قصة:سيمون
راتيل
ترجمة:عاطف محمد عبد المجيد
في البدايةِ..بذرةٌ بأقْدامٍ ليْستْ إلا بذرةً خضْراءَ ترْقدُ في حجرةٍ صفراءْ.وتُسَمَّى
البذْرةُ الثامنةُ لأنها لديْها سبْعُ أخواتٍ توائمَ يرْقدونَ مثْلها في حُجرةٍ
صفراءْ.كانت البذورُ الثمانيةُ بذورُ برْتقالةٍ في طريقها للنُّضْجِ.
(أنا محبوسةٌ دائماً..تقولُ هذا البذرةُ وهي
تتأوّهْ.دائماً أنا في سجنٍ!لقدْ مَللْتُ هذه الحجرةَ الصفراءَ التي لا تتغيَّرُ
أبداً!
(صبْراً أَيَّتُها البذْرةُ الثامنةُ..قالتْها
البرْتُقالةْ.انْتظري حتَّى يُقَشّرني أحَدُهمْ أوْ يَأْكُلني.يَوْمَها سَتُزْرعينَ
في الأرْضِ وسَتُصْبحينَ أجْملَ شجرةِ بُرْتقالٍ مثْلَ جدّتكِ.
ـ لا فرْقَ عنْدي فيما سوْفَ أُصْبحُ عليْهِ
حينما أكونُ في عُمْرِ جدَّتي..قالتْها البذرةُ الصغيرةُ..إنَّ ما أُريدهُ هو أنْ
أَخْرُجَ مِنْ هذهِ الحُجْرةِ التي تُصيبني بالمَللِ..أُريدُ أنْ أَرى العالَمَ كيْفَ
يكونْ.)
حينئذٍ..سَخِرَتْ منْها أخواتُها اللاتي لا يُردْنَ
إلا أنْ يبْقينَ نائماتٍ:تَرينَ كيفَ يكونُ العالمُ!يا لها مِنْ فكْرةٍ غريبةْ!
ماذا سَيُفيدُكَ هذا؟
إنَّ هذا لا يُساوي في الحقيقةِ عناءَ الخروجِ مِنْ
هنا.نحْنُ نَعيشُ هنا في نعيمٍ واطْمئنانْ.)
لكنَّ البذرةَ الصغيرةَ لمْ تُرِدْ أنْ تسْمعَ
شيْئاً أوْ تتحدَّثَ عَنْ شَيءٍ إلا عَن التنزّهِ والمُغامراتِ حتَّى إنَّ أخواتِها
قُلْنَ عنْها إنَّها بذْرةٌ بأقْدامٍ..وظلَّ هذا اللقبُ يُلازمها.
مِنْ كثْرةِ ما كانتْ تُنادَى بـ:بذرةٍ بأقدامٍ
عزَمت البذْرةُ الثامنةُ على أنْ تُصْبحَ لها أقْدامٌ.
في يومٍ مِن الأيامِ وهي تُفكّرُ في هذا الأمْرِ
بدأتْ تنْمو لها أقْدامٌ.قَدَمَانِ صغيرتانِ جميلتانِ في طَرفيْهما ثلاثةُ أظافرُ
لِتتعلَّقَ بها فيما تُريدْ.ويوْمَ أنْ اكْتملَ نموُّ قدمَيْها انْتصبتْ بذرةٌ
بأقدامٍ ورحلتْ.عبَرَت الْحُجْرةَ الصفراءَ ..ثَقبتْ قشْرتَها بأنْفِها المُدبّبِ
ثُمَّ وجَدتْ نفْسَها في الخارجِ في ليْلةٍ بديعةٍ مليئةٍ بالنجومْ.
(حسَناً! هذا أمْرٌ بسيطٌ..قالتْها بذرةٌ بأقدامٍ
لنفسِها وهي تتأمَّلُ السماءَ التي تُزيّنها النجومُ فوْقَ رأْسِها.يبْدو العالمُ
كبرتقالةٍ.برتقالةٌ سوداءُ ضخمةٌ رأيْتُ نِصْفَها فقطْ لأنني كنْتُ صغيرةً جِداً..وعددٌ
كبيرٌ جِداً مِن البذورِ يَلْمعْ.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق