
المدققـة للمسـودة النهائيـة من القصـة ، وإجـراء
التعديلات لتصبح على نحو أفضل وأوضح ، مع تصحيح الهجاء والأخطاء النحوية .
-
الخاتمة : وهى الجزء القريب
جدًّا من نهاية القصة ، عندما تنتهى جميع الخطوط لتترابط معًا ، ويتم حل المشكلة
أو العقدة ، ويتم تحديد مصير كل شخصية من شخصيات القصة .
-
تحليل القصة : مراجعة
القصة بعد اكتمالها ، للتأكد من سلامة تركيب أجزائها معًا .
-
ورشة كتابة : مجموعة
من المؤلفين يجتمعون معًا ، ليقرأ كل منهم قصته على الآخرين ، ويستمع إلى آرائهم
وتقييمهم ، ليساعده ذلك على اكتشاف وجهات نظر أخرى وهو
يعيد النظر فى عمله الأدبى عندما يراجعه أو ينقحه
.
عناصر الكتابة الناجحة
* الكتابة
الناجحة هى التى نقرؤها بسهولة ، ذلك أن أفضل
الإبداعات الأدبية يمكن أن تفقد قيمتها بسبب تعقيدها ، أو لمبالغتها الشديدة فى
الخيال ، أو عندما تتضمن كثيرًا من الأوصاف ، أو بسبب " الاستطراد "
والخروج عن الخط الرئيسى .
* أفضل
أنواع الكلمات التى نستخدمها فى رواية القصص ، هى الأسماء ثم الأفعال .
الأسماء والأفعال هى التى نحتاج إليها لنعبر للقارئ بوضوح عن عناصر القصة الأساسية
. استخدم الاسم
لتحدد شخصًا بعينه ، والفعل ليساعدك على رسم صورة فى حكاية .
-
استخدم الفعل الذى يصف حركة . مثلاً بدلاً
من أن تقول " جلس الرجل حزينًا " ، قل "
انهار أحمد جالسًا على المقعد الخشبى " . إن اسم
" أحمد " ، وجملة " انهار جالسًا " ، تشير إلى شخص محدد وشكل حركة معينة . لقد
أصبحت الجملة قادرة على أن تجعلنا نرى شخصًا معينـًـا يقوم بفعل أو حركة على نحو
محدد ، وهذا يساعد القارئ على أن يرسم بسرعة صورة فى مخيلته للموقف الذى قرأ
عنه ، فيعاونه على أن يستحضر
خبراته السابقة ليتعايش بقوة مع ذلك الموقف .
- استخدم
الأفعال لإبراز الأحداث بشكل واضح ،
فبدلاً من أن تقول " كان الصَّبـِيَّان يتشاجران " ،
قل " جمال وسامح اشتبكا فى صراع بالأيدى ،
فسقطا على الأرض " .
* عليك
أن تهمل كل ما ليس له صلة وثيقة بموضوع قصتك . استبعد
الوصف غير المجدى ، ولا تركز على شىء لا يتعلق بالقصة ،
ولا تتعمد الحذلقة اللغوية ، واستبعد أى
شخصيات ومواقف ليس لها صلة مباشرة بقصتك .
*
لكى تكتب قصة جيدة ، يجب أن تهتم بالجمل الافتتاحية ، والتركيز الواضح على الاتجاه
العام للحدث ، ثم الشخصيات ، وبعدها تنطلق حتى تصل إلى
الخاتمة .
* لا
تكف عن التدريب يوميًّا على الكتابة ، خصص فى
برنامجك اليومى وقتًا لتكتب ( 100 ) أو ( 200 ) كلمة . وهذا
هدف من المؤكد أنك تستطيع تحقيقه .
* اكتب
يومياتك أو مذكراتك حول أى شىء .. مجرد تسجيل
لما عايشته فى يومك ، لكن عليك أن تمارس الكتابة يوميًّا . إنك
بهذه الطريقة تتعود على تحويل الخِبْرات والمشاعر والأحداث إلى كلمات ،
وهذا هو أساس عمل المؤلف الناجح . إن الكتابة ثم الاستمرار فى الكتابة أهم تدريب
يؤدى إلى الإتقان والوضوح وسلاسة التعبير .
* تعلم
كيف تكتب على الكمبيوتر . إن الكتابة على الكمبيوتر خير صديق
للكاتب . إنك تستطيع بسهولة وسرعة ، على شاشة الكمبيوتر ، أن تضيف وتغير ، أن تصحح
أو تعيــد
الكتابة لأى عدد من المرات ، حتى تصل إلى
صياغة واضحة مشوقة مقبولة .
* اجعل
بجوارك دائمًا المعجم ودائرة المعارف ، لكى
تستخدمهما عندما تحتاج إليهما وأنت تكتب ، للتأكد
من صحة كلمة أو معلومة تحتاج إليها فى كتابتك .
- اكتب
ثم اكتب . إن كل جملة فى اللغة العربية يمكن أن
تكتبها فى صيغ وأشكال مختلفة ، وهذا يجعلك تتعود أن تصل إلى أوضح أسلوب لتقول بدقة
وسلاسة ما تريد أن تعبر عنه .
* عندما
نختار الكلمة والجملة ، فإننا نسمعهما بالمعنى والإيقاع وبإشعاعهما العاطفى . إن
الكتابة الجيدة تتوافر للكاتب شديد النقد لنفسه ، والتناسق يأتى من تدريب الأذن.
* اقرأ
بصوت عالٍ الحوار الذى تكتبه لشخصياتك ، ونغّم الإيقاع كالممثل
على خشبة المسرح ، واشعر كيف يمكن للكلمات أن تترابط وأن تبين الحب أو العاطفة
أو الشك وعدم الثقة أو الصداقة . لاحظ بعناية كيفية ترتيب كلماتك بالطريقة التى
تريد أن يكون عليه إيقاعها بعد أن تكون قد استمعت لها جيدًا وأنت
تنطقها فى ذهنك . كذلك اترك فرصة للصمت أو للتردد فى حوارك .
اشطب بلا رحمة الكلمات الزائدة ، والبدايات البطيئة ، والجمود والتكلّف .
* اقرأ
ما كتبت بصوت عالٍ لنفسك . هذا
يجعلك تتعرف بشكل أوضح على ما إذا كان الذى كتبته يُـعَـبِّر عن معنى مفهوم وواضح
، كما يساعد على الإحساس بإيقاع الكلمات والعبارات . وقد
يكون أكثر فائدة إذا قرأت ما كتبت بصوت عالٍ على آخرين ،
سواء على أفراد الأسرة أو الأصدقاء .
- اقرأ
ثم اقرأ ثم اقرأ . طالع كل شىء وأى شىء ، وعلى وجه خاص اقرأ أعمال كبار الكُتَّاب .
القراءة ستصقل قدراتك اللغوية ، والقدرة على التعبير السليم الواضح الدقيق .
سيفيدك الاطلاع فى التعود على وضوح وسلامة عرض السرد والحوار ، وعلى سلامة وسلاسة
صياغة وإيقاع الجمل والتراكيب . إن الكاتب بالدرجة الأولى قارئ جيد ، ومن الضرورى
أن تكتب بقدر ما تقرأ . وعندما تقرأ عليك أن تفكر
وتحلل وترى الشخصيات والأفكار والأحداث كما أبدعها كبار الكُتَّاب فى شكل قصص
قصيرة . إن
الخبرة الحقيقية بالقصة القصيرة ، تأتى بالدرجة الأولى بقراءة العمالقة فى هذا
الفن .
خطوات عملية الكتابة
يخوض
الكاتب عدة خطوات ، ينتقل بها من الفكرة الأساسية حتى يصل إلى المُنْتَج النهائى
وهو القصة المكتملة . أحيانـًـا قد تضطر إلى العودة إلى
خطوة سابقة ثم تعود لتتحرك إلى الأمام ، وأحيانـًـا تتخطى خطوة أو مرحلة .
** وفيما يلى الخطوات
التى يمكن أن تخوضها عندما تكتب قصة : لكن
عليك أن تعتبر هذه الخطوات مجرد إرشادات عندما تقوم بعملية الكتابة أو التأليف .
* ما
قبل الكتابة ، أو خطوة تجميع عناصر البناء الفنى و " بلورة الأفكار " :
-
فى هذه الخطوة عليك أن تجمع ثم تختار الأفكار التى يمكن أن تكتب عنها . أو تقوم
بــ " عصف فكرى " ، بمعنى أن تضع على الورق كل الأفكار
والخواطر التى ترد على ذهنك حول موضوع معيــن بغيــر أن تستبعــد منهــا شيئـًـا .
إن كلمة واحدة أو جملة واحدة من هذه الخواطر
التى تراها متفرقة أو غير مترابطة ، قد تكون المفتاح الحقيقى لتكتب عملاً فنيًّا
جيدًا .
-
ارسم بالكلمات بغير أن تحاول تحسين أو إجـادة رسـم مـا خطـر ببالك مـن شخصيـات أو أماكـن
. اجمــع معلومات من خبراتك السابقة ومن الواقع ، ومن
دوائر المعارف ومن الكمبيوتر ، ومن المتاحف التاريخية والفنية والعلمية .
- فى هذه المرحلة يمكن أن تكتب بعض الأشياء . أنا
أطلق عليها " شخبطـة " ، بمعنى أن تضع
على الورق ما يخطر على بالك بغير الاهتمام بالصياغة أو دقة المعنى . فى هذه
المرحلة يمكنك أن " تصيد " فكرة جديدة أو مبتكرة وهو ما يميز العمل
الأصيل ، وهذا لا يأتى غالبًا بشكل
واضح ، لكنه يتكشف أثناء عمليات البحث والتفكير .
- قد
تكتب هذه الملاحظات السريعة عن شخصيات قصتك وما هى خصائصها ومميزاتها ، وكيف ترى
كل شخصية الشخصيات الأخرى . كما أنك قد تقضى وقتـًـا لتصور المكان أو الأماكن التى
تقع فيها الأحداث ، لكى تتعايش معها وأنت تكتب الخطوات التالية .
* مرحلة
" اختمار الأفكار " أو " حضانة الأفكار " :
عدد
كبير من الكُـتـَّـاب يهتمون بأن يتوقفوا
عند هذه المرحلة التى تختمر فيها الأفكار والتصورات التى جمعوها ،
وذلك كما يحتضن الطائر بيضه إلى أن يصبح الفرخ داخل البيضة مُستعدًّا للخروج من
بيضته .
إن مرحلة "
حضانة الأفكار " أو " اختمارها " تأتى عندما يجمع
المؤلف مختلف الأفكار والتصورات ، ويضع أمامه حصيلة "
العَـصْف الفكرى " ، ويصل إلى "
الحكاية " التى سيعبر من خلالها عن الأفكار التى اختمرت .
- بعد
أن يستقر الكاتب على ما يريد أن يحكى عنه قصته ، يتوقف عن
القيام بأى شىء لمدة يوم أو يومين ، أو أسبوع أو أسبوعين . ويترك
أفكار القصة " تنضج " فى خياله وفكره . وبهذه الطريقة تتخذ الأفكار
شكلاً أفضل ، وتتجمع الخيوط فى خيط واحد . لذلك ، عندما يعود الكاتب إلى
استئناف كتابة قصته ، ستكون لديه فكرة أوضح عما يريد أن يكتب عنه .
- فى
نهاية هذه المرحلة ، يكون فى استطاعتك أن تضع مُخطَّطًّا أو إطارًا للهيكل الأساسى
لقصتك . وهذا المخطط أو الإطار يمكن أن يتغير أثناء التقدم
فى الكتابة ، لكنك ستستفيد منه فى أن تتعرف
على الهدف الذى تريد أن تصل إليه ، والطريقة التى يمكن أن تستخدمها للوصول إلى ذلك
الهدف .
* خطوة
" المسودة الأولى " :
عندئذٍ
تأتى الخطوة الضرورية التالية ، وهى ترتيب
الأفكار والكلمات والجمل والفقرات على الورق ، مع رسم ملامح الشخصيات وعلاقتها
ببعضها ، والاستقرار على الحبكة أو العقدة أو ما يثير الصراع بين الشخصيات ، مع
الاستقرار على ملامح البيئة المكانية الزمنية للقصة
.
فى هذه المرحلة
لا تقلق كثيرًا على كيفية استخدام الكلمات أو حتى على سلامة الهجاء أو النحو . عليك
فقط أن تترك عصارة إبداعك تتدفق إلى أن تنتهى من كتابة المسودة الأولى .
إنك إذا توقفت طويلاً لتصحيح تركيب جملة أو اللغة أو الهجاء ، فإن تدفق نهر إبداعك
سيبطئ أو حتى قد يتوقف .. عليك إذن أن تتركه يتدفق .
* خطوة
" إعادة التحرير " ، أو " التنقيح " :
بعض
الكتاب يحبون أن ينقحوا بسرعة المسودات الأولى ، وآخرون قد يتريثون فى مرحلة حضانة
أو اختمار أخرى . ومهما كان الذى تفعله فى هذه
المرحلة ، فعليك أن تتذكر أن
نصف مخك الأيمن مشغول بما تستخدمه فى الكتابة فعلاً ،
وهو النصف الذى تختزن فيه ما ستوظفه من خلال قدراتك الإبداعية . أما
نصف مخك الأيسر فإنك تحتفظ فيه بقدراتك المتفوقة لإعادة
تحرير ما اختزنت فى النصف الأيمن .
- ومن
الأفضل أن تتجنب أن تقوم فى نفس الوقت بعمليتين معًا : العملية الإبداعية مع عملية
التنقيح وإعادة التحرير . فى
المحل الأول ، عليك أن تكون كاتبًا متمسكًا بقدراتك الإبداعية وممارسًا لها ، ثم قم بأشياء
أخرى مختلفة ، أو على الأقل تنفس بعمق عدة مرات لتغير الجو المحيط بك . ثم ارجع
لتصبح قادرًا على إعادة الكتابة والتنقيح حتى
تصل إلى تحقيق " الجو العام "
الذى يجب أن يسود القصة ويعطيها التماسك والانسجام
.
- إن
الإبداع هو القدرة على خلق النظام من الفوضى ، وهذا يسمح
للكاتب أن يتناول كل شىء فى قصصه - وعليه
فقط أن يبتعد عن العواطف السقيمة ، والحشو ، والوعظ ، والتعصُّب ، والاسترسال فى
الوصف لمجرد الوصف .
-
وفى نهاية مرحلة التنقيح وإعادة الكتابة ، يمكن أن تصحح الأخطـاء الهجائيــة
واللغوية وعلامات الترقيم .
- تأمل
فيما كتبت لتتأكد أنه أصبح له معنى واضح ومترابط ، وأنك وصلت إلى ما تريد أن
تقول وما قصدت أن توصله إلى المتلقى ، وهو " الانطباع العام "
الذى يمكن أن تتركه القصة لدى القارئ .
* خطوة
" التعرف على الاستجابة " ، أى " استجابة الآخرين لما كتبت "
:
فى
هذه المرحلة عليك أن تعرف رأى شخص آخر فيما كتبت .
يمكن أن تسأل صديقًا أو أصدقاء ، والدك
أو والدتك ، أحد المدرسين أو غيرهم ، ليقرأ عملك ويقول رأيه فيما كتبت
.
- وعندما ينقل
إليك الآخرون رأيهم فيما كتبت ، عليك أن تكون مستمعًا
جيدًا : ركّز فيما تسمع بدقة
. إنها فرصة لتكتشف إذا ما كان الآخرون قد استجابوا إلى عملك كما توقعت
. وإذا لم تجد رد الفعل الذى توقعته ، فقد
يحتاج الأمر أن تقوم ببعض التعديلات ، ذلك أنه قد يكون لدى قرائك بعض الأفكار
والاقتراحات لتصل بقصتك إلى مستوى أفضل ، فعليك عندئذٍ أن تفكر وأن تعيد التفكير
فى كل شىء قاله كل قارئ .
ومن
المحتمل ، فى أحوال كثيرة ، أنك قد ترى أنك لست فى حاجة إلى استخدام " كل
" الملاحظات التى سمعتها ، لكنك قد تجد على الأقل ملاحظة واحدة مهمة تفيدك
إذا اهتممت بها . لذلك كن يقظًا لكل ما تسمع وضعه أمامك موضع التساؤل والتقدير
، حتى إذا رأيت فى النهاية أن معظمه لن يفيدك بصورة أساسية ، لكنه قد يفتح
أمامك آفاق التفكير بطريقة مختلفة فيما كتبت .
- تذكر
دائمًا أنك فى حاجة إلى أن ترى ما كتبت مـن خـلال عيـون الآخريـن ، لأنـك لا تكتـب
لنفسك بل للمتلقى . إن كتابة القصة هى وسيلة تواصـل
بينــك وبيــن القــارئ ، وعليــك أن تتأكد
أن ما أردت أن تنقله من خلال القصة قد وصل واضحًا وأنه محل تـَقَـبُّل من الآخرين
عن طريق ما كتبت ، ولا تكتفِ بأنه واضح داخل
عقلك أنت وحدك .
* مرحلة
" المراجعة " :
فى
هذه المرحلة ستوجه اهتمامًا خاصًّا للاستجابات التى سمعتها من الآخرين ، والتى
رأيت أنها يمكن أن تساعدك لتجعل قصتك أفضل . يمكنك
أن تعيد كتابة قصتك على أى وجه تشاء ، مستعينـًـا بما رأيت من أفكار إيجابية قد
وصلتك . وعندما تنتهى من هذه المرحلة ، ستجد أنك قد أكملت مسودة أخرى أكثر
اكتمالاً من سابقتها .
* مرحلة
" التقويم " :
يمكن
أن تتخذ هذه المرحلة أشكالاً مختلفة ، فيمكن أن تتضمن
الاستماع إلى آراء آخرين بعد ما قمت به من إعادة الكتابة . بل إنها قد تكون مرحلة
تتعرف فيها أنت نفسك على رأيك فى قصتك بعد ما أجريت فيها من تعديلات. إن
كل المؤلفين يحتاجون إلى نوع من التقويم لعملهم ، لذلك حاول أن ترى قصتك وكأن
كاتبًا آخر هو الذى كتبها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق