البيت الأبيض الجميل
صبحي سليمان
صوصو
... صوصو ...
فتح الكتكوت الصغير عينيه لأول مرة ... شاهد ضوء
النهار ... سمع زقزقة العصافير ... دفع قشرة البيضة بقدمه الضعيف وخرج من وسطها
مُبتلاً مُرتعشاً لا يحس بشيء من شدة البرد؛ فهذا البيت الأبيض الجميل الذي
كان يسكنه كان يُعطيه الدفء والحنان؛ أما هذا الكون الفسيح الذي خرج إليه فلا
يوجد به شيء سوي البرودة ...
مشي خطوات قليلة فتعثر في كومة قش أوقعته علي
منقاره الأصفر الصغير.
هُنا رفع رأسه مُحاولاً الوقوف مرة
أخري ... ولم يري الشيء الذي
يقترب منه بهدوء ...
فجأة رأي الصغير جلداً
رقيقاً لامعاً لكائن
عجيب يزحف علي
بطنه بدلال وانسيابية أعجبته ... فاقترب منه فإذا به يرتفع لأعلي ويُرجع رأسه
للخلف ...
ابتسم
الكتكوت قائلاً
: ـ
ـ
مرحباً بك سيدي
... أنت جميل الشكل حقاً ... !!
ثم
مد جناحه القصير يتلمس به جلده الرقيق قائلاً : ـ
ـ
إن لجلدك ملمساً ناعماً وجميلاً ... حتى لسانك المشقوق هذا يُعطي لهذا الجسم الانسيابي
جمالاً علي جمال ... !!
مالت
الأفعى برأسها وأرادت أن تنقض عليه ... ولكنها فوجئت بعدد كبير من
الدجاج ينقرها في عدة مواضع من
جسدها ... فصرخت الأفعى وتلوت من شدة الألم ... وما هي إلا لحظات حتى هربت من
حظيرة الدجاج وخرجت منه بلا عودة ...
نظرت
الدجاجة الأم لصغيرها وقالت : ـ تعال يا صغيري ... تعال لأحضان أمك.
ابتسم
الصغير قائلاً
: ـ
ـ
كم أنتِ
جميلة يا أماه ... فمنذ أن كُنت في بيتي الأبيض الصغير وأنا أتمني أن أراك .. !!
احتضنته الأم قائلة : ـ
ـ
وأنا أيضاً
يا صغيري تمنيت أن تخرج من البيضة لآخذك في أحضاني ...
نظر
الكتكوت بتعجب قائلاً
: ـ
ـ
ولكن ...
لماذا فعلتم ذلك بهذا المخلوق الجميل يا أماه ... ؟!
ابتسمت
الأم قائلة
: ـ
ـ
إن ما شاهدته يا صغيري هو الأفعى ... وهي خطرة جداً ... فليكن درسك الأول في
هذه الحياة هو ... ألا تنخدع بالمظاهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق