أسس كتابة القصيدة الحديثة للأطفال وتقنياتها (3/7)
صهيب محمد خير يوسف
* مع شاعر الأطفال (تتمة):
- يسعى الشاعر ليجعل من قصيدته أساساً ينطلق منه الطفل إلى عوالم أرحب ومفاهيم خاصة.
- ويراقب التفاصيل والأفكار التي تتكرر في حياة الطفل بشكل يومي.
- وهو يبحث عما يدفع الطفل إلى قراءة الشعر، ثم يحاول إشباع هذا الدافع بتقديم أدب يفيده.
- شاعر الأطفال يعلِّم النشء كيف يحبون ويقرؤون الشعر والأدب؟ وكيف يتعمقون في معانيه؟ وهو يخاطب مشاعرهم وعقولهم وقلوبهم.
- دور الشعراء في تقريب الجيل الناشئ إلى الأدب هو تقديم (كَم) من المواد المتميزة فنيًّا، والتي تتضمن العديد من المواضيع والمضامين المناسبة، ليختار الطفل ويردد منها ما يحب ويعبر بها عن مشاعره وانفعالاته.
- يمكن للشاعر أن يضع له برنامجاً للكتابة في كل مرحلة من مراحله الإبداعية، فيركز في مرحلة على الوعي والعقل، وفي مرحلة أخرى على المجتمع والأسرة، ويركز في أخرى على المهارات والقيم العامة، أو على التعلم. وبذلك يكون قد قدم لمكتبة الطفل مجموعاتٍ مهمة ونوعيَّة.
- في الشعر يكتشف الطفل ذاته، ويقارن، ويردد ما أحبته نفسه. وتأتي هنا مهمة الشاعر لدراسة ما يريده الطفل في ذاته، ولمعرفة صورته الصحيحة، قبل أن يدخل عالمه وأحلامه. إذاً فالشاعر يحيط معرفيًّا بعوالم الأطفال، ويتمتع بالانفتاح الذهني نحوها، وهو يعرف الأطفال قبل أن يكتب لهم، لأن الجهل بعالمهم يتسبب في انخفاض مستوى النص.
- يصل تعداد الأطفال إلى ثلث سكان الأرض! لذلك فالشاعر يرتب أفكاره متذكراً ملايين الأطفال الذين ينتظرون الاستمتاع والفائدة، فهو لا يكتب قصيدة الأطفال لمُجايليه، بل لأجيالٍ مقبلة. وقد يحتاج أحياناً إلى توسيع قاعدة الخطاب في كل نص، لكي لا يقتصر على بلد معيَّن، ويحاول أن يجمع مختلف الأذواق والأعراق في نص واحد.
- وشاعر الأطفال الحديث يبتعد عن النمطية والسير على نسق واحد، ويتخلص من الفتور ومن تحجيم تجربته، فيحرص على تطوير تجربته واكتشاف الجديد فيها، بحيث ينتقل من مرحلة شعرية إلى مرحلة أقوى في كل إصدار.
- وهو لا يستسهل الكتابة للطفل، ويتحلى بالصبر وطول التأمل. لذلك لا تتعجب إذا سمعت أحدهم يقول: من النادر أن نقرأ لشاعر أطفال محترف، نعم هناك متخصصون في الكتابة للأطفال، ولكن كم نسبة المحترفين والمبدعين البارعين من بينهم؟
- عند الكتابة للطفل "يتخيل" الشاعر أنه يرسم لوحة ملونةً يخاطب فيها طفلاً لم يتقن القراءة والكتابة، ولم يكتمل نموُّه العقلي والجسدي بعدُ، ويساعده على تنمية مهاراته في طرق التعبير والفهم والقراءة والاستماع والكتابة والملاحظة والتحليل والتركيب الإبداعي والابتكار والتأمُّل والتعلُّم.
- يهم الشاعر أيضاً الإلمام بالخصائص العمرية والمعرفية والفروق بين مراحل نمو الأطفال وخصائصها، ومراعاة الفروق الذاتية والنفسية بين المراحل العمرية في أثناء الكتابة.
- التعبير الفني مطلوب حتى لأطفال ما قبل الدراسة، وكل مرحلة عمرية لها ما يناسبها من تعابير وأخيلة. لذلك فإن شاعر الأطفال يكون دقيقاً في التعبير، ومحدداً لمدى مناسبة الأخيلة والأساليب والتعابير والألفاظ والأوزان للمرحلة العمرية.
- وجود مجموعات مختصة بفئات عمرية محددة هو الأفضل بالطبع؛ ومن هنا تأتي أهمية معرفة الشاعر لخصائص الخطاب الشعري لهذه المراحل من خلال معرفة الخصائص النفسية ودراسة النماذج الشعرية. ولكن ربما نضطر إلى قبول مجموعات الأناشيد التي تحتوي على نصوص مقدمة لمراحل مختلفة من مراحل نمو الأطفال، لأن كتاب الطفل يبقى معه لسنوات، وينمو معه، ولأن كتابة مجموعة خاصة بفئة عمرية محددة قد تكون متعذرة على البعض.
- للشاعر أن يتابع أخبار أدب الطفل أولاً بأول، فذلك يسهم في تطوير تجربته. وله أيضاً أن يطلع على الكتب والدراسات المتخصصة في أدب الأطفال، ويدعمها بقراءات في علم نفس الأطفال والنمو واللغة، مع قراءة جديد أدب الأطفال من نصوص شعرية ونثرية وقصص ومسرحيات وروايات، من الإنتاج العربي والمترجَم.. ليلاحظ أنه يحيط شيئاً فشيئاً بالمعنى الحقيقي لأدب الأطفال، ويعلم موقعه وموقفه من هذا الأدب.
- ومن المفيد أن يتواصل الشاعر مع المربين وأدباء الأطفال ويناقشهم حول ما يجدُّ في أدب الأطفال، ويبحث معهم طرق تطويره، فالفكر يقدح الفكر.
- وقد يخصص وقتاً للجلوس إلى الأطفال والتحدث معهم في بعض الشؤون الأدبية!
- إذاً فشاعر الأطفال يحقق ماهية هذا الأدب ، ويطمح إلى تحقيق "الإنتاجية" الأدبية من خلال وصوله إلى الطفل بأدب يناسبه ويستمر معه.
- يقترح لمن يعرف أنه ينظم (نظماً) أن يستمر في تطوير (تجاربه)، مع التريث في نشرها حتى يتأكد من أنه يكتب شعراً ملائماً، وإن لم يستطع امتلاك القدرة الأدبية والتمرس في الكتابة للطفل فيفضل أن يحاول تنمية ذلك، لكي لا يقدم له نصًّا دون المستوى المطلوب.
يتبع (4/7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* للتواصل مع الكاتب: suhaibmy@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق