حكايات حول السلام
الإجتماعي
يعقوب الشارونى
كانت
هناك قرية صغيرة اسمها " دار الفرح " . وكان يعيش فيها ثلاثة جيران :
جميل , وعنده فدَّانان من الأرض , وفتاحٌ ، وعنده ساقية , ونعيمٌ , وعنده بقرة .
فى يوم من
الأيام , وصل إلى القرية مسافر عجوز .
طلب طعامًا ,
فلم يجد ما يأكله عند الجيران الثلاثة .
طلب لبنًا ليشرب
, فلم يجد شيئًا يشربه .
الأرض لا زرع
فيها , لأنها لا تجد ماءً يرويها .
والساقية لا
تعمل , لأن البقرة لا تديرها .
والبقرة لا تعطى
لبنًا , لأنها لا تأكل برسيمًا .
سأل الرجل
العجوز :
" لماذا لا
تدير البقرة الساقية لتخرج الماء فيروى الأرض ؟
ولماذا لا
تزرعون الأرض بالبرسيم , لتأكل البقرة فتدر لبنـًـا ؟ "
أجاب الجيران الثلاثة
:
" أجدادنا
تشاجروا معًا وتخاصموا .. العداء بيننا قديم .. كل منَّا لا يحب الآخر .. عائلة كل
منَّا تكره العائلة الأخرى .. "
قال الرجل
العجوز :
" لكن أنتم
لم تتشاجروا ، فلماذا العداء بينكم ؟ ..
أنا مسافر غريب
.
لأجلى فقط ازرعوا الأرض .
اجعلوا البقرة
تدير الساقية لتخرج الماء , وتسقى الأرض .
ثم اتركوا الأرض
تنبت البرسيم والقمح , بعد أن تروى بماء الساقية .
ثم اجعلوا
البقرة تأكل من البرسيم الذى ينبت من الأرض , وكلوا أنتم القمح .
وعندئذ أستطيع أن
آكل وأشرب أنا الآخر " .
وسكت الجيران
الثلاثة .
وسألهم الرجل
الغريب :
" هل يتذكّر
أحدكم سبب العداء بين أجدادكم ؟ هل يعرف أحدكم لماذا تكره عائلة كل منكم عائلة
الآخر ؟ "
وتبيَّن الجيران
الثلاثة أنهم لا يتذكَّرون سبب الخلاف , ولا يعرفون لماذا تكره عائلة كل منهم عائلة الآخر .
عندئذ قال نعيم لفتاح :
" لأجل هذا
الرجل الغريب , سأجعل بقرتى تدير ساقيتك " .
وقال فتاح لجميل
:
" لأجل هذا
الرجل الطيِّب , سأترك ساقيتى تروى أرضك " .
وقال جميل لنعيم
:
" لأجل هذا
الرجل الطيِّب , سأعطى بقرتك برسيمًا مما سأزرعه فى حقلى .. "
ودارت الساقية
وروت الأرض .
وزرعوا الأرض ,
وأنبتت البرسيم والقمح .
وأكلت البقرة
البرسيم ..
وكان هناك لبن كثير وقمح كثير ..
لبن وقمح للرجل العجوز , ولجميل , وفتاح , ونعيم
..
وشربوا كلهم لبنًا
..
وصنعوا جُبنًا ,
وزُبدًا ، وخُبزًا ..
ونسى الجيران ما بينهم من خلافات أجدادهم .
الساقية أصبحت مُفيدةً
..
الأرض أصبحت خضراء ..
البقرة أصبحت سمينة ..
وسافر الرجل
العجوز مسرورًا , بعد أن نجح فى التوفيق بين الجيران الثلاثة , وحملهم على التعاون
فيما بينهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق