وَرَقَةَ التُّوتِ الخَشِنَةِ
د. طارق البكري
شَعَرَتْ وَرقةُ توتٍ صَغيرةٍ بالخَجَلِ منْ خُشونةِ مَلمَسِهَا، وَصَارَت تَحْسُدُ زُهُورً الحقلِ المتنوعة على نعومتها.
لم تكنْ ورقة التُّوت سعيدة بشكلها، رغم لونها الأخضر الجميل، وعروقها المتناسقة.. فهي تتمنى أن تكون ناعمة شفافة، تتمايل مثل الأزهار.
وفي يومٍ شاهدتْ وَرقة التوت دودة قزٍّ كبيرة بالسن تسير على الأرض تَحاول صعود شجرةِ التُّوتِ لتأكل بعضَ أورَاقها الطرية.. لكنَّها لم تستطع.. فاقتربت الدودة من وردة صغيرة جميلة ناعمة الأوراق..
ظنَّت وَرقة التوت أنّ الدودة سوف تأكل أوراقَ الورْدَةِ وَتستمتع بها..
اقتربتِ الدودة من أوراق الوردة وقضمت بفمها قضمة صَغِيرة.. لكن الدودة رَمتِ القطعَة فقد كَان طعمُهَا مُرّاً.. وَلَمْ يَعْجبها.. فاسْتَسْلمِت الدُّودة لمَصِيرها..
أدركت ورقة التُّوت أن الدودة العجوز سوفَ تَمُوتُ منَ الجُّوع.. رق قلبها.. فاهتزت بعنف حتى قطعت عنقها وسقطت أمام الدودة المِسْكينة..
عنْدها بَذلت الدُّودة جُهداً كبيراً وزحفت نَحوها ثم بدأت تلتهمها مِن شدَّة جُوعِهَا..
كانتْ ورقة التوت فخورة بنفسها وهي تقدِّم نفسها فداء للدودة.. وكانتْ الدُّودة تأكل الورقة بلذة.. فشعرت الورقة عنْدَها أنَّ خشونتها التي كانت تخجل منها أطيبَ عند الدُّودَةِ منْ نُعُومَةِ الوَرْدَةِ.. وَكانَتْ سَعيدَةً جِداً وَهِيَ تنقذُ الدُّودَة مِنَ المُوتِ..
الكويت 2-9 - 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق