همام و شهر الصيام
بقلم : رضا سالم الصامت
- ما بك يا صديقي "همام " مهموم و حزين و كأني بك غير سعيد باستقبال شهر الصيام ؟
!
- لا لا أبدا، انه شهر كريم، فقط أنا تعبان
!
- لا تقل هذا ، فرمضان شهر الراحة النفسية و هو شهر العبادة
- نعم، و لكنه أثر في و أتعبني كثيرا....
- كيف ذلك هل ممكن أن تشرح لي بأكثر وضوح ؟
- منذ أن حل رمضان و أنا أصوم أيامه، فقل نومي و تغير مجرى حياتي و أصبحت اركن
للراحة بسبب قلة النوم و أحس بآلام بمعدتي....
- و لماذا لم تتصل بطبيب يفحص حالتك ؟
-
لا حاجة لي بطبيب
!
- و لكن، عليك أن تشغل بالك بتلاوة
القرآن و الخروج إلى المسجد لأداء الصلاة...
- لا أجد وقتا لأذهب لعملي ،
فكيف لي أن اشغل نفسي في قراءة القرآن و أداء الصلاة فمنذ اليوم الخامس
من رمضان تعرضت شاحنتي الصغيرة المعدة لبيع الخضر والغلال و الفواكه إلى حادث و
قد تركتها عند الميكانيكي ليصلحها و علي أن أتدبر مبلغ يفوق الأربعمائة دينار
مقابل الخدمة و الإصلاح .
- أخي همام ، لو كنت مع بداية رمضان تصوم و تصلي و تحافظ على أوقاتك و تنظم حياتك
و تتصدق على الفقراء و المساكين لما آل الوضع إلى هذا الحد فالصدقة ترفع البلية و
هذا ابتلاء من عند الله
- يعني عقاب
- ليس بالضبط و لكن الله غفور رحيم بعباده في هذا الشهر الكريم يجب على المسلم
أن يساعد المساكين و الفقراء ويكثر من الصلاة و الدعاء و تلاوة القرآن و ذكر
الرحمان...
- صحيح و لكني لم أفعل من كل هذا أي شيء فليسامحني ربي،
و لذلك السبب غضبت زوجتي من تصرفاتي لاو فرت إلى منزل أبويها هي و أطفالي
و قررت أن لا تعود إلى البيت حتى أستقيم في هذا الشهر الكريم.
- إذن أنت تعيش لوحدك ؟!
- اجل منذ أكثر من أسبوع، و أنا أعيش لوحدي، و أعد الأكل بنفسي و أبات الليل
جاثما على وجهي لا صلاة و لا عبادة و لا شغل إلا النوم كامل النهار استيقظ فقط
عند العصر لأحضر شيئا للإفطار..
- اسمع يا أخي إن الله يقبل التوبة و هو غفور رحيم،
هيا قم و توضأ و صلي لله عله يغفر لك
و اعلم أخي همام أن
هذا
الشهرهو
شهر
نهاره مصون بالصيام و ليله معمور بالقيام وقد فضله الله عن بقية الشهور
فرض فيه الصيام و انزل فيه القرآن و فيه ليلة هي خير من ألف شهر هو شهر البركة و
شهر صله الأرحام
هيا قم و توضأ وصلي لله ثم
اذهب لزوجتك و أبنائك
و سترى كم هو كريم شهر الصيام .
قام همام و توضأ و صلى ركعتين لله و طلب أن يغفر له و ذهب لجلب زوجته و أبنائه و
أعلن انه تاب و عاد لبيته فرحا مسرورا و عند العصر خرج إلى المسجد ليصلي و
بينما هو هكذا التقى بالميكانيكي الذي اخبره أن عربته تم إصلاحها و يمكنه أن
يستغلها في عمله بداية من الغد و أن يصبر عليه الميكانيكي في قبضه ثمن إصلاحها...
في الغد ذهب همام وأخذ عربته صباحا ثم اتجه نحو البستان القريب و وضع الخضر
والغلال و الفواكه على شاحنته و توجه ببضاعته في اتجاه السوق لابتياعها ومرت
سويعات و باع همام كل ما لديه من خضر و غلال و فاكهة طازجة و قبض أموالا كثيرة
في ذلك اليوم و اخذ قسطا منها لخلاص ما بقي بذمته من ثمن اصلاح شاحنته ، و قسطا
لشراء خبزا و لحما لعائلته و قسطا آخر ليتصدق به على المساكين و الفقراء ... و
بقي على تلك الحال حتى نهاية الشهر الكريم .
و
هكذا نجح "همام " في حياته مع شهر
الصيام فأنعم الله عليه و أصبح خالصا في ديونه و كل الناس يحبونه لما
تميز به من
أخلاق إسلامية عالية و صارت زوجته تفتخر لاستقامته، و تعتز به أمام نساء
القرية لوفائه لدينه و لها و لكل الناس و لعمله و لأبنائه و هذا بفضل شهر
الصيام الذي
غير مجرى حياته من السيئ إلى الأفضل و من صام رمضان ايمانا و احتسابا
غفرالله له ما
تقدم من ذنبه.
هناك تعليق واحد:
قصة جميلة و اشكر الكاتب على هذا النص الرائع محمود
إرسال تعليق