قصتان
بقلم: فاطمة حامدي
حين نكبر تصبح أيّامُ الطّفولةِ كحبّاتِ السكّرِ تغمرُ حياتَنا بحلاوتِها ، وتعود بي الذاكرة اليوم إلى بيت جدّي إذ كانت أحلى لحظات حياتي في طفولتي أن أزور بيت جدّي أنا وإخوتي ، وهناك نلتقي مع أولاد عمومتي وأخوالي حيث يلتمّ شملنا ونتجمّع في جوقة تشبه جوقة العصافير وهي تشدو أعذب الألحان وأطربها.
بيت جدّي يشبه جنّةً صغيرة ، ساحةُ الدّار واسعةٌ تلتفّ حولها أحواض ملآى بالورد والفلّ والياسمين وفي زوايا البيت تقوم شجرات مثمرة : شجرة ليمون تتدلّى منها ثمارٌ تزيدها حسنا وجمالا وهي لموكب الأطيار ملهمة الغناء" فتحطّ عليها حمامات بيضاءُ ورماديّةٌ تملأ الجوّ بهديلها العذب .
وكلّما حللنا بيته يفرح بنا جدي كثيرا فيضمّنا إلى صدره ونجلس معا حوله فيسمعنا حكاياتٍ جميلةً تشدّ أسماعَنا وتدهشنا وتنقلنا إلى عوالم الأساطير والخيال والتّجربة في الحياة فهي قصص تخيّلها النّاس من قبل وصاغوا أحداثها ورتّبوها ليتسلّوا بها ويمرّروا خبراتهم بالحياة و تجاربهم بها إلى أطفالهم فيعّلّمونهم الحِكمَ والعـِبر والأخلاق الحميدة والمحبّة والتّآلف والتّآزر ليعيشوا بطمأنينة وحبّ في هذا العالم .فترانا نصغي إليه في صمت وكأنّ على رؤوسنا الطّيرُ.
وبعد الطّعام يأتي دور اللّعب ،وعندما يتناهى إلى أسماعنا صوت بائع الحلوى نركض إلى باب الدّار و نتحلّق حوله لنشتري أحلى حلوى إنّها " مصّاصة التفاح السكّري ". وتلتحق بنا جدّتي فتحلّ عقدة منديلها لتناول البائع قطعة نقديّة .أمّا نحن فنجلس تحت شجرة الياسمين نجمع حفنات من زهراتها ونضمّها إلى بعضها البعض في خيط وننظمها عقدا يكون أجمل هديّة نقدّمها إلى جدّتي قبل توديعها مساء لنعود إلى منازلنا . تلك أيّام خلت ، أيّام مرّت وصارت طيّ النّسيان ولكن تسترجعها الذّاكرة كلّما اشتقت إلى أبناء عمومتي أو بنات أخوالي الآن وقد باعدت بيننا المسافات ومشاغل الحياة ......
(عن مجلة العربي الصّغير بتصرّف )
حين نكبر تصبح أيّامُ الطّفولةِ كحبّاتِ السكّرِ تغمرُ حياتَنا بحلاوتِها ، وتعود بي الذاكرة اليوم إلى بيت جدّي إذ كانت أحلى لحظات حياتي في طفولتي أن أزور بيت جدّي أنا وإخوتي ، وهناك نلتقي مع أولاد عمومتي وأخوالي حيث يلتمّ شملنا ونتجمّع في جوقة تشبه جوقة العصافير وهي تشدو أعذب الألحان وأطربها.
بيت جدّي يشبه جنّةً صغيرة ، ساحةُ الدّار واسعةٌ تلتفّ حولها أحواض ملآى بالورد والفلّ والياسمين وفي زوايا البيت تقوم شجرات مثمرة : شجرة ليمون تتدلّى منها ثمارٌ تزيدها حسنا وجمالا وهي لموكب الأطيار ملهمة الغناء" فتحطّ عليها حمامات بيضاءُ ورماديّةٌ تملأ الجوّ بهديلها العذب .
وكلّما حللنا بيته يفرح بنا جدي كثيرا فيضمّنا إلى صدره ونجلس معا حوله فيسمعنا حكاياتٍ جميلةً تشدّ أسماعَنا وتدهشنا وتنقلنا إلى عوالم الأساطير والخيال والتّجربة في الحياة فهي قصص تخيّلها النّاس من قبل وصاغوا أحداثها ورتّبوها ليتسلّوا بها ويمرّروا خبراتهم بالحياة و تجاربهم بها إلى أطفالهم فيعّلّمونهم الحِكمَ والعـِبر والأخلاق الحميدة والمحبّة والتّآلف والتّآزر ليعيشوا بطمأنينة وحبّ في هذا العالم .فترانا نصغي إليه في صمت وكأنّ على رؤوسنا الطّيرُ.
وبعد الطّعام يأتي دور اللّعب ،وعندما يتناهى إلى أسماعنا صوت بائع الحلوى نركض إلى باب الدّار و نتحلّق حوله لنشتري أحلى حلوى إنّها " مصّاصة التفاح السكّري ". وتلتحق بنا جدّتي فتحلّ عقدة منديلها لتناول البائع قطعة نقديّة .أمّا نحن فنجلس تحت شجرة الياسمين نجمع حفنات من زهراتها ونضمّها إلى بعضها البعض في خيط وننظمها عقدا يكون أجمل هديّة نقدّمها إلى جدّتي قبل توديعها مساء لنعود إلى منازلنا . تلك أيّام خلت ، أيّام مرّت وصارت طيّ النّسيان ولكن تسترجعها الذّاكرة كلّما اشتقت إلى أبناء عمومتي أو بنات أخوالي الآن وقد باعدت بيننا المسافات ومشاغل الحياة ......
(عن مجلة العربي الصّغير بتصرّف )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق