العجل
بقلم : طلال حسن
بيت العمة دبة ،
الببغاء يغط في النوم
الببغاء :
خ خ خ خ .
العجل :
" من بعيد " موووو .
الببغاء :
خ خ خ خ .
الثعلب :
" يدخل ضاجاً " أيها الببغاء ..
الببغاء :
" يعتدل خائفاً " آآآآ .
الثعلب :
لا تخف ، أنا الثعلب .
الببغاء :
الثعلب ! أيها اللعين ، أرعبتني .
الثعلب :
العمة دبة ستأتي فوراً ..
الببغاء :
لا أدري " يتثاءب " ربما سمعتُ في
الحلم أحدهم يصيح .. موووو .
الحلم أحدهم يصيح .. موووو .
الثعلب :
ما سمعته ، يا ببغاء ، ليس في الحلم ،
بل في الواقع .
بل في الواقع .
الببغاء :
ماذا !
الثعلب :
موووو .. ها هو قادم .
الببغاء :
هذا مستحيل .
يُفتح الباب ، وتدخل
العمة ، ومعها عجل
الببغاء :
" مذهولاً " موووو !
الثعلب :
هذا ما قلته ، وها هو موووو أمامك .
الببغاء :
ليتك لم تصدق ، موووو ؟
الثعلب :
حتى تعرف أنني أصدق .. أحياناً .
العمة :
كفى ..
الثعلب :
عفواً ، أيتها العمة ..
العمة :
اذهب إلى بيتكَ .
الثعلب :
لا تحرميني ، على الأقل ، من تأمل هذا
اللحم الطازج .
العمة :
أيها الثعلب ..
الثعلب :
دعيني أشمه .
الببغاء :
دعيه يشمه .
الثعلب :
" يشم العجل " آه .
العمة :
على مسافة يوم أو يومين ، يوجد قطيع من الجاموس البري ، وهو من أبناء عمومة هذا
العجل ، اذهب إليه .
الثعلب :
أيتها العمة ، أنت ترسلينني إلى الموت المحتم .
العمة :
لكنك تحب اللحم الطازج .
الثعلب :
إن الذئاب نفسها ، مهما كانت جائعة ، لا
تستطيع الاقتراب ، كما تعرفين ، من مثل هذا القطيع .
العمة :
ليس الذئاب وحدها ، بل إن أي نمر أو فهد ، يقترب من مورد الماء ، الذي تتواجد فيه
، لا ينجو بجلده ، إذ يهاجمه القطيع كله ويقتله دوساً تحت الأقدام .
الثعلب :
يا له من مصير .
الببغاء :
اذهب إلى بيتك أفضل .
الثعلب :
وهذا اللحم الطازج ؟
العمة :
" تدفعه إلى الخارج " اذهب إلى
القطيع " تغلق الباب " .
الببغاء :
لا تخافي عليه ، إنه عجل جاموس ، كما قلتِ .
العمة :إنه
ليس عجل جاموس مائي شجاع وقوي ، بل عجل جاموس مدجن ، ومثل هذه الجواميس لطيفة جداً
، ويستطيع طفل صغير أن يقودها .
العجل :
تقول أمي ، إن أحد أجدادي ، كان جاموس مائي .
العمة :
من يدري .
العجل :
كلما خرجنا مع الراعي ، إلى البراري القريبة ، أبتعد قليلاً عن أمي ، وأقف متطلعاً
إلى البعيد ، وأصغي متلهفاً ، كأن أحداً يناديني ، أن تعال .
العمة :
لعلّ هذا ما جعلك تتيه هذه المرة ، وجعلك تقترب من المستنقعات .
العجل :
ربما أردت أن أصل إلى هذا القطيع ، الذي لم أره إلا في المنام .
العمة :
ولو لم أركَ ، وبقيت في العراء ، وقد حلّ الليل ، لجاءتك الذئاب .
الببغاء :
" خائفا " آآآآ .
العمة :
لا تخف ، يا ببغاء .
الببغاء :
من حسن الحظ ، أنني ببغاء ، وليس عجل جاموس .
العمة :
" تبتسم " حتى لو كنت عجل جاموس ، ليس لك أن تخاف .
الببغاء :
أيتها العمة ..
العمة :
العجول الصغيرة في القطيع تكون محمية جيداً .
العجل :
نحن يحمينا الراعي .
الببغاء :
لكن القطعان البرية من المواشي ، ليس لها راع ٍ يحميها .
العجل :
ولذا فإنها تكون فريسة للذئاب .
العمة :
كلا ، إنها محمية أيضاً ، فعندما يهاجم ذئب أحد القطعان ، يُدفع الصغار وسط القطيع
، وتدافع عنها بقرونه القوية ، وحتى عندما يضطر القطيع إلى الفرار ، هرباً من
أعدائه الأقوياء ، تكون الصغار مسرعة معها في الوسط .
العجل :
مهما يكن ، فالحياة في البراري أفضل " يصمت لحظة " الحياة في البراري
حرة ، جميلة ، فلا كلب ينبحني ، ولا عصا راع تجلدني ، ولا ..
العمة :
بني ، أنت عجل تنتمي إلى الجاموس المدجن ، والحياة في البراري لا تصلح لك .
العجل :
" يلوذ بالصمت " ....
العمة :
كلّ مجموعة من الماشية ، وما نشأت عليه وألفته ، وهناك ، كما تعرف ، أنواع عديدة
من الماشية ..
العجل :
" يغمض عينيه " ....
العمة :
الماشية المدجنة ، منحدرة من حيوان كبير جداً يدعى الأوروخص ، كان ارتفاعه نحو مترين
، وكان له قرنان ضخمان يزيد طول الواحد منهما على متر .
الببغاء :
أيتها العمة ..
العمة :
والماشية البرية تعيش في قطعان كبيرة ، فقطعان البيسون في أميركا مثلاً ، تعد
بالألوف ، وثيران الياك والمسك و ..
الببغاء :
أيتها العمة ..
العمة :
" تنظر إليه " ....
الببغاء :
العجل نام ، دعيه يرتاح .
العمة :
" تنظر إلى العجل " آه حقاً إنه نائم .
الببغاء :
يبدو أنه متعب جداً .
العمة :
" تنهض " فليبقَ في مكانه ، ينام مرتاحاً ، حتى الصباح .
الببغاء :
لابد أن أمه المسكينة قلقة جداً عليه ، وربما لن يغمض لها جفن حتى يعود إليها
سالماً .
العمة :
غداً حين يفيق ، آخذه إلى أقرب مكان ، من القرية التي جاء منها ، ليعود سالماً إلى
أمه .
الببغاء :
أنتِ حقاً عمة .
العمة :
" تنظر إليه " ....
الببغاء :
مثل هذا العجل الأحمق ، كان يمكن أن يكون ضحية لحلم من الأحلام ، التي تراودنا
جميعاً ، ولو لم تنقذيه ، لكان فعلاً طعاماً للذئاب " يتمدد في فراشه "
الآن فقط عرفت ، لماذا تكرهك الذئاب .
العمة :
المهم أن لا تكرهني أنتَ .
الببغاء :
أنا أحبكِ .
العمة دبة تنظر
إليه دامعة العينين
إظلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق