سر
الحظيرة الصغيرة
آمال
شتيوي/ الجزائر
ما إن داعبت أشعة الشمس الأولى جفني حتى سمعت صياح الديك معلنا عن بداية يوم جديد...لحظتها نهضت مسرعة من فراشي على غير عادتي وكلي فرحا وسرورا لرؤية الطبيعة الخلابة، واستنشاق الهواء العليل في أول أيام الربيع.
كنت آنذاك انعم بالحيوية والنشاط فأنا أهوى زيارة الريف واعشقه كثيرا منذ نعومة أظافري. لأنه يبهرني بجماله الخلاب، وبطبيعته المليئة بالبساتين، والمناظر الفلاحية وخضرة الأشجار... كان الجو هادئاً لاضجيج فيه، إلا زقزقة العصافير الممتعة.
ودون أن أتناول فطوري الصباحي اتجهت مباشرة إلى الحظيرة الصغيرة التي تربي فيها جدتي دجاجاتها.
وعندما دخلت باب الحظيرة لمحت من بعيد دجاجة مرمية على الأرض. فإقتربت منها رويدا رويداً. فبدت لي في بداية الأمر أنها نائمة، ولكن سرعان ما تنبهت للدم الذي كان ينزف من على جسمها. فأدركت أن مكروهاً قد أصابها، فحزنت اشد حزناً عليها، وتسمرت في مكاني مذهولة حائرة وقلت في نفسي:
ـ يا الهي ما الذي أصابها يا ترى ؟
ـ ماذا سأقول لأختي فرح عندما تستيقظ من نومها. وهي التي كانت تنتظر هذه العطلة بفارغ الصبر حتى ترى تلك الحظيرة الصغيرة، والدجاجة المفضلة لديها لقد كانت تتابع نموها منذ كانت صوص...
رحت أجوب المكان جيئة وذهاباً، وعلامات الحزن تكاد تنطق من على وجهي الشاحب، ولم أجد ماذا افعل.
حتى دخلت أختي فرح مبتهجة ومسرورة جدا .
وهي تقول :
ـ لماذا استيقظت باكرا يا ملوكة دون أن توقظيني معك...
لاحظت فرح علامات التوتر التي ارتسمت على محياي ...
فأضافت :
ـ ما بك تبدين قلقة جدا؟
وقبل أن أجيبها أرسلت نظرها ناحية الدجاجة. وصاحت بأعلى صوتها:
ـ يا الهي ماذا فعلت لها يا ملاك...
وراحت تبكي ولا تتوقف، ولم استطع ان أهدأ من روعها.. ثم انفجرت غاضبة بصوت غليظ كأنه هدير النهر في هيجانه.
ـ سوف اذهب لجدتي وأخبرها بالأمر
صحت في وجهها قائلة:
ـ لا توقفي يا فرح... لم افعل أي شيء لها على الإطلاق. لقد أحضرت لهم الطعام فتفاجئت بهده الدجاجة ميتة مثلك تماما...
ـ ولكن الآن يجب أن نعرف ما سبب موتها أولا، حتى لا تغضب منا الجدة وتظن أننا السبب ...
وبعد ذلك بدأت أتحرى المكان وجسم الدجاجة الضحية... وهذا لمعرفة أسباب هذا الموت المؤلم والمفاجئ .
فوجدت أن هناك نتف كبير على الريش وجروح بالغة على مستوى الجسد
فقلت لفرح:
ـ انه افتراس سيء قد حدث للدجاج .
فسألت فرح:
ـ وما هو الافتراس ؟
أجبتها :
ـ إنها ظاهرة غريبة تحدث للدواجن في مختلف الأعمار، بحيث ينقر أو يأكل الدجاج بعضه البعض
فردت فرح:
ـ وما أسباب هذه الظاهرة ؟
ـ إن لها أسباب عدة منها: ضيق الحظيرة وعدم وجود مساحة واسعة للتنقل بحرية
وأيضا الغذاء الغير كافي والمتزن وهناك عوامل أخرى....
ـ والاهم هنا يا فرح يجب علينا أن نحد من هذه الظاهرة حتى لا تتكرر في أوساط الدواجن وهكذا تسعد بنا الجدة .
قالت فرح :
ـ وما هي يا ملوكة. هيا حتى نعمل سويا للتخلص من هذا الافتراس الذي يلحق الأذى بدجاج جدتي.
فقلت:
ـ يجب علينا أن نقطع طرف المنقار حتى لا يجرح الدجاج غيره ونفسه .
تعجبت فرح قائلة:
ـ آه يا لها من فكرة رائعة ياملوكة...
ـ إني سعيدة جدا ...هيا لنعمل معاً، من أجل أن تعم السعادة في قلبي جدتنا ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق